Thursday, November 08, 2007

هل النظام مستعدٌ للإعتراف بمخططاته وتصحيح أخطاءه؟

هل النظام مستعدٌ للإعتراف بمخططاته وتصحيح أخطاءه؟
قراءة سريعة فيما عرف بمبادرة الحوار الخاصة بتقرير البندر
عبدالجليل السنكيس
6 نوفمبر 2007م
كنت أود الكتابة عن موضوع مكاتب تصدير "الكسالى" من العمالة الشابة البحرينية، بعد أن واصل النظام في فتح مكاتب استقبال ومتابعة طلبات التوظيف في قطر وغيرها من دول الخليج. إن المواقع القيادية في هذا البلد- ويؤسفني هذه الصراحة- غير مدركة أو قادرة على اتخاذ مواقف حازمة لمنع هذا المخطط الإجرامي في حق الشعب، في ظل إزدياد البطالة والتعطل بين صفوف الشباب البحريني والمتسبب في احتقان ويأس خطيرين. يأتي هذا المشروع مع مواصلة استيراد العمالة الوافدة المتصاعد وبشكل صلف عبرت عنه إعلانات ديوان الخدمة المدنية في دول المنطقة. وقد واكب ذلك حملة إعلامية تعبر عن حالة تحذلق وتذاكي واستحمار لهذا الشعب، ولي رجعه، ولكني أريد أن أتحدث عن موضوع أخر، هو ايضا يشم منه رائحة الإستحقار لهذا الشعب المغلوب على أمره.
يتمثل هذا الموضوع فيما عرف بمبادرة أحد الشخصيات، التي ورد اسمها في تقرير البندر، تدعو "للحوار وجلسات مصارحة
" بخصوص التقرير وما ورد فيه. وما يثير الريبة هو تصدي جرائد الصافرية للترويج لهذا المشروع وعمل استفتاءات في محاولة لخلق تموج سياسي واجتماعي يتفاعل مع مشروع "المباردة"، في بمحاولة للاستهجان والإستحقار لهذا الشعب وقياداته. فبالأمس، تفتح هذه الصحف منابرها للمجرمين والمعذبين وقادة القتل لأبناء هذا الشعب، الذي كل جرمه أنه يريد أن يعيش بكرامة وعزة، في ظل مشاركة حقيقية بين أفراده في إدارة الانتفاع والتصرف في خيرات هذا البلد.
جاء ذلك بعنوان الرأي والرأي الأخر، حينما تعمل صحف النظام على تغييب ذلك الآخر، في محاولة للتمويه وخلق جو يصدقه البعض ويتعايش معه. فالقاتل له أن يعبر عن رأيه ويطالب بان يفسح له، بل يؤمن له، المجال في ممارسة حياته الطبيعية وتكوين ثرواته. والضحية، لها الويل والثبور، هي الظالمة والخارجة عن القانون، والمخربة لمشاريع التنمية البشرية، وداعية للخراب والإرهاب.
ونحن الآن مع موقف متكرر، شخصية عرفت بتواطئها وتآمرها على الشعب، يتم فسح المجال لها بأن تخلط الأوراق، وتبلبل الجو، وتظهر بلباس الحمل الوديع المظلوم، الذي يريد الخير للبلد وأبناءه، فيما يتآمر على الشعب خلف الكواليس، ويكون الثروات المليونية من وراء ذلك. إنها فعلا سماجة واستحقار لأبناء هذا البلد الأحرار، فهل نسمح لها بأن تتكرر؟بعد هذا التقديم، نأتي على ما يبدو بأنه مبادرة أحد نواب مجلس الشيخ حمد، المعروف بأنه جاء لهذا المجلس، سيء الذكر، عبر المراكز العامة، وعبر التحكم الكترونيا في الأصوات من الرفاع، وعبر أصوات الموطنين والمرتزقة الذين جيء بهم لمحو هذا الشعب من الوجود.
ومما يثير الشكوك في أصل الموضوع- وصدقيته، هو توقيت طرحه، متبنيه، والدافعين له. وسوف لن نذهب بعيداً في هذه المحاور الآن، حتى لا نضيع البوصلة فيما طرح. ولكننا نريد أن نضع بعض العناوين التي لن يقبل بتجاوزها في هذا الملف.فموضوع تقرير البندر، ليس شأناً نخبوياً، أو قضية سياسية خاصة يمكن أن تختزل في لقاءات تحاورية، وصفقات من تحت الطاولة، لهذه الطائفة أو تلك، ولهذه الكتلة أو الجمعية أو تلك.
إن ما جاء في التقرير الفضيحة كشف عن توجه أقطاب النظام الحقيقي واصرارهم في المضي قدماً في تشطير المجتمع عمودياً وأفقياً، عبر خلق اصطفافات وتأزيمه طائفياً من خلال الإستفادة من الموتورين والمهوسيين بهوس الطائفية العمياء، ومن خلال إستيراد المرتزقة المستعدة لوأد البحرين وهويتها وقتل البحرينيين وهم أحياء، في سبيل الحصول على المال والعيال وعناصر القوة. ولايزال أثر هذا المخطط، الذي لم يقف يوماً، يغور في أعماق هذا الوطن، يشحنه بالعاطفة الطائفية القاتلة، يقسمه لموالين ومعارضين، ويدجن مؤسساته ويسلب روحها، ويحاصر نشطاءه والمدافعين عن حقوق الشعب ويستهدفهم.
وعليه فلابد من الوقوف وقفة كبيرة عند تناول هذا المخطط ومعالجة آثاره.فلا يمكن اختزال هذا الملف في مبادرة شخص هو أحد الأيد المنفذة لهذا المخطط الأسود الذي قاده النظام.
المبادرة لابد ان تكون مع ممثل العائلة ورأس النظام، وبوجود ممثلي القوى الشعبية المؤثرة، كما لابد من وجود جهة مستقلة محايدة وقادرة على لعب دور الشهادة ولزم الجميع بما يتم الإتفاق عليه. وهنا نطرح أن يكون ذلك وفداُ ممثلاً للأمم المتحدة، مرشحاً من أمينها العام. لا نريد أن نكرر بعض أخطاء فترة الميثاق المشؤوم وما لازمها، ونعطي النظام ما يريد، على حساب المصلحة الشعبية، دون وجود رقيب دولي على حقيقة ما جرى، وتوثيق تعهدات النظام، وتطبيق العقوبات الدولية حال تخليه عنها. فسجل هذا النظام في النكث بالعهود والمواثيق قديم، ولا حاجة لتفصيل في ذلك.
مما جاء في صحف اليوم "تقوم المبادرة..على فتح قنوات الحوار وجلسات المصارحة بين كل الأطراف المعنية بهذا الملف، لإزالة الشكوك والتوجسات من الآخر والتخوف من تغليب أي طرف على حساب الآخر، كما تهدف المبادرة إلى إعادة الثقة بين جميع الأطراف وتجاوز ترسبات الفترة الماضية.." فحتى يمكن المضي في هذه المبادرة، وحتى يمكن تجاوز الماضي، فلابد من تحقق الآتي، ولابد على النظام التزامه واستعداده للأتي قبل الدخول في أي حديث في الموضوع:
• حيث أن التقرير جاء بتوثيق لمكائد وخطط عملية رأها وأحسها وتمثلت أمام الجميع، معبرة عن سوء نية بالشعب ومؤسساته وقياداته، خطط لها مولها وقاد تنفيذها النظام عبر الديوان وأجهزة الدولة المختلفة، فلابد ان يسبق أي مبادرة للنظر في هذا الملف إعتراف النظام – أمام الشعب- بما جاء في التقرير والندم عليه، والعمل بصدق لتصحيح الوضع، والقبول بما يتمخض عن اللقاءات الخاصة بذلك. كما يشمل ذلك طلب الصفح والغفران من الشعب على الجريمة بحقه.
• لابد من إرسال إشارات الإطمئنان بجدية الموضوع، ويستلزم ذلك إيقاف من تورط وتم ذكره أو الإشارة له في التقرير وتقديمه للنيابة العامة ومحاكمته بجريمة التآمر على الشعب، واستلام أموال ومصالح شخصية لتحقيق ذلك. ويشمل ذلك الأفراد العاديين، كما يشمل ذلك موظفي الدولة أو أعضاء المجالس أو افراد العائلة الحاكمة، فالكل أمام العدالة سواء. كما يشمل ذلك استرجاع كل المصالح المادية والمالية والمعنوية المتي منحت لأولئك المتورطين بسبب انضمامهم وعملهم ضمن الشبكة التآمرية، فالحق لا يضيع بالتقادم.
• كما على تلك المحاكمات أن تكون شفافة ويطلع الشعب علانية على إعترافات المتورطين في التآمر من صغيرهم الى كبيرهم. وعليه، فلابد من السماح لكل وكالات الأنباء والصحف والتلفزة تغطية لحظات تلك المحاكمات التاريخية، وكشف جميع الخلايا البندرية وما عملت وما خططت له بحق الشعب.
• حتى يمكن جبر الخواطر ورأب الصدع الذي تسبب فيه هذا التآمر، لابد من تصحيح الوضع الناتج من ذلك المخطط التآمري ويشمل ذلك:o
ايقاف مشروع التركيبة السكانية واسترجاع الجنسية ممن تم منحه إياها عبر هذا المخطط، وتشمل المحسوبة ضمن الإستثناءات
الممنوحة لرأس النظام وديوانه، مع الأخذ بالأعتبار الجوانب الإنسانية في ذلك، ويعود ذلك زمنياً للفترة الخالية من الرقابة الشعبية. يشمل ذلك تقليص وتحديد وتقنين منح الجنسية البحرينية، بما في ذلك الصلاحيات الإستثنائية لضمان عدم تكرار ما حدث، قانونياً
.o
وتقنين صلاحيات الديوان ليقتصر على تكفل شئون رأس الدولة الإدارية فقطo
تجريم التمييز وتصحيح الوضع الناتج من التمييز الطائفي والتمايز الذي أحدثه المخطط البندري، على جميع المستويات السياسية،
والإقتصادية والاجتماعية والدينية، وغيرها.
• يتطلب البحث في الموضوع، النظر في طلب الشعب بالمشاركة في الثروة والسلطة، عبر اصلاح سياسي حقيقي، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا عبر دستور ديمقراطي عصري يحمي الشعب وحقوقه، يضمن سيادته الحقيقية في كل السلطات.
وأخيراً..
هذا الملف يترفع عن التجاذبات السياسية ولا يمكن أن يكون ضمن أي نوع من الصفقات، كما أسلفنا، ولن يسمح بالقفز عليه. نعلم أنه في ظل الحديث عن ضرب ايران، فإن النظام في حاجة لبعض التحركات الإعلامية والشعبية لإعطاء انطباع بوجود دعم وتوافق مع الشعب، وهو أمر غير موجود. لهذه التوافقات متطلبات جذرية ذات أبعاد استرايتجية، لا تفرضها أجواء الحرب وتداعياتها، وإياك أعني واسمعي يا جارة.