أسندت لهم اعترافهم بعمليات عسكرية ضد الحكومة الأفغانية.. الكبرى الجنائية:
الحبس ٦ أشهر لمتهمي »الخلية«.. مع استعمال »الرأفة« معهم
كتب - علي الشهابي:
أسدلت المحكمة الكبرى الجنائية أمس الستار على آخر فصول حكاية »الخلية الأمنية المحظورة« التي حظيت باهتمام
شعبي ورسمي خلال فترة التحقيق، إذ حكمت المحكمة أمس بحبس المتهمين الخمسة في القضية لمدة ستة أشهر عما أسند إليهم.ويأتي حكم لمحكمة - برئاسة القاضي الشيخ محمد بن علي آل خليفة وأمانة سر ناجي عبدالله وبحضور رئيس النيابة وائل بوعلاي الذي قاد فريق التحقيق في القضية - حضورياً بالنسبة للمتهمين الأول والثالث والرابع، بينما كان غيابياً للمتهمين الثاني والخامس الفارين خارج البلاد.في الوقت ذاته، من المقرر أن يفرج عن بعض المتهمين بعد أيام »بداية فبراير المقبل« ومن بينهم المتهم الأول »الرئيسي« الذي تجاوزت فترة إيقافه منذ بداية التحقيق وحتى اليوم الستة أشهر.ويأتي الحكم بالرغم من أن المحكمة أسندت للمتهمين مشاركتهم في عمليات عسكرية ضد الحكومة الأفغانية وانضمامهم لتنظيم محظور »القاعدة« وتلقيهم تدريبات على السلاح.ولقي الحكم فرحة لدى أنصار حركة عدالة الذين ملأوا قاعة المحكمة، وما ان نطق القاضي بالحكم حتى صرخ احدهم بالتكبير، وبمغادرة القاضي وهيئة المحكمة ورئيس النيابة قاعة المحكمة صرخ أحدهم »يعيش أسامة بن لادن.. تعيش القاعدة«.وتبادل أنصار الحركة التهاني بينهم خارج قاعة المحكمة وتبادلوا القبلات والأحضان مع المحامين.وبررت المحكمة أسباب حكمها هذا بأنها »رأت من ظروف الدعوى وما ورد على لسان المتهمين في ختام التحقيق معهم بشأن حرصهم على سلامة المملكة ومواطنيها، وتراجعهم عن أفكارهم، وعزمهم على عدم العودة إلى ما ارتكبوه من أفعال، كل ذلك يدعو إلى أخذهم بالرأفة، وترى المحكمة النزول بالعقوبة إلى حد الحبس عملاً بنصوص المواد ٠٧، ١٧، ٢٧ من قانون العقوبات«.أسباب الرأفة وتخفيف الحكمونصت المواد التي أرجعت المحكمة تخفيف عقوبة المتهمين بسببها على حق القاضي في تقدير العقوبة مراعاة لظروف المتهمين، إذ نصت المادة ٠٧ من قانون العقوبات على: »مع مراعاة الحالات التي نص عليها القانون يعد من الأعذار المخففة كذلك حداثة سن المتهم الذي جاوز الخامسة عشرة ولم يتم الثامنة عشرة، وارتكاب الجريمة لبواعث أو غايات شريفة أو بناء على استفزاز خطير صدر من المجني عليه بغير حق«.في حين نصت المادة ١٧ من نفس القانون على »إذا توافر عذر مخفف في جناية عقوبتها الإعدام نزلت العقوبة إلى السجن المؤقت أو الحبس لمدة سنة على الأقل، فإن كانت عقوبتها السجن المؤبد أو المؤقت نزلت إلى عقوبة الجنحة وذلك ما لم ينص القانون على خلافه«.فيما نصت المادة ٢٧ على: »إذا توافر في الجناية ظرف رأى القاضي أنه يدعو إلى الرأفة بالمتهم وجب تخفيض العقوبة. فإذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي الإعدام جاز إنزالها إلى السجن المؤبد أو المؤقت وإن كانت عقوبتها السجن المؤبد جاز إنزالها إلى السجن المؤقت أو الحبس الذي لا يقل عن ستة أشهر، وإن كانت عقوبتها السجن المؤقت لا يحكم القاضي بالحد الأقصى للعقوبة ويجوز له إنزالها إلى الحبس الذي لا يقل عن ثلاثة أشهر«.استغراب وسط القانونيينوالنيابة لم تحدد قرار الاستئنافاستغربت أوساط قانونية ومحامون حكم المحكمة، إذ عبر أغلبهم بأن الحكم يأتي في وزن البراءة لأن اغلب المتهمين سيستكملون العقوبة التي قضت بها المحكمة خلال أيام.وأشاروا إلى أن المهم إدانة المحكمة للمتهمين، لأن الإدانة ستسجل في أسبقياتهم.في الوقت ذاته، لم تكشف النيابة العامة عن عزمها استئناف الحكم أم الاكتفاء بالحكم الحالي، إذ تتجه لدراسة الموضوع وتحديد القرار فيما بعد.إلا أن وكيل المتهم الأول المحامي فريد غازي علق على الحكم بقوله: »العدالة أخذت مجراها، وأن الحكم سديد في توجيه العقوبة ولا بد من تقبله«.المحكمة لم تعول على الاعترافات بالنيابةوجاء في منطوق حكم المحكمة يعد أن سردت التهم والشهادات ضد المتهمين أن »المحامين طلبوا براءة موكليهم مما اسندت النيابة إليهم، ودفع المترافع عن المتهم الأول »المحامي فريد غازي« ببطلان الإقرار المعزو إلى موكله أمام جهاز الأمن الوطني في ٢ أغسطس ٧٠٠٢ لكونه وليد اكراه وتهديد وضغط ووعد، فضلاً عن مرضه الشديد بحمى الملاريا، وطلب استعمال الرأفة تأسيساً على أن المتهم عدل عن فكره وأنه حريص على سلامة وطنه، وعلى الأمن الدولي وانه ضد أي عمل اجرامي يؤدي الى سفك دماء البشر«.وأضافت: »حيث أن المحكمة لم تعول على اقرار المتهم الأول للضابط وانما عولت اعترافاته بتحقيقات النيابة العامة ومن ثم فهي غير ملزمة للرد على الدفع ببطلان ذلك الإقرار ما دامت لم تعول عليه«.وأردفت: »وحيث أنه ازاء اطمئنان المحكمة لأدلة الثبوت التي أوردتها، فهي لا تعول على انكار المتهمين، ولا على سائر دفاعهم الموضوعي الذي لم يقصد به سوى تشكيك المحكمة في تلك الأدلة«.التهم الموجهة من النيابة للمتهمينوسردت المحكمة في منطوق حكمها التهم الموجهة للمتهمين الذين استنفرت النيابة في التحقيق معهم منذ بداية شهر أغسطس الماضي، إذ أسندت النيابة العامة للمتهمين من الأول للرابع، أنهم »التحقوا وتعاونوا مع جماعة مقرها خارج البلاد تتخذ من الإرهاب والتدريب عليه وسيلة لارتكاب أعمال ضد دولة أجنبية، وقد تلقى المتهمان الأول والثاني تدريبات عسكرية لتحقيق الغرض ذاته على النحو المبين بالأوراق«.في حين وجهت للمتهم الأول والثاني فقط، أنهم »تدربا على استعمال أسلحة ومفرقعات بقصد الاستعانة بها في ارتكاب أعمال إرهابية، وقاما بعمليات عدائية ضد دولة أجنبية من شأنه التأثير على علاقات البلاد السياسية بها«.ووجهت النيابة كذلك للمتهمين من الثالث حتى الخامس، أنهم »قدموا دعماً وتمويلاً لجماعة تمارس نشاطاً إرهابياً مع علمهم بذلك، وأنهم اشتركوا عن طريق المساعدة مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب الجريمة الثانية المسندة إليهما بأن قدموا لهما مساعدات للاشتراك في أعمال عدائية ضد دولة أجنبية بما من شأنه التأثير على علاقات البلاد السياسية بها، بأن أمدوهما بالمال ودبروا لهما ما يمكنهما من السفر لارتكاب تلك الأعمال مع علمهما بذلك«.وأرفقت النيابة في لائحة الدعوى التي قدمتها للمحكمة شهادة نقيب بجهاز الأمن الوطني، إذ شهد بأن »معلومات وردت إليه من قسم مكافحة الإرهاب بجهاز الأمن الوطني أكدتها التحريات التي أجراها، بأن المتهمين الأول والثاني التحقا وتعاونا مع جماعات إرهابية هي قوات طالبان وأفراد تنظيم القاعدة المتمركزين في منطقة وزيرستان الحدودية المتاخمة للحدود الباكستانية الأفغانية، وتلقيا تدريبات عسكرية على أيديهم وتدربا على استعمال الأسلحة والمفرقعات وشاركا في العمليات الإرهابية ضد القوات الأفغانية الحكومية«.وأضاف أنه »توصل من خلال التحريات إلى أن المتهمين الثالث والرابع لهما اتصالات وتعاون مع أعضاء تنظيم القاعدة وأنهما يتوليان مهمة إرسال من يرغب في القتال إليهم سواء من وزيرستان أو غيرها، ويمولان الجماعات الإرهابية بالمال والأفراد، كما أنهما سهلا سفر المتهم الأول ومولاه بالمال من أجل الانظمام للتنظيم والمشاركة في أعمال إرهابية، وأن المتهم الثالث ساعد المتهم الثاني مالياً للالتحاق بتلك الجماعات الإرهابية«.وفي ملاحظاتها في لائحة الدعوى، أشارت النيابة العامة إلى أن المتهم الأول »أقر في تحقيقات النيابة العامة أن المتهم الثالث والرابع ساهما بمساعدته وتمويله شخصياً بالمال وكذا تمويل تنظيم القاعدة بمدهم بالمال، ومكناه من السفر إلى إيران للالتحاق بتنظيم القاعدة للتدريب العسكري والقتال في صفوفهم ضد القوات الأجنبية، والتقى فور وصوله إلى إيران بالمتهم الخامس وكنيته »كاترنيا ملا« وآخر يلقب »يس السوري« أو زين العابدين وهو مسؤول تنظيم القاعدة في إيران، ومكنه الأخير من دخول باكستان وبلوغ منطقة وزيرستان وهناك انضم إلى عناصر حركة طالبان وتنظيم القاعدة، كما التقى بالمتهم الثاني الذي كان يتلقى التدريبات العسكرية وعلم منه أن الذي ساعده وموله هو المتهم الثالث للالتحاق بالجماعات الإرهابية، وتلقى التدريبات العسكرية والمشاركة في القتال ضد القوات الأجنبية، كما أقر بأن المتهم الثالث سلمه مبلغا من المال لتسليمه إلى خالد حبيب المسؤول العسكري لتنظيم القاعدة، وأقر كذلك باشتراكه في عمليات عسكرية ضد القوات الأفغانية الحكومية«.وأقر المتهم الثالث بتحقيقات النيابة العامة أنه »مكن المتهمين الأول والثاني وأعانهما وسهل لهما السفر لإيران من أجل الانخراط في القوات الطالبانية وتنظيم القاعدة والتدريب العسكري والمشاركة في القتال، ضد القوات الأجنبية، وأمد المتهم الأول بمبلغ ٠١ آلاف دولار كمصروفات شخصية له ومبلغ ٠١ آلاف ريال سعودي لتنظيم القاعدة، وأمد المتهم الثاني بمبلغ ٠٠٨ دينار بحريني كمصروفات شخصية ومبلغ ٠١ آلاف يورو للتنظيم، وأضاف بأن من عهد إليه بجمع المال والتمويل هو المتهم الخامس الذي استقبل الأول حين سفره لإيران، وأن الذي عرفه على الأخير هو المتهم الرابع من أجل مساعدته والتحاقه بالجماعات الإرهابية«.أما المتهم الرابع، فإنه اعترف بتحقيقات النيابة بأنه »قام بتقديم مبالغ مالية للمتهم الأول وتمكينه من السفر إلى وزيرستان لتلقي التدريبات العسكرية ومشاركة العناصر هناك في عملياتهم، حيث دفع له ٠٠٠١ دولار من ماله الخاص فضلاً عن ثمن تذكرة السفر إلى إيران، وبأن له علاقة بالمتهمين الثالث والخامس اللذين لهما صلة بتنظيم القاعدة، وأنه سبق أن سافر إلى إيران والتقى بالمسؤول عن تنظيم القاعدة في إيران زين العابدين«.وأكدت النيابة العامة في ملاحظاتها أنه »ثبت من خطاب إدارة الهجرة والجوازات أن المتهم الأول توجه إلى إيران وعاد بعد سنة تقريباً وأن المتهم الثاني توجه إلى إيران في غضون عام ٦٠٠٢ ولم يعد، وأن المتهم الثالث تعدد سفره إلى إيران، وأن الرابع سافر لها في غضون عام ٧٠٠٢«.المحكمة: التهم المنسوبة هي جرائم مرتبطةوقالت المحكمة في تعليقها على التهم الموجهة من النيابة للمتهمين بأنها »جرائم مرتبطة فيما بينها ارتباط لا يقبل التجزئة فتعين الاكتفاء بتوقيع العقوبة المقررة لأشدها عملاً بنص المادة ٦٦ من قانون العقوبات«.وتنص تلك المادة على: »إذا ارتكب شخص جريمتين أو أكثر ولم يكن قد حكم عليه لإحداها بحكم نهائي وجب أن يعين الحكم عقوبة لكل جريمة ثم عقوبة واحدة لجميع الجرائم هي المقررة لأشدها مقترنة بظروف مشددة، وهذه هي التي ينطق بها وتنفذ دون غيرها. ولا يخل الحكم الوارد بالفقرة السابقة بتنفيذ العقوبات الفرعية المقررة لأي من العقوبات المبينة في الحكم«.