Saturday, September 15, 2007

بيدك لابيد عمر #2: يا ملكا ولست بملك

بيدك لا بيد عمر-2:

يا ملكاً ولست بملك.. العبها صح، يمكن تربح
شعبنا تململ من تسلطكم وسوء إدارتكم لثروات البلد


عبدالجليل السـنـكـيـس

12 سبتمبر 2007م
تقديم:



انقسم التفاعل مع الرسالة الأولى-
الموجهة إلى آخر ملوك الزمان إلى قسمين: الأول، مؤيد وداعم وداعي بالخير، والثاني: السب والتهديد والتحريض على كاتب المقال. أشكر وأقدر تلك الدعوات الصادقة من الأحبة في القسم الأول، ولم يكن يؤثر فينا تلك الزفرات الحاقدة في بعض المواقع الإلكترونية التابعة لدوواين الحكم الثلاثة الذين مثلوا القسم الثاني. كما أن الملاحقات والإستهدافات لأفراد العائلة لن يغيرمن الموقف شيء. إنها تعبر عن حالة اليأس التي يعيشها النظام وأذنابه، وإنها لن تستطيع خنق الكلمة أو وأدها مهما عملوا.

سألني البعض- بتعجب كبير- عن مطلبي وهدفي من وراء الرسالة الأولى، وكنت قد أوضحت فيها ما أريد. وها آنذا أكرره مرة أخرى: هي رسائل تذكير وموعظة صريحة وصادقة للمرسل إليه، بغية أن يبادر "المعني" بإحداث التغيير بيده، قبل أن يـُـفرض عليه من قبل آخرين، حيث أنه ذو علاقات تأثير وتأثر بالجماهير و النخبة. وعليه فقد غيرنا العنوان الأساس لكل حلقات الرسائل من هذا النوع لكي تبدأ بالمثل العربي الأصيل "بيدك لا بيد عمر" للدلالة على أهمية أن يبادر الإنسان بالتغيير قبل أن يفرضه آخرون عليه. نعم لقد بدأنا برأس الدولة لأنه يمتلك كثيراً من مساحات التغيير، كما أنه مسئول عن كثير من مساحات التدهور والتجاوزات في حق المواطنين، وكذلك في معاناتهم، وشقاوتهم وقلقهم على مستقبلهم ومستقبل أجيالهم، وأخطرها مستقبل هذا الوطن الحبيب. نعم، هناك رسائل أخرى لمواقع مسئولة فيما سبق، سوف نحاول، قدر الإمكان تناولها.

ستكون الحلقة الثانية من هذه الرسائل لــ "الشاب" وأمل المستقبل، لخريج الجامعات الأمريكية والبريطانية، والذي يعرف عن البعض بـ"الخريـــج"، وعرفه البعض أيضاً، باسم آخر سوف نعرج عليه لاحقاً. وحتى لا نخلق حاجزاً نفسياً من البداية، سوف نستعمل هذه الأسماء، فيما يناسب، إضافة كونه ملكاَ مستقبلاً - بحسب دستور والده- ما لم يغير الأخير رأيه، ولكنه عنوان غير نافذ إلا بعد رحيل الحاكم الحالي. ولذا سوف نطلق عليه، الملك وليس بملك، تقديراً للدور الذي يمكن أن يلعبه في تغيير الوضع- وضعه ووضع والده وكذلك وضع عائلته، والذي ينعكس بلا شك على وضع البلاد.

أما عن مخاطبتنا له، فترجع للأسباب الآتية:

أولهما توليه الحكم بشكل فعلي في ظل غياب والده -غير الطبيعي أو البروتوكولي- وقد مارس، كنائب لوالده، كل الصلاحيات المنوطة إليه، بما فيها الأوامر "الملكية"، والتعيينات وحتى إصدار المراسيم التي لها قوة القانون.

وثانيهما، كونه "الموعود" بولاية العهد- التي قد تـتـغــير- وهو أمر ليس مستبعد في ظل تفكير العائلة القبلي وفي ظل إبراز وتقديم أبناء الأب من الزوجة غير أم "الشاب". وتغيير ولاية العهد في العائلات القبلية أمر وارد. فقد حدث في تاريخ هذه العائلة من قبل وحدث في قبائل خليجية أخرى، في الكويت وأيضا في قطر.

وثالثها: عودة والده من فترة نقاهة صحية- هي الأولى في حياته، والله –فقط - يعلم إن كانت الأخيرة، ولهذا جاءت رسائلنا له بغية التذكير بالدور الغيبي في تغيير الأمور على غير ما يشتهي ويرغب أصحابها، وفي مقدمتهم الحكام والمسئولين عن مصالح الناس.

ورابعها: التحركات المريبة التي تجري هذه الأيام، والمرتبطة بهذا الشاب، في ظل استمرار الأخبار والإشاعات عن الوضع الصحي لرأس الدولة الحالي، وهو أمر، على ما يبدو، لم يحسم بعد في ظل التكتم الشديد على أخبار "وعكته" الصحية وتداعياتها، واحتمال انها قدر رسمت مستقبله، ومستقبل من ينوبه. نعم، هناك تحركات ذات دلالات على مستوى الموقع المستقبلي للشاب ورئاسة الوزراء. فالشاب خيار أمريكي كما يعلم الجميع، ولن يكن بالسهل تغيير الموقع المرتقب لهذا الشاب في ظل الوضع الحالي ومواقع القوى في البلد والمنطقة.

وآخرها، حلول شهر رمضان المبارك، والذي نعتقد بأنه شهر تغيير، غلق صفحة وفتح أخرى. هي منية شخصية، والأمل بالله وحده، بأن يكون هذا الشهر الفضيل بداية تحول في عقلية وعلاقة العائلة بشعب البحرين. البعض يؤمل بأن يكون الشاب مختلفاً عما سبق من أصوله، ولكن هل هناك مصاديق لهذا الادعاء؟ الوقائع في تناقض ولكننا سوف نحاول ان نسلط الضوء على هذه الجنبة إن أمكن، ولو بشكل مختصر.

نعتقد أن هذه الأمور قد تعـبر عن فرصة ذهبية للمبادرة بالتغيير الحقيقي. فكون "الخريج" أكبر الأولاد وبحكم موقعه في عائلته والسلطات والصلاحيات المنوطة له، فإن الفرصة مواتية لإحداث تغيير على مستوى الوضع الوطني العام.

ولكن قيام "الشاب وأمل المستقبل" بإصدار قرارات تعيينات الحكومة الإلكترونية وبعض من ورد اسمهم وعرفوا بتورطهم بشكل كبير في المؤامرات البندرية التي يقودها الديوان الملكي برئاسة السامري الطائفي، ترسل رسائل سلبية، وتزيد من حالة اليأس في التغيير وتعمق حالة الإحباط المدمر.

وتعتبر هذه الحركة من "الشاب"، "الملك وليس بملك"(حركة الترقيات للبندريين) تكريماً لتلك الشخصيات التي كان من المفترط تنحيتها وتقديمها للعدالة لتورطها في مؤامرات تمس الوطن والمواطنين، وهو أمر لا يمكن أن يغتفر في البلدان الأخرى. كما تدلل على تورط العائلة وإدارتها لشبكة التآمر على الشعب التي يقودها مجلس الدفاع الأعلى الذي يترأسه نيابة عن أبيه أثناء غيابه. هذه الجريمة النكراء في التخطيط وتوفير الدعم المالي والغطاء القانوني والإعلامي لشق الصف الوطني وإثارة الفتنة الطائفية، وخلق بؤر التوتر المجتمعي، لا يمكن أن يقبلها بحريني يحس بارتباطه بالبحرين وترابها العزيز.

إننا نتساءل عن دور هذا الشاب الذي عقد عليه البعض آماله في التغيير وقاموا بالتبشير له، وبقدومه. فأول إنجازاته؛ تكريم من يشارك في التآمر على شعب البحرين، فهل هي تنفيذ لخطة الوالد، وهل يعي الشاب ما يقوم به ؟ إننا نتساءل، ونوجه له هذه الكلمات:

يا ملكاً ولست بملك.. أينك من استهداف هوية البحرين، إن كنت تدعي الإنتماء لها؟

أود أولاُ أن أدعوك للإطلاع على خطابي لوالدكم- إن لم تكن قد اطلعت عليه- والمنشور في المواقع الإلكترونية وكذلك على مدونتي (alsingace.blogspot.com, alsingace.katib.org)، معتقداً بأهمية الوقوف على العبرة والموعظة. فما حدث لوالدكم، لم يكن في حسبان أحد، بما فيه أنتم، فلستم إلا بشراً. فمن يضمن لكم ولوالدكم أن لا تتكرر "الوعكة" مرة أخرى أو أن تعود علاماتها وتداعياتها؟ ومن يضمن لكم أنها لا تكون القاضية، وتفوت والدكم، أو تفوتكم، فرصة تغيير الأوضاع، بما يضمن لكم استمرار الحكم؟!

فبحسب طريقة حكم عائلتكم الظالمة وغير العادلة، المبنية على الهدم لا البناء، وعلى الاستهداف السلبي- لا الإيجابي- لشعب البحرين، فلا ضمان لكم- شخصياً- للمستقبل. وأخاف أن لا يصلكم الحكم، كما حدث للأمير تشارلز ابن ملكة بريطانيا اليزابيث. فقد ولد الأخير عام 1948م- اكبر من والدكم بسنتين- ولا زال ينتظر رحيل والدته ليعتلي عرش بريطانيا. والله وحده يعلم متى يكون ذلك.

ونحن نتساءل:
هل يرضيك- يا أبا عيسى- على البحرين التي ولدت وترعرعت فيها، وولد فيها وترعرع ابنك وجدك عيسى، كما ولد أبوك وجده "سـَمِـيّـك"، وأنت تعلم بتفاصيل ما يحدث للبحرين، أن تتحول لبلد بلا شعب أو هوية، خليط مصطنع من شعوب الأرض، بحيث لا يتميز البحريني الأصيل مما تستورده عائلتك من مرتزقة الأرض؟

تريد عائلتك أن تبدأ تاريخ البحرين العريق بقدومها، وتطمح في أن تخلق شعباً جديداً. معتقدة بذلك ذوبان الهوية البحرينية، وبخلق شعب جديد "موالياً" لكم، لا يعترض على سياساتكم أو مشاريعكم. وتعتقدون بأنكم سوف تضمنون تولد شعب "عقيم" في مطالبه بالحقوق، وأنه لن ينازعكم السلطة والثروة. أؤكد لكم، بان سياساتكم وبرامجكم الإذلالية لن تكون محل رضى أحد، بما فيهم "البحرينيون الجدد".

أنتم محظوظون بشعب مثل الشعب البحراني: مسالم ومتسامح، وينسى من يؤذيه. ويمكنني تنشيط ذاكرتكم بأكثر من مثال، ولكنني لن أذهب بعيداً في التاريخ، كونك صغير السن "نسبياً" وقد تحتج على ذلك. ولكنك كنت متواجداً فترة ميثاق العمل الوطني المشئوم. فلقد تكابر البحرينيون على جراحاتهم وتغافلوا عن معاناتهم وعبروا عن ذلك لوالدك ولك في أكثر من مناسبة. ولكن ذلك لم يكن محل تقدير منكم، للأسف.

فهل ما تقوم به عائلتك ومجلس والدك هو رد جميل ووفاء للشعب المستعد للعطاء والتضحية من أجل البحرين؟

لقد كان أجدادك قطاع طرق، يقتاتون على نهب قوت الآخرين من كلأ وماء، إلى أن قررتم أن تغزون البحرين وتحـتــلـونها. فكانت لكم جنة عدن، فهل يمكن تصور ما تقوم به عائلتك في البحرين- شعباً وأرضا وبحراً؟ إنكم تقتلون شعب البحرين وتذلوه، بل تسعون لمحوه من الوجود، وتحولون أراضيه وبحاره لقطاعٍ خاصٍ يتنافس عليه المستثمرون. فلو كنتَ أحد أفراد الشعب، ولست كذلك، فهل ترضى أن يتم التعامل معك على هذا الأساس، وأن يكون مصيرك نتاج أزمة ثقة تعيشها عائلتك مع الشعب، بحيث تسعى لمحوه من الوجود؟

يا ملكاً ولست بملك، لماذا تسعون لتفقير وإذلال شعب البحرين؟

هل تقبل، وأنت المتصدي للملف الاقتصادي المتأزم في البلاد- كما عينك أبوك- أن يتم تهجير الآلاف من شعب البحرين باسم البحث عن مصدر الرزق وتحسينه، بينما يوظف في وزارات الدولة والمؤسسات الخاصة، من جلبهم ديوان والدكم ومديره سامريه الطائفي البغيظ؟

كيف تبرر فتح مكاتب التوظيف في قطر والإمارات، وكيف تبرر، وأنت المسئول الأول عن تنظيم الاقتصاد وسوق العمل، وجود الآلاف- بل عشرات الآلاف- من العمالة البحرينية المهاجرة في الكويت، والإمارات وعمان وقطر؟ كيف لا، ولا يعطوا الفرصة ليساهموا في بناء ورخاء البلد. في جرائد هذه الأيام ونحن على أبواب المدارس، تصريحات المسئولين عن جلب مئات من غير البحرينيين "الأصليين" لتوظيفهم في مدارس الدولة ليتولوا تربية الأجيال، بينما يجلس المواطنون – خريجوا المعاهد والجامعات- دون عمل. أي مهزلة هذه، وكيف تريدون ان تحققوا الثقة بكم وبسياساتكم؟ بالله عليك، أخبرني كيف؟

هل كنت تتصور أن يهاجر ابنك- عيسى- (لو كان مواطنا عادياً) طلباً للرزق في إحدى دول الخليج- ويكون ضمن ما يسمى بـ"هنود الخليج"- بينما يُـوظف المرتزقة المستوطنين الذين وطـّـنهم ديوان والدك، وغير البحرينيين الذين يتوافدون بالآلاف للعمل في البحرين ومؤسساتها الرسمية؟

هل أعجبك منظر تلك السيدة الفاضلة؟؟؟ التي قضت أياماً في العراء مع ابنتها أمام وزارة الإسكان بحثاً عن السكن والملجأ؟ فهناك الآلاف من البحرينيين والبحرينيات الباحثين عن سكن وملجأ بينما توهب المنازل للمستوطنين حال وصولهم البلاد؟ إنما هي كرامتهم وماء وجههم الذين يمنعهم بأن يعبروا عما يعانونه. ولو كانت لدينا فضائية أمينة وصادقة وقادرة على عكس معاناة المواطنين، لما صدقت بأنك في البحرين، بلد النفط والغاز.

إنك بزيارتك لقرية المقشع في العام 2002م (دعاية لمشروع والدك عائلتك للمشاركة في انتخابات 2002 الصورية) قد رأيت نزراً قليلاً وصورة مبسطة جداً عن معاناة شعب البحرين. ولو "تفرغت" قليلاً بعد سباقات الفورميلا والمشاريع البليونية وتقربت من المواطنين وسمعت منهم بشكل مباشر، لما قر لك قرار، ولما هنأ لك عيش. أعتقد بأنكم، ووالدكم وعائلتكم، تعلمون بهذه المعاناة، ولكنكم وصلتم الى قناعة اللامبالاة، واللاشعور، خصوصاً في ظل التكالب على الإستحواذ على غنائم الارض والبحر قبل أن تنفذ.

بعد عشرات السنين من إدارة البلاد، ومليارات الدنانير من ريع هذه الأرض، كيف تبررون الآتي:

- رداءة الخدمات المقدمة سواء كانت في الأدوية والخدمات الطبية، الكهرباء والإنقطاعات غير الطبيعية الناتجة من سوء البنية التحتية التي نتجت بسبب الفساد والخصصة غير الواعية أو المدركة أو المبالية، والبعيدة عن رقابة الشعب.
- الإرتفاع غير الطبيعي للأسعار بشكل عام والمواد الإستهلاكية بشكل خاص، في ظل عدم وجود دعم لدخل المواطنين وزيادات بحسب الإرتفاع في دخل الدولة الناتج من زيادة ريع النفط، الأمر الذي انعكس على زيادة التضخم، دون تحكم من الدولة.
- عدم قدرة المواطنين على شراء الأراضي بعد فتحها للمستثمرين غير البحرينيين والإرتفاع الفلكي في اسعار الأرض، ناهيك عن شحتها بسبب الفساد وسرقتها، واستحواذ عائلتك على أكثرها، دون وجه حق.
- الأعداد المتكاثرة من البيوت الآيلة للسقوط في جميع مناطق البحرين، من الزلاق، الى كرانة، من البديع الى الحد، ومن الرفاع الشرقي، الى سترة، من المحرق، حتى السنابس. يكاد لا تجد منطقة في البحرين لا يوجد فيها بيت آيل للسقوط بيبب فقر أهله.
- قوائم طلبات الإسكان التي تجاوزت 45 ألف، بحثاًً عن مأوى وسكن، بينما يوهب المستوطنون السكن التي- بحسب النقل- ان بعضها قام بالمتاجرة بها، وعلى المواطنين للأسف الشديد. أين شعار "أرض لكل مواطن" أم أن هذا من شعارات التخدير والضحك على الذقون التي تطلق استسخافاً واستحمارا لهذا اشعب المسكين.
- الإستحواذ على الجزر الطبيعية التي احتلها أبوك وأعمامك. هل سنعلم قريبا انك قد كتبت جزيرة باسمك، ربما حوار؟ ولماذا لا؟!
- الجزر الصناعية التي خلقتها مشاريع تجارية يرجع ريعها لك ولأخوانك من أبيك ولبعض رموز عائلتك. فلم نعد نعرف جغرافية البحرين كما تعلمناها في المدارس. لقد اصبحت ملكاً خاصا لكم تحدها- فقط- الحدود الدولية للدول الجارة (انظر ا
لخارطة الجديدة للبحرين، وأثر الردم والدفن البحري). يأتي ذلك الردم على حساب كل مصالح الثروة البيئية والوطنية الآخرى. أهم ما في الأمر لكم أن

تتكون الثروات الطائلة في وقت قياسي لكم.
أعتقد لهذا انتشر اللقب الشعبي لكم بـ"شـيـخ بـحـر" لارتباطكم بمشاريع استثمارية وعقارية في الأراضي المردومة- والتي ستردم مستقبلا- وإدعاء حصولكم على أسهم كبيرة وعمولات ضخمة من تلك المشاريع. للعلم هذا اللقب انتشر بعد كثرة الحديث عن الردم البحري والمدن الوهمية.

من جانب آخر، كيف تبررون توزيع أراضي وسواحل البحرين على أمراء الخليج، حتى كـأنهم فقراء تتصدقون عليهم، بينما يعيش شعب البحرين الفقر والتجويع والعوز، كثرت فيه صناديق الصدقات على ابناء الشعب وكاننا في إحدى دول افريقيا الفقيرة؟ هل الشيخ جابر الأحمد فقير؟ هل الشيخ سعد الصباح الأحمد فقير؟ هل الشيخ محمد بن راشد فقير؟ وهل وهل وهل؟ القائمة تطول. بأي حق تتصرف عائلتك في البحرين وكانها غنيمة حرب، تهب منها ما تشاء، تحاول استرضاء الأمراء والملوك حتى يفيضوا عليكم مما لديهم؟ أعجب من هذا التصرف الذي ينم عن انفصال تام وعدم ارتباط بالارض. فالذي يحس بانتماءه بالارض، لايفرط فيها، وانما يعمل ذلك من يحس ويؤمن بان لا رابط بينه وبين البحرين.

لقد اقتنع البعض، وبعضهم استبشر خيراً، بينما سال لعاب البعض، حينما اعلنتم توجه بناء المدينة الشمالية. والذي لا يعرف الأمور، يمكن ان يصدق هذه التحركات التي كان ظاهرها خيراً وباطنها فيه العذاب. لم تكن المدينة الشمالية هي المشروع الوحيد الذي وُعدَ به المواطنون. (في الواقع، أعلن عنها لتحقيق مآرب سياسية وتحقيق المزيد من التخدير لأبن هذا البلد الذي تتلاعب به مشاريع الفساد وبدائل السكن العمودي. لقد كانت هناك مدن سكنية في المحرق، والجنوبية، وغيرها، ولكنها كانت برامج استثمارية لرموز الفساد في البلد.

موضوع آخر أريد أن أثيره!

هل تعلم بهجرة العقول البحرينية والطاقات المتميزة من أطباء ومهندسين ومهرة لدول مختلفة من العالم وصلت الولايات المتحدة وكندا؟ لقد تعلموا وسهروا وتميزوا وصار يشار لهم بالبنان، ورفعوا اسم البحرين عالياً، ولكنهم مرغمين على البقاء في المهجر، لأن نظام عائلتك لا يقدرهم، ولا يحتضنهم، بل سعت حكومتكم أن تقتل طاقاتهم وقدراتهم، وحاولت ان تكبتها من خلال تحجيمها وعدم فسح المجال لها. إن سياسة "التطفيش" و"التطنيش" بدت واضحة وصارت محل تندر. ولا أعلم كيف تفسر هذا التوجه، وأنت "الخريج"، وكيف تتعامل معه ومع توجه إيفاد المتميزين من أبناء البحرين ليدرسوا في الجامعات المتميزة- حسب برنامجك لدعم الطلبة المتميزين؟

تتحدث عن ابتعاث المتميزين..
فلن أذهب في النوايا التي يعلمها الله، ولكن بالله عليك، في ظل المسيرة التدميرية للبلد، كيف يمكن ان تتوفر فرص التميز والعطاء للبحرينيين؟ كيف يكتب لبرامج دعم المتميزين ان يكون فرصة حقيقية وبناءة لأبناء البحرين في ظل:
- خصخصة التعليم، واخضاعه للمتاجرة والربح. تدني مستوى التعليم العام وفتح الباب على الغارب للتعليم الخاص، وتميزه على التعليم العام المدوة من الدولة
- شحة الدعم للتعليم العام، وتدني كفاءته، مع برامج جلب المرتزقة وتكثيرهم وتمكينهم من المؤسسات التعليمية وغيرها
- خضوع التعليم لمنهجية المحاصصة والتمييز الطائفي والولاءات، والتقسيم المبني على المذهب والولاء.
- ضيق الوضع الإقتصادي الذي خلق قناعة عند الشباب البحريني بعدم جدوائية التعلم في ظل سياسة التمييز الطائفي والإلغاء.
- سياسة تجهيل وتفقير "أبناء الملحة" الذين لا ذنب لهم، سوى انهم ليسوا أبناء دم أزرق أو "عيال الشيوخ" أو عبيدهم
- طوابير العاطلين من المتعلمين التي تلاقي آذاناً صماء وتعنتراً من حكومتكم.

إن اليأس والحنق الذي بدأ يدب في أبناء الشعب، وخصوصاً الشباب منهم، لهو نذير شؤم، وأخاف أنكم لا تقدروا حجم المعاناة التي يقاسيها ويجترها - كل يوم وكل ساعة- الشباب البحريني الذي بدأ يفقد الأمل في الوجود والرغبة في مواصلة الحياة في ظل سياسة الإبادة الممنهجة التي يتبعها حكمكم. وصدقني، لا يوجد قنبلة موقوتة أشد ضراوة من هذه المكونة من جيل الشباب الذي فقد مستقبله في حاضره.

كلامي يطول ولو شئت كتبت منه أسفاراً، ولكنني أعدك بأنني في أسطري الأخيرة انهي رسالتي.

أتوقع أن تكون أيها الشاب خياراً أمريكياً، ولا أعتقد بأن هناك رغبة لتولي عمك موقع أبيك. فلقد فات زمانه ( ولنا معه وقفة أخرى)، فقد كان – عمك- حاكم البلاد الفعلي إبان تولي جدك، وبإمكانه أن يفكر ان يلعب الدور نفسه، ولكن ذلك لم يعد مقبولاً خصوصاً مع وجود الرغبة الدولية في أن تتغير بعض الوجوه، علها تساهم - حسب ما يعتقدون- في حلحلة الأزمة العضال والتأزم القائم بين عائلتكم والشعب.

أقول بأن ذلك ليس مضموناً 100%، فالتجاذبات ومصالح القوى الدولية ترتضي أن يستقر وضع البحرين، الذي يعتبره البعض بركاناً دائماً لم يستقر، منذ أكثر من قرنين- وسوف تصل المرحلة، في ظل تراخيكم وتجاهلكم لمطالب الشعب، التي لن يضمن فيه خيار أحد مهما كان، ويكون حينه الثمن غالياً، أكثر مما تتصور.

وأخيراً أقول، برغم الإستثمارات التي تخوض فيها- باسمك او اسم شركات تمثلك- فإن استثمارك الحقيقي هو أبناء الشعب. ولا أحتاج أن أذكرك بصدام، الذي كان في يوم من الأيام رهان وممثل ويداً للقوى الدولية، ولكنها انقلبت عليه وتسببت في قتله وقتل نسله- ابنيه عدي وقصي- عندما استدعت المصلحة الدولية ذلك. فأقول لك لا تطمئن للدعم الخارجي حين تكون فاقداً للدعم الشعبي.

مطلوب منك ان تثبت ولائك لهذا الشعب وهذه الأرض. مطلوب منك أن تقدم مصلحة الشعب فوق المصالحة الشخصية. مطلوب منك أن تعمل الصح (الصحيح) حتى تربح. إنه بيدك لا بيد غيرك، فاختر ايهما تشاء، قبل فوات الأوان، فقد تكون آخر ملوك الزمان
.