Wednesday, October 03, 2007

تراجع الطبقة الوسطى في البحرين-1


تراجع الطبقة الوسطى في‮ ‬البحرين‮ »١«
إبراهيم شريف
في‮ ‬دراستها في‮ ‬نهاية عام ‮٣٠٠٢ ‬استنتجت شركة مكنزي،‮ ‬أحد أعرق بيوت الخبرة العالمية التي‮ ‬تعاقدت معها حكومة البحرين لدراسة سوق العمل ووضع خطة لإصلاحه،‮ ‬بأن متوسط الأجر انخفض في‮ ‬القطاع الخاص ‮٩١‬٪‮ ‬بين عامي‮ ٠٩٩١ ‬و‮٢٠٠٢‬،‮ ‬من ‮٠٢٤ ‬دينارا إلى ‮٢٥٣ ‬دينارا‮.‬
إن متوسط الأجر الحقيقي،‮ ‬أي‮ ‬بعد احتساب تضخم الأسعار الذي‮ ‬نعتقد بأنه‮ ‬يزيد كثيرا عن الأرقام الحكومية،‮ ‬قد استمر في‮ ‬الانخفاض في‮ ‬القطاع الخاص خلال سنوات الطفرة النفطية حتى نهاية عام ‮٥٠٠٢ ‬قبل أن‮ ‬يتحسن بعض الشيء في‮ ‬عام ‮٦٠٠٢ ‬و‮٧٠٠٢. ‬ولا تتوفر المعلومات حول أسباب الزيادة الكبيرة نسبيا في‮ ‬أجور القطاع الخاص في‮ ‬عام ‮٦٠٠٢ ‬التي‮ ‬تظهرها الأرقام الصادرة عن الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية،‮ ‬إلا أنه من المحتمل بأنها كانت بسبب زيادات الرواتب في‮ ‬بعض الشركات الكبرى وخاصة الحكومية‮ »‬التي‮ ‬لا‮ ‬ينطبق عليها مصطلح القطاع الخاص‮«‬،‮ ‬بالإضافة لاستهداف وزارة العمل ‮٠٠٢ ‬دينار كحد أدنى للأجر‮.‬في‮ ‬الوضع الطبيعي،‮ ‬عندما‮ ‬ينمو الاقتصاد بشكل متسارع تتحسن الأجور في‮ ‬أغلب القطاعات الاقتصادية،‮ ‬أي‮ ‬أن المد الاقتصادي‮ ‬يتبعه ارتفاع أغلب السفن‮ »‬أي‮ ‬الأجور‮« ‬بحيث تستفيد جميع الطبقات الاجتماعية من هذا التوسع الاقتصادي‮. ‬خلال الأعوام ‮٠٠٠٢ ‬إلى ‮٦٠٠٢ ‬ارتفعت نسبة النمو السنوي‮ ‬وسجلت رقما قياسيا في‮ ‬عام ‮٥٠٠٢ ‬بلغ‮ ٨.٧‬٪‮.
‬ورغم أن الاقتصاد الأمريكي‮ ‬نما بسرعة تعادل نصف سرعة نمو الاقتصاد البحريني‮ ‬فإن الأجر الحقيقي‮ ‬زاد في‮ ‬السنوات الماضية بينما تراجع الأجر في‮ ‬البحرين في‮ ‬القطاع الخاص‮ »‬ما عدا عام ‮٦٠٠٢« ‬بعد احتساب معدل التضخم وذلك حسبما تبينه إحصاءات التأمينات الاجتماعية حول متوسط الأجر‮.‬حساب معدل التضخم في‮ ‬الأسعار مهم للغاية لمعرفة ما إذا أدت الزيادات المتواضعة في‮ ‬الرواتب والأجور وخاصة في‮ ‬القطاع الخاص إلى تحسن مستوى المعيشة أم أن هذا المستوى انخفض بسبب زيادة الأسعار أسرع من زيادة الرواتب‮.‬تشير الأرقام الحكومية الواردة في‮ ‬كتيب المؤشرات الاقتصادية الصادر عن البنك المركزي‮ ‬في‮ ‬يونيو المنصرم بأن معدل التضخم السنوي‮ ‬لعام ‮٦٠٠٢ ‬بلغ‮ ١.٢‬٪‮ ‬في‮ ‬عام ‮٦٠٠٢ ‬بعد أن سجل ‮٦.٢‬٪‮ ‬في‮ ‬العام السابق‮.
‬وقد سبق أن كتبت في‮ ‬الربع الأول من هذا العام في‮ ‬صحيفة‮ »‬الأيام‮« ‬مجموعة مقالات قمت فيها بمحاولة للتعرف على حجم الضغوط التضخمية في‮ ‬الاقتصاد البحريني‮. ‬وفي‮ ‬رأيي‮ ‬فإنه‮ ‬يبدو ممكنا بأن أسعار البضائع المستوردة قد ارتفعت ‮٧‬٪‮ ‬خلال العام الماضي‮ ‬بسبب هبوط أسعار الدينار مقابل أسعار عملات شركائنا التجاريين وكذك ارتفاعها بفعل التضخم في‮ ‬بلد المنشأ‮. ‬وحيث أن أسعار الأراضي‮ ‬والبناء وإيجار السكن والسفر،‮ ‬وهي‮ ‬تشكل جزءا هاما من كلفة المعيشة،‮ ‬قد ارتفعت بسرعة أكبر‮- ‬وهو الأمر الذي‮ ‬يؤكده سماسرة العقارات ولمسه المسافرون في‮ ‬أسعار تذاكر السفر بسبب علاوة زيادة كلفة الوقود‮ - ‬فقد كان من الصعب قبول أرقام الجهاز المركزي‮ ‬للمعلومات حول نسب التضخم في‮ ‬الأعوام الماضية‮. ‬وقد‮ ‬يكون السبب في‮ ‬أن الرقم الذي‮ ‬تؤكده الحكومة لا‮ ‬يعكس ما‮ ‬يحس به المواطن من زيادة اسعار السلع والخدمات ناشئ عن أخطاء في‮ ‬مكونات السلة الغذائية والخدمية لنفقات الأسرة التي‮ ‬يعتمدها الجهاز المركزي‮ ‬للمعلومات‮. ‬وقد تكون هناك أسباب سياسية ربما دفعت بإتجاه تقليل نسبة التضخم،‮ ‬فالحكومة تستطيع تجنب المساءلة النيابية وربما الشعبية ما دامت تبدو‮ »‬مسيطرة‮« ‬على التضخم في‮ ‬حدود لا تزيد كثيرا عن ‮٢‬٪‮ ‬وهو رقم‮ ‬يقل عن المتوسط العالمي‮. ‬ومن المتوقع أن تستمر الأسعار في‮ ‬الارتفاع بسرعة كبيرة نسبيا بسبب ضعف الدولار أمام العملات الدولية وارتباط العملة البحرينية بالدولار المنهار‮.
‬فمنذ بداية هذا العام فقد الدولار حوالي‮ ٥‬٪‮ ‬من قيمته أمام عملات أهم شركائنا التجاريين خارج منطقة الخليج‮ » ٦‬٪‮ ‬أمام اليورو،‮ ٢‬٪‮ ‬مقابل الجنيه الاسترليني،‮ ٤‬٪‮ ‬أمام الين،‮ ٨‬٪‮ ‬مقابل الدولار الاسترالي،‮ ٤‬٪‮ ‬أمام اليوان الصيني‮«.
‬ما هي‮ ‬الطبقة الوسطى؟ تعريفنا للطبقة الوسطى هو تعريف مبسط‮ ‬يستند إلى معدل الدخل وليس إلى تصنيفات سوسيولوجية مهمة هي‮ ‬الأخرى ولكن في‮ ‬غير هذا الموقع‮. ‬يمكن تعريف الأسرة من الطبقة الوسطى في‮ ‬المجتمعات الحديثة على أنها الأسرة التي‮ ‬تستطيع أن توفر لها من الدخل ما‮ ‬يكفي‮ ‬لتغطية حاجاتها الأساسية من أكل وملبس وخدمات صحية وتعليمية جيدة بالإضافة لحاجاتها الترفيهية مثل السفر والسياحة وفائضا رأسماليا‮ ‬يكفيها لدفع أقساط تملك منزل على مدى ‮٠٢ ‬إلى ‮٠٣ ‬عاما‮. ‬فما هي‮ ‬نسبة الأسر البحرينية التي‮ ‬ينطبق عليها مثل هذا التعريف؟‮.. ‬يتبع‮.‬