مشروع الترانسفير في البحرين
ويبدأ رسمياً التهجير والإحلال
عبدالجليل السنكيس
البحرين: 27 سبتمبر 2006م
لجنة لاختيارالطاقم الوظيفي لمكتب الدوحة بدء تسجيل الراغبين في العمل بقطر[1]
قرر وزير العمل د. مجيد العلوي تشكيل لجنة برئاسة وكيل الوزارة المساعد لشؤون العمل جميل حميدان لاختيار طاقم مكتب توظيف البحرينيين الذي سيفتح في قطر الشهر المقبل.وقال مدير العلاقات العامة والدولية بالوزارة صبـاح الدوسري ان المكتب سيضم مديرا ورئيسا لوحدة التوظيف ومشرف توظيف، وان المسؤولين في قطر سيزودون المكتب بأية كوادر بشرية اخرى يتطلبها عمل المكتب.وأشار الدوسري الى انه بامكان الراغبين بالعمل في قطر، تقديم طلباتهم عن طريق مكاتب التوظيف المنتشرة في المملكة، والتي ستقوم برفعها الى المكتب المختص في قطر.
قطر تجتذب العاطلين.. والموظفين![2]
يبدو أن رغبة المواطنين للعمل في دولة قطر أصبحت قوية، وذلك بعد إعلان وزارة العمل استقبالها لطلبات التوظيف مؤقتا، ريثما يفتتح مكتب توظيف البحرينيين في الدوحة والمتوقع خلال الشهر المقبل
في جرائد اليوم وقبله، أنظر أعلاه، تم الإعلان عن فتح مكتب لتوظيف البحرينيين في دولة قطر، كما تم فتح مكتب مؤقت في وزارة العمل ليقوم بتسجيل الطلبات لحين الإفتتاح الرسمي لمكتب الدوحة. الإتجاه، كما أعلن سابقاً عن توجه لفتح مكتب في الأمارات. تجدر الإشارة الى أن العمالة البحرينية المهاجرة لدول الخليج العربي وغير المسجلة لدى وزارة العمل تراوح عشرات الآلاف. وقد أشارت جريدة الأيام البحرينية بتاريخ 40 أبريل 2004م الى وجود واحد وعشرين(21) ألف بحريني يعملون في دولة الكويت وأرقام مشابهة في قطر والسعودية والإمارات وأقل منها في عمان[3]. وقد يبدو فتح مكاتب في دول الخليج للعمالة البحرينية المهاجرة عملاً متميزاً- كما تحاول السلطة ان تبينه للعالم من خلال برامج الدعاية والتضليل على قضية البطالة والتعطل التي تلعب السلطة بسياساتها الدور الأساس فيه[4]. ولكن هل هذه هي حقيقة الأمور.
وهنا لن أشير الى مشروع "التدريب والتوظيف" الفاشل، لأنه لا توجد قراءة غير ذلك، ولكن أود أن أشير الى إن ما يجري بدعوى التوظيف والبحث عن عمل لتهجير "قسري" لعشرات الآلاف من البحرينيين- الذين لايجدون في بلدهم الوظيفة والمأوى- ، هو برنامجاً يأتي متكاملاً مع برنامج توطين لعشرات الآلاف لغير البحرينيين وتوفير الخدمات لهم من سكن وصحة وتعليم ووظيفة على حساب المواطن. وبالتالي، فإن التهجير الذي تسعى له السلطة يقابله إحلال على جميع المستويات، لتصبح البحرين، أرض بلا شعب وبلا هوية.
لقد حاولت أن أحصل على تجربة مشابهة لما تقوم به السلطات البحرينية من سياسة مزدوجة من توطين وترحيل، فلم أجد غير الكيان الصهيوني الغاصب للقدس. فقد تأسس الكيان الصهيوني على برامج ثلاث:
1. الضغط الإقتصادي على الفلسطينيين ومضايقتهم في وظائفهم، ومزارعهم، ومصانعهم، بحيث يضطروا للهجرة بحثاً عن الرزق في الدول المجاورة، فكانت العمالة المهاجرة الفلسطينية- بالآلاف- في الأردن، ولبنان، وسوريا ودول الخليج.
2. إستيطان ممنهمج من خلال تشجيع وتسهيل وجلب الآلاف من اليهود من جميع انحاء العالم: أوروبا الشرقية وروسيا، أمريكا وأفريقيا، وحتى من بعض الدول العربية، ومنحهم الجنسية وحقوق المواطنة.
3. شراء الأراضي الفلسطينية من قبل يهود في خارج وداخل فلسطين، وتشريع مصادرة الأراضي التي لا يوجد من يطالب بها من أصحابها، وأكثرهم تم تهجيرهم قسرياً أو طواعية.
وهذا ما حدث فعلاً ليخلق واقعاً يراد له أن يسود. ولا عجب أن يطلق على البحرينيين، وأقولها بمرارة وليعذرني أحبتي، ودون الإساءة لأحد "هنود الخليج". فلم يأت هذا العنوان من فراغ. ولم نسمع هذا النعت لأحد غير البحرينيين الشرفاء الذين كل ذنبهم أن السلطة الجائرة قد حرمتهم من كل وسائل العيش الكريم، وأضطرتهم للهجرة بحثاً عن الرزق والعيش الكريم.
وهل سمعنا عن أي من الدول المجاورة أو حتى في أي دولة م دول العالم، غير البحرين، من يهجّـر أبناء الوطن للبحث عن الرزق، في حين يجلب أضعافهم من جنسيات مختلفة ويمنحها ما هو حق للمواطن ؟
وهل سمعنا، في غير البحرين، بوطننة- أي إكسابها الجنسية البحرينية- للوظائف التي يمسكها غير البحرينيين، بمنحهم الجنسية البحرينية، وبالتالي لا داعي لاستبدال غير البحريني بالبحريني، لأنه لم يعد أجنبياً، بل صار مواطناً؟ لقد تم استبدال بحرنة الوظائف الى بحرنة الموظفين، وتم حل إشكال زيادة عدد غير البحرينيين في الوظائف الحكومية. وكلنا يذكر تصريح وزير الداخلية بأن 50% من موظفي وزارته هم من غير البحرينيين[5]. فأي بلد يكون موظفي وزارة داخليته من غير المواطنين، غير البحرين؟ وكيف يهجر البحرينيين بحثاً عن الأعمال ويوزعوا على بلدان الجوار، بينما يوظف غير البحرينيين في هذه الوزراة الحساسة؟ وأي مؤهلات يملكها عشرات الآلاف من موظفي وزارة الداخلية- غير البحرينيين- لا يمكلها ولايمكن توافرها في البحرينيين- أبناء البلد؟
لايمكن أن أفهم ذلك خارج عن مشروع جريمة تغيير التركيبة السكانية، والذي أصبح النظام يتبجح بها ويتعامل بكل صلافة ودون إعتبار لمشاعر أو أدنى إعتبار للبحرينيين. طبعاً حتى تتغير النسبة أعلاها لوزارة الداخلية، لابد من تفعيل مبدأ بحرنة الموظفين فيها، حتى يصبحوا بذلك بحرينيين، وبذا تزداد نسبة البحرنة!!! ولهذا لاحظنا مؤخراً عملية التوطين للألاف من الأسيويين من منتسبي هذه الوزارة، ليؤكد توجه الوزارة المذكور. إن ما يجري من توطين غير البحرينيين، وخلق عمالة بحرينية مهاجرة جريمة لا يمكن السكوت عنها، ولا يمكن فهما خارج إطار لعبة النظام في خلخلة التركيبة لمنع وجود صوت معارض لسياساته الإستيطانية ولبرامج تحويل البحرين لملكية خاصة وملك عضود، وبهذا يتحقق مشروع على البحرين وشعبها السلام ليكونوا فصلا منتهياً من فصول التاريخ.
أين المشاريع التي يتحدث عنها مجلس التنمية الإقتصادية، وأين استفادة البحرينيين من مشاريع الميغا مليون التي نشأت على الأرض وكذلك التي تحيط بسواحل البحرين المنهوبة؟ أليس من المفترض منها أن ترفد شعب البحرين: أين توسيز، ودرة البحرين، وأمواج، المرفأ المالي وغيرها؟ أين الفورميلا 1، أين البنوك والشركات المالية التي تنشأ هنا وهناك؟ أين المشاريع الإنمائية والإسكانية التي تتصدر الجرائد؟ أين البحرينيين منها؟ أين.. وأين؟
الرؤية واضحة في هذا المضمار، وأخشى أن هناك شبكة اخطبوطية تآمرية أخرى تسعى لإفقار شعب البحرين وترحيله لبلدان المنطقة على غرار ما قام به الكيان الصهيوني مع الفلسطينيين من توزيعهم على بلدان الخليج، ولبنان وسوريا والأردن وغيرها، ليصبحوا بلا هوية ولا وطن. شبكة أخرى على غرار ما كشفه تقرير صلاح البندر من تآمر على شعب البحرين من تشطير، وخلق نعرات طائفية وتعزيز لجريمة التغيير الديموغرافي التي يديرها الديوان الملكي.
إذن ما هو المطلوب وما هو دورنا؟
دور القوى المجتمعية:
الخطاب موجه للرموز الوطنية والقوى المجتمعية والنخب بالتعامل بحزم مع مشروع خلق العمالة المهاجرة وعدم تسهيل مشروع الترانسفير الذي أسس له الصهاينة في فلسطلين المغتصبة وهذا هي التجربة تعاد في أرض أوال. إنها صيحات مناشدة وليست خطاباً سياسياً. نعلم بأن هناك ضنكاً ومستوى متدني من المعيشة يعيشه نصف أفراد الشعب بسبب السياسة الموجهة من السلطة، ولهذا لابد من مواجهة ذلك التوجه من خلال الضغط لإيجاد برامج تشجع البحرينيين المحرومين على البقاء وتعزز فيهم روح مقاومة الإغراءات التي سوف تعرضها السلطة من أجل الهجرة.
لابد من أصحاب رؤوس الأموال، والتجار، وأصحاب المشاريع، وذوي المواقع المؤثرة- من علماء ورموز - من العمل على توفير الفرص لتوظيف البحرينيين وتشجيعهم على التمسك بوظائفهم. كما على إدارات الصناديق والمؤسسات الخيرية التفكير بجد لتسخير موجوداتها ومواردها المالية والبشرية لخلق مشاريع ينضوي تحتها العاطلين عن العمل.
أما المؤسسات الأهلية – السياسية والحقوقية- فعليها تعرية هذا التوجه- داخلياً وخارجياً- والدعوة بكل السبل المتاحة لمناهضة هذا المشروع الصهيوني، وعدم التبرير أو إعطاء السلطة أي فرصة لتمريره، مهما كانت الأسباب. فلن يفيد الندم، عندما يستقر عشرات الآلاف من البحرينيين في دول الخليج ويفقدوا ارتباطهم بوطنهم، وتصبح عودتهم له أمر بالغ الصعوبة، وهذا ما يطمح له النظام في نهاية الأمر. فالوقاية خير من العلاج.
دور أفراد الشعب البحريني الأصلي (سنة وشيعة)
أما أفراد الشعب المحرومين، فالحديث معهم أصعب، فهم الضحايا، وليس من السهل أن تلزم الضحايا بتحمل ضريبة سياسة الظالم والمجرم- وهو السلطة. ولكننا نقول الآتي، مخاطبين كل الطيف البحريني- سنته وشيعته.
إن ما جرى على شعب فلسطين ماثل للعيان، وأصبحوا موزرعين على أقطار العالم العربي، يجود عليهم الداني والقاصي، ولكن هذا لا ينفي أنهم غرباء في أوطانهم التي فيها ترعرعوا واليها يحنون.
علينا أن نتدارك الوضع الذي تحاول السلطة أن تخلقه بحيث يصعب تغييره. قد يعطيننا العمل خارج البحرين نوعاً من الأطمئنان، ولكنه شعور غير دقيق. ولا يجب ان تنسوا ما قامت به السلطة عندما أوعزت أيام الانتفاضة لبعض دول الخليج بأن يخفضوا رواتب البحرينيين وان لايجب التعامل معهم مثل مواطني تلك الدول. ولهذا لا يوجد اطمئنان وظيفي مهما صرحت السلطة بذلك.
إن السؤال الذي يطرح نفسه بشدة هو هل هذا هو مستقبلنا؟ أن نظل مشردين، رحلّ كالبدو، ننتقل من مكان لآخر بحثاً عن العيش الكريم، بينما يوزع السلطة خير البلاد على غير أهلها. وأين مستقبل أولادنا الذي يؤسس الآن على أن يكون في أرض غبر الوطن. بالأمس في الكويت، واليوم في قطر، وغداً في الإمارات، ولا ندري أين يكون بعد ذلك، حيث سنعيش غرباء في وطن غير أوطاننا، بينما يتنعم من هو غير بحريني بخيرات وطننا. ألا يعني ذلك قطع الإرتباط بشكل عضوي، ابتداءاً ومن ثم يصبح الوطن بالنسبة لنا مجرد عابرة في حياتنا.
يجب أن نواصل المطالبة في حقنا في العمل الكريم، ولايمكن ان يقنعونا بعدم وجود وظائف شاغرة. فنحن أحق بهذه الوظائف التي تمنح لغير البحرينيين وللموطنين، وهي موجودة في وزارة ودوائر الحكومة قبل غيرها. فلذا يجب الإستمرار في المطالبة والإحتجاج بكل وسائل المقاومة السلمية المتاحة، دون كلل أو تعب. والحل لايكمن في ترحيلنا من بلدنا الذي ترعرنا فيه، بل بمنحنا ما هو حق لنا، في وطننا البحرين.
إن الإستيطان والترحيل هو ما جرى للفلسطينيين وحذار أن نساعد على تكرار المأساة على الشعب البحريني المظلوم. دعونا نرفض بصوت عال، برنامج الترانسفير الصهيوني، ونقول لمن هو وراءه:
إننا نرفض ما تقوم به. إننا متمسكون بهذه الأرض- أوال البحرين: فيها ولدنا، وفيها نعيش وفيها ندفن بإذن الله، وما ضاع حق وراءه مطالب.
[1] http://www.alayam.com/ArticleDetail.asp?CategoryId=1&ArticleId=213053
[2] http://www.alayam.com/ArticleDetail.asp?CategoryId=1&ArticleId=213301
[3] جريدة الأيام- بتاريخ 30 أبريل 2004م – الصفحة الأولى :21 ألف عامل بحريني في الكويت.. التأمين الإلزامي للبحرينيين بالخليج 2006 http://www.alayam.com/ArticleDetail.asp?CategoryId=1&ArticleId=145109
[4] نالت إشادة الوفود- تجربة البحرين لحل مشكلة البطالة أمام مؤتمر العمل الدولية (مشاركة وفد البحرين في الاجتماع الإقليمي الآسيوي الرابع عشر المنعقد في مدينة بوسان في الجمهورية الكورية) http://aaknews.com/arc_Articles.asp?Article=177152&Sn=BNEW&IssueID=10389
[5] «الداخلية»: 50% من موظفي الوزارة بحرينيون- جريدة الوسط – 7 يونيو 2006م http://www.alwasatnews.com/view.asp?tID=101534