Sunday, April 16, 2006

إننا في الأثر، فهل من مذكر؟


حلقات مخطط التغييب باسم القانون والدين:


إننا في الأثر، فهل من مذكر؟

عبدالجليل السنكيس
البحرين:12 أبريل 2006م

اطلعت على البحث الخطير للدكتور سعيد الشهابي، "محو الآثار الاسلامية في السعودية بين السياسة والدين" المنشور في جريدة القدس العربي اللندنية في عددها بتاريخ 5 أبريل 2006م حيث سلط الضوء على التوجه المؤدلج لمحو الآثار الإسلامية إبتداءاً بمحاولة هدم قبة قبر الامام الحسين ونهب محتويات الضريح في العام 1816م وانتهاءاً بتفجير مرقد الإمامين العسكريين (ع) بسامراء العراق في العام 2006م.

والأسئلة هي:
هل هذا توجه خاص أم عام يتسلل لأوصال دول المنطقة؟ هل وصل هذا التوجه للبحرين، وما هي دلالاته وما مداه؟ هل تقود هذا التوجه أيادي مرتبطة بالسلطة وما دور الأخيرة في ذلك؟ ما هو الدور المنوط بالقوى الوطنية والإسلامية لمناهضة هذا التوجه والحيلولة دون تولد ردود فعل تأكل الأخضر واليابس، قبل أن يستفحل الداء ونضطر للبتر، بعد ان كانت الفرصة مواتية للعلاج؟ هذه تساؤلات وردت خاطري بعد ان قرأت بحث الدكتور الشهابي، والذي شجعني لتقديم البحث المتواضع أدناه ويعبر عن اسقاطات ذلك البحث على البحرين، والدور الذي تلعبه السلطة بمعية بعض القوى لتغييب هوية شعب البحرين.

سوف أقدم لهذا البحث بعرض أهدافه، ثم أعرضه مفصلاً في حلقات، أتبعها ببعض الإستنتاجات. قد تبدو بعض الأمور معروفة، فقد نجحت السلطة بشكل ما لخلق حالة الرضا بهذا الوضع المزري، ولكن في قراءة متانية وربط المحاور، يتضح بان هذا التوجه إستئصالي ولن يقف عند حد حتى يطمئن بان الجذور التاريخية والمشارب قد ذوت وزالت معتمداً على ما يلي:

1- إشغال أبناء الشعب بقضايا، وإن بدت مهمة، ولكنها لا تمس الجوهر. كما ان المطالبات الشعبية خجولة، لا تسمي الأمور باسماءها، خشية أن توصم بتوصيفات الطائفية- ولنا عند ذلك وقفة مفصلة في نهاية البحث.
2- الإستعانة بخلق الامر الواقع –دي فاكتوDe Facto، المحمي أيضا بالشرعية القانونية- دي جوري De Jury. وعلى المتضرر اللجوء للقضاء أو التعايش مع الوضع وكلاهما لن يحل أصل المشكلة، فلا القضاء نزيه أو منصف، ولا التوافقات منصفة، بل ظالمة لأنها تستند على التنازل عن الحق.
3- إحداث التشطيرات المانعة دون إيجاد موقف موحد بخطة وبرنامج واضحي المعالم تقودهما بوصلة فاعلة. ويندرج تحت هذا المسمى المفهوم الفعلي للتحزب والتوجهات الحزبية التي يسعى أصحابها للتضليل على أي دعوة لمشروع هو حق في أصله، إن لم تكن صادرة من صانعي التوجهات الحزبية. فتنخلق صراعات غير حقيقية، وينشغل الجميع عن الجريمة الكبرى التي نحن بصددها.
4- الإنضمام لمشاريع وهمية لا تستند على التمكين وإنما وهم التمكن، وبالتالي يطول أمد مقاومة المد الإقصائي الذي مهّـد له النظام وخلق له جنوداً يعملون بتلقائية، كما سيتضح من البحث. وصارت هذه المشاريع بوابة لتمرير البرامج الإقصائية، ومحل للبصم.

الهدف الأساس من هذه الدراسة او البحث هو تسليط الضوء على جوانب الخلل والأوضاع غير الصحية التي تعيشها الشريحة الأكبر والغالبية العظمى من شعب البحرين، الشيعة بالتحديد، من أوضاع لم تقتصر على التهميش والتغييب، بل تعدته للإستهداف المنظم من خلال ثقافة يرعاه وينميها البعض داخل وخارج النظام.

الإستقرار، بجميع انواعه السياسي والإقتصادي والإجتماعي، مطلب للجميع. وحتى يتم تأسيسه بشكل صحيح يضمن ديمومته، لابد من معالجة الأوضاع أو "الأخطاء"- ممنهجة أو غير ذلك- بما يسمح لخلق بيئة صحية، تتسم بالتسامح والتفهم والتعاون الجماعي المثمر الذي يهمه المصلحة الوطنية العامة، قادرة على وضع أسس الإستقرار ومانعة من أي تداعي أو تهديد له على المدى القريب والبعيد.

تجدر الإشارة الى أن الغرض من هذا البحث ليس إستثارة أي من الطوائف، او المذاهب، أو الجهات الرسمية أو غير الرسمية. كما يربأ الباحث بنفسه عن التمسك بأي من الأفكار والمفاهيم التي يمكن ان تفسر على أنها دعوة للعصبية والطأفنة. الإيمان راسخ بأن أول خطوات المعالجة هو التشخيص الحقيقي والصادق، وإن كان مؤلماً، ومن ثم وضع الأسس والآليات التي يمكن ان تساهم في معالجة القضية من أبعادها المختلفة. وحتى يمكن تحقيق ذلك، لابد من توافر الصدق والشجاعة والجرأة الضرورية، وتعاون الجميع من أجل المعالجة. يمكن الإشارة هنا الى التجارب الدولية المستندة على الآليات المعتمدة لحلحلة قضايا التمييز والطائفية والتغييب العملي، لتكون موضع استرشاد وإنارة.

سنتعرض لوضع الحرية الدينية للشيعة في البحرين، ومنها الوضع الحقوقي بشكل عام، ثم الوضع التعبدي (أماكن العبادة والمناسك) ويندرج تحته المنع والتضييق في توفير تصاريح بناء اماكن العبادة للشيعة، التساهل في الإهمال/ الهدم/ الإعتداء على اماكن العبادة للشيعة. ياتي بعد ذلك:
• التضييق في التنوير والتعليم الديني ومنها مناهج التربية الدينية والتاريخ
• التثقيف الديني عبر وسائل الإعلام والتي تشمل الجرائد، والإذاعة، والتلفزيون
• منع الكتب الإسلامية الخاصة بالشيعة ويتضمن معارض الكتب، الطباعة الداخلية والطباعة في الخارج
• مراكز التعليم والتنوير والدعوة

وسنتناول كل محور بالدليل والبرهان، واود أن اشير أخيراً الى ان هذا البحث بلا شك سيستثير البعض لأنه يكشف المستور، وستظهر محاولات لحرف القضية، وعليه، دعونا أن لا نسمح لأي نوع من هذه المحاولات التي لا يهمها اظهار الحقيقية (التوصيف) الملزمة لايجاد اجماع حول أهمية المطالب (الدواء). سوف اترككم مع بحث الشهابي أولا حيث ننتقل منه لكشف الحلقة التالية من مخطط التغييب باسم القانون والدين.

"محو الآثار الاسلامية في السعودية بين السياسة والدين"
للدكتور سعيد الشهابي
جريدة القدس العربي اللندنية
تاريخ 5 أبريل 2006م
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=2006\04\04-05\qpt4.htm&storytitle=ffمحو%20الآثار%20الاسلامية%20في%20السعودية%20بين%20السياسة%20والدينfff