Tuesday, December 25, 2007

زوجة الشهيد تهدهد طفلها


زوجة الشهيد تهدهد طفلها
للشهيد هاشم الرفاعي


نم يا صغيري إن هذا المهد يحرسه الرجـاء
من مقلة سهرت لآلام تثور مع المساء
فأصوغها لحناً مقاطعه تَأَجَّج في الدمــاء
أشدو بأغنيتي الحزينة ثم يغلبني البكاء
وأمد كفي للسماء لأستحث خطى السمـاء

نم لا تشاركنــي المرارة والمحن
فلسوف أرضعـك الجراح مع اللبن
حتى أنال على يديك مني وهبت لها الحيـاة
يا من رأى الدنيا ولكن لن يرى فيها أباه

ستمر أعوام طوال في الأنين وفي العــذاب
وأراك يا ولدي قوي الخطو موفـور الشبــاب
تأوى إلى أم محطمــة مُغَضـَّنَةِ الإهاب
وهنا تسألني كثيراً عن أبيـك وكيف غاب
هذا سؤال يا صغيري قـد أعد له جواب

فلئــن حييت فسـوف أسرده عليك
أو مت فانظر من يُسرُّ به إليــك
فإذا عرفت جريمـة الجاني وما اقترفت يداه
فانثر على قبري وقبر أبيك شيئـاً من دمـاه

غدك الذي كنا نؤَمل أن يصاغ من الـورود
نسجوه من نار ومن ظلم تدجـج بالحديد
فلكل مولود مكان بين أسراب العبيـد
المسلمينَ ظهورهم للسوط في أيدي الجـنود
والزاكمين أنوفهم بالترب من طول السجود

فلقد ولـدت لكي تــرى إذلال أمـة
غفلت فعاشــت في دياجيـر الملمـة
مات الأبيُّ ولم نسمع بصوت قد بكاه
وسعوا إلى الشاكي الحزين فألجموا بالرعب فاه

أما حكايتنا فمن لون الحكايات القديمة
تلك التي يمضي بها التاريخ دامية أليمـة
الحاكم الجبار والبطش المسلح والجريمــة
وشريعة لم تعترف بالرأي أو شرف الخصومـة
ما عاد في تنورها لحضارة الإنسان قيمة

الحـرُ يعـرف ما تريـد المحكمــة
وقُضاته سلفاً قــد ارتشفــوا دمه
لا يرتجي دفعاً لبهتان رماه به الطغاة
المجرمون الجالسون على كراسي القضاة

حكموا بما شاءوا وسيق أبوك في أغلالــه
قد كان يرجو رحمة للنـاس من جــلاده
ما كان يرحمه الإلــه يخون حب بــلاده
لكنه كيـد المُدِل بجنــده وعتـاده
المشتهى سفك الدماء على ثـرى رواده

كذبوا وقالوا عن بطولتـه خيانـة
وأمامنا التقرير ينطق بالإدانـة
هذا الذي قالوه عنه غداً يردد عـن سواه
ما دمت تبحث عن أبِيٍّ في البلاد ولا تـراه

هو مشهد من قصة حمراء في أرض خضيبـة
كُتبت وقائعها على جدر مضرجة رهيبة
قد شاهدها الطغيان أكفاناً لعزتنا السليبة
مشت الكتيبة تنشر الأهوال في إثر الكتيبـة
والناس في صمت وقد عقدت لسانهم المصيبـة

حتى صدى الهمسات غشـاه الوهن
لا تنطقــوا إن الجدار لــه أذن
وتخاذلوا والظالمون نعالهــم فوق الجبـاه
كشياه جزار وهل تستنكر الذبح الشيـاه؟ ؟

لا تصغي يا ولـدي إلى ما لفقــوه ورددوه
من أنهم قاموا إلى الوطن السليب فحرروه
لو كان حقاً ذاك ما جاروا عليه وكبلوه
ولما رموا بالحر في كهف العذاب ليقتلوه
ولما مشوا بالحق في وجه السلاح ليخرسـوه

هذا الذي كتبـوه مسمــوم المذاق
لم يبق مسموعـاً سـوى صوت النفاق
صوت الذين يقدسون الفــرد من دون الإلـه
ويسبحون بحمده ويقدمون له الصــلاة