Saturday, August 04, 2007

بيدك لا بيد عمر..قبل فوات الآوان، يا آخر ملوك الزمان

رسائل صريحة ومباشرة #1:
بيدك لا بيد عمر
قبل فوات الأوان يا آخر ملوك الزمان

عبدالجليل السنكيس
3 أغسطس2007م

تقديم:

كنت منذ فترة قد توصلت لقناعة بتوجيه رسائل صريحة ومباشرة لشخصيات ومؤسسات اعتبارية، لها دور فيما يحدث من تدهور على المستوى الحقوقي الشعبي الأمر، الذي يتطلب إعادة قراءة في المواقف السابقة والحالية. لن أبوح بأسماء هذه الشخصيات أو المؤسسات- أو حتى أشير إليها- حتى لا أفسد الغاية من هذه الرسائل.

ليس الغرض من هذه الرسائل- وهذه أولها- إغضاب البعض، أو التجني عليه أو تقريعه، ولكنها رسائل صريحة وكافية لتوقظ الموجه له- حسب ما أعتقد والله أعلم. وليس الغرض خلق عداوات بيني وبين الآخرين، فذلك ما لا أفكر فيه، ولكنني أعتقد بالواجب الديني والوطني.

أعلم بأن ما سوف أكتبه لن يرضي أحد من تلك الشخصيات أو المؤسسات، كما لن يرضي أطرافاً عديدة، منها من هو محسوب عليها، ومنهم من هو محسوب علي، ومنهم من هو ليس كليهما. لن يرضيهم ما سوف أكتب، ليس لأنه قدح ومسبة، فذلك لا يليق بأحد، كما لا يمكن أن ننزل لهذا المستوى. وليس تحريضاً أو محاولة انقلاب على أحد، ولكنه بشكل بسيط: مباشر وصريح. ليس فيه تدليس ولا مجاملة- ليس لأننا لا نحسن ذوق الحديث أو تقدير الآخرين، بل لأن الوضع في بلدنا البحرين وصل لوضع خطير، سوف تكون هذه الشخصيات أو المؤسسات أو العائلات من ضمن من يدفع ضريبة السياسات الكارثية الموجهة والتي تستهدف شعب البحرين- تاريخاً وثقافة وهوية، وإنه لابد من تصل الرسالة قبل فوات الأوان. فالصديق من صدقك وليس من صدقك.

يا ملك آخر الزمان:

أعلم أن ما سأقوله قد يضعه الكثيرون في صورة التجرأ وقد يصنفه البعض ضمن المزايدات والمغامرات الطائشة، وبعضهم يعتبره انتحار. ولكنه شعور صادق وخوف على هذا الوطن وعلى ما يتجه له. وقد يبادر البعض بأخذ موقف عملي ضدي وضد عائلتي- بعلمك أو بغير ذلك، بتوجيهك وإيعازك أو بغير ذلك. ويمكنني أن أتصور- بما ستقوم به- او يقوم به "الفداوية" الموجهين أو المتبرعين- أو الأجهزة الأمنية وفرق الموت التي تستلم وتنفذ الأوامر من عائلتك- بي أو بعائلتي.

لقد وصلتني إشارات ورسائل عديدة– فيها تهديد مباشر ووعيد- وتتساءل عما أريد. كما أنني على علم ببعض تفاصيل إقالتي من رئاسة قسم الهندسة الميكانيكية، التي وقف وراءها ديوانكم بشكل مباشر. لست نادمأ على ما قدمت وأعطيت في تلك الفترة، كما لم تؤثر تلك المحاولة البائسة – مهما تم تغليفها وتبريرها- على القناعة والقراءة للأزمة بين العائلة والشعب، والحلول المطلوبة، والأخطار المحدقة بالوطن جراء سياسات وبرامج العائلة.

لم أكن متردداُ لأن اكتب إليك، حيث أعلم من اخاطب، وما أريد أن أوصل له. ولكنني كنت أنتظر الوقت المناسب، لأبدأ سلسلة الرسائل الصريحة والمباشرة، التي أطمئن بأنها تصل للمعنيين بصورة أو أخرى. أبدأ كتابة هذه الرسالة لك وأنا على ارتفاع آلاف الأمتار في الجو على متن الطائرة التي تقلني لمدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا – الولايات المتحدة. لا أعلم، ولكن برغم طول الرحلة من لندن التي تستغرق أكثر من 10 ساعات متواصلة، إلا إنني أحسست بأن الوقت والمكان مناسبين لأن أبدأ في كتابة هذه الكلمات، بعيداً عن الجاذبية الأرضية، وبقية التجاذبات الأخرى. أحببت أن ترتبط هذه الكلمات بجو خاص هو جو السفر الطويل- القصير في عمر الزمن- عل العبرة تصل إليك.

إن الوعكة الصحية التي ألمت بك كانت مشجعة لي لأن أكتب إليك هذه الكلمات، ليس شماتة أو تلذذاً، فهذا ليس طبعنا أو ما جبلنا عليه. ولكن المرض هو جندي من جنود الله ورسول منه للعبد، وقد يأتي- هذا الرسول- للإنسان الصحيح السليم ويقضي عليه دون إذن أو استئذان، فالأوامر تأتيه من ولي الأمر كله- الله سبحانه وتعالى، والعبرة يتعظ بها أولوا الألباب فقط.

فلا أحتاج أن أذكركم بما حدث لوالدكم الراحل، فما حدث له مفاجئة للجميع، بما فيه شخصكم وعائلتكم. والدكم، الذي عاش من العمر ما عاش، وحدث في حياته ما حدث، لا يليق أن أذكر منها شيء الان، لم يكن عمره ليقف أمام العبرة والقدر الذي يملك مفاتحه الله بين الكاف والنون (كن). وأبنكم الغالي عليكم- عليه الرحمة بإذن الله- ذلك الشاب اليافع الذي لم يبلغ الحلم، جاء القدر الالهي ليخطفه من بين أيديكم، دون توطئة إو استئذان، ليرسل لكم رسائل إنذار وتحذير. أو ليست تلك إشارتان كافيتان لمن يعتبر؟ كنت أتوقع أن تعتبر مما حدث لك شخصياُ، ولكن ذلك، للأسف لم يحدث.

كنت أتوقع أن تأخذ العبرة من الحكام حولك. من الدكتاتور والطاغية صدام حسين والذي لم تستطع كل الأجهزة الأمنية والفدائيين والحرس والجيوش، ومليارات الدولارات التي أودعها في بنوك سويسرا، والسراديب التي بناها والقصور التي شيدها، أن تمنع أن يأتيه القدر المحتوم. ولقد كان قدراً مذلاً مهيناً، وسوء طالع له ولعائلته التي لا تجد ملجأ في الأرض يحميها. فقد فقد أعز ما لديه، ولا شماته، حين قتلت القوات المحتلة ولديه الذين يخلفانه ويورثانه- عدي وقصي. كان ذلك أثناء حياته وأمام ناظره، وكان ذلك بلا شك- ومع ما عرف صدام به من فظاظة وشدة- صعباً ومؤلماً وقاسياً. أنظر كيف انتهت حياته البائسة، من حاكم الى معدوم تلحقه لعنات الملايين من شعب العراق وشعوب المنطقة، ويا لها من نهاية لا يرتضيها أحد لنفسه. ولو يعلم صدام هذه النهاية، لكان من الممكن- والله أعلم- أن تتغير طريقة تفكيره وحكمه للشعب وتعامله معهم. ولكنه الغرور والطغيان الأعمى، الذي يعطي صاحبه إحساس فرعون عند ما طلب من هامان – رئيس وزراءه- أن يبني له سلماً باتجاه السماء- لعله يصل الى إله موسى. وعبوره طود بحر سيناء- عند ما فلق بقدر الله- ظناً منه بأنه سوف يلحق بموسى ومن معه.

هل هناك عبر أخرى من جبابرة وأمراء وملوك وحكام؟ نعم. فهناك شاه إيران، جابر الكويت، وزايد الإمارات، وسادات مصر، وحسني الأردن والمغرب، وحافظ سوريا، وبينوشيه تشيلي وماركوس الفلبين، وغيرهم كثير. أين من يعتبر يا آخر ملوك الزمان، فلو دامت لغيرك ما وصلت إليك.

إن الحياة مستمرة، وعنوانها الصارخ- الغائب عن الكثيرين بما فيهم أنت- أن لا استمرار ولا ثبات، فالمتغير والمتبدل هو ديدنها. فلا يبقى حكم مهما طال، ولا حاكم مهما عمر أو هرم. فليتك تتعظ من ذلك وتعلم بأنه لولا رحيل جدك لما وصلت لأبيك، ولولا رحيل الأخير لما وصلت إليك. أنت الحاضر، فهل تتعظ من الماضي لتحفظ المستقبل. الأنظمة لا تستمر للأبد، ولكنها تتبدل أو تـُـبدل. وإنما يطيل عمرها عناصر العدل والارتباط بالأرض والشعب، ويقصر عمرها الظلم والتآمر على الوطن.

ليتك يا آخر ملوك الزمان..
تثبت لنا- ولشعب البحرين- بأنك ابنها وتريد أن تحافظ عليها وعلى تاريخها….فبذلك فقط تحس- أنت وعائلتك- بالأمان والرعاية الشعبية،…ليتك تتوقف عن الإحساس بجرم الغزو والاحتلال، الذي ينعكس على ما تقوم به من برامج محو هوية أوال البحرين- التي ولدت وترعرعت ونشأت فيها- كما نشأ وترعرع آباءك وأبناءك وأحفادك. أقل ما يمكن أن يتوقع من رد جميل هذه الأرض عليك وعلى عائلتك أن تحفظ هويتها وتحافظ على شعبها الذي يحاول أن يتناسى كيف قدم آبائك إليها وعاثوا فيها ما عاثوا. ولا أحتاج أن أنعش ذاكرتك بفترة الميثاق وما حدث في سترة وغيرها. فلقد تناسى الجميع- ولم ينسوا- ما قامت به عائلتك، ورحب بك الشعب أينما حللت من برجك العاجي، ولكنك لم تقابل الجميل بالجميل. ولم تقابل الشعب بما يستحق منك ومن عائلتك، للأسف.

كيف تقابل طيبة هذا الشعب الرائع، الطيب السمح الذي يتمنى الحكام أن يحظوا به- كما صرح بذلك أحد حكام الخليج- بالتآمر عليه، مستهدفأ وجوده، وتسعى لأن تستأصله وتجتث جذوره من أعماق ديلمون وأوال البحرين؟! برغم ما عملت عائلتك بهذا الشعب عبر السنين منذ احتلالكم البحرين، لم يؤذكم، ولم ينغص عليكم مقامكم في الرفاع والزلاق والمحرق. يريد شعب البحرين أن يعيش بكرامة ويتنعم بالأمن الاجتماعي والاقتصادي- من خير هذا البلد- كما تعيش ويعيش أفراد عائلتك.

فلماذا وكيف تعطي لنفسك حق منعهم تلك الرغبة والشعور بالأمن والأمان؟ لماذا تضيق عليهم في أرزاقهم، وتنشر بينهم الفقر والعوز بغية إذلالهم واهانتهم؟ لماذا تقدم غير البحريني عليهم، وتدفع لتهجيرهم وتحويلهم لعمالة "خليجية" مهاجرة – على غرار السياسة المصرية؟ لماذا تتعامل معهم بالأسلوب العذاري- نسبة لعين عذاري- تسقي البعيد وتحرم القريب؟ كيف توجه خير البلاد لغير أهلها؟ إن ما تقوم به سوف يخلق ثورة قادمة، ستكون باسم "الخبز"- عنوان المعيشة- وستكون عارمة ومدمرة، ستهدم ما تعتقد أنك بنيت، ولن يستطيع أن يقف أمامها أو يوقفها أحد. لأنها بكل بساطة، ثورة للحياة بكرامة، وشعب البحرين يأبى ويرفض الذل والإذلال. وأعتقد بان الثمن هذه المرة سيكون باهظاً، وليتك تعي ذلك، بدلاً من التذاكي والتحذلق والتغافل عما يعاني منه الشعب، خصوصاً الشباب – عموم الشباب- الذي بدأ يفقد الأمل. أتفهم يأسه وقنوطه أمام سيل برامج التهميش والإلغاء الذي يقودها ويمولها ديوانكم؟ إنك تلعبون بالنار التي سوف تصيب من يلعب بها قبل أي شي آخر. فليتك تتعظ!

لماذا تحاول محو ثقافة هذا الشعب الأصيل وتستهدف وجوده وتاريخه وهويته؟ تاريخ البحرين عميق في الزمن عروبي منذ قبل الإسلام- فلا مزايدة ولا تهويل- فلماذا تريد أن تبدأ تاريخها منذ غزوكم واحتلالكم؟ لم تكونوا أول المحتلين والغازين، ولم تكونوا أقواهم، ولكنهم لم يحاولوا أن يلغوا تاريخ البلد ويفرضوا رؤيتهم للتاريخ. ليس من حقك أن تنتهز قوتك المادية لتغير توقيت تاريخ البحرين وعمقه وتفصيله. ومن حق أبناء الشعب أن يعلموا ويتعلموا من تاريخهم الأصلي الأصيل، لا أن يفرض عليهم تاريخ عائلتك الخاص بك وبهم. من حقك أن تعلمه لأبنائك وأفراد عائلتك، ولكنك تتعدى على حق الشعب حينما تفرض ذلك عليهم في قبال محو تاريخ البحرين المتجذر تاريخياً. وأخشى بأنك سوف تتجنى على تاريخ عائلتك وقبيلتك حينما تعتدي على تاريخ الآخرين، فهل ستتعظ؟

مخطئ إن اعتقدت أن من جلبتهم من مرتزقة سوف يحمون البحرين- أو يحموك- حينما تحل النوائب. مخطئ إن اعتقدت بأن من يتطفلون ويعتاشون على دم البحرين وثروتها سوف يعطون من دمهم ومالهم حين يُـطلب منهم. فأخذ أولئك باتجاه واحد، ولا يمكن عكسه. لتعلم بأن أولئك- المرتزقة الطفيليين الفطريين- جاءوا لهذا البلد وهم يعلمون شعورك وشعور عائلتك تجاه البحرين وشعبها. ولهذا فهم يعملون على استنزافها خيراتها قدر الإمكان- كما تقوم أنت وأفراد عائلتك- ليترك الفتات لأبناء الشعب. لقد خلقت عائلتك هذا الشعور حتى عند بعض المتنفذين والانتهازيين الذين رأوا مستقبلهم معكم، وصاروا يتعاملون مع الأرض ومواردها المادية والبشرية على أساس الإستزاف والأرض المحروقة. فالمساحات الخضراء تمسح من على وجه الأرض لتقوم مقامها البنايات الشاهقة، والسواحل تحوط وتحول لمشاريع استثمارية خاصة، والبحار تردم وتقوم عليها مشاريع الفندقة والتغريب والأمركة. إن ما تحاول أن تقوم به هو أن تخلق واقعاً تفرضه على البحرينيين المغلوب على أمرهم، لتوجد لنفسك وعائلتك الثراء الفاحش، ويعيش بقية أفراد الشعب فقراء مستضعفين، ومن يتقرب ويتملق لكم ينال من ذلك الثراء الوهمي. إنك تستثمر في غير شعب البحرين، ولبئس الاستثمار الذي سوف يتبخر حينما تحين ساعة الاختبار، فهل أنت متعظ؟

إن التغيير قادم لا محالة وهي مسألة وقت، وأظن بأنك تدرك هذا الأمر، ولهذا فإنك تريد أن تسبق الأمور، وتتقدمها بحيث تحاول فرض أجندتك وأجندة عائلتك على الشعب وقواه، دون ان يكونوا قادرين على تغيير الواقع في غير صالحكم.

قد لا تؤثر فيك هذه الكلمات بشكل ايجابي، بل قد تستثيرك أكثر وتغضبك، للأسف. ولكنها تعبر عن كثيرين من أبناء وبنات هذا البلد القلقين على مستقبل مسقط رؤوسهم وموطنهم الذي سيفدونه بأغلى ما يملكون. ومن ناحية أخرى، قد لا تستثيرك هذه الكلمات قيد أنملة، ولكنه واجب الكلمة التي لابد أن تصدر، والموقف الذي لابد أن يظهر، رغبت فيه أم لم ترغب، أعجبك ذلك أو لم يعجبك.

وأخيراً أقول بأنه ليست هناك خيارات كثيرة أمامك، فإما أن تصر على ما تقوم به وتواصل منهجية استهداف الشعب وقواه، وهذا الأمر لن يخلق استقراراً في الوضع وتثبيتاً لحكمك، فالظلم والتفقير والاستهداف ومصادرة الوجود والحقوق لا تخلق وضعاً يسمح لحكم أن يستمر. إنها أمور تفجر الأوضاع وتخلق ثورة شعبية، شئت أم أبيت، ومهما حاولت من احتواء أو تأخير ردود الفعل الشعبية- المنظمة وغير المنظمة، فإنك ستفشل، فالتاريخ أكد فشل تلك المحاولات. وهذه المرة ستكون مدمرة، وسقفها عال ولن يعجبك أو يعجب غيرك ذلك. التخدير والتأخير والتعطيل ليسوا الحل. الحل في جرأة المواجهة ووضع الحلول الجذرية الطويلة الأمد.

وأؤكد لك، بأن أفضل الحلول بأن تقدم الشعب ومصلحته، وبهذا تثبت حكمك ووجود عائلتك. وأول معالم هذه المصلحة في الاعتراف بالشعب وحقه في الوجود والقرار. التوطين خطيئة لا يمكن أن تتطهر منها إلا بعكسها وحلحلة آثارها لحد الآن ومنع تكرارها مستقبلا. والتفقير جريمة لا تغتفر إلا بالترفيه عن الشعب ومنحه جزء من الثروة. والتهميش لا يمكن قبوله، ولابد من أن يشارك الشعب- كل الشعب دون تمييز أو طأفنة – في صناعة القرار الحقيقي. إن سامريك الطائفي البغيض سوء بلاء، فتخلص منه قبل أن يطالب الشعب برأس من يصر على بقاءه.

وللحديث تتمة.. وأتمنى ان تبادر بتغيير وتبدل حقيقي قبل أن يفرض عليك وعلى عائلتك، فبيدك لا بيد عمر، قبل فوات الأوان يا آخر ملوك الزمان.