Saturday, December 27, 2008

جهاز الأمن يفبرك صوت السنكيس وناشطين آخرين

بتوجيه مجلس الدفاع الأعلى وتنفيذ جهاز الأمن الوطني

فبركة الأصوات والصور للنشطاء والمعارضين

عبدالجليل السنكيس

26 ديسمبر 2008م

إتصل بي أحد النشطاء المعروفين ليخبرني بأنه تم الإتصال به مرتين من أرقام مجهولة وإسماعه تسجيل لأصوات شخصيات معروفة من نشطاء حقوق إنسان ومعارضين وهم يخاطبونه بلغة تخوين مبتذلة. لم يصدق الناشط نفسه إلا بعد أن تكرر هذا الأمر بمكالمة أخرى سمع فيها نفسه وهو- أي الناشط الناقل للحديث- يتبادل السباب والتخوين لشخص آخر هو صاحب المقال، الذي لم يقم ولا يمكن أن يتحدث بهذا النوع من الكلام غير اللائق والمعبر عن دنائة من خطط ونفذ هذا الأسلوب من العمل الإستخباراتي.

فما قام به جهاز الأمن البحريني هذه المرة هو ادخال صوت صاحب المقال (وأصوات نشطاء آخرين) في برنامج تغيير الأصوات ثم أعادة تسجيل حديث – لم يصدر عنه في حقيقة الأمر- والإتصال بآخرين وأسماعهم كلام بصوته المفبرك (وأيضا باسم نشطاء آخرين). وكان الغرض، كما هو جلي ضرب اسفين بين أولئك النشطاء وخلق عداوة بينهم، وللفرد أن يتصور ما يمكن أن يقوم به جهاز سيئ كجهاز أمن الدولة باستعمال هذا الأسلوب.

ويتلخص هذا العمل في تسجيل من تستهدفه السلطة من الشخصيات، وإدخال جزء من صوته على برنامج حاسوبي يقوم بحفظ مخارج الحروف، ويمكن من خلال ذلك البرنامج تقليد ذلك الصوت بأي حديث يراد، ويقوم بتسجيله أو الحديث مباشر عن طريق الهاتف أو أي من برامج التواصل أو الحديث الصوتي (chat)، بل يمكن إعادة تسجيل الصوت على أي صور متحركة (فيديو) لإظهار من يتم استهدافه أو فبركة موقف ما ضده بأنه يتحدث بحديث هو في الأصل لم يقله أو يتحدث به. وعادة ما يستعمل هذا الإسلوب الاستخباراتي لإستلال الإعترافات من المعتقلين "بقضايا" أمنية من خلال اسماعهم أصوات لأصحابهم أو من قد يكونوا شركاء معهم.

في بحث سريع لبرامج تغيير الأصوات وتقليدها وجدت أحد البرامج المستعملة في تغيير الأصوات أسمه AV Voice Changer Diamond 4.0 ويمكن الحصول على بعض مواصفاته وكيفية عمله و تنزيله على الوصلة (http://www.qassimy.com/vb/showthread.php?t=179079).

ومن ضمن استعمالات هذا الأسلوب هو توفير الأدلة لحياكة محاكمات وتجريم من يريد الأجهزة الأمنية أن تستهدفه، فيمكن إصدار شريط باسم شخص مستهدف، وهو يسرد خطة "قتل" أو "انقلاب" أو "عملية ارهابية"، أو أن يصدر عنه – بالصوت وحتى بالصورة- ما يمكن ادانته به قانونياً، وهذا الأمر ليس مستبعد في دولة لاتتمتع بثقة أو رقابة شعبية حقيقية، ولا استقلال لأي من أجهزتها القضائية، ولسيطرة الأجهزة الأمنية (المختلفة) على مفاصل دولة بوليسية كالبحرين.

بالنسبة لصاحب المقال، فالأمر لم يكن مفاجأ، لأسباب يعرفها البعض، ولأهمية هذا الموضوع فيعتقد صاحب المقال بأنه قد آن الأوان لكشف بعض القضايا التي يقوم بها النظام مستعينأ بأجهزة الأمن المختلفة، لنوجه بعدها الرسائل لمن "قد يهمه" الأمر، لأننا نعتقد بأنها بيده، وليست بيد عمرو. وليعلم بأننا نعلم ببعض المخططات التي سوف يتم الكشف عنها لاحقاً.

ففي العام الماضي، فمن ضمن ما وصل لعلم صاحب المقال توجه جهاز الأمن باستهداف أفراد عائلته، وخصوصاً البنات، من خلال استعمال برامج التلاعب بالصور (الفوتوشوب) لبناته وإظهارهن بشكل مشين بحيث يتم التحكم، ولي ذراعه بحيث يتوقف عن أنشطته وإلا يكن السجن أو الهجرة خياراته الأخرى. وصل العلم بهذا المخطط من خلال شخصيات تعمل في الداخل، وأوصلتها لأفراد قريبين منا، لا أعرف، بهدف إرعابنا بأصل الموضوع أو إيصال فكرة ان جهاز الأمن يستطيع أن يعمل ما يشاء. كلا الهدفين لم يتحققا.

لم يسلم الكاتب من القدح والشتيمة والإستنقاص من خفافيش الظلام، والنفعيين، كما لم يسلم من الرسائل الواضحة بالإستهداف خصوصاً تلك التي عبر عنها النائب البندري في بيت أحد أفراد عائلة البسام، وبوجود أكثر من شخص منهم "ف" الزياني و"ع" مطر و "ع" اليحي (الأحرف تدلل على الإسم الأول أحتفظ بها للآن كما أن هناك أسماء لم أشر لها). كان اللقاء في أغسطس من العام 2007م بعد صدور الرسالة الأولى للشيخ حمد والتي كانت بعنوان " بيدك لا بيد عمرو.. قبل فوات الأوان يا آخر ملوك الزمان". كان الحديث في ذلك المجلس منحصر فيمن ذكرتهم وحول تلك الرسالة، وإذا بالبندري يحشر أنفه– كعادته- وينبري ليقول لهم وهو يتضاحك وشعيراته الشيطانية تتدلى: "تتحدثون عن ذلك الدكتور! لقد تم إنهاءه في الجامعة وفي خارجها، فلا تقلقوا.. لقد تم اتخاذ الإجراءات لتحقيق ذلك!". كانت تلك التصريحات محل استغراب الحضور الذين ظلوا يتبادلون النظرات فيما بينهم. طبعاً الان اعرف لماذا يعاق طلب التفرغ العلمي لصاحب المقال كأستاذ مشارك مضى على آخر ترقيه له أكثر من ست سنوات، واستوفى جميع الإشتراطات، ومع ذلك فيعطل طلبه لمدة تناهز السنة الثالثة، في حين تسهل لغيره وبالتمرير!!

ولن أعلق على ما قاله ذلك الأخرق، ولكن أوصل رسالة لمن يهمه الأمر، بأن هذه الأساليب لن تفت الذراع، ولن تمنع من المواصلة في كشف التجاوزات والإصرار على اصلاحات حقيقية وجذرية على جميع المستويات، ومن ضمنها تصحيح آثار جريمة التغيير الديموغرافي الذي يسعى من خلالها النظام لتشويه الهوية البحرينية الأصيلة، وتضييع تاريخ شعب البحرين الأصيل- بشيعته وسنته. وحتى يتوقف أبناء هذا الشعب من فضح النظام، عليه أن يتوقف عن التجاوزات وأن يشارك الشعب في صناعة القرار وتوزيع الثروة بشكل عادل.

إن ما قام به جهاز الأمن من تقليد أصوات النشطاء ومحاولة التفريق وبث الفتنة بينهم أمر لا يشين أولئك النشطاء الذين سيواصلون نشاطهم، وإنهم منصورون بإذن الله. ولكن الأمر، بلا شك، يشين هذا النظام البوليسي الذي تؤكد الأيام عدم قدرته على التعاطي مع متطلبات التغيير المطلوبة، وأقولها بالفم الملئان، ما هكذا تزرع الثقة، وما هكذا تبنى الأوطان، وما أسوأها الأيام التي لم نعشها بعد.