Friday, November 09, 2007

هل تذكرون؟..المراهنة على ضعف ذاكرة المواطن البحريني

هل تذكرون؟
خليل يوسف
هل تذكرون قرار تشكيل لجنة في كل وزارة لتطوير الأداء والخدمات الحكومية في كل منها؟القرار اتخذه مجلس الوزراء في ٩/٤/١٠٠٢ وحيثياته تنص على تشكيل لجنة في كل وزارة هدفها تطوير الأداء والخدمات واعداد الوزارات وتهيئتها لنظام الجودة وتطبيق برنامج الأداء للإدارات الحكومية التي تقدم خدمات مباشرة للجمهور.وهذه اللجان، وفقاً للقرار هي أيضاً معنية بوضع نظام لتلقي شكاوى واقتراحات المواطنين ومسؤولة عن تبسيط إجراءات الخدمات المقدمة لهم، كما هي معنية بإجراء الدراسات لتحسين الإنتاجية، إضافة إلى تطبيق مبدأ الثواب والعقاب.
ثم هل تذكرون قرار مجلس الوزراء في ٨١/١١/١٠٠٢ بتشكيل لجنة فنية للإشراف على برنامج قيل بأنه برنامج جديد طموح لتحقيق أعلى المستويات في الإدارة والانضباط الوظيفي والمحافظة على المال العام، بل قيل حينها بأنه برنامج لم تشهد البحرين مثيلاً له.
وهل تذكرون مشروع تنظيم برامج وعمليات التخصيص والذي بحثه مجلس الوزراء في ٠٢ مايو ١٠٠٢ والذي ينص على إنشاء مجلس أعلى للتخطيط يتولى تخطيط وتنفيذ ومراقبة عمليات التخصيص في البلاد، ثم تصريح وزير المالية حول نفس الموضوع حينما أعلن بعد نحو ٤ سنوات (١٣ مارس ٥٠٠٢) عن تحديث برنامج الحكومة للتخصيص، وتحديد برنامج زمني للتطبيق قيل بأنه سيتم الإعلان عنه كبرنامج متكامل، وجاء تقرير ديوان الرقابة المالية للعام ٦٠٠٢ ليؤكد بأن الإطار القانوني لعمليات الخصخصة لم يكتمل حتى الآن، رغم مرور ٤ سنوات على صدور هذا القانون!
ثم هل تذكرون »البرامج السبعة لتطوير العمل الحكومي التي تضمن تطبيق معايير الجودة والنزاهة والشفافية والعدالة في اداء الجهاز الحكومي«.لمن لا تسعفه الذاكرة، نعود به الى ٤ مايو ٤٠٠٢، حينما أعلن وزير شؤون مجلس الوزراء عن تبني الحكومة للتطوير الإداري اقتناعاً بأنه دون ادارة حسنة ونظم ادارية متطورة فإن أي برامج تنموية أو اقتصادية لن تنجح وهذا الكلام لسعادة الوزير !واذا حاولنا أن نطلق العنان لذاكرتنا فإننا حتماً سنتوقف عند اعلان الوزير لتفاصيل البرامج السبعة، فالأول في اعداد مسح للوقوف على مستوى رضا المتعاملين مع الإدارات الخدمية في الوزارات والأجهزة الحكومية بهدف تفادي أي قصور أو نواقص، ويرمي البرنامج الثاني إلى متابعة تنفيذ التوصيات الخاصة بتقارير الرقابة المالية والإدارية، والبرنامج الثالث يعنى بتلقي الشكاوى المتعلقة بالمخالفات الإدارية والمالية وتعطيل إجراءات المستثمرين، والرابع تحديد مدة متطلبات انجاز المعاملات التي تقدمها كل ادارة خدمية، والبرنامج الخامس يختص بإدارة المشاريع والتدقيق ضد المخاطر للوقوف على مدى دقة الإجراءات المعمول بها بغية تحسينها وتطويرها، والبرنامج السادس يختص بالتأكد من سلامة تطبيق الوزارات والأجهزة الحكومية للإجراءات الخدمية للعمل على تحسين مستوى الأداء والتأكد من تطبيق الأنظمة والقوانين بصورة عادلة، أما البرنامج السابع والأخير فيتعلق بتطبيق نظام لتحديد الكلفة على أساس الخدمات.
وأخيراً وليس آخراً، هل تذكرون ربما في نفس السياق ما كشف عنه رئيس ديوان الخدمة المدنية في ٥٢/٥/٤٠٠٢، بإعلانه عن خطة استراتيجية تضم برامج وأهدافاً تفصيلية على برنامج عمل الحكومة يمتد حتى عام ٦٠٠٢، وأن هذه الخطة تركز على تكريس مبدأ اللامركزية وتطوير نظام المعلومات الإدارية للموارد البشرية وتأخذ في الاعتبار إرضاء المستفيد من الخدمة، ولم ينسَ رئيس ديوان الخدمة المدنية أن ينبه إلى أننا نحتاج لأن نعيش فكراً جديداً يتواءم مع النظام والأساليب المتطورة في عالم الإدارة والمعايير الدولية.
لمذا نتذكر ونذكر بذلك؟ولماذا نتوقف تحديداً عند تلك القرارات؟
لأنها تلتقي عند نقطة واحدة تقريباً هي الإدارة، فالإدارة هي العنصر الحاسم في عملية التنمية، والتوجهات والجهود التي بذلت على طريق الإصـــــــلاح الإداري - بافتراض أن جهداً بذل في هذا الاتجاه - لم تكن موجهة الوجهة الصحيحة، ولأننا نعلم أنه عندما تتبنى الدول خططاً أو برامج ترتقي بمستوى أجهزة الإدارة العامة وتعلنها على الملأ، فإن ذلك يعني بالضرورة التزاماً بها وتعهداً بتنفيذها.ولأننا نرى بأنه لا ينبغي أن يبقى أمر الإصلاح الإداري وتحديثه وتطويره وتطهيره أمراً عائماً أو مستحيلاً أو من قبيل الأماني في أحسن الأحوال أو مجرد شعارات تطرح في مناسبات ظناً من الذين يتبنونها أو يقفون وراءها بأن الناس سوف تنسى، لتبقى الأحوال على ما هي عليه - محلّك سر - ويبقى الإصلاح الإداري المنشود غائباً أو مغيباً عن الأذهان، ويبقى الوضع على ما هو عليه وتكون أمور الرقابة والمحاسبة والمراجعة والمتابعة التي هي من أساليب الإدارة منسية في الإدارة.ولأننا ندرك مدى الحاجة الى إعادة بناء الأجهزة الرسمية دون الاكتفاء بالترميم والترقيع والإصلاحات الجزئية ليكون جهازاً عصرياً فاعلاً منضبطاً ومنتجاً وخالياً قدر الإمكان من الترهل الإداري وغياب روح الإنجاز وافتقاد الهمة وخالياً من الفساد، ومظاهر التربح والرشوة والاعتداء على المال العام.
هذا بالنسبة للسؤال الأول..أما بالنسبة للسؤال الثاني فإن الإجابة عليه تقول: إن المرحلة الراهنة المقبلة من تطورنا الاقتصادي والاجتماعي يجب أن تبدأ بإصلاح اداري شامل يضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وهذا الإصلاح هو رديف للإصلاح الاقتصادي ومكمل له، بل من العبث أن نتحدث عن تنمية وتطوير اقتصادي فعلي وأن نحقق نتائج ملموسة على صعيد التنمية الاقتصادية لاسيما في أجواء التنافس والانفتاح والعولمة بوجود ادارة عامة غير قادرة على الاضطلاع بمسؤولياتها بالشكل المطلوب، وهذا يسهم في اتساع الفجوة بين الهدف والقدرة على تحقيقه في وقت أخذ فيه الفساد الإداري والمالي يعلن عن نفسه في بعض الأجهزة دونما حساب والذي يجب ألا يكون مؤجلاً إلى يوم الحساب الأكبر.وحينما يكون الرجل المناسب في المكان المناسب، وعندما تعطى المسؤولية لأصحاب الكفاءة والاختصاص والنزاهة، فلابد أن يضبط الأداء ويرتفع مستوى الإنجاز، وتتلاشى الأخطاء وبغير مثل هذا الإصلاح الإداري ستبقى الإدارة العامة تمثل عنق الزجاجة في جهود إنماء وتقدم الوطن وسيكون الحديث عن المستقبل في هذه الحالة موضع ارتياب.بقي أن ننصح المعنيين - من يفترض أنهم معنيون بملف الإصلاح الإداري - اذا كانوا مسؤولين حقاً أن يتركوا الشعارات جانباً، والا يراهنوا على ضعف ذاكرة المواطن البحريني