Friday, March 13, 2009

السلطات تحاكم من ينتقدها


فيما أكدت أن هدفها تحقيق المصلحة العامةإخلاء سبيل الكاتبة ضيف بضمان إقامتها واتهامها بتحقير «القضاء»
المنطقة الدبلوماسية - عادل الشيخ

أخلت النيابة العامة يوم أمس (الخميس) سبيل عضو مجلس إدارة جمعية الصحافيين البحرينية الكاتبة الزميلة لميس ضيف بضمان محل إقامتها، بعد أن وجهت لها تهمة إهانة وتحقير السلطة القضائية، فيما أنكرت ضيف التهمة المسندة إليها، موضحة أنها تطرقت إلى جوانب القصور في القضايا، وكان ذلك بهدف تحقيق المصلحة العامة لا غير.وتولى التحقيق مع الكاتبة ضيف رئيس نيابة محافظة العاصمة أحمد بوجيري، بحضور المحامي فريد غازي.
وتناول التحقيق مع ضيف كتابتها مقالاً بشأن المحاكم والقضاء، وذلك بدعوى تقدم بها نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، في حين ردّت الكاتبة ضيف على التهم بالنفي، موضحة أنها لم تكن تقصد من وراء كتابتها إهانة القضاء ولا القضاة، وأن كل ما سعت له من خلال كتاباتها هو تلمس مواضع الخلل وبعض التجاوزات التي ارتكبها بعض القضاة.وأبدت ضيف احتجاجها على مقاضاتها بسبب مقال واحد من ضمن سلسلة من مقالات عددها خمسة، كانت تحت عنوان «العار الكبير».ومن جانبه، طالب المحامي فريد غازي من النيابة العامة إسقاط التهم عن ضيف، كون ما كتبته يصب في المصلحة العامة.
وفي نهاية التحقيق أمر رئيس النيابة العامة أحمد بوجيري بإخلاء سبيل الكاتبة لميس ضيف بضمان محل إقامتها، موجهاً لها التهمة سالفة الذكر.كما حضر التحقيق ممثل جمعية الصحافيين محمد السواد.وكان رئيس النيابة العامة أحمد بوجيري صرح بأن المجلس الأعلى للقضاء طلب من النيابة العامة التحقيق مع الصحافية لميس ضيف، مشيراً الى أن التحقيقات ـ وفق ما تضمنه الطلب ـ تتعلق بارتكاب الصحافية المذكورة جريمة إهانة المحاكم المؤثمة بالمادة (216) من قانون العقوبات، وهي الجريمة ذاتها التي انتظمتها المادة (70) من المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002 بشأن الصحافة والطباعة والنشر في حال ارتكابها بطريق النشر، والتي قررت لها عقوبة الغرامة مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد بقانون العقوبات أو أي قانون آخر.وأضاف رئيس النيابة أن النيابة العامة بادرت باتخاذ الإجراءات تجاه الصحافية لميس ضيف في ضوء ما هو مقرر بالمرسوم بقانون بشأن الصحافة والطباعة والنشر، آخذة في الاعتبار صفتها كصحافية، ومن ثم وجهت طلب استدعائها للتحقيق إلى وزيرة الثقافة والإعلام، وكذلك إلى رئيس جمعية الصحافيين، عملاً بنص المادة (81) من المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002 بشأن الصحافة والطباعة والنشر.
ضيف: على «القضاء» أن يشكرني لأني دللت على مكامن الخلل[ تحدثت الكاتبة لميس ضيف بدورها عن تفاصيل ما جرى خلال تحقيق النيابة، في بيان صحافي أمس، بقولها: «على مدار ساعة و45 دقيقة حقق معي رئيس نيابة المنامة أحمد بوجيري ووجهت لي تهمة تحقير المحاكم وإهانة القضاء في سلسلة مقالات «العار الكبير». وأوضحت «في دفعي بإنكار التهم قلت إن الأولى بالمجلس الأعلى للقضاء - خصمي في القضية - عوضاً عن مساءلتي أن يحقق في مدى صحة القضايا؛ فإن تبين أنها ملفقة أو أن تزييفاً ما شابها فعليهم عندئذ مقاضاتي. في ما عدا ذلك فعلى المجلس تقديم شكر لي لأني أشرت لهم على مكامن الخلل ليبادروا هم بحلها وحاولت خلق قناعة مجتمعية بضرورة سن قانون للأحوال الأسرية يضبط ما في المحاكم من تجاوزات».
وواصلت «نعم لقد تعرضت في مقالاتي لتجاوزات عدد من القضاة، ولكن هذا لا يعني أنني أهنت السلطة القضائية أو حقرتها. فالسلطة القضائية لا تختزل في شخص قاضٍ أو عشرة. فهل انتقادي لوزير أو مسئول مهما علا موقعه يعني أني أهنت حكومة البحرين؟ وهل يعني انتقادي للنواب والكتل أنني أهين السلطة التشريعية؟ لقد أديت واجبي الصحافي بتسليط الضوء على مكامن الخلل بما يخدم سير عملية التقاضي، فكيف يعد ذلك إهانة للسلطة القضائية، إن البعض لم يتعود من الصحافيين إلا التهليل والتصفيق، وهؤلاء يضيقون بكل من يكشف خفايا لا يريدون لها أن تكشف علناً».
وعن تفسيرها لعدم الإشارة إلى أن القاضي الذي راود الفتاة عن نفسها عزل، قالت: «لم أشأ أن أحصر الجرم في القضاة السبعة الذين عزلوا، ولو كنت فعلت لقوضيت أيضاً بالمناسبة. فما يعنيني هو المبدأ لا الأشخاص. لقد استشهدت بجمع من القضايا الغريبة في موضوعها وفي حكمها لا لأشهر بأحد، بل لأقول إن الظروف التي أدت لهذه التجاوزات مازالت قائمة. فهذه القضية ليست سوى قمة جبل الجليد، وهي مجرد مثال على ما يحدثه غياب القانون في المحاكم. ففي غياب قانون يحد من الصلاحيات المطلقة المعقودة بيد القاضي لا ضمانة أن تحدث هذه التجاوزات بل وأكثر منها».وأضافت «هذه القضايا وصمة على جبين المحاكم، سواء أعزل القاضي أو توفاه الله، فستظل حية في أذهان الضحايا وشاهدة على أن الوضع بحاجة إلى قانون يضبطه».
واستطردت «هناك من يريد أن يحصر الفساد في شخص القضاة السبعة المعزولين، وهذا غير صحيح؛ فعلى رغم أني واحدة ممن شاركوا في إثارة الرأي العام والدفع لعزلهم - وأفخر بذلك - إلا أن هذا لا يعني أن الفساد انتهى بزوالهم. وعزل القاضي دلالة على أن الواقعة صحيحة. والحل ليس بعزله فقط بل بوضع نظام يمنع غيره من تكرار الفعل ذاته».وتابعت «أؤكد هنا أني في أطروحاتي لا أستهدف شخصاً سواء أكان هذا القاضي أم ذاك، أنا أقول إن بعض الإنجازات حققت ولكن لن يستقيم أمر المحاكم الشرعية إلا بوضع نظام وقانون يضبط شعث المحاكم. فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة، ولا يمكن إدارة مؤسسة أو حتى دكان دونما نظام وقانون، فما بالكم بساحات تقاضٍ تتحكم بمصائر الأسر والأفراد».وختمت الكاتبة تصريحها بقولها: «هناك مشكلات عالقة، وهناك تباطؤ في الأحكام بما يضيع حقوق المتقاضين، وهناك أحكام مختلفة لقضايا متشابهة وكلها مشكلات لا جدوى ترتجى من السكوت عنها. من يريد التركيز على أن القاضي عزل ليخفف من وحشة الصورة يتغافل عن حقيقة أن البلاد صغيرة وأن الكل يعلم ما يدور في أروقة المحاكم، ومن يريد تخطئتي لأني كشفت بعض العورات وتطرقت لما يجري يحاول - متعمداً - إغفال الصورة الكبرى التي سيق فيها هذا الكلام. فأنا لم أقل ما قلت كيداً في أحد، بل لأقول: إلى متى السكوت عن هذه الأوضاع؟ ومحاولة إخراسي من قبل أية جهة كانت غير مقبولة ولا مبررة».
بوجيري: ضيف متهمة بإهانة القضاء
[ صرح رئيس النيابة أحمد بوجيري بأن نيابة المنامة باشرت التحقيق مع الكاتبة الصحافية لميس ضيف بخصوص الشكوى المقدمة ضدها فيما نشرته بصحيفة «الوقت» بعمود «على الوتر» تحت عنوان «ملف العار الكبير - انتهت أزمة الصمت»، الذي حمل ضمن طياته ما يشكل جريمة إهانة القضاء والمحاكم.وأضاف أن الكاتبة مثلت أمس (الخميس) أمام النيابة العامة وتمت مواجهتها بما ورد في المقال وما أسند إليها من اتهام فأنكرته وقررت أن المقالات التي قامت بكتابتها بهذا الشأن تضمنت ضمن محتوياتها واقعة عن قاضٍ سابق تم عزله من قبل المجلس الأعلى للقضاء وأنها كانت تعلم بعزله من وظيفته وقت كتابة المقال وأنها لم تقصد إهانة القضاة أو الإساءة إليهم. وعليه وجهت النيابة العامة إليها تهمة إهانة القضاء وأمرت بإخلاء سبيلها بضمان محل إقامتها.
الوصلة:http://www.alwasatnews.com/news/print_art.aspx?news_id=866817&print=true