ماحدى على ما بدى؟ .. أخبرونا يا سادة
عبدالجليل السنكيس
البحرين: 4 يناير 2006م
من بعض ما جاء من كلمة الأخ العزيز الشيخ علي سلمان في مسجد الصادق (ع) بالقفول في يوم الجمعة 4/6/2004 (قبل سنة ونصف من اليوم):
"هذه الفضائح بمقياس العمل البرلماني لا يتحملها النواب المنتخبون بقدر ما تتحملها الصلاحيات التي يوفرها دستور 2002 للعنصر المنتخب، وللمجلس المعين، وللسلطة التنفيذية، وآلية العمل في المجلس من خلال إصدار القوانين وحجب الثقة. هذه الأمور ليست عائدة للأداء وإنما لطبيعة الدستور ومن يحكم الحدود والصلاحيات لأطراف العملية السياسية، هذه ليست مسألة فلان أو غيره فأياً كان في المجلس فهذه هي النتيجة، فالمشكلة ليست في النواب على الرغم من نقص الخبرة عندهم وغير ذلك، ولكن المشكلة في هذه النقاط الأربع: صلاحيات العنصر المنتخب، صلاحيات العنصر المعين، صلاحيات الحكومة، وآليات القوانين، هذه هي المشاكل الأساسية التي تعاني منها التجربة.
كان هناك نقاش ووجهات نظر مختلفة، إحدى وجهات النظر هذه كانت تقول بأن هناك مساحة عمل فاستغلوها يا جماعة، استفيدوا من هذه المساحة. ولكن بعد الأداء الحكومي، بعد التصرف الحكومي واستخدام الصلاحيات الممنوحة على لسان الوزير المطوع حيث قال إذا لم تقرءوها فاقرءوها، بعد هذا التعاطي وهذه التجربة الواقعية والنتائج العملية، وصلت إلى مرحلة الكفر بالتجربة فلا أمل فيها أبداً أبداً أبداً"
وهنا لن أضيف كثيراً على ما قاله سماحة الشيخ، فيشاركه هذه القناعة القانونيون، الخبراء الدستوريون، السياسيون المبدئيون، المدافعون عن حقوق حقيقية لهذا الشعب المكابد. فحتى نقيم إمكانية المشاركة في مشروع الشيخ حمد (المجالس البلدية ومجلس نواب الشورى)، فيجب أن ننظر الى توافر الأدوات المتاحة، وهذا ما عمل الشيخ في تلك الخطبية وسلسلة الخطب السابقة لها. فقد قام يتحليل المساحة المتاحة لحركة الأدوات الدستورية المختلفة التي تمكن المنتخب أن يقوم بدوره المطلوب لتحقيق مصالح الشعب.
فهل تغير شيء من 14 فبراير (ذلك اليوم المشئوم في حياة البحرين) 2002م وحتى يومنا هذا، بحيث نعيد النظر في الموقف من هذه المشاريع التي يراد ان تحمي مصلحة النظام والعائلة الخليفية، لا غير؟
أشيروا علي يا سادة، هل تم إحداث تغيير على دستور الشيخ حمد ليتم التنازل، عن بعض الصلاحيات، للعنصر المنتخب؟ هل تم إعطاء تقليص صلاحيات السلطة التنفيذية (بما فيها صلاحيات الشيخ حمد المطلقة) لينتج منها مزيد من التغيير الإيجابي على مستوى ملفات المعاناة العالقة، أم أن السجلات تدلل على تعنت وإصرار على التغييب المقنن للإرادة الحقيقية؟ وأنا لا أتحدث عن وجود موميات في مجلس نواب الشورى، فهذا أمر لم يكن ليغير من النتيجة، كما قال الشيخ. وتوصيف الأستاذ عبدالوهاب حسين، أكثر إيلاما، حين وصف أن الأسود حينما تدخل ذلك القفص، فإنها تصبح فئراناً وتبول عليها الأرانب. فهل نريد أشباحاً مسلوبة الإرادة، وجودها ليس فقط يعطي الشرعية لدستور فرضه الشيخ حمد على الشعب فرضاً دون ان يكون للشعب أي اعتبار، بل يراد لقيادات الشعب المأمول عليها الأمل لمستقبل أفضل، أن تدخل قفص الإذلال وعملياً تُـتقتل وتُغيّب، ليتم تنفيذ الجرائم غير المنتهية، من تشويه التركيبة السكانية وتاريخ وثقافة هذا الشعب، تفقيره وحرمانه من أبسط متطلبات حياة العزة والكرامة.
جاء دستور الشيخ حمد جاء ليحقق أمرين بشكل متواز: صلاحيات مطلقة له ولحكومته، وتضييق وتقييد لمن ينتخبه. عمل الدستور المنفرد ليزيد الفارق والهوة بين صلاحيات الشيخ حمد وحكومته وصلاحيات نواب الشورى. في الفترة السابقة، لم تنقص صلاحيات الحكم المطلق لصالح من ينتخبه أفراد الشعب، كما لم تزد صلاحيات العنصر المنتخب، ولم تخفف القيود عليه. بل، تم زيادة القيود عليه من خلال اللائحة الداخلية التي صاغتها وفصلتها الحكومة بطريقتها الخاصة. أضف الى ذلك، قيود أخرى تم فرضها من خلال التحكم في نوعية وعدد من يدخل لقفص نواب الشورى من خلال رسم ديوان العائلة الخليفية لخريطة الدوائر الإنتخابية.
فما حدى على ما بدى، يا سادة؟ هل تم زيادة الصلاحيات لممثل الشعب، أم تم تخفيف القيود عليهم بحيث تسمح بأداء أفضل؟ كل ذلك لم يحصل، ولا يمكن المغالطة او التضليل في هذا الأمر. أخبرونا ما جدّ وما ترونه ولا نراه، جزاكم الله خير. هل أعطاكم الحاكم وعود، دون ان نعلم؟ هل جاءتكم رؤيا، من أحد أولياءه الصالحين، تلزم بتقديم التنازل تلو التنازل منا، دون ثمن او تنازل من النظام؟
المراقب لمسلكية النظام كل يوم، هو خلق وترسيخ واقع، لايمكنكم تغييره بعد حين، حتى لو أصبحتم اكثرية، واعطيتم الصلاحيات التي تريدونها، ولكنها حين ذلك، ستكون ادوات خشبية، لا تقطع أو تمنع. والأدهي، والأكثر إيلاماً أنه سيكون بمباركتكم ومن خلال تواقيعكم وعبر مشاركتكم، ولن يمكنكم أن تتنصلوا منه، مهما عملتم. وسيدفع ثمن مشاركتكم- دون صلاحيات- أبناءنا وبناتنا الذين أصبحوا دون مستقبل وبلا أمل.
لازال هناك أمل في تصحيح الواقع، ولازال هناك فرصة للتدارك، فهلا انتهزتموها، قبل أن يقع الفأس في الرأس، ويموت الأمل في تغيير الواقع؟
عبدالجليل السنكيس
البحرين: 4 يناير 2006م
من بعض ما جاء من كلمة الأخ العزيز الشيخ علي سلمان في مسجد الصادق (ع) بالقفول في يوم الجمعة 4/6/2004 (قبل سنة ونصف من اليوم):
"هذه الفضائح بمقياس العمل البرلماني لا يتحملها النواب المنتخبون بقدر ما تتحملها الصلاحيات التي يوفرها دستور 2002 للعنصر المنتخب، وللمجلس المعين، وللسلطة التنفيذية، وآلية العمل في المجلس من خلال إصدار القوانين وحجب الثقة. هذه الأمور ليست عائدة للأداء وإنما لطبيعة الدستور ومن يحكم الحدود والصلاحيات لأطراف العملية السياسية، هذه ليست مسألة فلان أو غيره فأياً كان في المجلس فهذه هي النتيجة، فالمشكلة ليست في النواب على الرغم من نقص الخبرة عندهم وغير ذلك، ولكن المشكلة في هذه النقاط الأربع: صلاحيات العنصر المنتخب، صلاحيات العنصر المعين، صلاحيات الحكومة، وآليات القوانين، هذه هي المشاكل الأساسية التي تعاني منها التجربة.
كان هناك نقاش ووجهات نظر مختلفة، إحدى وجهات النظر هذه كانت تقول بأن هناك مساحة عمل فاستغلوها يا جماعة، استفيدوا من هذه المساحة. ولكن بعد الأداء الحكومي، بعد التصرف الحكومي واستخدام الصلاحيات الممنوحة على لسان الوزير المطوع حيث قال إذا لم تقرءوها فاقرءوها، بعد هذا التعاطي وهذه التجربة الواقعية والنتائج العملية، وصلت إلى مرحلة الكفر بالتجربة فلا أمل فيها أبداً أبداً أبداً"
وهنا لن أضيف كثيراً على ما قاله سماحة الشيخ، فيشاركه هذه القناعة القانونيون، الخبراء الدستوريون، السياسيون المبدئيون، المدافعون عن حقوق حقيقية لهذا الشعب المكابد. فحتى نقيم إمكانية المشاركة في مشروع الشيخ حمد (المجالس البلدية ومجلس نواب الشورى)، فيجب أن ننظر الى توافر الأدوات المتاحة، وهذا ما عمل الشيخ في تلك الخطبية وسلسلة الخطب السابقة لها. فقد قام يتحليل المساحة المتاحة لحركة الأدوات الدستورية المختلفة التي تمكن المنتخب أن يقوم بدوره المطلوب لتحقيق مصالح الشعب.
فهل تغير شيء من 14 فبراير (ذلك اليوم المشئوم في حياة البحرين) 2002م وحتى يومنا هذا، بحيث نعيد النظر في الموقف من هذه المشاريع التي يراد ان تحمي مصلحة النظام والعائلة الخليفية، لا غير؟
أشيروا علي يا سادة، هل تم إحداث تغيير على دستور الشيخ حمد ليتم التنازل، عن بعض الصلاحيات، للعنصر المنتخب؟ هل تم إعطاء تقليص صلاحيات السلطة التنفيذية (بما فيها صلاحيات الشيخ حمد المطلقة) لينتج منها مزيد من التغيير الإيجابي على مستوى ملفات المعاناة العالقة، أم أن السجلات تدلل على تعنت وإصرار على التغييب المقنن للإرادة الحقيقية؟ وأنا لا أتحدث عن وجود موميات في مجلس نواب الشورى، فهذا أمر لم يكن ليغير من النتيجة، كما قال الشيخ. وتوصيف الأستاذ عبدالوهاب حسين، أكثر إيلاما، حين وصف أن الأسود حينما تدخل ذلك القفص، فإنها تصبح فئراناً وتبول عليها الأرانب. فهل نريد أشباحاً مسلوبة الإرادة، وجودها ليس فقط يعطي الشرعية لدستور فرضه الشيخ حمد على الشعب فرضاً دون ان يكون للشعب أي اعتبار، بل يراد لقيادات الشعب المأمول عليها الأمل لمستقبل أفضل، أن تدخل قفص الإذلال وعملياً تُـتقتل وتُغيّب، ليتم تنفيذ الجرائم غير المنتهية، من تشويه التركيبة السكانية وتاريخ وثقافة هذا الشعب، تفقيره وحرمانه من أبسط متطلبات حياة العزة والكرامة.
جاء دستور الشيخ حمد جاء ليحقق أمرين بشكل متواز: صلاحيات مطلقة له ولحكومته، وتضييق وتقييد لمن ينتخبه. عمل الدستور المنفرد ليزيد الفارق والهوة بين صلاحيات الشيخ حمد وحكومته وصلاحيات نواب الشورى. في الفترة السابقة، لم تنقص صلاحيات الحكم المطلق لصالح من ينتخبه أفراد الشعب، كما لم تزد صلاحيات العنصر المنتخب، ولم تخفف القيود عليه. بل، تم زيادة القيود عليه من خلال اللائحة الداخلية التي صاغتها وفصلتها الحكومة بطريقتها الخاصة. أضف الى ذلك، قيود أخرى تم فرضها من خلال التحكم في نوعية وعدد من يدخل لقفص نواب الشورى من خلال رسم ديوان العائلة الخليفية لخريطة الدوائر الإنتخابية.
فما حدى على ما بدى، يا سادة؟ هل تم زيادة الصلاحيات لممثل الشعب، أم تم تخفيف القيود عليهم بحيث تسمح بأداء أفضل؟ كل ذلك لم يحصل، ولا يمكن المغالطة او التضليل في هذا الأمر. أخبرونا ما جدّ وما ترونه ولا نراه، جزاكم الله خير. هل أعطاكم الحاكم وعود، دون ان نعلم؟ هل جاءتكم رؤيا، من أحد أولياءه الصالحين، تلزم بتقديم التنازل تلو التنازل منا، دون ثمن او تنازل من النظام؟
المراقب لمسلكية النظام كل يوم، هو خلق وترسيخ واقع، لايمكنكم تغييره بعد حين، حتى لو أصبحتم اكثرية، واعطيتم الصلاحيات التي تريدونها، ولكنها حين ذلك، ستكون ادوات خشبية، لا تقطع أو تمنع. والأدهي، والأكثر إيلاماً أنه سيكون بمباركتكم ومن خلال تواقيعكم وعبر مشاركتكم، ولن يمكنكم أن تتنصلوا منه، مهما عملتم. وسيدفع ثمن مشاركتكم- دون صلاحيات- أبناءنا وبناتنا الذين أصبحوا دون مستقبل وبلا أمل.
لازال هناك أمل في تصحيح الواقع، ولازال هناك فرصة للتدارك، فهلا انتهزتموها، قبل أن يقع الفأس في الرأس، ويموت الأمل في تغيير الواقع؟