Tuesday, October 30, 2007

أصحاب الدم الأزرق

أصحاب الدم الأزرق
عبدالجليل السنكيس
29 أكتوبر 2007

بعد قراءة خبر (إعفاء القوات الأميركية والعائلة المالكة من «رسوم المرور
[1]» ) حسب ما جاء في تقرير الرقابة المالية الذي يسلط الضوء على بعض القضايا الصغيرة ويتجاوز عن السرقات الكبرى والملفات الكبيرة- ونعلم لماذا وليس الآن مسار حديثنا، قررت أن اتريث يومين لأرى ردود الفعل.
كنت أتوقع أن ينبري أصحاب السعادة، ويطلبوا "تفسيراً" أو "استيضاحاً" ليس اقتراحاً برغبة أو بقانون يساوي الجميع على هذه الأرض: مواطنون وغير مواطنين أمام الحقوق والواجبات- على الأقل المتعارف عليها، دون الدخول في أحقيتها.
وكنت أتوقع من أصحاب التصريحات النارية (المنافقة والوصولية والمزايدة) على أبناء هذا الوطن عند ما يطالبون بحقهم في الحياة على هذه الأرض بكرامة، بأن يصدروا بياناتهم الصفراء التي لا تلقى حظراً، بل اتوقع ان الأوامر واضحة بان تحظى بالعناية والأهتمام في الجرائد- مهما كانت إدارتها- ومهما يطرح أولئك .. من أفكار سامة وهدامة وطائفية. فهم- أي أولئك ..- قد حظوا بشهادات دعم من رئيس الوزارء – خليفة بن سلمان- وولي العهد- سلمان بن حمد. فأولئك المقربون، ولاينطقون إلا بما
يـُرضي، ومن كان مع أولئك فهو من الفائزين!!!!.
أين الذين يتحدثون عن الفساد، وضياع المال العام، والشفافية، وبأنهم سيكونون صداً منيعاً أمام الفساد، بكل أنواعه، والفاسدين حتى ولو كانوا "وزارء!!!"؟ لم ينطق اي منهم ببنت شفة!! يا سبحان الله، لقد خرصوا وعموا وصموا أجمعين.

أما عن اعفاء الامريكان- القوات منها- من الرسوم، فهي رسالة لمن يتشدق بالوطنية ليرى كيف يقوم النظام بمراعاة غير البحرينيين والدخول معهم في اتفاقات، حتى لو كانت على حساب الوطن والمواطنين، ولنا معها وقفة في المستفبل ان شاء الله. ولكن، دعونا نعود للرسوم المعفاة عمن يعرفوا ببحرينيين.

فما دام هي رسوم على الجميع، فكيف السماح بامتيازات واعفاءات لهذا المواطن، أو ذاك، أو بين هذا الأجنبي أو ذاك، إلا إذا كان لدينا على هذه الأرض من أصحاب الدم الأزرق!! فهل أفراد العائلة الخليفية ليسوا بشراً بدم أحمر، لهم ما للمواطنين البحرينيين من حقوق، وعليهم ما على المواطنين الآخرين من واجبات؟ وعلى أي أساس يقوم النظام باستثناء الأمريكان من دفع الرسوم؟
سواء كانوا من أصحاب الدم الأزرق من العائلة الخليفية، والذين أضيف لهم أبناء العم سام- الأمريكان- من أفراد القوات الأمريكية، فلا يمكن تبرير أن يكون لأولئك امتياز خاص واعفاء من الرسوم، بينما يلتزم بها المواطنين والمقيمين، فقراء كانوا أم أغنياء، عاطلين كانوا أو مدراء. ولهذا، ردت وزارة الداخلية اليوم على ما ورد في التقرير من "اعفاءات" لا تستند الى القانون وقررت ايقافها
[2].
لا يكفي أن أن تتوقف الداخلية عن ايقاف منح الإعفاءات من الرسوم، بحسب ما ورد في تقرير الرقابة. فهناك عدة أمور في هذا الموضع لابد من معالجتها، وتحتاج لإجابة وموقف وردع:
1) إذا كانت الإعفاءات السابقة غير قانونية، فأين التحقيق فيها وأين آليات استرجاع ما تم عبر اجراءات مخالفة للقانون؟ فهذا حق عام ولا يحق لأحد في أي منصب أن يسقطه أو يتنازل عنه، نيابة عن الشعب؟ وعليه، فلابد من استرجاع كل ما تم عبر أي اجراء غير قانوني واستعادته لميزانية الدولة ومحاسبة من وقف وراءه.
2) وهنا لا نتحدث عن حجم الإعفاءات من رسوم تسجيل المركبات ورخص السواقة حتى 31 أغسطس 2006 البالغ نحو 46 ألف دينار ( هذا الحجم لا يشمل المدة السابقة للتقرير الحالي أو السابق، كما لا تشمل الفترة من سبتمبر 2006 حتى الآن، أي أكثر من 12 عشر شهراً).
3) واذا كان هذا غير ممكن، أي اذا كان استرجاع الأموال المعفاة لأصحاب الدم الأزرق غير مستحصل، فعلى الدولة أن تعيد كل الاموال التي أخذتها من رسوم لأصحابها، سواء كانوا مواطنين أو مقيمين، على اعتبار تحقيق المساواة.
4) لايمكن أن تكون هناك اعفاءات في حدود القانون وبناء على قرارات وزارية دون أن تكون معرّفة ومسببة ومحددة، وتأخذ في الحسبان المواطنة والمساواة بين الجميع، وعليه، فلا يمكن القبول بإعلان إيقاف الاعفاءات الآن، واستصدار أوامر وزارية لاحقة تكسب التمايز صفة "شرعية او قانونية" بحسب قرارات الوزارة !!
5) وماذا عن الإعفاءات في الدوائر الأخرى في الوزارة والتي لم يشر لها التقرير: دائرة الهجرة والجوازات مثلاً؟ فهل ستتتوقف، وهل سينطبق عليها عنوان استرداد الحق؟ فهناك رسوم اعداد جوازات (البطاقات)، رسوم تأشيرات للخدم والموظفين، تجديد، وغيرها من الرسوم؟

ماذا عن الوزارات والرسوم الأخرى ؟

حتى لا يقال اننا نتجنى على أصحاب الدم الأزرق، فإنني سوف اشير الى وثائق أربع لشخصية واحدة من العشرات إن لم تكن بالمئات لهذه الشخصية فقط. وسوف أشير الى وثائق أخرى لنفس الشخص لأبين مقدار المطلوب منه مقابل هذه الوثائق فقط. والحسبة على القارىء عندما نتحدث عن جميع ما تم إعفاءه لهذه الشخصية وبقية أفراد الدم الأزرق. تقديري أنها بمئات ملايين الدنانير.
وأتحدث عن وثائق ملكية آراضي للشيخ خليفة بن سلمان –رئيس الوزراء- وهبها إياه أخيه الأكبر الأمير الراحل. يكتب على الوثيق أعلاه بأنها معفاة من الرسوم (1-2%) من قيمة الأرض السوقية. أنظر الشكل الملحق يبين صور من وثائق أربع قطع من أصل تسع أراضي متجاورة (شمالي السنابس وكرباباد) وموثقة ملكيتها للشيخ خليفة وهي أراضي تم ردم جزء منها عبر السنين الماضية.











صور لوثائق أربع من آراضي المسماة باسم الشيخ خليفة ومعفية عن الرسوم

ولنلق نظرة على هذه الآراضي وقيمتها السوقية. فمجموع مساحة هذه الآراضي بالقدم المربع : 32548334 (اثنان وثلاثون مليون وخمسمائة وثمان وأربعون ألفاًُ وثلاثمائة وأربع وثلاثون قدمأً مربعاً). وباعتبار قيمة الأرض في هذه البقعة والبالغ 150 دينار للقدم المربع، تصبح القيمة السوقية لهذه الآراضي: 4882250100 دينار بحريني (أربعة مليارات، وثمانمائة واثنان وثمانون مليوناً ومائتان وخمسون ألفاً مائة دينار بحريني) .
وعليه فإن أقل ما يجب على الشيخ خليفة أن يدفعه- دون مناقشة أحقيته في اصل الموضوع- للسجل العقاري مقابل هذه الأراضي التسع فقط (أنظر للصور المؤخوذة من الأقمار الأصطناعية) هو ما يقارب 49 مليون دينار. نحن نتحدث عن 9 أراضي فقط، لشخص واحد فقط. تصوروا العقارات والآراضي التي تم تسجيلها وتوثيقها للشيخ حمد، والشيخ خليفة، والشيخ سلمان، وبقية أفراد الدم الآزرق. ستكون بلا شك أرقام خيالية وفلكية.

فبأي حق يعفى أصحاب الدم الأزرق عن دفع هذه الرسوم، وهي مبالغ كفيلة بأن تبني لها مجمعات سكنية ضخمة، وترفع عوز عشرات الآلاف من شعب البحرين وتجعله يعيش بكرامة، بدلا من الوضع المذل الذي هو فيه.
نطالب،،
بأن يتم استرجاع جميع الإعفاءات من رسوم في جميع المؤسسات الرسمية، بغض النظر عن حجمها وعمن اعفيت، وترد الى ميزانية الدولة وتنفق على المواطنين وتحسين وضعهم المعيشي. إنه حق في أرقاب أبناء الدم الأزرق جميعاً لن ننساه، مهما طال العمر، فالحق لا يسقط بالتقادم.




صورة جوية لتسع من الأراضي التي استملكها الشيخ خليفة لنفسه
[1] http://alwasatnews.com/newspager_pages/print_art.aspx?news_id=84618&news_type=LOC
[2] http://alwasatnews.com/newspager_pages/print_art.aspx?news_id=85128&news_type=LOC