في اعتقال وحبس حسن سلمان أبو علي ..
استهداف المنتديات وحصار المعلومة
عبدالجليل السنكيس
مشاركة في أمسية دعائية بالنعيم
16 فبراير 2010م
هل كان اعتقال ومن ثم حبس حسن سلمان عبر محاكمة قراقوشية هو أمر غريب في دولة انتهاك الحريات باسم القانون؟ هل هو الأول أم هو الآخر؟ فلماذا اعتقل وحبس حسن سلمان- سجين المعلومة في البحرين؟
فبلاشك أن نشر اسماء أفراد ما يسمى بجهاز الأمن الوطني اعتبر نقلة في مواجهة هذا الجهاز الذي ألحق الأذى بالمناضلين ومناشدي الحرية في هذا البلد منذ أن تكون على يد الجلاد البريطاني المعروف سيئ الذكر إيان هندرسون. كان أفراد الجهاز الأمني تعيش الزهو والغرور بأنهم يستطيعون عمل ما يريدون دون أن تطالهم يد العدالة أو يتم التعرف عليهم، فهم النظام وهم الحكم والحكومة، وهم القانون والقضاء. ولهذا وحتى نفهم ردة فعل جهاز الأمن ومحاولة تقديم الشاب الناشط حسن سلمان ليكون ضحية، ويكون درساً لمن يحاول العبث معه من خلال نشر أي معلومة عنه، نقدم هذا التقديم، لنزيد التعريف أكثر بالمجرمين الذين حماهم النظام ولازال، ضد أبناء هذا الشعب الذي كل ذنبه أنه يريد أن يعيش بعزة وكرامة.
فبحسب ما نقل عن فليفل- المعذب المعروف- في حديثه مع أحد الضحايا في مكتبه وهو يتبختر بغرور في مكتبه الذي يحوي صورة الأمير الراحل- وهو يشير الى تلك الصورة ويقول للضحية:"نحن من يدير البلد. بمكالمة واحدة لهذا، أجعله "ينقز" أي يقوم من مقامه. وبالله عليكم، كيف بنى هذا المعذب الملايين وتلك الثروة إلا من إبتزاز الضحايا وأهاليهم وسرقة أموالهم وثرواتهم، بعنوان القوة الذي كان يمتلكه كونه عضواً في جهاز التعذيب.
ولماذا قام الوزان بما قام به من إعتداء وتعذيب لشابي هذه المنطقة الأبية: سعيد الإسكافي ونوح آل نوح، إلا لإعتقاده بأنه يعمل في الظلام ولا يستطيع أحد أن يصله، وهو وأمثاله فوق القانون؟ في احدى هجمات هذا الجهاز العبثي في التسعينيات على منزل أحد أخواني بحثاً عن أخي الصغير- عادل- كنت بالصدفة واقفاً بالقرب من بابه، وإذا بمفرزة التعذيب التي كان يقودها سيء الذكر المدعو "عادل" فليفل، ومعه المدعو "خالد" الوزان والمدعو "خالد" المعاودة. وكان الوزان" - بجسمه الثقيل وشعره الطويل- يتبجح باستعمال المسدس الصغير الذي كان يتلاعب به في يده، وكان يحاول استفزازي ويشير الى امكانية ضرب باب منزل أخي بذلك السلاح.
وأما عن المدعو "خالد" المعاودة، فهو الذي يتلذذ بتعذيب الضحايا بضربهم بالنعال ويتسابق مع الوزان، أيهم يستطيع أن يضرب أكثر، وهنا أشير أيضا لأحد ضحايا هذا الوطن من أبناء النشيط الذي تلقى التعذيب على يد هذين الجلادين. والمعاودة – الطائفي البغيض- الذي وقف أمام عائلة ذلك الأستاذ الفلسطيني الشريف محمد شكري وعمل مع جهازه على تذويقهم الذل والهوان والعمل على ترحيلهم من البحرين، بعد أن أقام فيها أكثر من ثلاثين سنة، وكل ذنبه، انه تحول في قناعته المذهبية للمذهب الجعفري.
وعليه، فإن نشر أسماء أفراد ما يعرف بجهاز الأمن الوطني جاء ليكسر كبرياء قيادة وأعضاء تلك العصابة التي لا زالت تتلاعب بمصير البحرين، وهي تقود المسرحيات الأمنية، تنتهي من واحدة وتدخل أخرى. ويدلل سرعة محاكمة الناشط حسن سلمان على ردة فعل شديدة ودهشة من قبل الأجهزة الأمنية لإنتشار أسماء أفراده. ولهذا أرادوا أن تكون هناك عبرة، وهم يعلموا بأن ذلك يعد اختراقاً لما يعدونه قلعة من الإرادة المفتلة التي تسخر لها كل مقدرات الدولة ، بما فيها النظام نفسه، ولهذا قاموا بما قاموا به. أما وأن يتم فضح أسماءهم وكشفها، فهذا بداية الانهيار لذلك الجبروت وعليه، يجب منعه.
هذا الأمر نفسه، لمن قاد عملية رفض الإستسلام والإستجابة لمداهمات ومطلب ذلك الجهاز، وهذا ما يحدث لم يرفض أن يسلم نفسه، عندما يتم طلبه، أو الإتصال به، أو ارسال مفرزة لإعتقاله، ويأبى أن يسلم نفسه. إن ذلك الرفض وتلك المقاومة تعد كسيرة وانهزاماً لذلك الجهاز وقياداته التي تعتقد بأنه لا يمكن أن يقف أمامها حائل وان يدها طويلة وتستطيع أن تصل لمن تريد. ويمكن تفهم جنون أفراد ذلك الجهاز للبحث عن أولئك الشباب الناشط الذي قهر بصموده وصمود عائلته جبروت جهاز هندرسون، وقد أحسست بذلك عندما كان يبحث عن أخي الأصغر في التسعينيات وفشل.
لماذا نشر الأسماء، وشكر خاص للملتقيات والمنتديات والصروح الوطنية؟
لقد قامت حركة "حق" بالتزامن مع حملة ملاحقة المعذبين، بإصدار تقرير عن عملية تدوير يقوم بها النظام لمواقع ضباط ومسئولي التعذيب والعمل على إخفاءهم عن الواجهة من خلال تدوير في مواقع مختلفة في الأجهزة الرسمية وخارجها، ومن ضمنهم المذكورة أسماءهم، وبعض من ذكر في القائمة المنشورة التي اتهم الشاب حسن سلمان بنشرها.
أما ما فائدة نشر أسماء أفراد الأجهزة الأمنية وكل من ينتهك الحقوق والحريات، فنقول بأنه قد مضى زمن أن يعمل النظام ما يريد بأبناء الشعب، ولا يفضح ولا يكشف للعالم. فإن لم يتواتى الظرف لإيقافه بشكل مباشر، فأقـل شيء يتم القيام به هو كشف تلك الإنتهاكات وتعرية ما يتم في الظلام من مؤامرات ضد هذا الشعب الأعزل.
ومن هناك نقف وقفة شكر وإجلال للقائمين على المنتديات والملتقيات والصروح الوطنية التي لا زالت، برغم محاولات إختراقها أو اضعافها أو استهداف القائمين عليها بأي صورة كانت، إلا إنها لازالت مصدر إشعاع للضوء الذي يكشف الحقيقة ويعري انتهاكات الحقوق في البحرين. ولهذا، كان ولا زال النظام يحاول احتواء هذه المواقع الإلكترونية والعمل على تضييق مساحة تأثيرها بالحجب تارة، وبالإختراق الأمني تارة أخرى. لقد كان هذا التوجه واضحاً في مخطط البندر الإجرامي الذي يموله ويقوده الديوان. وأعتقد بأن تلك المنتديات والملتقيات والصروح ما هي إلا متاريس للحركة الشعبية المطلبية ونضالاتها، وإنه ستبقى كذلك في ظل الحجر الإعلامي الذي تقوم به السلطة.
وعليه، فإن الرسالة لتلك المنابر أن تواصل أن تلعب دورها بعيداً عن التجاذبات التي قد يكون بعضها مبرمجاً و"فيروساً" للنيل من قوتها وإشغالها عن الدور الإعلامي الذي تقوم به. فعليها مواصلة دعم الأنشطة الشعبية وتوثيقها في خدمة القضايا المطلبية، في الدفاع عن النشطاء وزيادة تواصلها مع الجماهير والمساهمة في التوعية بالحقوق والمطالبة بها، وهو دور أكبر من عكس الحقيقة والواقع.. هو دور راق ومتميز نتطلع الى أن تلعب تلك المنتديات ذلك الدور.
أمر آخر، وهو تسليط الضوء على شموع الدرب.. درب الحياة العزة الكريمة، وهنا أقصد بمعتقلي الحركة المطلبية وعدم نسيانهم أو التقليل من ابقاء جذوة المطالبة بالإفراج عنهم مشتعلة ومتقدة. يجب العمل على رفع صوتهم، لأنه صوت الشعب، ومعاملتهم معاملة خاصة لأن تضحيتهم غالية جداً. ومن هنا، وكأقل تقدير لتلك التضحيات، أن تقوم الملتقيات والمنتديات والصروح بتخصيص وصلة خاصة بالمعتقلين وما يخص موضوعهم في الواجهة، وهو أمر لم أره إلا في موقع شهداء البحرين وهو محل إشادة وتقدير، نتمنى أن يتم تعميم التجربة وتطويرها، ولا يهم كيفية إخراجها ما دامت الفكرة واحدة وهي أن لا ننسى الأحرار وضحايا الحركة المطلبية.
ومن هذا المقام، أوجه دعوة للمنتديات والملتقيات والصروح الوطنية، بأن تخصص في مكان بارز في واجهتها صورة "سجين المعلومة" الشاب الناشط حسن سلمان لتعلن عن تضامنها معه ومع أهله أولاً، وثانيها أن ترسل رسالة لكل من يعبث بالوطن وبثرواته – وأبناءه على رأس تلك الثروة- يجب أن يتعرى ويكشف للعالم حتى يكون عبرة لغيره، ومن هنا أهمية هذه الرسالة، لمن يهمه الأمر ولتصرخ بقوة وتقول لحسن سلمان وعائلته:" لست وحدك يا سجين المعلومة"
نشد على أيدي أولئك الشباب العامل في المنابر الألكترونية المخلصة للوطن، ونقول لهم بأننا معهم ندعم صمودهم ونؤكد لهم بأن زمان محاربة المعلومة قد ولى وأن من يعمل على نشر المعلومة وتسيير انتشارها وكشفها للعالم، هو صاحب السلاح الأمضى والأقوى، وأن من يعمل على إخفاء المعلومة وإرهاب من يعمل على تداولها، ونقلها، ونشرها- بالإعتقال، بالسجن أو باستعمال قوانين انتهاك الحريات، فهو في الموقع الضعيف. فالقوي من لا يخاف انتشار المعلومة.
الموقف..
إن الشاب العزيز حسن هو من أبناء هذا الشعب المستهدف في أصله ووجوده، وإنه ما زالت هناك مطالبة بتحكيم الإرادة الشعبية، ومازال هناك نبض رافض للتطبيع مع كل ما يهمش الإرادة الشعبية، فإن قافلة الضحايا والمعتقلين ستطول. إن الشاب الناشط حسن هو رمز من الرموز الصامتة التي تضحي من أجل أن تستمر راية النضال والجهاد عالية، وإن الله حافظه ومفرج عنه. إن إيماننا بالله سبحانه وتعالى بأنه هو الناصر، ولكن ينصر المؤمنين العاملين المجاهدين الذي يصفون النية معه- سبحانه وتعالى- وأنه على نصرهم لقدير.
قد يستطيع النظام بما عنده من ترسانة، أن يفتح السجون ويغيب النشطاء عن أهلهم وأحبتهم، ولكنه لن يستطيع أن يقف ضد إرادة الحياة بعزة وكرامة، والإستعداد للتضحية من أجلها وهذا ما يمثله الناشط النعيمي- سجين المعلومة- حسن سلمان.
لقد أثبتت الأحداث بأن النظام لا يستطيع الإستمرار في حبس النشطاء والمدافعين عن الحقوق، ما دام صوتهم، وهم من وراء القضبان- عال ويصل كل البيوت والأزقة وشوارع جنيف، وباريس ولندن وواشنطن وجميع أصقاع العالم، وهذا ما نشير له بانتشار المعلومة. وعليه، يجب أن يصل صوت حسن سلمان، وهو صوت الشعب، الى الخافقين. وكلما ارتفع صوته، من خلال مناصريه والمؤسسات الناشطة، كلما تم محاصرة النظام الذي سوف يذعن ويفرج عنه وعن بقية سجناء الحرية في هذا البلد المسجون. إن النصر بيد الله العزيز وإنه قادر على أمره ولو كره الكافرون. إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً.
وإن شاء الله نجتمع معكم قريباً- وأنا مطمئن بذلك- لنشكره سبحانه وتعالى بالإفراج عن حسن سلمان وبقية المعتقلين، إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين.