Saturday, March 18, 2006

عــريـن الـفـئـران

عندما تضيع البوصلة#4:
عــريـن الـفـئـران
عبدالجليل السنكيس
البحرين: 16 مارس 2006م

"الأسود إذا دخلوا إلى البرلمان.. القفص فسوف تبول عليهم الأرانب وتحاصرهم الفئران"
الأستاذ عبدالوهاب حسين

هذا كان تعبير الأستاذ عبدالوهاب حسين، وليس المقصود الإنتقاص من أحد، ولكنه يعبر عن توصيف قدرة الأفراد، حينما يدخلوا مجلس نواب الشورى الذي فصله دستور الشيخ حمد لينال من قدرة وشخصية من يدخله، فيتحول من سيد الى عبد يطيع الأوامر، ومن أسد جسور الى شخصية مسلـّمة مسالمة لاتستطيع أن تدفع عن نفسها، أذى وخروج الحيوانات الأخرى- حسب التعبير- وهو تعبير في دلالة على الذل والهوان. هذا ما أفهمه من تعبير الأستاذ العزيز أبي حسين.

فما قصة الأسود والفئران؟

أذكر يوم كنا صغاراً يعرض في أفلام الكارتون والكاريكاتير كيف أن قطاً قبض على فأر بغية أكله، فترجى الفأر من القط أن لا يأكله ولا يعجل فيندم، فإن له- أي الفأر- فائدة كبرى، قد تصل لإنقاذ حياة القط، عند ما تشتد الأزمة، ويقع القط في ورطة. وأقنع الفأر القط بأن يروي له تجربته مع الأسد الجسور، وكيف أنه تمكن من إنقاذه.

وقام الفأر بسرد قصته مع الأسد، حيث أن الأخير، وقع في شباك وأسر صياد حاذق في يوم من الأيام. فلما رأى الفأر الأسد وهو يزأر زأراً شديداً مزلزلاً، دون حول ولا قوة، اقترب منه شيئاً فشيئاً، على مرآى من الأسد الذي هدأ لينظر كيف يعمل الفأر على تقطيع أحبال الشباك. أستطاع الأسد، حسب رواية الفأر، أن ينفذ من الفتحة التي عملها الفأر، فانطلق هارباً، بعد أن شكره، وأخبره بأنه مدين له بحياته في المستقبل، وما عليه إلا مناداته، كلما احتاج إليه.

تأثر القط من موقف الفار وتعاطف معه، وبكى واعتذر، واطلق سراح الفار. انطلق الفأر، وهو يقول له بتبجح، تمكنت منك يا غبي. فغضب القط وذهب ينطلق وراء الفأر مرة أخرى، ولم يستطع أن يصطاده مرة أخرى. وتبين أن قصة الفأر والأسد كانت مفبركة من الفأر ليقنع القط بأن يخلي سبيله، وقد نجح في ذلك.

العبرة من القصة:
1) ان الأسد إذا وقع في شباك الصياد، فلا يفيده الزئير، وسيضطر لسؤال الفأر الصغير، لكي يعينه للخروج من الشباك، حيث أن بقاءه فيها كل معاني الذل والمهانة، التي تضطره لمعونة الفئران ومساعدتهم.
2) إن قوة الأسد ذات اعتبار ما دام خارج الشبك وخارج الجدران، ومتى ما داخل فيها، فلا يستطيع الإدعاء بأنه أسدي-توصيف ونسبة الى أسد- ولا فرق بينه وبين الفئران. فالأسودية ليست بالزئير، وليس كل من زأر أسد. وأنما من استطاع أن يكون حراً في مواقفه، وعلاقاته، دون ان يكون في حاجة لأحد، بل يحتاج الآخرون له. الأسد هو من ساد موقفه ليقتدي به الآخرون ويفرضه عليهم.
3) قد يتصور الفأر أنه أسد، حينما يرى ان هناك من يهتم به، ولموقفه، بل ويستعين به، كما استعان أسد الغابة الذي أمسكت به شباك الصياد. والمشكلة الطامة ليست في الفأر، فلن يغير مكره وخداعه في واقع حجمه وقدراته، ولكن عندما تعبر الأسود عن حاجتها للفئران ويبدأ التعامل معهم على منطق القدرة الأسودية في القوة والتغيير، بحيث تصدق الفئران وتعتقد بانها أصبحت أسوداً في عرينهم.
4) لا يغير طبيعة جحر الفئران عندما تدخله الأسود، بل على الأخيرة أن تغير من مسلكيتها وهي في ذلك الجحر. كما لايمكن أن تصبح الفئران أسود لمجرد دخولها ما تعتقد انه عرين.

وفي نهاية المطاف،
يعتقد المشاركون في المجالس المفرزة من دستور الشيخ حمد للعام 2002م بانهم أصبحوا أسوداً تزأر، ولهذا تعلي صوتها، ووصلت لحد المطالبة باستقالة الحكومة!!! ولكنها في واقع الأمر، فئران تحلم بأنها أسوداً في عرين.

من جانب آخر، يعتقد المتسارعون لدخول تلك المجالس- الجحور، بانهم سيكونون أسوداً فيها. في حين إن الأسود، سوف تصبح فئراناً، حين ترضى أن تعيش فيها، فلا يمكن أن تقبل الجحور غير الفئران.

مع جل الإحترام، فإنه لا يمكن تفسير ذلك إلا بضياع البوصلة التي اوصلت الأسود للجحور، ويا لبئسها من جحور، وأقنعتهم –أي البوصلة- بانهم دخلوا عرين، ليتضح بأنه عرين الفئران. ويا لأسفي.