Tuesday, January 23, 2007

سري للغاية #2: كسر الإرادة بالسمن

سري للغاية#2:
كسر الإرادة
استخدامات "الســمــن" في خطة التآمر
عبدالجليل السنكيس
21 يناير 2007م

"السعي بكل السبل للتأثير عليها. هي غير متزوجة لذلك يجب استغلال رصد الأمن الوطني لعلاقاتها الخاصة في كسر شوكتها.. فهي المسئولة الأولى في القسم الاعلامي تلعب دوراً رئيسياً في تلخيص محتويات الاعلام البحريني ورصد اتجاهات الرأي العام وتقديم معلومات تفصيلية عن شخصيات رسمية وقيادات المجتمع المدني".

أي محاولة لتحسين صورة المشروع الاصلاحي ومسيرة التطورالديمقراطي في البحرين لا فائدة منها (خاصة على المستوى المباشر) إلا في اعتماد تصور واضح لكسب هذه العناصر الثلاثة لجانب عملنا أو التخلص منهم واستنباط الوسائل الكفيلة بتطويعهم. من المهم أولاً جمع معلومات تفصيلية عن هذه الشخصيات يمكن من خلالها اعتماد خطة لكسبهم (مادياً + سياسياً + من خلال شبكة علاقاتهم الاجتماعية ....الخ).

ص. 195 من تقرير مركز الخليج لتنمية الديمقراطية "مواطن": البحرين: 2005-2010، خطة العمل للمنظمة السرية[1]

هذا ما بعض ما جاء في مشروع اختراق جهاز الأمن البحريني التابع لمجلس الدفاع الأعلى للسفارة الأمريكية، في محاولة للتأثير على تقارير الأخيرة الخاصة بالأوضاع في البحرين. ومن ضمن تلك الوسائل جمع معلومات تفصيلية عن الشخصيات التي تعمل في السفارة والعمل على كسبهم، وتطويعهم وتجنيدهم باستخدام المادة أوالسياسة او العلاقات الإجتماعية. وقد أشار التقرير الى نجاح الجهاز الأمني في تجنيد أحدهم، وإبعاد آخر من البلاد- فوزي جوليد ممثل الإن دي آي، والعمل على أخرى لازالت تعمل هناك.
وسوف نستخدم هذا التقديم للدخول في الموضوع، ولكن نحتاج لأن نعرف ما نقصد بالسمن، وإستخداماته.

قد يتساءل ساءل وما دخل الـ"سمن" في خطة التآمر، والرد هو أن السمن وهو عبارة عن "التزييت او التشحيم" يساعد على التغلب على صعوبات الحركة والعوائق كما يعرف الجميع. ولكن، ومع اتفاقنا على هذا المعنى، فماذا نقصد بالسمن وما هي مواطن إستخداماته.
السمن؛ بدون "ال" التعريف هو جمع لأحرف ثلاث هي السين والميم والنون، ونرمز لها على حدة الى

س: سلطة وتتضمن التمكين لحصول الموقع المرموق والسمعة الطيبة والمعرفة المجتمعية. وقد تستخدم وسائل مختلفة للتأثير العكسي على السمعة- النيل من السمعة والسلطة المجتمعية- من قبيل الإشاعات الشخصية الكاذبة والموجهة ضد البعض، والمسجات التي تحوي أكاذيب وإشاعات يقصد بنشرها النيل من سلطة وسمعة بعض النشطاء والسياسيين المعروفين.

م: مال ويتضمن التمكين المادي والجاه وكل ما من شأنه أن يعزز من القدرة المادية للفرد، كما تتضمن الحرمان والمنع والتضييق المادي، وسلب الإمتيازات: البعض سلبت منه أرض من الأسكان كانت قد وهبت له، وذلك عقاباً له لمواقفه التي يعتبرها النظام موجهة ضده.

ن: نساء ويتضمن العلاقات الاجتماعية والأخلاقية والجنس (الرجل بالمرأة والعكس وكذلك العلاقات الشاذة)، وتتضمن الإغراءات الجنسية، والإتصالات والإرتباطات بـ"الجنس الناعم" ومحاولة الإلتقاء بالمستهدفين بعنوان المساعدة والتعاون، ولكنها محاولات التأثير على غرائز أولئك وتشتيت تركيزهم، إن لم يكن الغرض توريطهم بغية تحطيمهم إجتماعياً وإذلالهم.

هذه عناصر ثلاثة تؤثر في الإنسان تأثيراً بالغاً، وقد تسببت في إسقاط كثير من السياسيين وكانت معولا لتحطيم حياة آخرين. ولهذا هي محل دراسة وعناية من قبل العناصر الإستخباراتية- داخل وخارج البحرين- للتحكم والتأثير على مواقف النشطاء والسياسيين وأصحاب المواقع الإجتماعية.

وقد اعتمدت شبكات النظام البحريني السرية التي كشفها مركز الخليج لتنمية الديمقراطية "مواطن" عبر أمينه الدكتور صلاح البندر سواء في تقريره الأول الذي صدر في أغسطس 2006م أو الثاني في الأسبوع الماضي، على هذا الأسلوب وهي ماضية في تفعيله عندما تتحدث عن:

- إختراق مؤسسات المجتمع الأهلي.
- احتواء دعاة المؤسسات الشعبية.
- إعادة تأهيل مناصري المنظمات الدينية.
- تجنيد أعضاء موجودين في تلك المؤسسات، ولكن بالتحكم في ولاءها وعطاءها
- كسر عنفوان وإرادة الشخصيات المؤثرة في تلك المؤسسات، بحيث تتخلى عن مواقفها وتستجيب للإملاءات والأوامر والخطط الموضوعة من الشبكات السرية التآمرية.

ونذكر هنا كيف قامت الأجهزة الأمنية للنظام بحياكة قصة الخادمة ورئيس لجنة ضحايا التعذيب الناشط عبدالرؤوف الشايب حيث شهر به على صفحات الجرائد "الرسمية"، بغية النيل من سمعته. وقد تم تبرأته لاحقاً، وتكرر الاسلوب نفسه مع الشايب في وقت لاحق، مما حدى به لطلب اللجوء السياسي لبريطانيا، الأمر الذي عجل في حصوله على اللجوء السياسي في بريطانيا في وقت قياسي.

أيضاً، نذكر المسجات السيئة التي نشرتها نفس الشبكة التي كشفها البندر في التقرير الأول، واستهدفت الإساءة لسمعة شخصيات ورموز معروفة منها الشيخ علي سلمان والأستاذ حسن المشيمع.

السمن وإستخدامات التقنية:

من ضمن الأمور التي وصلت لعلم كاتب المقال التخطيط من الأجهزة الأمنية البحرينية للنيل من بعض المعارضين الناشطين- بعد فشلهم في النيل منه شخصياًَ عبر فبركة علاقات تتصل ببناته وذلك باستخدام تقنية الفوتوشوب والصوتيات بحيث يتم تكوين صور مخلة بالآداب وتخرج فنياً يعطي الإنطباع بوجود علاقات "غير شريفة" لبناته ومن ثم مساومته ولي ذراعه في قبال التنحي عن الموقف المعارض المزعج والسكوت عما يحدث في البلاد.
نعم، في قبال عدم وجود معايير الشرف والأمانة والصدق، وهي صفات لا تؤهل صاحبها للإنضمام لأي من الأجهزة الأمنية القذرة، فإنها – أي هذه الأجهزة- مستعدة للقيام بأي شيئ في سبيل تحقيق المراد وهو كسر إرادة المستهدف بحيث يتحول الأنسان الحر الى عبدٍ ذليل يؤمر فيطيع ويستجيب. نعلم جميعاً تلك القصصة المؤلمة لكثير من محاولات كسر الإرادة للسجناء السياسيين في داخل السجون باستخدام الوسائل المختلفة منها الإعتداء عليهم جنسياً، والتهديد بالإعتداء على عرض زوجاهم وبناتهم. ولكننا الآن نتحدث عن أسلوب العهد الجديد الذي يعمل كل شيء دون أن يضطر لفتح باب السجون والتعذيب. إنه كسر الإرادة العلني وباستخدام السلطة والمال والنساء.

دروس:
لكل إنسان نقاط ضعف كما له نقاط قوة، وإن من ينشغل في المواقع المتقدمة للتأثير على الرأي العام، بما لا تشتهيه الأنظمة، فإنه سيكون محل إستهداف، يتعدى الإستهداف الجسدي والتصفية، وإن كان ذلك في قمة سلم الوسائل التي لا ترتدع الأجهزة الأمنية في إتباعها. ويجب التذكير في أن هذه الوسائل تبدأ في التفعيل على المستويات الشخصية والاستفراد والإنفراد في اللقاءات بين الشخصيات المستهدفة وتلك المخططة. وعليه وأول درس نستفيد منه بعدم عقد لقاءات فيها قرارات أو ما شابه بين الشخصيات المؤثرة وشخصيات محسوبة على أطراف محددة ومعروفة.
الدرس الثاني هو عدم المركزية في القرار بحيث حتى وإن تم التمكن من فرد في موقع مؤثر، فإن قرار المؤسسة لا يخضع له وحده، وإنما لمجموعة لها نفس المستوى من الصلاحيات. بهذا لا يسهل عملية الإختراق أو التوجيه لقرار المؤسسة كونه خاضعاً لقرار جماعي وليس فردياً.
أما الدرس الثالث، فهو تفعيل مبدأ الشفافية مع القواعد الشعبية وخلق أرضية تمكن وتفعل بشكل حقيقي للرقابة الدورية بالرجوع لمعايير وثوابت متفق عليها- كأنظمة ولوائح وغيرها.
الدرس الأخير، هو تفعيل مجالس الإستشارات المعتبرة والإستفادة من الكوادر الموجودة والإبتعاد عن الإرتجال في القرارات وإقصاء من يعتقد بإختلافه في المتغيرات والمناهج والمتفق في الثوابت والأسس.

رسالة:
هناك استهداف ممنهج للمؤسسات الشعبية والأهلية وكذلك الشخصيات المؤثرة فيها- كما أوضحت الوثائق التي نشرها مركز "مواطن". ولابد من التفكير والتفكر في آليات ردع ومنع الإختراق والإحتواء من قبل الأجهزة الأمنية التي لن تألوا جهداً في استخدام "كل ما يمكن" للتأثير على القرارات ومصادر نشأتها وتنفيذها ما دامت لا تصب في مصلحة النظام.

فالحذر الحذر، اللهم اني بلغت، اللهم فاشهد.
[1] http://www.esnips.com/nsdoc/258fac14-9755-44cf-bc14-d2942ae64c7d