Wednesday, November 07, 2007

حكاية المرشد الإجتماعي الذي تحول لبائع متجول


بين كماشة العوز والبطالة المقنعة
حكاية المرشد الاجتماعي الذي تحوّل إلى بائع متجول



مدينة حمد - زينب التاجر


على مقربة من إحدى مدارس المحافظة الشمالية وتحديداً على قارعة أحد أرصفتها، احتمى المواطن فيصل العويناتي من هجير الشمس بابتسامة لا تخلو من القليل من الخزي والخجل وكثير من النقمة على المجتمع ومؤسساته، منتظراً أن يدق جرس انصراف طلبة المدارس ليعلن فتح بابين؛ باب المدرسة وباب رزقه.مشاهدات لا تتجاوز مدتها الساعتين تختصر مشكلة مجتمعية في صورة إنسانية وتعلن فشل المشروع الوطني للتوظيف، كما وتعلن تناقض تصريحات ديوان الخدمة المدنية ووزارة التربية والتعليم مع الواقع والتي تنادي بضرورة توظيف مرشد اجتماعي لكل 300 طالب الأمر الذي يشير منطقياً إلى وجود حاجة لمرشدين اجتماعين في المملكة ولاسيما الذكور منهم.


في ساعتين من الزمن يتحول فيها «العويناتي» من طالب فرع العلمي وخريج الثانوية العامة بمعدل 87 في المئة والحاصل على بكالوريوس خدمة اجتماعية بمعدل يصل إلى 3.0 والمتدرب كمرشد اجتماعي في إحدى مدارس المملكة إلى بائع متجول ينتظر بفارغ الصبر أن يدق جرس هذه المدرسة أو تلك معلناً خروج الطلبة ليمنى بقليل من المال ليعين به عائلة لا عائل لها سواه وراتب والده التقاعدي الذي يكاد لا يسد حاجاتهم الأساسية.وبعد مرور عام ونصف العام على تخرجه تبدد حلم والديه اللذين ابتلاهما الله بابن مريض وآخر عاطل عن العمل بعد أن كانت تراودهما أحلام وردية بتغير الحال مع تخرج ابنهم الجامعي وقبوله في إحدى مدارس المملكة كمرشد اجتماعي معولين في ذلك على تصريحات وزارة التربية والتعليم بقوة مخرجات تخصص الخدمة الاجتماعية وحاجة سوق العمل لها، بيد أن أحلامهم ذهبت أدراج الرياح وتحول ابنهم وأملهم إلى بائع متجول يقتنص الفرص بين هذه المدرسة وتلك.

وفي سرقة لحظات قليلة لحديث مقتضب مع العويناتي الذي أشار إلى عدم رغبته في أن يكون زيادة عدد ومشاركاً في بطالة مقنعة، لافتاً إلى وجود وظائف كثيرة يتجاوز مردودها ما يناله من عمله كبائع متجول بيد أنه واقع بين سندان العوز ومطرقة البطالة المقنعة وخوفه من أن يفقد فرصته في العمل كمرشد اجتماعي كما حلم طوال عمره بمجرد تحويل مسماه الوظيفي في بطاقته الشخصية «من عاطل إلى موظف» وإن كانت وظيفته لا تعد كونها أكثر من مشاركة في بطالة مقنعة.

والمؤلم كما يصفه العويناتي أن يكون معلماً ومربياً ومحط احترام من طلبة ويأتي زمن يتبدد كل ذلك وينظر له طلبته نظرة شفقة تارة ونظرة استغراب تارة أخرى. وبعد ساعتين من الانتظار تحت هجير الشمس، تأبط العويناتي شهادته وباع ما باعه على أمل أن يعود يوم غد.

http://alwasatnews.com/newspager_pages/print_art.aspx?news_id=85110&news_type=LOC





العدد 1879 الاثنين 29 اكتوبر 2007 الموافق 18 شوال 1428 هــ