Tuesday, September 25, 2007

أين جناحا طير البحرين يا حكام آل خليفة؟

بالتعديل الوزاري الجديد، الطائفية القديمة للنظام تتواصل:

أين جناحا طير البحرين يا حكام آل خليفة؟
عبدالجليل السنكيس
25 سبتمبر 2007م

كان كلما تم توصيل بعض القضايا الخاصة بالمواطنين الشيعة الى "المسئولين الكبار في الدولة" والمقصود بهم رموز العائلة وفي مقدمتهم الشيخ حمد والشيخ خليفة والشيخ سلمان، في قضايا التوظيف، والتعليم، والحريات الدينية، والإعلام، وغيرها، بقصد ردع التمييز ضدهم وتحسين وضعهم، كان الرد كالتالي: إن البحرين طير بجناحين (يقصد به المواطنين الشيعة والسنة)، ولا يمكن أن تطير بالميل الى جناح دون آخر.
ونقول بأن هذا الكلام، من ناحية النظرية والمبدئية صحيح، ولكن. هل أن البحرين طير أو تطير بجناحين؟ وهل يلتزم أولئك المسئولون عن الوضع الحالي، بهذه المقولة، أم أنهم السبب في الميل الى جهة دون أخرى لأغراض سياسية ولحاجة في نفس يعقوب؟
هذه أسئلة نو أن نسلط الضوء عليها، دون الدخول في مماحكات هذا التوصيف "الطير بحناحين"، ولنفترض التعامل بواقعية، وحتى نقيم الحجة على المدعي. فهل البحرين، طير بجناحين؟
بدأ التوزيع الطائفي الظالم منذ تكوين الحكومة الحديثة برئاسة رئيس الوزراء الأوحد في بداية السبعينات وكان كالتالي:
5 وزراء من العائلة الخليفية
5 وزراء من أبناء العامة (السنة، وأعتذر عن استعمال هذه التعابير، ولكنها رمزيات فرضت نفسها بفعل التعاطي الإعلامي والمحلي)
5 وزراء من الشيعة
من هذا التوزيع، يتضح الأتي
:
أن العائلة الخليفية لا تعد نفسها من أبناء العامة أي من السنة، وإلا لم يكونوا يفرقوا بينهم وبين المواطنين السنة، ولكن هذا ليس الواقع، ولنا معه دراسة خاصة، نثبت فيها التعامل الرسمي على وجود طائفة ثالثة، ليست سنة وليست شيعة، هم الطائفة الخليفية.
أن التوزيع الطائفي والمحاصصة التي بدأت منذ تكوين الدولة الحديث بقيادة خليفة بن سلمان، لم تستند على المقولة أعلاه، بأن البحرين عبارة عن طير بجناحين. ولو آمن البعض بأن العائلة الخليفية محسوبة على السنة- وهم ليسوا كذلك، فمعنى ذلك أن هناك أكثرية غير واقعية لأبناء هذه الطائفة الكريمة، بتغليب العائلة الخليفية (10 سنة أي 67% من الحكومة في مقابل 5 شيعة بما يعادل 33%).
هذا التوزيع الطائفي، وغير المعبر والممثل للوجود الشعبي من المواطنين السنة والشيعة، قد تواصل بتوجيه وتأييد من العائلة الخليفية (الطائفة الثالثة) حيث بذلك، حسب اعتقادهم وممارستهم، يوفر ضمانات الولاء لهم، ويضمن استمرارهم فيما هم من حكم وتسلط.
فبدأ التوزيع والإقصاء الطائفي في الوزارات، خصوصا الوزارات والمؤسسات "السيادية والحساسة" مثل وزارة الدفاع، وزارة الداخلية، الحرس الوطني، الدواوين الثلاثة للشيوخ حمد وسلمان وخليفة، (يمكن الرجوع لتفصيل ذلك في تقرير مركز البحرين لحقوق الأنسان بعنوان: التمييز والتمايز في البحرين- القانون غير المكتوب، وان تطلب بعض التحديث).
وأمتدت تلك المنهجية الطائفية لوزارة الإعلام بهيئتيها الإذاعية والتلفزيون، وانعكس على برامجهما التي اتسمت بلون طائفي فاقع منذ تكوينهما ولحد كتابة هذه السطور. كما شملت المنهجية الإقصائية وزارة العدل والشئون الإسلامية، في القضاة، وكتاب العدل، وعلى مساحات التملك والعمل للأوقاف الدينية. ولم تنج وزارة التربية والتعليم من ذلك، فبدأ الزحف والإقصاء الطائفي ليس على مستوى إدارات الوزارة العليا، بل لأعداد المدارس، ومدراءها ونواب المدراء والمدرسون (والمدرسات) الأوائل)، كما شمل الترقيات، والبعثات وبرامج التدريب والتأهيل. وهكذا في كثير من المؤسسات الرسمية.
وحتى مجئ الشيخ حمد، كان التحرك الطائفي يسري تحت الأرض، وفي الليل. أما في عهده وبقيادته، فقد تولدت مافيا طائفية بقيادة سامري ديوانه البغيض، تهدف لخلق الطائفية في النهار ودون خجل أو رادع وامتد التمادي للعمل على تحويل أعداد من أبناء الشيعة الى سنة (أي تسنينهم) من خلال استغلال حاجتهم المادية وضعف نفوسهم وثقافتهم الدينية، وما تقريري البندر عنا ببعيد.
كان التخندق الطائفي الذي خلقه توجه وممارسة النظام محصوراً بشكل مبدئي في المؤسسات الحكومية فقط، ولكن في عهد الشيخ حمد، وما بعد الميثاق المشئوم، بدأت الشركات الخاصة، والبنوك والمؤسسات المصرفية والمالية، بممارسات طائفية واقصاء بشكل فاقح وتبجح متمثلاُ تحديداً في التوظيف والإنتفاع من تسهيلات هذه المؤسسات.
جناحا البحرين والتشكيلة الوزارية الجديدة
صدرت اليوم تعديلات وزارية طفيفة جداً، تسربت تفصيلاتها في الجرائد بشكل مسبق. ولكن هل تغيرت مسلكية النظام الطائفي أم زاد في غيه؟
فبالنسبة للحكومة السابقة! – قبل التغيير- فإضافة لرئيس الوزراء ، هناك 23 حقيبة وزارية، نصفهم من العائلة الخليفية، بينما يتقاسم المواطنون من السنة والشيعة 12 حقيبة (25% للسنة والشيعة، و50% للعائلة الطائفة- الخليفية). في واقع الأمر، هناك أكثر من وزير ولكنهم لا يحضرون مجلس الوزراء ولا يعتبرون أنفسهم ضمن الحكومة، وهم:

خالد بن أحمد آل خليفة- وزير ديوان الشيخ حمد (الديوان الملكي)
علي بن عيسى بن سلمان آل خليفة (أخو الشيخ حمد)- وزيراً لشئون الديوان الملكي.
محمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة (أخو الشيخ حمد)- رئيس الحرس الوطني برتبة وزير
خليفة بن علي بن راشد آل خليفة رئيس جهاز الأمن الوطني برتبة وزير

وبهذا، يصبح عدد وزراء الدولة، 28 بما فيهم رئيس الوزراء، منهم 16 من العائلة الخليفية ، وهو أكبر رقم لعدد وزارء العائلة الخليفية منذ تكوين الدولة.
فإذا كانت العائلة الخليفية تعتبر نفسها سنية، فلماذا لم تنصف السنة، وكيف يتم تبرير أن تحوز العائلة ضعف عدد الحقائب الممنوحة للسنة؟ وإذا كانوا فعلاً من السنة فالطامة أكبر. فكيف يبرروا عدد الحقائب الوزارية (16+6= 22 ) مقارنة لتلك الممنوحة للشيعة، وعددها 6؟ أهي الكثافة السكانية والتمثيل، أم هي نسبة وعدد الكفاءات، أم ماذا؟

وأما إذا كانت العائلة تعتبر نفسها طائفة- وباعتقادي هي كذلك- فكيف تبرر، مرة أخرى، حيازتها لأكثر من ضعف ما حازت به الطائفتين الكريمتين السنة والشيعة، كلا على حدة؟ وسؤالنا المتكرر هو، ما هي المعايير؟ أهي الكثافة السكانية و التمثيل؟ فكم نسبة أفراد الطائفة مقارنة بالأخريين، وهل يوجد بها كفاءات أفضل مما يوجد بين أفراد الشعب؟

أم الحكومة الجديدة (!)، وهم كل أولئك الوزراء الذين لديهم موظفين ويتصرفون بميزانية خاصة من الميزانية العامة للدولة، سواء كانوا يرجعون مباشرة لرأس الدولة، كما هو منصوص في مرسوم تعيين وزيري الديوان، أو لم يشر له المرسوم، كما هي الحالة في رئيسي جهاز الحرس والأمن الوطني.
وزارء آل خليفة: (57% من الحكومة)- هؤلاء هم
1. خليفة بن سلمان آل خليفة- رئيس الوزراء، 2. محمد بن مبارك آل خليفة نائبًا لرئيس مجلس الوزراء،
3. علي بن خليفة آل خليفة نائبًا لرئيس مجلس الوزراء 4. محمد بن عبدالله آل خليفة وزير دولة لشؤون الدفاع
5.خالد بن علي آل خليفة وزيرًا للعدل والشؤون الإسلامية 6. خالد بن عبدالله آل خليفة وزيرًا لديوان رئيس مجلس الوزراء
7. خليفة بن احمد آل خليفة نائب القائد العام ووزير الدفاع، 8. عبدالله بن سلمان آل خليفة وزيرًا للكهرباء والماء
9. راشد بن عبدالله آل خليفة وزيرًا للداخلية 10. خالد بن احمد بن محمد آل خليفة وزيرًا للخارجية
11. احمد بن محمد آل خليفة وزيرًا للمالية 12 احمد بن عطية الله آل خليفة وزيرًا لشؤون مجلس الوزراء
13. خالد بن أحمد آل خليفة- وزير الديوان الملكي 14- علي بن عيسى آل خليفة - وزيراً لشئون الديوان الملكي.
15- محمد بن عيسى آل خليفة- رئيس الحرس الوطني 16- خليفة بن علي آل خليفة – رئيس جهاز الأمن الوطني

الوزراء السنة: (25% من الحكومة)
1. حسن عبدالله فخرو وزيرًا للصناعة والتجارة 2. فهمي علي الجودر وزيرًا للاشغال والإسكان
3. ماجد علي النعيمي وزيرًا للتربية والتعليم 4. فاطمة محمد البلوشي وزيرًا للتنمية الاجتماعية
5. جهاد بوكمال وزيراً للإعلام – بدلا من عبدالغفار عبدالله 6.فيصل الحمر وزيراً للصحة بدلا من ندى حفاظ
7. عبدالعزيز محمد الفاضل وزيرًا لشؤون مجلسي الشورى والنواب،

الوزراء الشيعة: (18% من الحكومة)
1.جواد سالم العريض نائب رئيس مجلس الوزراء 2.عبدالحسين علي ميزرا وزيرًا لشؤون النفط والغاز،
3. منصور رجب وزيرًا لشؤون البلديات والزراعة 4. مجيد العلوي وزيرأ للعمل
5. نزار البحارنة وزيرا للدولة للشئون الخارجية

لا يحتاج المرء للكثير لإكتشاف البعد الطائفي في هذه الحكومة والتي سبقتها، بل إن الحالي أصبح أكثر سوءأ. فنسبة الطائفة الخليفية ظلت على ماهي عليه، كسابقتها وقاربت الستين بالمائة. وهنا لم نتحدث عن المواقع الوزارية دون حقائب، ووكلاء الوزارة أو الوكلاء المساعدين أو المدراء- وهو أقل موقع يتقمصه فرد من هذه الطائفة. فلو عملنا ذلك، لوضحت صورة التغلغل والإستحواذ لهذه الطائفة على كل مفاصل الدولة.

أما عن نسبة الطائفة السنية فلقد زادت نسبة تمثيلها ، على حساب الشيعة، بحيث أصبحت ممثلة بسبعة وزراء (ربع الحكومة) (كانت 21% والآن أصبحت 25%)، و دون تحسس، لا أعلم بشكل واضح معايير هذه الزيادة أو التمثيل في أصله، وهل طبقت نفس المعايير على تمثيل الشيعة؟ وضعهم في الحكومة يأتي بعد الطائفة الخليفية، لأسباب سياسية بحتة، وليست مستندة على أسس التمثيل أو الكفائة، وهذا الأمر ينطبق على الشيعة. فهم الأقل تمثيلاً في حكومة آل خليفة على مر التاريخ، حيث يمثل التوزيع الأخير أسوأ وأقل تمثيلا على الإطلاق ( أقل من خمس الحكومة).

لنلق نظرة على نوعية الوزارء الذين تم اختيارهم، لنعرف كيف يتم اختيارهم. فثمانية من الوزراء عسكريون أو لهم علاقة بالسلك العسكري، وغالبيتهم من الطائفة الخليفية. وأما الباقي، فتم اختياره، بناء على موقعه بين جماعته وعلى اسم عائلته أو تقديراً لخدمة قدمها أو سوف يقدمها.

من كل ذلك نستنج بأن الحديث عن أن البحرين هي طير بجناحين إنما هو فقاعات فاسدة وكلام يكذبه الواقع والتجربة على مر السنين الماضية، وأصبح فاقعاً وصارخأ هذه الأيام. وأن حديث رئيس الوزراء الذي تم توزيعه على كل جرائد اليوم، والحديث عن وحدة الشيعة والسنة، ما هو إلا محاولة فاشلة في تبرير سوء التركيبة في الحكومة والتي لم تعتمد على التمثيل الحقيقي، ولم تعتمد على المحاصصة، كما أنها لم تعتمد الكفاءات، فالمستوى التعليمي لبعض الوزراء دون المستوى، ولكنها اعتمدت على معيار واحد فقط. هو معيار سياسي بحت أسمه الولاء للطائفة الخليفية. أي ولاء من يقع أسمه من الوزراء لأن يظهر ولاءه ودعمه لبرامج وسياسات الطائفة الخليفية.