Sunday, March 26, 2006

الجريمة الكبرى

تسمية الأمور بأسمائها#4:
الجريمة الكبرى

عبدالجليل السنكيس
البحرين: 22 مارس 2006م


كتب - مهند سليمان-الأيام-18 مارس 2006م:



علمت الأيام ان تقرير الشركة الأمريكية الأولي التي تعد المخطط الهيكلي الاستراتيجي للمملكة »سكدمور وينغز أند ميريل« توقعت انتهاء الأزمة الإسكانية في عام 2030 إذا ما تم توفير 720 ألف وحدة سكنية بمعدل 6600 وحدة سكنية سنويا.
وقالت مصادر مطلعة ان التقرير الأولي للوضع الإسكاني في المملكة كشف ان عدد السكان في 2030 سيصل إلى مليون ومائة ألف....
[1]

http://img52.imageshack.us/img52/1258/1832006p1110hz.jpg
وأنا أتصفح جريدة الأيام ليوم السبت بتاريخ 18 مارس لأرى دلالات أكثر وأكثر على توجه السلطة بقيادة الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، كما يفهم من رد الحكومة على توصيات لجنة التجنيس بمجلس شورى النواب
[2]، لتحويل البحرين في نهاية المطاف الى بلد مخلخل السكان، مكون من جنسيات مختلفة، فيه توجه بغيض لمحو غلبة شعب البحرين الحقيقي. هذا الإستقراء الأخير من دراسة تقوم بها شركة أمريكية "لحل الأزمة السكانية" في البحرين.
الحل لم يشير، بطبيعة الحال، الى أصل الأزمة السكانية الناتجة من:
1) سرقة الأراضي العامة والإستحواذ غير الشرعي على جزر البحرين
2) استيراد عشرات الآلاف من المرتزقة، توظيفهم ومنحهم السكن بعد الجنسية.
3) استشراء الفساد المالي والإداري بشكل مهندس ومتغلغل من أعلى لأسفل السلطة.

ويكمن الحل، كما يكشف التقرير المبدئي أعلاه لدراسة باهظة الثمن من أموال الشعب (2.2 مليون دينار بحريني)، في بناء وحدات سكنية، ليس في:
1) الأراضي المسروقة بعد استعادتها للملكية العامة، وما أكثرها،
2) ولا في الجزر المنهوبة بعد أن تعود لملكية الشعب، وما أكبرها،
3) ولا في استعادة بيوت الإسكان التي تم وهبها لمن تم بحرنتهم؛ الذين تم استيرادهم بقصد التغيير الديموغرافي، وهي ليست قليلة، 4) ولا في البناء في الأراضي المتوفرة جنوب البحرين وغربها وشرقها.

وإنما الحل في- حسب التقرير
[3]:
1) استغلال الأراضي الداخلية للعاصمة والقرى (وستوفر 19 ألف وحدة سكنية)
2) المدينة الشمالية التي ستساهم في حل الأزمة عند بناء 14.4 ألف وحدة سكنية
3) الجزر الجديدة التي يعتزم القطاع الخاص بناءها أو الحكومة
4) إنشاء مدينة إسكانية جديدة غرب جسر الشيخ خليفة الجديد ومنطقة عراد، ودفن مساحات كبيرة تكفي لإنشاء 14 ألف وحدة
5) بناء 9.1 ألف وحدة سكنية لمناطق البديع وكرانة وبوقوة
6) بناء 7.6 ألف وحدة في مناطق بندر السيف
7) 800 وحدة سكنية في المنطقة المجاورة لنادي الرفاع للغولف.

يبلغ عدد الوحدات السكنية المقترحة- حسب أعلاه- حوالي 65 ألف وحدة، مما يعني أن الجزر الجديدة التي يعتزم القطاع الخاص والحكومة ستتكفل بالفارق في عدد الوحدات المقترحة من قبل القائمين على الدارسة، وهو 270 ألف وحدة، حتى العام 2030، وهي تمثل مساحة كبيرة، كما يمكن تصوره. ولكن هذا ليس بيت القصيد، مع أن هناك أمور غير واضحة. فالحديث من جانب قيام الحكومة، والقطاع الخاص، ببناء وحدات سكنية. والذي يقرأ التقرير المشار إليه، يفهم بانها لحل أزمة السكن للمواطن. والأرقام تخلط بين ما هو في مناطق محسوبة للمواطن إفتراضاَ، كالمدينة الشمالية، وعراد، والبديع، وكرانة، وبوقوة، في حين أن رقم عدد السكان المتوقع (مليون ومائة في 2030م) لا يميز بين عدد المواطنين من غيرهم، بحيث يطرح حلولا للرقم كله، وليس للمواطنين. مما يؤكد الأخبار التي تؤكد مواصلة السلطة في التوطين واستيراد المجنسين، والتحكم في نسبة عدد المحسوبين على المواطنين من غيرهم.

من جانب آخر، لماذا التركيز على المناطق الشمالية والقرى (عدد الوحدات المخطط لها: 19+14.4+9.1 +7.6= 50.1 ألف وحدة)؟ وهل يظن أهل القرى الشمالية، والتي ظلت ولا زالت المهملة والغائبة عن الخطط العمرانية ورفع مستوى الخدمات والبنية التحتية، أنهم سوف ينالهم سهم من هذه الوحدات؟ أم ان السلطة تصرف ملايين الدنانير (التي تذهب لجيوب المتنفذين من جراء الدفن، والبيع والإستثمار) من أجل أن يستقر المواطن ويزيد من نسله ويعيش بالهناء والرفاه؟

نعم هناك خطة استراتيجية، ولكنها خطيرة جداً، ولا تهدف لرفاه الشعب، بل تدميره. فالمراحل الأولى للإستيراد البحرينيين والمجنسين، تقضي بأن يسكنوا في كانتونات ومستوطنات، كسافرة ووادي السيل-بالقرب من المستشفى العسكري، وحالة أم البيض جنوب سترة، ثم تلاها مناطق ذات كثافة سكانية قليلة من أبناء الشعب من السنة، كالبديع، والجسرة والزلاق وعسكر، ثم الرفاع الشرقي والبسيتين، بعد ذلك بين المواطنين، ولكن في مجمعات بكثافة من أبناء السنة أيضاً، كمدينة حمد والحد وقلالي والمحرق. والخطة التالية هو توطينهم بالقرب، إن لم يكن بين أبناء الشعب الشيعة، وهذا ما يفسر التركيز القادم على بناء وحدات في المناطق الشمالي والقرى، كما سبق.

إن سجل السلطة في السنوات الماضية يقول بعدم وجود خطة لتحسين أوضاع القرى بشكل يعود إيجابا على أهاليها، بل الثابت هو العكس ولست هنا في مجال الشواهد، فلدي ولدى المواطنين الكثير الكثير. إذن، الدفن، والبيع والبناء، هو لشعب مستورد من أصقاع الأرض، من المرتزقة – بكل ما للكلمة من معنى.
بعض الأرقام التي لن تغير من الحقيقة شيء، وإنما تظهر قباحة المخطط:

إذا كان سكان البحرين هذا العام حوالي 710 ألف
[4] (مواطنين وغيرهم) على أن يكون مليون ومائة في العام 2030م أي بفارق 390 ألف، تكون الزيادة السنوية، على اعتبار انها زيادة منتظمة على فترة 25 سنة تقريبا (2005-2030) تكون الزيادة السنوية 15ألف و 600 نسمة. فكيف تكون هذه الزيادة ومن أين تأتي؟

فبحسب اللقاء الذي تم مع الدكتور حسين المهدي في مجلة عمان إكونيمك رفيو (Oman Economic Review) بخصوص سوق العمل في البحرين
[5]، ذكر بانه من احصائيات العام 1991م وحتى احصائيات العام 2004م، هناك زيادة في نسبة غير البحرينيين الى البحرينيين بفارق 10% (غير البحرينيين 47%، البحرينيين 37%).

فإذا كان نصف سكان البحرين، يعيش تحت خط الحرمان الموجه، كما بينه تقرير الفقر الذي أعده مركز البحرين لحقوق الإنسان
[6]، وفي ظل شحة الأراضي وغلاءها الفاحش الذي تمنع نخبة الطبقة الوسطى المنتعشة من شراءها، ناهيك عن الطبقة الكبيرة المحرومة، وفي ظل الدخل المتدني، وغلاء المعيشة وقائمة طلبات الإسكان التي تتجاوز 40ألف طلب، تعود للعام 1992م، فلا يمكن بأي حال من الأحوال تصور أن البحرينيين في وضعهم الإقتصادي والإجتماعي الحالي يجدون الملائمة للزواج والإستقرار والإنتاج، بحيث يزيد عددهم للرقم المنشود. الأمر الآخر، وبحسب ما جاء في مقابلة د. المهدي أعلاه، كيف يزدادعدد غير البحريني، بينما يقل عدد البحرينيين، وهو أمر لا يمكن ان يتحقق إلا في ظل منهجية التفقير، وإضعاف الوضع الإقتصادي الذي يقلب المعادلة بين البحريني وغير البحريني.

من جانب آخر، هل يشك أحد في أن رفض السلطة لإعادة رسم الدوائر الإنتخابية، مبني على أساس ان التوزيع العادل للدوائر سوف يفضي الى بروز الرقم الحقيقي للمحسوبين على البحرينيين المطالبين بحقوق الشعب ومحاسبة السلطة على ما جنته من سرقة وتضييع لثروات البحرين؟ إذن فأفضل طريقة للتغلب على هذا الأمر- حسب وجهة نظر السلطة، هو الثبات على التوزيع الحالي للدوائر وممانعة أي طلب للتغيير، مع زيادة وتيرة مخطط التجنيس والتوطين، إلى أن تنقلب المعادلة. وما تصريح المحامي عبدالله هاشم، في العام الماضي، بخصوص التعديل في الدوائر الإنتخابية، بحيث لا يكون هناك تغيير قبل العام 2010م، أي بعد خمس سنوات من الآن تقريبا، إلا تأكيد على وجود واستمرار هذا المخطط التخريبي. ولاأعتقد بأن ذلك التصريح كان للإستهلاك الإعلامي او السياسي، وإنما تعبير عن معلومات أكيدة بسير عملية استيراد البحرينيين، وانهم (العائلة والمستفيدين من وراء عملية الإستيراد-التغيير الديموغرافي) بذلك التاريخ (أي العام 2010م) سوف يطمئون بان أي عملية تغيير للدوائر الإنتخابية، بأي صيغة كانت، سوف تضمن حصولهم على العدد المطلوب للموالاة الكافية لضمان سير عملية الحكم بنفس الصورة السابقة، بل أسوأ.
[8])، والتبني والتشجيع الرسمي للتوطين (كما يوضحه تعميم وكيل وزراة الداخلية)، وفتح الباب على مصراعيه لتسهيل تجنيس وبحرنة الخليجيين، والأخبار المتواترة عن استنفار قوى جهاز الهجرة والجوازات بالتعاون مع الديوان، وأخيراً ملامح مشروع يدعي مناهضة الأزمة السكانية، وهو مشروع فساد مركب وتمويه. يستنزف خيرات وموارد البحرين من جهة، ويمهد الأرضية لمشروع التخريب الخبيث الذي يقوده بخطى حثيثة ومتسارعة الديوان ويهدف لأن لا يكون فيه للبحرينيين الأصليين وأبناءهم (هؤلاء من هم أو أصولهم موجودون قبل حل المجلس الوطني وغياب السلطة التشريعية في أغسطس من العام 1975م) موطئ قدم او تاريخ يرتبطون به. ولا أرى مصيبة أكبر من هذه.

فلا الأزمة الدستورية وتغييب التشريع، ولا أزمة الفقر والسكن، ولا الإستحواذ على السواحل، بأكثر خطورة من هذا الملف. فكل تلك الملفات يمكن استدراكها وتصحيحها، بصورة أو أخرى. أما تغيير التركيبة وخلخلتها، بل تشويهها، لتصبح واقعاً يصعب، إن لم نقل يستحيل تغييره بعد تسرطنه. وعليه، على جميع القوى الخيرة في هذا البلد- سنته وشيعته- أن يهبوا لإستنقاذ البحرين وتاريخها من عملية المسخ، والتشويه التي يسعى هذا المشروع التدميري لإحداثها. وإنه أمرٌ لو تعلمون عظيم.

لابد أن يكون تركيز المعارضة في الفترة القادمة على هذه الجريمة، والتعالي عن المشاريع الجانبية التي أثبتت الأيام بانها لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا ترجع حقاً أو تذهب باطلاً. لقد دعونا سابقاً لتكوين هيئة وطنية لمناهضة التغيير الديموغرافي في البحرين، وها نحن نعيد نطلق هذه الدعوة مرة أخرى، عسى أن ترى النور، ويتم مواجهة الجريمة الكبري في هذا البلد العزيز.

اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد على ما يصنع الحاكم بهذا البلد وأهله وتاريخه، وإنا لمحتسبون إليك، ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. أشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمد (ص) عبده ورسوله، وإليه أنيب.


*******
الوصلات لسلسلة تسمية الأمور بأسماءها:

الحلقة الأولى:
http://70.84.12.173/showthread.php?t=125494

الحلقة الثانية:
http://70.84.12.173/showthread.php?t=125872

الحلقة الثالثة:
http://70.84.12.173/showthread.php?t=126896


[1] http://www.alayam.com/ArticleDetail.asp?CategoryId=1&ArticleId=199987
[2] الحكومة تبلغ مجلس النواب مجموعة من القرارات الهامة: قانون متطور للجنسية، جريدة أخبار الخليج – 18 مارس 2005م
[3] المصدر السابق
[4] http://www.state.gov/g/drl/rls/hrrpt/2005/61686.htm
[5] ‘Reforms aimed at correcting market anomalies’ http://www.oeronline.com/php/2006_march/cover1.php
[6] تقرير "الفقر والحقوق الاقتصادية في البحرين: أزمات متفاقمة تهدد الاستقرار السياسي والاجتماعي"، مركز البحرين لحقوق الانسان، سبتمبر 2004
[7] http://www.alwatannews.net/default.asp?action=article&id=1108 تعديل »الجنسية« يجيز للخليجيين التجنس بعد 3 سنوات[الأولى - 07/03/2006]
[8] الصفحة الأولى جريدة "الأيام" بتاريخ 30 أبريل 2004م http://www.alayam.com/ArticleDetail.asp?CategoryId=1&ArticleId=145109