Wednesday, December 13, 2006

سلمت يا أبا آلاء: إستراحة مقاتل


سلمت يا آبا آلاء:
إسـتراحـة مـقـاتـل

وصلني بكل حزن وأسف خبر نقلك لإحدى مستشفيات لندن، وتم إجراء عملية قسطرة- توسعة لإحد الشرايين في قلبك. عجبت من قلبك الكبير كيف يصيبه إنسداد وأنت ذو الأريحية وصاحب القلب المفتوح للجميع، من يتفق معاك ومن يختلف، من دينك أو من غير ديدنك. قلبي معك، عزيزي أبا آلاء، وحجم معاناتك التي لا يعلمها إلا خالقك.

أنا على يقين بعدم قدرتك على التوقف عن العطاء والبذل، فهذه هي حياتك منذ شبابك ومنذ عرفتك. وكان لابد أن يتدخل القضاء ليعطي قلبك إستراحة، دون أن تتوقف روحك عن التوقد ومواصلة التفكير بحال الأمة، وما يمكن القيام به. إنها رحمة الباري بك وبنا ليريح قلبك المتعب وجسدك المضني. إنها حقيقة إستراحة مقاتل، لم يلق السلاح ولم يتخل عنه، وإن تخل الرفاق عن أصل القضية. ولو ترك لك الخيار، لواصلت وواصلت وواصلت، دون كلل أو ملل، ومن هنا فإننا ندعو الباري عز وجل أن يلهمك صبر البلاء ويعينك على نفسك، ويردك علينا معافى مشافى، قد إستعدت أنفاسك والتقطت من القوة ما يعينك على إستمرار درب العطاء الذي عرفت به.

نعم سوف تقاتل وإن بقيت لوحدك، في الغربة. تؤنسك أخبار المستضعفين على الظلمة، ويؤذيك إستضعاف أمتك وتهاون البعض في توصيل قضيتها، باليد أو اللسان أو بالقلب. وجدتك واسع الحيلة في الإنتصار لأحبتك وإخوتك، لا تهونهم ولا تهنهم. عطوف عليهم ذو قلب رحيم، لا تبخل عليهم بالعطاء والتوجيه والدعم. رأيتك شرساً على الظلمة والطغاة، لاتغمد سيفك إلا بعد أن ينال منهم مأخذه.

يا أيها البحّـار الذي ظل يبحر ويساير عباب البحار، يقاوم الرياح العاتية والأمواج العالية، فلم تنل من إرادته وصبره، وأمله بالوصول الى أرض الميعاد- أوال. والمقاتل الذي لم ينزل سلاحه وإن ثلم، ولم يسلم للأعداء حتى يتحقق النصر على يده أو أيدي رفاقه الصامدين.

لقد إستعنت بالله وكان سندك، وتوكلت عليه، فكان لطيفاً رحيماً بك، فبحق من خلقك وكونك وأعطاك التفقه والعطاء والبذل والصمود، نسأله أن يسبغ عليك من رحمته المزيد ويلبسك لباس العافية والسلامة في الدين والدنيا، إنه سميع مجيب.

يعز علينا أن نراك طريح الفراش، وأنت الذي لا تعرف إلا معارك الجهاد، ولا يحس بطعم العطاء إلا من خلال إستمزاجها بتوجيهك ونصائحك. منك يستلهم الصمود، وبك ترفع الراية، ومن خلال عطاءك المتميز يتحقق النصر، وإنه آت آت آت، مهما طال الزمان.

كما يعز علينا أن لانكون قريبين منك، وأنت في محنتك، فالله نسأل أن يوصل سلامنا الى روحك الطاهرة الأبية، كما يوصل الطمأنينة والقرار بأن راية العطاء والنضال ستظل خفاقة عالية، فلقد ساهمت – يا أبا آلاء- في غرسها، والعناية بها والصبر عليها حتى ضربت أعماق أرض أوال. إنها ترفرف دائما- تلك الراية- ما دام هناك طلاب حق وحرية، رافعي الرأس والهامة، مثلك أيها الدكتور العزيز يا سعيد الشهابي.

أخوك المحب

عبدالجليل السنكيس
12 ديسمبر 2006م