Tuesday, September 22, 2009

نور حسين مثال للعمل النقابي الطلابي

ويزداد تعنت النظام في قمع حرية التعبير
------------------------------------------------------------
نور حسين مثال للعمل النقابي الطلابي
أحمد الصفار
الوسط- العدد : 2573 الثلاثاء 22 سبتمبر 2009م الموافق 02 شوال 1430 هـ

آثرت منذ البداية أن لا أقحم رأيي في قضية الطالبة الجامعية نور حسين التي تم شطب فصل من سجلها الدراسي، كانت أنهت جميع مواده بنجاح وبدرجات عالية، بسبب توزيعها بيان طلابي ينتقد السياسات المتبعة في جامعة البحرين، وذلك على أمل أن تتراجع الأخيرة عن قرارها المجحف، بعيدا عن أجواء التسخين والشحن التي كانت تطغى على ردود فعل الشارع العام، ولم تخلُ من أصوات نشاز تؤيد تحويل هذا الصرح العلمي إلى ثكنة عسكرية تحكمها قوانين صارمة.
وطوال هذه الفترة كنت أنتظر موقفا واضحا من مجلس الطلبة يعلنه صراحة عن هذا الموضوع الذي بات لا يقلق نور حسين فقط بل جميع طلبة الجامعة ممن باتوا يعيشون حالة شديدة من التخوف على مصيرهم الأكاديمي، في حال ما إذا عبّروا عن آرائهم أو مواقفهم من القضايا الطلابية التي تطرح في الحرم الجامعي بين الفينة والأخرى، ولكن ذلك لم يحصل لأن هذا المجلس أساسا مكبل بقيود ومفرغ من محتواه، وليس له تأثير يُذكر في عملية صنع القرار والتأثير فيه.
وهذا ما جعل المسافة اليوم بين الطلبة وبين أية فعالية احتجاجية سلمية شاسعة جدا أكثر من ذي قبل، لغياب الضمانات بعدم التعرض لهم من خلال لجان التحقيق أو حتى الانتقاص من معدلهم التراكمي، فيما مجلسهم الذي انتخبوه للدفاع عنهم واتخاذ موقف حازم من التعرض لهم بأقصى العقوبات في اللائحة المسلكية، عاجز عن إصدار بيان يُعبّر فيه عن موقفه.
الجامعة هي المكان الفعلي والطبيعي الذي يتربى فيه الأجيال على المواجهة الحقيقية لمعترك الحياة، وفي أروقتها لا يكتسبون فقط العلم والمعرفة، بل القدرة على القيادة والإقدام والجرأة في مواقع عملهم مستقبلا، وبالتالي كيف لنا أن نعول على جيل أبكم أخرس منتزعة منه حقوقه في الإفصاح عن مكنوناته وما تجيش به مشاعره من أحاسيس، على رغم أن حرية التعبير مصانة ومكفولة من أعلى سلطة قانونية في البلاد ألا وهي الدستور.
يخطئ كثيرا من يعتقد أن قضية نور سياسية، فلا مجال لإقحام الأيديولوجيات والانتماءات الفئوية في المطالب الطلابية التي تعد همّا عامّا يكتوي منه الجميع بلا استثناء ولا يخدم أجندة أية جمعية سياسية أو أهلية، ولكن البعض من أعضاء مجلس النواب تركوا مراقبة عملية صرف مبلغ الدعم المالي للأسر محدودة الدخل، ومعالجة الاصطفاف الطائفي في القضية الإسكانية وتغيير مسميات المناطق، ليحشروا أنوفهم فيما لا يعنيهم، ليس طمعا في إصلاح الاعوجاج بقدر الانتقاص من تحركات من يخالفونهم في الفكر والمعتقد والتوجه الديني.
وفي خضم التشديد على الجامعات الخاصة من قبل وزارة التربية والتعليم، ومحاصرتها لإصلاح وضعها الأكاديمي والارتقاء بها لمصاف مؤسسات التعليم العالي العريقة، نحتاج بالتوازي إلى أن نعيد الثقة بجامعتنا الوطنية الوحيدة التي يدرس فيها إلى جانب المواطنين شريحة واسعة من طلبة دول مجلس التعاون الخليجي، فلا يعقل أن تمنع الوزارة الطلبة من التسجيل في الجامعات المخالفة، وفي الوقت ذاته تضع في طريقهم معوقات نفسية تصدهم عن الإقبال على جامعة البحرين، وخصوصا أن توقيت بروز قضية نور حسين على السطح تزامن مع تسجيل المقررات الفصلية واقتراب عودة الطلبة لمقاعد الدراسة.
انتشال نور حسين من محنتها هو انتصار للطلبة ولجامعة البحرين ذاتها، إذ إن هذه الخطوة ستساهم في تعزيز المفهوم الديمقراطي للعمل النقابي الطلابي الذي لا يستهدف زعزعة الصورة النمطية الراسخة عن الجامعة وقدرتها على تسيير العملية التعليمية، بقدر توفير أرضية لمحاورات تفضي لنيل شيء من الحقوق والتعبير عن بعض المطالب في إطار سلمي وحضاري.