Tuesday, July 15, 2008

الى الأقمار التي أراد الظلام حجبها

صبراً آل ياسر
الى الأقمار التي أراد الظلام حجبها
عبدالجليل السنكيس
14 يوليو 2008م

لم يكن النظام ليتحمل وجودكم خارج السجن لتلهموا الملهمين بضرورة مواصلة العمل المطلبي وتحقيق المطالب. رآكم في كل نشاط شعبي تدعمون كل لجنة تدافع وتطالب عن الحقوق. لم تتوقفوا رغم تهديدات جلاوزته، ورغم مضايقتهم لكم أينما حللتم. ولكنكم، كنتم تقرأون ذلك تعبيراً عن تأثير النشاط الذي تشاركون فيه. ولهذا، لم تهدأوا، ولم تتوقفوا، ولم يقر لكم قرار، مادامت الحقوق منهوبة ومغتصبة.
لم يكن في نفوسكم شك بأنكم مستهدفون، وإنه سوف يضيق بكم صدر النظام وأن عليه ان يحاول أن يغيبكم أيها المُـلهمون، المشحذون للهمم. تعلمون هذه النتيجة أنتم ترون انقضاض جلاوزته على المشاركين في الأنشطة الإحتجاجية، ولكن ذلك لم ينقص في اندفاعكم قيد أنملة، ولم تديروا له ظهوركم.
نعم..تعلمون بأن للحرية ثمن غال، وأنتم لها. وموقنون بان طريقكم "الحق" وأنتم للحق أهل. ولم تبالون إذا مضيتم لوحدكم.. فلقد علمتم بان درب الحق شاءك، وإن القلة..نعم القلة.. الذين ينعم الله عليهم بالبصيرة. وأنتم أوكلتم أمركم لله، فهو ناصركم وحاميكم.
عانيتم، حين ارتاح الآخرون، وصبرتم حين يئس الأخرون. تعب من حولكم، ونفوسكم لم تكل، وهممكم لم تزل عالية الشموخ. تذوقتم الإباء، فلم ترضون بالذل والهوان والمسكنة. وأيقنتم بأن النصر مع الشعوب المطالبة بحقها دائماً، وبأن الله ناصر من ينصره. ولهذا، لم تبالوا بما يحدث عليكم من ضيم وقسوة.
ضربوكم..عذبوكم..اعتدوا عليكم.. أرادوا أن تنكسر إرادتكم، فانكسرت نصولهم. أرادوا أن تنحنوا، فانحنت لكم الهامات. أرادوا أن يغيبكم عن محبيكم..فانحفرت في العقل الباطن صوركم. أرادوا أن يحجب نوركم عمن يعرفكم، فشع نوركم في الآفاق والخافقين.
أعزتي.. أيها الأقمار
يعتقد النظام انه بسجنكم، سوف يسجن الشعب وقياداته. وبتعذيبكم وتغييبكم، يتصور أنه سوف يرسل رسائل تهوين، ويقتل إرادة النشطاء. وأقول له بكل اطمئنان بأنه قد زرع بكم نبتة الثورة. وحرك بسجنكم غضب الجماهير التي لن تتوقف حتى تراكم بين ذراعيها. إن ليلكم لن يطول، ولابد أن يستجيب النظام للضغط ويفرج عن قيدكم، طال الزمن أم قصر.
يتصور النظام أنه سجنكم، أيها الأبطال. ولكنه قد قرر سجنه. أنتم تعيشون طمأنينة القرار والمصير، وهو يعيش التبرير ومواجهة الشعب، ومؤسساته والمؤسسات الدولية التي لن تسكت عنه، مادمتم مغيبين.
يتصور النظام بأنه سوف يستطيع مواصلة خداع العالم، ببعض الأبواق التي اشتراها بمال الشعب. ولكننا، وأنتم تعلمون، بأن عمر ذلك قصير، ولن يستطيع الصمود. أنتم مستمرون في الإلهام والدعم النفسي، والنظام يعيش القلق والرغبة في إنهاء سجنكم. وعليه، لا تعجبوا إذا ما جاءكم المنادي من قبل النظام: أن انطلقوا، واطلقوا سراحي.
صبراً جميلاً أيها المحتسبون، فما جرى عليكم هو بعين الله الذي هو أقرب إليكم من حبل الوريد. وتأملوا الى الفجر، كلما جن الليل، واعلموا أن ليلكم قصير، وليل عدوكم طويل، وإن الفجر بازغ..بازغ ولو بعد حين.
إن تغييبكم حجة على الجميع.. ومعاناتكم رسائل لمن يهمه أمركم.. وصرخاتكم ستظل تدوي حتى وإن حاول إبعادكم الظالم. وإن نوركم بصيص أمل، حتى وإن حاول الظلام أن يغلفكم. أنتم نور إلهام، ودعوة حق، وصرخة ضمير.
لن ننساكم في صباحنا ومساءنا. لن تغيب صوركم عن ذاكرتنا. أبعدكم الظالم فيزيائيا، ولكن أرواحمكم لاتخضع للميتافيزيقيات. إنكم معنا ونحن معكم، ستظلون رمز مظلوميتنا، وسنظل نصرخ بكم وبمعانتكم، وإن طال الزمان. لدي شعور بأننا سوف نلتقي عن قريب جداً، عندها يبرد شوق اللقاء وتنطفئ لوعة الفراق، وإنا إليكم راغبون.
إنكم منتصرون، حين قرر النظام حبسكم، وأنكم في عليين، مهما حاول إقصائكم. عليكم رحمة الله ولطفه. مسح الله على قلوبكم، وزادكم إيماناً على إيمانكم، ونكد الله بكم حياة عدوكم، وجعل بحبسكم بداية نهايته الى أبد الآبدين، آمين رب العالمين. إن فرج الله آت لا ريب فيه، وإن كره الظالمون. وصبراً أل ياسر، إن موعدكم الجنة.