Wednesday, October 03, 2007

تراجع الطبقة الوسطى في البحرين-3


تراجع الطبقة الوسطى في‮ ‬البحرين‮ »٣«‬
إبراهيم شريف


قارنت في‮ ‬الحلقة السابقة كلفة شراء مسكن لأبناء الطبقة الوسطى في‮ ‬كل من الولايات المتحدة والبحرين،‮ ‬ووصلت إلى نتيجة أن من‮ ‬يحصل على متوسط دخل في‮ ‬أمريكا‮ ‬يستطيع شراء منزل ودفع أقساطه،‮ ‬بينما‮ ‬يعجز قرينه في‮ ‬البحرين عن فعل الشيء ذاته لأن قسط شراء منزل متواضع‮ ‬يبلغ‮ ٠٧٧ ‬ديناراً‮ ‬شهريا بتسعيرة بنك الإسكان على القروض الكبيرة‮
. ‬وإذا أضاف المرء كلف الحياة الأخرى لطبقة متوسطة‮ ‬يعمل كلا الزوجين فيها،‮ ‬ويحتاجان لسيارتين‮ ‬يبلغ‮ ‬قسطيهما الشهري‮ ٠٤٢ ‬دينارا‮ ‬يضاف إليها ‮٠٩ ‬دينارا للبترول والصيانة،‮ ‬ولديها ثلاثة أطفال في‮ ‬مدارس حكومية تكلف قرطاسيتهم وملابسهم ومصروف جيبهم ‮٠٥١ ‬دينارا شهريا،‮ ‬وفاتورة كهرباء وماء وتلفون وهاتف وإنترنت بسرعة السلحفاة لا تقل عن ‮٠٩ ‬دينارا،‮ ‬أضف إلى ذلك ‮٠٥١ ‬دينارا مصروفات الأكل ولوازم المنزل وصيانته،‮ ‬وبعض الثياب لرب الأسرة،‮ ‬المجموع هو ‮٠٣٧ ‬دينارا‮ ‬يضاف إلى قسط المنزل كما سبق ليصبح ما تحتاج إليه الأسرة ما مجموعه ‮٠٠٦١ ‬دينار،‮ ‬من دون شغالة أو سفرة للهرب من الصيف اللاهب أو سيجارة وشيشة‮ »‬إذا ابتلى بهما الوالدان‮« ‬أو كلفة عشاء رومانسي‮ ‬أو مدارس خاصة أو توفير لرسوم الجامعة للأبناء‮.
‬هذه هي‮ ‬الطبقة الوسطى وما دونها طبقة محدودة الدخل ما لم تتدخل الحكومة بإزالة العبء الأكبر وهي‮ ‬كلفة السكن‮.
‬وفي‮ ‬بداية عام ‮٢٠٠٢ ‬أعدت وزارة الإسكان دراسة بعنوان‮ »‬الاسكان والاعمار وتحديات المرحلة القادمة‮« ‬قدمها الأستاذ عبدالنور العلوي‮ ‬المسؤول بالوزارة في‮ ‬مؤتمر بنفس الاسم ان ‮٤٢‬٪‮ ‬من طالبي‮ ‬خدمات الإسكان‮ ‬يقل راتبهم عن ‮٠٥١ ‬ديناراً،‮ ‬وهؤلاء‮ ‬يحتاجون دعما بنسبة ‮٠٠١‬٪‮ »‬أي‮ ‬لا‮ ‬يتم احتساب أي‮ ‬أقساط عليهم‮«. ‬وأن ‮٠٦‬٪‮ ‬من الطلبات براتب ‮٠٥١ ‬الى ‮٠٥٣ ‬دينارا بحاجة الى دعم لا‮ ‬يقل عن ‮٠٤‬٪‮. ‬هذا هو الوضع في‮ ‬نهاية ‮١٠٠٢ ‬عندما كان بإمكان المواطن شراء أرض بسعر لا‮ ‬يفوق بضعة دنانير للقدم الواحد‮. ‬أما اليوم فسعر الأراضي‮ ‬في‮ ‬أغلب مناطق السكن‮ ‬يترواح بين ‮٢١ ‬و‮٠٢ ‬دينارا للقدم بينما تضاعفت تقريبا كلفة البناء‮.‬وحتى بعد احتساب الزيادات المتواضعة على الأجر خلال السنوات الماضية‮ ‬يتضح لنا بأن ‮٤٨‬٪‮ ‬من طالبي‮ ‬خدمات الإسكان‮ ‬يبلغ‮ ‬دخلهم أقل من ‮٠٠٤ ‬دينار،‮ ‬أي‮ ‬انهم لا‮ ‬يستطيعون ببساطة تحمل كلفة شراء منزل أو حتى كامل القسط الذي‮ ‬يستحق عليهم من خدمات وزارة الإسكان‮. ‬فما هو الحل لمشكلة الأجور والسكن؟
إحدى أهم معالجات قضية الفقر والدخل تكمن في‮ ‬حل مشكلة السكن لأن جزءا هاما من دخل الأسرة‮ ‬يذهب لسداد كلفته‮. ‬يمكن للحكومة مثلا تقديم دعم كامل للأسرة التي‮ ‬يبلغ‮ ‬دخلها أقل من ‮٠٠٤ ‬دينار وهو الحد الأدنى للفقر،‮ ‬بحيث لا‮ ‬يترتب عليها أي‮ ‬أقساط ما دامت في‮ ‬هذه الشريحة المنخفضة من الدخل،‮ ‬بينما‮ ‬يستحق على من‮ ‬يبلغ‮ ‬دخلهم أكثر من ذلك ‮٠٢‬٪‮ ‬من دخلهم الذي‮ ‬يزيد عن حد الفقر‮ »‬مثلا إذا
بلغ‮ ‬دخل الأسرة ‮٠٠٧ ‬دينار،‮ ‬فإنها تدفع ‮٠٢‬٪‮ ‬على المبلغ‮ ‬الذي‮ ‬يزيد عن حد الفقر،‮ ‬أي‮ ٠٦ ‬دينارا قسطا شهريا على الوحدة السكنية‮«.
ولكن قائمة الانتظار على الوحدات السكنية ما زالت كبيرة ويحتاج المواطن أكثر من ‮٥١ ‬عاما لكي‮ ‬يحصل عليها،‮ ‬فما هو الحل؟ مجلس النواب في‮ ‬فصله السابق استحدث نظام دعم السكن وذلك بدفع وزارة الإسكان مبلغ‮ ٠٠١ ‬دينار إعانة سكن لكل متقدم بطلب لوحدة إسكانية إذا مضى على طلبه ‮٥ ‬أعوام‮. ‬يمكن تطوير هذا النظام بحيث‮ ‬يدفع مبلغ‮ ‬الإعانة فور التقدم بالطلب لمن‮ ‬يقل دخل أسرته عن ‮٠٠٤ ‬دينار،‮ ‬بينما‮ ‬يحصل عليها من‮ ‬يكون دخل أسرته بين ‮٠٠٤ ‬و‮٠٠٧ ‬دينار في‮ ٣ ‬سنوات،‮ ‬ويحصل‮ ‬غيرهم على هذه العلاوة بعد انقضاء ‮٥ ‬سنوات على طلبه،‮ ‬مع أهمية رفع الحد الأعلى للدخل للمسموح لهم التقدم بطلبات الإسكان إلى حوالي‮ ٠٠٦١ ‬دينار من مبلغ‮ ٠٠٩ ‬دينار الحالي‮. ‬مثل هذا الدعم سيساعد على إخراج عدد كبير من الأسر البحرينية إلى فوق مستوى خط الفقر كما سيساهم في‮ ‬بناء طبقة وسطى مستقرة على المدى البعيد‮.‬على الحكومة أن تعي‮ ‬خطورة انزلاق أعداد أكبر من السكان إلى مستوى الطبقات الفقيرة والمحدودة الدخل كما حدث في‮ ‬تسعينيات القرن الماضي‮ »‬باعتراف تقرير مكنزي‮ ‬الذي‮ ‬أشار إلى تراجع معدل الدخل ‮٩١‬٪‮ ‬خلال تلك الفترة‮« ‬وتأثير ذلك على الاستقرار السياسي‮ ‬والأمني‮ ‬للبلاد‮. ‬فالوضع السياسي‮ ‬عادة ما‮ ‬يختل في‮ ‬ظل انتشار الفقر،‮ ‬ويستقر في‮ ‬حالة توسع الطبقة الوسطى بحيث تشكل الشريحة الأكبر في‮ ‬المجتمع شريطة أن‮ ‬يكون بإمكان أي‮ ‬من أبناء الشعب الترقي‮ ‬والنجاح دون تمييز بسبب طائفته أو أصله أو جنسه أو أي‮ ‬سبب آخر