Thursday, November 15, 2007

مطاردة الشرير ....سجل أحمد عطية الله

من يدير المهمات القذرة في البحرين ( 3)

مطاردة الشرير ....سجل أحمد عطية الله

عباس ميرزا المرشد


" في الحلقة السابقة تم التطرق إلى وضيعة تنظيم أحمد عطية الله وكيف تم الكشف عنه، والجدل الذي أثاره تقرير البندر وتم استعراض محاولات الجمعيات السياسية لمكافحة خطر هذا التنظيم حيث باءت بالفشل، في هذه الحلقة نركز الضوء على دور زعيم التنظيم وكيف تسنى له تنظيم الخلايا"



لا تبدو على ملامح وجه المستطيل بوادر العنف والقسوة، لكن عينيه تخفي كثيرا من الخبث الذي كان سببا جوهريا في اختياره لقيادة التنظيم السري فمنذ أن تولى رئاسة امن المعلومات الحكومية ( 1988-1990) وهو يبدى الرغبة في لعب دور أكبر لا يقف عند رئاسة الإحصاء ( 200-2002) أو تعينه وكيل الجهاز المركز للإحصاء ثم وزير دولة لشؤون مجلس الوزراء و رئاسة الجهاز المركز للإحصاء في الوقت نفسه. ما من شك أن أعراف العائلة الحاكمة في توظيف قد ساهمت في ترقيه بصورة غير طبيعة و بفترة قياسية مقارنة مع أي مواطن عادي يشغل وظيفة مبرمج نظم على الجهاز الحاسب الرئيسي في الحكومة، إلا أن تاريخا معينا قد يكشف مصير فرع في العائلة الحاكمة تسنت له الفرصة في التدخل و توسيع النفوذ بالشكل الذي عليه أحمد عطية الله الآن.أحمد عطية الله المولود في العام 1966 وحسب أوراق تقرير البندر، هو الذي يتولى قيادة التنظيم السري و هو الذي يعمل على اختيار الأشخاص الذين يمكن ضمهم إلى الخلايا المتعددة والمنتشرة في أجهزة الدولة، وهو عادة ما يشترط في الأفراد المنظمين أن يكونوا من أصول غير قبلية أي من الهولة ( الأصول الإيرانية السنية) ومن الفئات الوافدة الراغبة في الارتزاق القذر، الهدف من هذا الاختيار العرقي كان تجنب توريط العنصر القبلي في حالة اكتشاف التنظيم أو انفلات أمره بما لا تحمد عقابه وهو الأمر الذي حدث بالفعل.


ينتمي أحمد عطية الله إلى عائلة آل خليفة حيث تقدر بعض الوثائق الخاصة بالعائلة الحاكمة عدد أفرادها بثلاثة آلاف فرد يتوزعون على درجات حسب قرابتهم من الجد الأعلى عيسى بن علي الذي حكم البحرين قرابة خمسين سنة تم عزله على يد الانجليز في العام 1923 وتحدد وظيفة هذا التقسيم العائلي وضع الفرد الخليفي من ناحية الامتيازات والمناصب التي تعطي لفروع العائلة حسب محاصصة دقيقة جدا.حتى العام 1994 كانت عائلة عطية الله بعيدة عن شؤون الحكم وعن التدخل في الإدارة والتخطيط، فأغلبية عائلة عطية الله آل خليفة تسكن في منطقة (أم الحصم) وأغلبيتهم من متوسطي الدخل، ويعمل قسم كبير منهم في الجهاز المركزي للإحصاء، إضافة إلى عملهم في القطاع الأمني والاستخباراتي، و هي الوظيفة التي عيين فيها أحمد عطية الله في العام 1988 كرئيس أمن المعلومات الحكومية و استمر فيها حتى العام 1990.


أثناء قيام الانتفاضة الدستورية ( 1994-2000) أوكلت مهمة رئاسة لجنة التعذيب إلى أخوه من والده عبد العزيز عطية الله الذي برع في التفنن في انتزاع الاعترافات وطرق التعذيب المستخدمة، ثم تولى منصب مدير جهاز الأمن الوطني، وهو متهم في جرائم تعذيب وجرائم ضد الإنسانية أو كما تصفه أدبيات المعارضة بأنه منهدس عمليات القمع والإقصاء، و كان يعتمد في ذلك اعتمادا كبيرا على علي فضل البوعينيين ( شقيق النائب الحالي غانم البوعينيين) حيث كانت تصدر أوامر التوقيف الخاصة بالنشطاء السياسيين بإمضاء الأخير. ومكافأة لدور علي البوعينيين تمت ترقيته ليشغل منصب مدير إدارة الشؤون القانونية في وزارة الداخلية ثم ترشيحه لشغل منصب النائب العام خير،بعد أن تحصل على شهادة الدكتوراه من مصر وكانا يتآمران ضد عبد الرحمن بن جابر رئيس مخابرات أمن الدولة آنذاك لتنحيته من منصبه وتعيين علي فضل البوعنيين مكانه. و يعتقد البعض أن عبد العزيز عطية الله لا يزال يقود جهاز الأمن الوطني بطريقة غير مباشرة.


أما شقيقه الثاني فهو محمد عطية الله المتهم في التحريض على الاعتداء الجنسي على المواطن موسى عبد علي في العام 2006 و محمد عطية الله منذ أن تم الإعلان عن إنشاء الديوان الملكي كان هو رئيسه،حيث تدار أمور الحكم في البحرين، وتحت سلطة الديوان الملكي تصدر الأوامر غير الرسمية بما في ذلك المكالمات الهاتفية إلى كثير من الشخصيات السياسية بالتعاون مع وزير الديوان الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، وكثيرا ما صدرت أوامر شفوية لقمع العاطلين عن العمل ومسيرات سلمية مرخصة بأمر من رئيس الديوان الملكي وترجح تقارير مراقبين حقوق الإنسان أن أوامر محمد عطية الله كانت سببا في الاعتداء الجنسي على المواطن موسى عبد علي العام الماضي وتهديد العديد من ناشطي لجنة العاطلين عن العمل.ومن خلال العلاقة القرابية التي تجمع بين أبناء عطية الله و خالد بن أحمد وزير الديوان( أبناء خالة من عائلة السويدي) فقد حصل الأخوين محمد وأحمد على قطعة أرض كبيرة في منطقة البديع كهبة من الديوان الملكي يقدر سعرها بأكثر من 20 مليون دينار وهي الأرض التي سيكون لها دور كبير في دعم التنظيم السري من ناحية مالية وتوفير غطاء اقتصادي بموازاة السحب من أرصدة الدولة.والأمر هنا لا يخلو من تساؤل حول وظيفة هذا التدوير و التعيين لأفراد عائلة عطية الله في مناصب حساسة سببت لهم فرصة ذهبية استطاعوا فيها مراكمة ثرواتهم و توسيع نفوذهم، فمع بداية المشروع الإصلاحي ظهر الثراء الفاحش على بعض أفراد عائلة عطية الله ومنهم أحمد عطية الله الذي بات يمتلك العديد من الأبراج التجارية منها برج" الدبلوماتك تاور" والعمارات السكنية في منطقة تجارية مثل الجفير.


لا يخفي صلاح البندر بعض الخيوط المهمة التي تربط أحمد عطية الله بالديوان الملكي إذ يأتي على ذكر الديوان الملكي أكثر من مرة، و من دون أن يسمى أشخاصا معينين. هذه الإحالة من شأنها أن توجهنا إلى أن التنظيم المكشوف عنه لا يعمل بقيادة أحمد عطية الله بمفرده فهو أقل من أن يتخذ قرارات كبرى من دون أن يحمي نفسه أو أن يكون أداة لشخصية أشرس منه و أكثر خبثا و ظلامية كما يحلو للبعض أن يصف.من وجهة نظر المحللين فإن إيراد الديوان الملكي في أوراق التنظيم يكفى لإثارة الشك حول تورط شخصية وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة و رئيس الديوان الشيخ محمد عطية آل خليفة الله شقيق أحمد عطية الله، إلا أنهم يؤكدون على الدور الخطير والغامض الذي يمارسه وزير الديوان في إدارة التنظيم والإشراف عليه والتحكم فيه عن بعد.فخالد بن أحمد آل خليفة يمتلك سجلا ضخما في العداء للطائفة الشيعية التي يستهدفها التنظيم و كان قد كتب قصيدة شعبية دعا فيها إلى ممارسة التطهير العرقي نحو الشيعة في البحرين و ذلك إبان الانتفاضة الدستورية و ضمنها قدحا وسبا و قذفا في أنساب الشيعة البحرينيين.


بعد أن دخلت البحرين في ما سمي بالمشروع الإصلاحي برزت القوى السياسية المعارضة كقوة ضخمة لا يمكن الاستهانة بها و بقدرتها على الاستفادة من الانفراج الأمني خصوصا في القوى الشيعية والقوى اليسارية، وتأكد هذا الخطر الموهوم عندما قاطعت القوى السياسية المعارضة الانتخابات النيابية في العام 2002 احتجاجا على الانقلاب الدستوري وإلغاء دستور 1973 و استبداله بدستور منحة يقلص صلاحية السلطة التشريعية إلى النصف. و في الواقع كان أسلوب المقاطعة وطريقة تفعليها يوحي بدلالة كبيرة على أنها مرحلة مؤقتة لا يمكنها أن تستمر وأن المشاركة ستكون من أولويات القوى المعارضة في انتخابات 2006.


على إثر هذه الخلفية السياسية توصلت جهات القرار السياسي في البحرين إلى ضرورة تشكيل منظمة سرية يشرف عليها القصر الملكي، بهدف التحكم بالعملية الانتخابية، وعهد الأمر إلى وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، احمد عطية الله، المسئول عن المركز الوطني للمعلومات والإحصاء، ويساعده أخوه في الديوان الملكي محمد عطية الله، و تم الاستعانة بخبير بريطاني من أصل سوداني هو الدكتور صلاح البندر، الذي رسم الخطوط العريضة لإسترتيجية مواجهة القوى المقاطعة والقوى السياسية الشيعية في كتابه ملك ورؤية مستقبل، ثم ما لبث أن فجر قنابل متواصلة بعد خلافه مع رئيسه، بنشر تقريره الذي كشف فيه عن توجهات النظام لمواجهة المعارضة الشيعية والديمقراطية على حد سواء، عبر استخدام التصويت الالكتروني في الانتخابات النيابية لعام 2006، وتشكيل شبكة أمنية وأخرى صحفية لمراقبة المعارضة والرد عليها، بالإضافة إلى تأسيس جريدة (الوطن) واختراق مؤسسات المجتمع المدني عبر تشكيل جمعية مراقبة حقوق الإنسان للتواصل مع المنظمات الدولية وتسويق صورة النظام بالصيغة المعارضة للجمعيات الأهلية، وجمعية الحقوقيين، إضافة إلى التجنيس الواسع النطاق لعرب سوريين وأردنيين ويمانيين، بالإضافة إلى أسيويين/ هنود وبلوش وغيرهم.


حاليا يشغل أحمد عطية الله منصب وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء كما يشغل منصب رئيس الجهاز المركزي للإحصاء، و رغم ذلك فإن عدد القضايا المرفوعة ضده في محاكم البحرين عديدة جدا تدور حول الاستغلال لمنصبه في أمور شخصية يتهم من خلالها بالفساد ومن أبرز القضايا التي يواجهها أحمد عطية الله في المحاكم البحرينية، قضية برج الدبلوماتك تاور حيث قام بالاستيلاء على أرض المواقف وبنائها بشكل مخالف للاتفاق وبطريقة غادرة . بجانب هذه القضية هناك أكثر من سبع قضايا مرفوعة ضده شخصيا و أكثر منها بطريق غير مباشر من خلال وكلاءه و أعوانه.في الحلقة القادمة قصة أذرع التنظيم الضاربة و قصص الاترزاق