Thursday, January 19, 2006

ساحل كرباباد الآن، تغيير التركيبة البحرية يستمر..


ساحل كرباباد الآن، تغيير التركيبة البحرية يستمر..
السلطة تواصل التخريب، ولا حياة لمن تنادي!
عبدالجليل السنكيس البحرين: 14 يناير 2006م
من الملاحظ هذه الأيام، تراكم الرمال أمام ساحل كرباباد لينذر بوجود مشروعات استثمارية خاصة تحول هذا الساحل من ملكية عامة لكل الناس إلى ملكية خاصة ولمتنفذين. والغريب في الأمر عدم وجود برامج على الأرض تمنع مواصلة برامج تحويل الأراضي العامة والسواحل والجزر الى ملكيات خاصة، يحميها "القانون". وبالتالي، فالناس الذين يذهبون كل يوم للتمتع بالواجهة البحرية، أو حتى أولئك الذين يقتاتون على البحر من تلك المنطقة، هم خارجون على القانون، ومعتدون على الملكية الخاصة! وهذا، ما اعتقد السبب وراء عدم صدور أصوات، وإن أصبحت ظاهرة حتى خارج مجلس نواب الشورى. فالقوانين تحمي المتنفذين وتخلق واقعاً يصعب تغييره، إضافة الى عملية التدجين وضعف الهمة لرفض ما يحدث وخلق برامج شعبية إحتجاجية على ذلك.إن برامج التغيير المختلفة على أرض الواقع السكاني والجغرافي والبحري مستمرة، إلا التغيير التشريعي وآلية صناعة القرار. فبرنامج التغيير الديمواغرافي متواصل، ويصرح به النظام وبكل تبجح وصلافة، دون الخوف والحساب لأي ردود فعل شعبية رافضة. وما أدل على ذلك، أن يرسل الجواز والجنسية البحرينية الى المطربة السورية "أصالة" وهي في مخدعها في دبي . أليس في ذلك التصرف، إستهانة بكل المعاني الوطنية والثوابت، وحتى التشريعات التي تم إصدارها دون إرادة ورقابة شعبية؟ دلوني، أين يحدث ذلك وفي أي من بلدان العالم، أن يقوم النظام بارسال الجواز والجنسية لشخص، ليس فقط غير مستوفٍ أو محتاجٍ للجنسية، بل لم يقدم طلب لذلك، ويأتيه كل ذلك هدية "مغازلة وتقرب" على حساب هوية وتركيبة الشعب؟ إن ذلك استخفاف مفرط بالشعب وبالهوية البحرينية، ولا يعبر بصدق عن إحساس ولاء لهذا الوطن او الحفاظ عليه وعلى هويته. لكنه، للأسف الشديد، استهوان لهذا الشعب الطيب واستخفاف به وبقياداته الشعبية ورموزه الوطنية. فهل بقت قطرة من عزة أو كرامة، بعد هذا الحدث المجلجل؟وبشكل موازٍ لتغيير التركيبة السكانية المبرمج، هناك تغييران آخران يسيران بموازاته؛ التركيبة الجغرافية والتركيبة البحرية. أما عن مشروع تخريب التركيبة الجغرافية، فقد بدأ حين قررت السلطة ان تحول البحرين لمملكة خاصة بالعائلة الخليفية، يتاجرون، يملكون، ويهدون ما يريدون منها لمن شاءوا. فمع نهاية عام ‮0002 أصبحت أكثر من 09% من الأراضي‮ ‬العامة في‮ ‬أيد خاصة –حسب تصريح وزارة الاسكان. هذا الرقم يخص أربع جزر هي البحرين أو المنامة، المحرق، وسترة والنبيه صالح. أما عن الجزر الأخرى، فقد ظهر للعيان ملكية كل من جزيرة "جدة"، وجزيرة "أم الصبان" وجزيرة "أم النعسان" لأقطاب العائلة الخليفية: الشيخ خليفة بن سلمان، والشيخ محمد بن سلمان والشيخ حمد بن عيسى بن سلمان، وما خفي أعظم. كما علم بتمليك أمراء الخليج، في الكويت (الشيخ جابر الأحمد الصباح، والشيخ سعد العبدالله السالم الصباح) والسعودية (الامير بندر آل سعود)، لسواحل وبعض القطع البحرية للبحرين في المالكية، ودمستان وغيرها. أما عن الأراضي "البحرية"، فالسباق محموم بين أفراد العائلة "الكبار" لإستملاك القطع البحرية وعرضها للتمليك والإستثمار الدولي. ولأن "دهنا في مكبتنا" كما يقول المثل، فإن السلطة التنفيذية، وبأوامر عليا، اصبحت هي‮ ‬التي‮ ‬تدفن البحر وتعيد شراء ما تدفن بعد أن يتملك تلك الآراضي أفراد العائلة الخليفية وفي مقدمتهم الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة. وتشير الوثائق الى تمليك الشيخ خليفة نفسه، كل الأراضي في شمال البحرين في منطقة "السيف"، حوالي فندق المريديان "راتز كارلتون"، فرضة البحرين وما جاورها، شمال السنابس (بحر السنابس سابقاً) وغيرها. كل هذه الأراضي أصبحت خاصة، ولا يحق لأحد من الأجيال الحالية او القادمة المسائلة فيها أو إستعادتها، خصوصاً بعد بيعها في السوق، وإقامة مشاريع تجارية ضخمة لمستثمرين من داخل البحرين وخارجها (مشروع ابراج اللؤلؤة ومشروع مارينا وست والمشروع السكني‮ ‬حول ملعب الرفاع للجولف ومشروع العرين الصحراوي‮ ‬ومشروع درة البحرين برأس البر ومشروع المرفأ المالي‮ ‬وتوسيز وجزر أمواج والجزر الثلاث مقابل المنطقة الدبلوماسية). أما عن التغيير البحريي أو البيئي، فلقد طالعتنا الصحف على صفحتها الأولى خبر قيام شركة أمريكية على تحديد ثلاثة مواقع لثلاث مدن‮ ‮وأن وزارة شئون البلديات والزراعة ‬تدرس مشروعاً‮ ‬إسكانياً‮ ‬في‮ ‬محمية "فشت العظم"، كما سيتم الشروع في‮ ‬ردم ‮02 ‬كيلومتراً‮ ‬مربعاً‮ ‬في‮ ‬منطقة‮ (‬فشت الجارم‮) ‬لبناء المدينة الشمالية،‮ ‬كما‮ ‬يتم حالياً‮ ‬ردم مناطق واسعة لاقامة المشاريع الخاصة السالفة الذكر. أما عن خليج توبلي الذي تقلص من 25 الى أقل من 7 كيلومتر مربع، بسبب ردمه بعد أن تحوّل لقسائم بحرية خاصة قام أصحابها ببيعها في السوق."يعتبر خليج توبلي‮ ‬من أغنى المناطق البحرية بالثروة السمكية والروبيان والأحياء البحرية الأخرى كما يحتوي‮ على بيئة الأعشاب والطحالب،‮ ‬اضافة الى المسطحات الصخرية وبيئة النباتات الملحية‮. ويوجد بالخليج حالياً‮ ‬أكبر محمية طبيعية لنبات القرم الذي‮ ‬يعد ملجأ هاماً‮ ‬للطيور المهاجرة والطيور البحرية الأخرى النادرة كما‮ ‬يعد هذا النبات الحاضن والحامي‮ ‬لتكاثر صغار الأسماك والروبيان،‮ ‬حيث كان الخليج هو المصدر الرئيس لتزويد البلاد بهذه الثروة البحرية‮" .‬لقد أثـّر ردم البحر بشكل كبير على توافر أسماك عرفت بها البحرين، كالهامور والكنعد وغيرها. فالهامور مثلاً يعيش في الكهوف البحرية والفشوت، وقد تسبب الردم في انحسار هذا النوع من السمك في مناطق قريبة من البحرين الأم، كمنطقة جنوب جزيرة المحرق التي كانت "‬سابقا‮" غنية بسمك الهامور سيما الخور الفاصل بين منطقة‮ "‬حالة بوماهر والحورة" . الخلاصة:حسب البحث الذي قام به أحد الصحفيين في تناوله نهب خليج توبلي أن هناك ‮51 ‬مرسوماً‮ ‬وقراراً‮ ‬لم تستطع أن توقف الردم المتواصل في ذلك الخليج. فلا نواب الشورى، ولا روّاد إدارة حماية البيئة والمدافعين عنها إستطاعوا أن يمنعوا ذلك السرطان. السبب معروف، فالسلطة وأقصد هنا العائلة الخليفية، هي الكل في الكل. فلا نواب بما لهم من صلاحيات مقيدة ومحددة غير الصريخ والصراخ، ولا جمعيات سياسية ببالوناتها وخطبها وخطابها قادرة على إيقاف هذا الزحف الجارف من التخريب الممنهج ذي الإبعاد المختلفة. تخريب سكاني يهدف لمسخ الهوية البحرينية وثقافتها وتاريخها، وتخريب الحدود الجغارفية البحرينية لتصبح أراضي خاصة لغير البحرينيين، وأخيراً تخريب لعناصر البيئة البحرية التي عرفت بها البحرين وعرفها البحرينيون طوال التاريخ. فحتى الروبيان والهامور لم ينجيا.ويبدو أن الهدف البعيد هو مسخ وقتل كل ما هو بحريني او متصل به. التاريخ، والثقافة، والبيئة، والأرض، والبحر، ولم يبق إلا الهواء.
-------------------------
1- مجلة "زهرة الخليج" الإماراتية، 31 ديسمبر 2005م.
2- "شركة استشارية تعمل على تحديد ثلاثة مواقع لثلاث مدن‮،‬ ‮»‬التخطيط‮« ‬تدرس مشروعاً‮ ‬إسكانياً‮ ‬في‮ ‬فشت العظم"، 7 يناير 2006م، جريدة الأيام
3- جريدة الأيام، 19 فبراير 2005م
.4- "القصة الكاملة لهروب هامور حالة بوماهر"، 20 أغسطس 2005م، جريدة الأيام