Wednesday, February 20, 2008


كفى..كفى..متى يـُـلـجم هذا الـرجل ؟
عـبدالجـليل السنكـيس
18 فبراير 2008
بحسب ما جاء على لسان الناطق الرسمي لمجلس الوزراء التايلندي المعين حديثاً، وكما نشر في جريدة بانكوك بوست، فإن الحكومة التايلندية ستقوم بتدريب 3000 من مواطنيها قبل ارسالهم للعمل في مستشفيات البحرين، وقد جاء القرار أثناء مأدبة الغذاء التي أقامها رئيس الوزراء التايلندي سماك ساندارافيج لنظيره البحريني الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة أثناء زيارة الأخير لتايلند.(المصدر: http://www.bangkokpost.com/breaking_....php?id=125823)
وللعلم، ليست هذه التجربة الأولى في إستغلال المنصب لتحقيق أرباح خاصة على حساب المصلحة الوطنية. ففي أشهر مضت، تم جلب أعداد كبيرة (لايحضرني الرقم حالياً) من المواطنين الفلبينيين وتوزيعهم على مؤسسات الدولة، وذلك للتمكن من إغلاق شركة يملكها رئيس الوزراء البحريني في الفلبين. حيث لم يكن بالإمكان غلقها وتسريح المواطنين الفلبينيين في بلدهم، لأن ذلك سيحدث ضغطا سياسياً على حكومة الفلبين بسبب ذلك. فما كان من رئيس الوزراء البحريني، إلا أن سهل لكل أولئك العمال والموظفين للقدوم الى البحرين"بلد الكرام".
وبعيداً للحظة واحدة عن لغة الأرقام، وفي ظل التوجه المعلن من قبل مجلس التنمية- برئاسة ولي العهد- وهيئة سوق العمل في تقنين جلب العمالة الأجنبية، ودفاع ديوان الخدمة المدنية المستميت عن استيراد "الخبرات" الأجنبية وتوظيفها في مؤسسات الدولة، وتنكر المسئولين في الدولة للعاطلين عن العمل لوجود شواغر في الحكومة، يعتبر هذا التصرف، إن صح، ليس فقط بعيداً عن المسئولية ومجانب لأبسط عناوين الحكمة، فهوتصرف أرعن أهوج خال من أي شعور بإرتباط حقيقي بالوطن والخوف على مصالحه.بحسبة بسيطة، 3000 وظيفة يعني سد الرمق وتحسين الوضع الإقتصادي وتحصين 3000 عائلة بحرينية (معدل حوالي9000نسمة). فإذا اعتبرنا أن الراتب الذي سيوفر للتايلندي هو نفسه للبحريني، فإن وزارة الصحة ستضطر لتوفير السكن لأولئك الأجانب "المتدربين الخبراء"، أو إضافة مخصص للسكن لن يقل عن 100 دينار ليصل راتب الفرد منهم عن مبلغ شهري لا يقل عن 400دينار (المجموع: 1200000- مليون ومائتا دينار بحريني شهرياً). وقد يكون هناك مخصصات التعليم والصحة والغربة وغيرها. بينما لن توفر نفس الوزارة كل هذه الأموال لو أن الموظفين في التمريض من المواطنين البحرينيين.
من ناحية التدريب وتمويل مستشفيات البحرين بالكادر البشري، فلقد دأبت كلية العلوم الصحية في توفير الممرضين والممرضات البحرينيين في تخصصات مختلفة، فلماذا تستبعد هذه الكلية الوطنية عن القيام بدورها ورفد المستشفيات من الكوادر من أبناء الوطن بدلاً من جلب الأجانب للقيام بدور لا يتطلب أمرأ لا يستطيع المواطن أن يقوم به؟ أم أن هناك مصلحة خاصة وعمولات سخية وراء هذا العمل، سيكشفها المستقبل؟
من جانب آخر فإن جلب تلك العمالة الأجنبية وتمكينها من مصادر الدخل الوطني، هو نزيف آخر وتسريب لأحد موارد دعم الإقتصاد. فالعامل الأجني لا يصرف من دخله الشهري داخل البحرين إلا النزر القليل بما يوفر له حاجته الضرورية، حيث يقوم بتحويل ذلك الدخل، وبالعملة الأجنبية، لبلده ليصرف هناك ويستعمل في دعم اقتصاد موطنه. وتشيرالأرقام الى تحويل ملايين الدنانير شهرياً من البحرين لدول آسيا. في الجهة الأخرى، وإضافة للتخفيف من التعطل في صفوف المواطنين والحد من أزمة البطالة التي تعصف بالبلد- تلك القنبلة الموقوتة- فإن المواطن، ومهما تدنى دخله الشهري، فإن ما يكسبه، يرده مرة أخرى لدورة الإقتصاد عبر مشترياته واحتياجاته في داخل البحرين.
أما عن الآثار الجانبية السلبية الأخرى، فهناك الضغط الذي سينجم على الخدمات الصحية والاسكانية، المرور وغيرها من الأمور التي تنجم من جلب العمالة الأجنبية لبلد محدود الموارد والمساحة.ولن نتوغل أكثر في الموضوع، فهو جلي كقرص الشمس في وسط النهار.
الأسئلة التي نثيرها، هي: على أي أساس يقوم رئيس الوزارء بما يقوم به من جلب تلك الأعداد من العمالة الأجنبية في ظل الفائض الكبير منهم في البلد ( نصف عدد سكان البحرين من الأجانب) وتمكينهم من الإقتصاد وسلب فرص توظيف المواطنين الذين ينتظرون بفارغ الصبر لكي يحصل الواحد منهم على وظيفة توفر له كرامة العيش؟إن رئيس الوزارء يتعامل مع هذا الشأن وكانه ملك خاص له، فأين مجلس التنمية الإقتصادية المشار له البنان عن هذا التوجه ونمط التفكير الذي يصب في ناحية تعقيد المشكلة أكثر؟ وأين ولي العهد مما يقوم به عمه "العزيز"؟ أليست هذه الخطوة إعاقة لبرامج التنمية لإقتصاد البلد، وإحداث شللية في مفاصل الحياة الإقتصادية، حينما تشل طاقة المواطن ويفرض عليه الجلوس في المنزل، بينما يدرب الأجنبي ليأخذ فرصة ذلك المواطن؟
يتضح بإن ما قام به رئيس الوزراء هو تحد لمشاريع مجلس التنمية الإقتصادية، ورسالة لمن يهمه الأمر بانه ماض فيما يعتقده ويريده، شاء من شاء وأبى من أبى، فهو لازال "عميد العائلة" وله أن يتصرف في مقدرات هذا الوطن كيفما يقرر، دون الرجوع أو مشاورة أو استحصال الموافقة من أحد، ودون رقابة أحد.
فإلى متى يستمر وضع إدارة البلاد بعقلية الملكية الخاصة للوطن وثرواته؟ وإلى متى يتم السكوت عن مشاريع التخريب بأنواعها: الإقتصادي والديموغرافي والثقافي والتاريخي؟ من يقرر عن أبناء هذا البلد ومن يلبي حاجاتهم ويسعى لتحقيق آمالهم وطموحاتهم، أم هذه ليست بأولوية في عهد الديمقراطيات العريقة؟متى يقال لهذا الرجل كفي إدارة فاشلة للبلاد والتحكم في مواردها؟ متى يتم التوقف عن الإستمرار في منهجية الأرض المحروقة؟
متى تصدر الأصوات الحكيمة لتقول قف عند حدك، كفى 37 سنة؟ متى يلجم الرجل عن مو اصلة إهدار مقدرات الوطن؟