Monday, November 17, 2008

أراضٍ للدولة مؤجرة بـ «فلس واحد

بعقود تمتد إلى نصف قرن
أراضٍ للدولة مؤجرة بـ «فلس واحد»

أراضٍ للدولة مؤجرة بـ «فلس واحد» الوقت - ناصر زين:
كشفت 60 وثيقة رسمية لعقود إيجار أراض وعقارات حكومية، موقعة قبل 14 ديسمبر/ كانون الأول 2002 أن وزارة المالية (المسؤولة عن إدارة واستثمار أملاك الدولة) تؤجر أراضي الدولة وعقاراتها بسعر يبدأ من فلس واحد للقدم المربع ويصل إلى 700 فلس للمتر المربع سنوياً، وتتراوح مُدد عقود الإيجار بين 5 - 05 سنة، فيما بينت الوثائق أن العائد المالي لإيجارات هذه الأراضي والعقارات أقل من نصف مليون دينار سنوياً (408.185 دينار).
وأوضحت الوثائق التي حصلت عليها (الوقت) أن مُدد سريان عقود الإيجار والاتفاقيات التي وُقعت حتى التاريخ المذكور، بدأت منذ نهاية السبعينات، وتنتهي مدة بعضها العام 2052 كما أن مساحات الأراضي المؤجرة تبدأ من 43.400 متر مربع، وصولاً إلى 9776.8 متر مربع، وتضمنت بعض العقود بنوداً خاصة منها: ''أن يتم زيادة الإيجار كل 10 سنوات بنسبة 10 في المئة''، وكذلك ''يُمنح المستأجر فترة سماح لمدة 5 سنوات ابتداءً من تاريخ التشغيل الفعلي للمشروع على أن يبدأ هذا التاريخ في موعد أقصاه
3 سنوات من التوقيع على هذه الاتفاقية''، وكذلك تحديد ''الإيجار السنوي 45% من صافي الأرباح السنوية''.
وحُذف من هذه الوثائق الـ (60) أسماء وعناوين جميع المستأجرين والمستثمرين، وكذلك المناطق التي تقع فيها هذه الأراضي والعقارات، إضافة إلى خرائطها ومخططاتها، ما عدا مسمى الجهة المالكة لهذه العقارات (وزارة المالية)، ومساحة بعض الأراضي، وسعر الإيجار السنوي المتفق عليه بين الطرفين، وشروط الاتفاقيات وتواريخها، ومدتها.
الرميحي: أراضٍ وعقارات تؤجر لمدة 15 إلى 25 سنة والسعر لا يتغير

من جهته، اعتبر عضو لجنة التحقيق بأملاك الدولة العامة والخاصة النائب خميس الرميحي، أسعار إيجار أملاك الدولة من أراضِ وعقارات ''زهيدة جدا، وكأن هذه الأراضي تؤجر (بسعر التراب)''، حسب تعبيره.
وأوضح الرميحي في تصريح لـ (الوقت) أنه ''لا يوجد في البلد حالياً تشريع أو قانون ينظم عملية تأجير أملاك الدولة، من حيث تحديد سعر الإيجار السنوي ومدة العقد، ولا توجد معايير محددة لتأجير الأراضي والعقارات والأراضي''، متسائلاً ''ماذا ستحقق الدولة من إيرادات وعائد مالي من خلال تأجير الأراضي لمستثمرين وغيرهم بعشرة فلس للقدم المربع، خصوصا أن الإيجارات تدفع سنوياً وليس شهرياً''.
ولفت الرميحي إلى ''أراضٍ وعقارات، تؤجر لمدة 15 إلى 25 سنة، وسعر الإيجار لا يتغير''، معتبراً أن ''هذه الآلية في تأجير أملاك الدولة غير صحيحة''.
وطالب بـ ''إيجاد قانون ينظم عملية تأجير الأراضي والعقارات المملوكة للدولة حتى تكون هناك محاسبة ومراقبة للسلطة التشريعية على هذه الأمور''، مشيراً إلى أنه ''سيتقدم خلال هذا الدور باقتراح بقانون بشأن تأجير الأراضي والعقارات التابعة للدولة، بحيث تكون مدد العقد بالنسبة للعقارات 5 سنوات فقط قابلة للتجديد وزيادة سعر الإيجار مع النظر
إلى وضع السوق، وألا تزيد مدة الإيجار عن 25 سنة بالنسبة للمناطق الصناعية، قابلة للتجديد أيضاً''.
وتابع ''الغرض من القانون، تنظيم عملية تأجير أملاك الدولة، وتحديد السعر المناسب
لها بما يمكن أن يساهم في زيادة الإيرادات والعائد المالي للدولة''.
وعن معايير التأجير في الفترة الماضية في ظل غياب قانون ينظم ذلك، قال الرميحي ''أظن أن هذا الأمر كانت تنظمه اللوائح التنفيذية في الوزارة المختصة، طالما لا يوجد قانون واضح بهذا الشأن، وهذه الآلية غير صحيحة''، مشدداً على أنه ''لابد من قانون واضح بهذا الشأن، يحفظ أملاك الدولة من العبث، وكسلطة تشريعية لابد أن نعمل على إيجاد هذا التشريع''.
وأضاف الرميحي ''لا نريد أن يقوم الوزير المختص بتحديد سعر إيجارات أملاك الدولة، ومدد العقود، إذ لابد أن يكون هناك قانون ينظم ذلك، فتكون عملية تأجير العقارات والأراضي مستندة لهذا القانون''.
الدوسري: لا توجد آلية صحيحة لتحديد الإيجار
من جهته، استغرب نائب رئيس لجنة التحقيق بأملاك الدولة العامة والخاصة حسن الدوسري ''تأجير هذه الأراضي والعقارات بهذه الأسعار البخسة، خصوصاً الأراضي والعقارات التي تستخدم في الاستثمار''، داعيا إلى ''معايير واضحة في عملية التأجير، وأن تكون هناك (مزايدات) في الأسعار، بحيث تتناسب وسعر السوق''.
وأضاف ''ليس لدينا مشكلة أن تؤجر بعض الأراضي والعقارات بأسعار زهيدة، إذا كانت تصب في صالح أعمال الخير مثلاً، كتأجير الأراضي للصناديق أو الجمعيات الخيرية، أو للجامعات بحيث يساهم ذلك في تخفيض الرسوم على الطلبة، وغيرها من الأمور، بل نؤيد ألا يؤخذ على هذه الأمور إيجاراً''.
واستدرك ''المشكلة في تأجير هذه الأرضي والعقارات لمستثمرين بهذه الأسعار الزهيدة، إذ إن المستثمر سيحصل من وراء هذه الأرض أو العقار المؤجر على ريع وأرباح، فلابد أن يكون سعر الإيجار متناسبا مع ذلك''.
وقال الدوسري ''حالياً - للأسف - لا توجد آلية صحيحة لتحديد سعر الإيجار، ولا مدد محددة لتأجير أملاك الدولة''، مشيراً إلى أن ''لجنة التحقيق بأملاك الدولة من أولويات عملها في القسم المتعلق بالاستثمار التأكد من حسن إدارة واستثمار أملاك الدولة''.
وأضاف أن ''بعض عقود الإيجار، تمت بطريقة طويلة الأمد وبأسعار بخسة، لا تتناسب مع قيمة هذه الاستثمارات بالذات بعد ارتفاع أسعار الأراضي وتوجه المستثمرين إلى البحرين بعد الانفتاح الاقتصادي''.
وشدد الدوسري على أن ''السعر يجب أن يتحدد - إذا كانت الأرض بغرض الاستثمار
- من خلال مزايدة عامة تطرح أمام المستثمرين، وليس عبر (مظاريف مغلقة)، فهذا الأمر نرفضه''.
وأضاف ''بالنسبة لمدة عقد الإيجار، فبالإمكان تحديدها بحيث لا تقل مثلاً عن 5 سنوات، ولا تزيد عن 30 سنة، وينظر إلى زيادتها مع مراجعة طبيعة حركة الاستثمارات وأسعار السوق''.

وبشأن أسماء المستثمرين في عقود الإيجار التي أخفتهم وزارة المالية، اعتبر الدوسري أن ''من حق لجنة التحقيق في أملاك الدولة معرفة جميع أسماء المستثمرين لهذه الأراضي والعقارات، فليس هناك سرية، وكذلك مواقع هذه الأراضي والعقارات المؤجرة''.
وأشار الدوسري إلى أنه ''سيقوم في الأيام القلية المقبلة برفع اقتراح إلى لجنة الشؤون المالية بمجلس النواب، لتضمين تقريرها بشأن مشروع تعديل قانون المناقصات والمزايدات توصية تتعلق بإضافة بند بشأن كيفية تأجير أملاك الدولة، والتعامل مع مواقع الاستثمار''.