Friday, July 23, 2010

وا صادقاه..وا صادقاه

وا صادقاه..وا صادقاه

عبدالجليل السنكيس

21يوليو2010

لقد تطاولت الأيدي الآثمة على بيت من بيوت الله، ولا يوجد من يهب دفاعاً عن ذلك البيت إلا القلة القليلة التي رأت في ذلك منكراً لا يمكن السكوت عنه. فعموم المؤسسات المجتمعية بما فيها الصناديق والمراكز والهيئات والجمعيات- بأنواعها- لم تحرك ساكناً يعبر عن إيمانها بحقها وحق الآخرين في ممارسة طقوسهم وتعبدهم لله. في بلد مسلم، يتوقع أن يهب المسلمون، دون الحاجة لتوجيه، للدفاع عن بيت من بيوت الله المنتهكة حرمته، وفي بلد فيه مستوى التدين والإعتقاد الديني مستوى متميز أن ترفع الأصوات عالياً في احتجاج شديد على ما قام به النظام من انتهاك حرمة مسجد الصادق ومنع المصلين من الوصول له والتحكم في صلاة الجماعة ومن يؤمهم.

لقد استضعف النظام في البحرين أتباع "الصادق (ع)" لدرجة انه اجترأ على مقدساتهم ومعتقداتهم وأماكن صلاتهم وتعبدهم، وآخرها الاعتداء على مسجد الصادق بمنقطة القفول في العاصمة المنامة.. فذاك مسجد "شيعة"!!، وليعذرني الأخوة على هذا الطرح الذي لا استزيغه، ولكنه الحقيقة. فلو كان ذلك المكان كنيسة أو دير من الدير التي يتعبد فيه المسيحيون، لقامت الدنيا ولم تقعد، وأتوقع أن يرسل البابا موفده الخاص من الفاتيكان في روما ليقابل الحاكم ويسجل اعتراضه ويطالب بلهجة شديدة ان تقدم السلطة الإعتذار وترد الاعتبار للكنيسة وتعد بعدم تكرار ما حدث.

ولو حدث أن تم الإعتداء على الكنيس (Synagogue) "معبد اليهود" الوحيد الموجود في البحرين، لطالبت منظمة أيباك الصهيونية المتزمتة التي تتواصل مع خالد الخليفة- وزير الخارجية، تطالبه بأن يتم محاكمة القائد العسكري الذي قاد الهجوم، وتنحية وزير الداخلية المسئول الرسمي عنه.

أما لو كان لأخواننا وأحبتنا أهل الجماعة، فأتوقع- على أقل تقدير- أن لا تخلوا خطب صلاة الجماعة من الحديث عن الموضوع والمطالبة بمحاسبة المعتدين، تتبعها لقاءات مع وزير الشئون الإسلامية والداخلية وبقية المسئولين في الدولة. طبعاً لو كان الأمر في بلد آخر غير البحرين، لكان ردة الفعل الشعبية، والمؤسساتية (النخبوية)، مختلفة تماماً. تتصف بالشدة، إن لم تكن بالعنف تجاه هذا العمل الإجرامي.

فرد الفعل تجاه الإعتداء والإزدراء والتهجم على العقيدة والمعتقد وما يمثلها عادة ما تكون قوية وعنيفة، خصوصاً بين المتمسكين لتلك المعتقدات، حيث تصل ردة الفعل للإقتتال والدماء. وقد قال الله تعالى في كتابه المجيد، متوعداً من يمنع ذكره في أي من المساجد- بيوت الله- ويعتدي على المصلين والذاكرين ويتحكم فيها بما يشاء، بقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (114) سورة البقرة.

ليس المنع من الصلاة وطرد المصلين من أداءها في أحد بيوت الله هو الإنتهاك الوحيد والأوحد، ولا الأول. فلقد سبقها المنع من بناء المساجد والمآتم (جامع العالي شمالي قرية كرباباد، مسجد الرفاع الشرقي، مأتم مدينة حمد، وغيرها)، أما مصادرة الأوقاف من أراضي وعقارات من قبل الديوان برئاسة وزيره الطائفي، والتي بلغت مئات الملايين من الدنانير، وحرمان المساجد والمآتم من الإستفادة من أوقافها في اعادة بناءها وترميمها، وأما هدم المساجد ومنع اعادة بناءها أو تعطيل ذلك، فالارقام كبيرة وكبيرة جداً تعبر عن استهداف واضح جلي لمتبعي الامام الصادق عليه السلام.

ونحن لا نتحدث عن الحق في الإعلام الديني عبر الإذاعة والتلفزيون، فذلك من المحرمات، ولا نتكلم عن التواصل مع مراكز الذكر والثقافة وشخصياتها، خصوصاً في موسم عاشوراء، فذلك ممنوع،حتى وإن تكلم المدعو عن الروحانيات والاخلاق. وأما عن التعليم الديني والتاريخ الحقيقي لشعب البحرين الأصيل، فذلك تابو ولا يمكن تناوله. فعلى أبناء وبنات متبعي الصادق عليه السلام التعلم على غير علمه ومذهبه، ومن لا يريد ذلك، كحق أصيل حفظته الشرائع والمواثيق الإنسانية (كاتفاقية الطفل مثلا)، فما عليه إلا إن يمنع ابنه وابنته من التعليم أو أن يغادر وطنه البحرين.

أما سياسية وثقافيا واقتصادياً، فلا أحتاج ان افصل عن التهميش وخطط الإلغاء والتغييب التي يقودها الديوان الملكي. فيكفي أن أصبح اتباع الصادق هم الاقلية على جميع المستويات وفي جميع المناصب.

هذه بعض ملامح التوجه البغيض الذي يقوده الشيخ حمد و ديوانه ونظامه تجاه شيعة البحرين وأتباع مذهب الصادق عليه السلام. وقد توج ذلك ببرنامج احلال لشعب البحرين الأصيل واستيراد لشعب غير معروف الهوية يتوخى منه الولاء والمصداقية.

واصادقاه..نداء نجدة واستنجاد لكل حصار على أتباعه ومريديه.. واصادقاه دعوة لفك الحصار على مسجد الصادق في القفول وغيره من المساجد.. واصادقاه.. مطالبة للنظام على رأسه حمد بن عيسى لإعادة الإعتبار لاتباع الصادق من أبناء هذا الشعب الأصيل. حقوقهم الدينية والسياسية والإقتصادية والثقافية وغيرها.. واصادقاه دعوة لكل أبناء الشعب ليهب مطالباً بحقه في العبادة والتعبد وممارسة حياته الطبيعية على جميع المستويات.

واصادقاه.. رفض لظلم الديوان ومؤامراته وخططه ضد الشعب الأصيل، ولاسيما ضد شيعته وأتباع مذهب الصادق عليه السلام.

وا صادقاه..مطالبة بتجاوز الإختلافات السياسية والحزبية للدفاع- بشكل متضامن وقوي- عن حيض الإسلام وعن المسجد وحق العبادة والتعبد لشيعة البحرين. وما ضاع حق وراءه مطالب.