رسالة إلى القاهرة تروي معاناة أهالي المحرق في انتفاضة مارس 1965
15 أبريل 1965
// البحرين
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى حضرة الفاضل الأخ العزيز عبدالله خليفة.... المحترم
تحية عاطرة وبعد
كل سنة وأنت طيب
ببالغ السعادة تلقيت رسالتك ولم أجب عليها لا نسياناً بل قصداً.
نحن في أتم الصحة والحمد لله ولا نسأل إلا عنك.
عزيزي أخي: لقد طلبت مني أن أوافيك بآخر الأخبار وآخر التطورات في البحرين وهذا بالطبع من رابع المستحيلات، كيف لا والبحرين الآن تخوض المعركة الفاصلة، كيف لا يكون ذلك وفي البحرين صراع بين المستعمر وبين الشعب على مختلف طبقاته.أجل، لهذا فلقد انتهزت هذه الفرصة، فرصة سفر عبدالله إلى السعودية فكتبت هذه الرسالة المسهبة عن كل ما يحدث في البحرين. وإن كنت تسمع الإذاعات فكل ما تقوله الإذاعات هو عين الصواب بل هو أصدق تعبير لما يخوضه الآن شعب البحرين.
وإليك الآن الحكاية من أولها إلى آخر ما وصلت إليه الآن:
في يوم الخميس الموافق 11/3/65م أراد الطلبة في الثانوية القيام بمظاهرات بناءً على التعسفات الاستعمارية التي تقوم بها شركة بابكو فلقد دأبت الشركة في الآونة الأخيرة على تسريح العمال البحرينيين لا فرداً فرداً بل مجموعات مجموعات وقد صادف في ذلك اليوم - الخميس - وقاد أستاذ لنا يدعى عبدالسلام بيكر من ج. ع. م. أتدري ما الذي حدث؟
كانت السلطات لنا بالمرصاد فما إن وقف الطلبة وأبوا الدخول إلى الفصول حتى حدث ما لا يخطر على بال فقد اقتحم البوليس فناء المدرسة وأخرج عصا القانون وأخذ بضرب الطلبة فما كان من الطلبة إلا أن توجهوا إلى أكشاك المرطبات وأخرجوا منها صناديق الكولا وبدأوا في الرد على هجمات البوليس وقد كان البوليس في هذه المعركة راكباً الخيول تأهباً للفرار ولم يتوقفوا عند هذا الحد بل أخذوا في قذف القنابل المسيلة للدموع وقد استبسل الطلبة في هذه المعركة فأخذوا في رد القنابل قبل أن تتمكن منهم، والبوليس لايزال يطارد الطلبة ويضربهم بالعصي وقد أدت هذه الوحشية إلى استشهاد أحد الطلبة في فناء المدرسة وفي ذلك اليوم لم نخرج من المدرسة إلا في تمام الساعة الثانية. (...) أصبحت الآن عندنا منظمات سرية للانتقام من أعداء الشعب فقد حدثت عدة انفجارات من ضمنها انفجار في شركة (...) وفي شركة (...) هذا بخلاف ما قتل من البوليس وأعداء الشعب.
أعلن منع التجول في مدينة المحرق وقد أدى هذا المنع إلى تكبد السلطات خسائر فادحة فقد أخذ شعب المحرق في زرع القنابل الزمنية في الطرق مما أدى إلى قتل سبعة من البوليس المرتزق ومنعت السلطات دخول المحامين العرب إلى أرض البحرين كما سبق أن سمعت من الإذاعات.أنشئت سجون إضافية في حوار والجفير بالإضافة إلى جدة والقلعة فقد بلغ المساجين الموجودون في القلعة فقط 900 سجين - تصوّر - ويقدر عدد المعتقلين الآن بحوالي ألفين من المساجين.
اعتقل كل من الإخوان عمر، ولكن الآن أطلق سراحه فقد اعتقل في يوم الجمعة الموافق 12/3 وأطلق سراحه في 22/3 يوم الأحد وكذلك اعتقل الأخ عبدالله راشد نسيبنا، وقد اعتقل في الآونة الأخيرة. الغريب إنهم أخذوا والده وأخاه بدلاً منه وهذا أسلوب جديد لاعتقال الثوار وطلبوا منهما تسليمه ليطلقوا سراحيهما، كما اتخذت السلطات القائمة بعض الإجراءات التعسفية منها منع المنح الدراسية لخارج البحرين وكذلك الطلبة الذين يدرسون في الخارج في مكان دراستهم أي منعوا عودتكم إلى البحرين وكذلك الطلبة الذين يدرسون في بيروت وبغداد.نفي 500 معتقل بعد قضاء مدة السجن...ومر العيد بأقطار العالم العربي ولكنه لم يمر على البحرين قط، فقد أبى الشعب أن يلبس الجديد وهناك أمهات ثكلى وشباب مدفون تحت التراب، أبى أن يبتسم وهناك الدموع تجري أنهاراً على خدود الأهالي المفجوعين في فقد أبنائهم.
أما في المحرق فإن الشعب لم يؤدِ قط صلاة العيد، وفي بقية القرى والمدن حاصر البوليس المساجد لئلا يتيح (ربما أداء) للمصلين صلاة الغائب على أرواح الشهداء، وفي يوم العيد في اليوم الذي يتلقى فيه الإنسان التهاني والتبريكات تلقى الشعب عندنا الرصاص والقنابل المسيلة للدموع، وبدلاً من أن يدخل أبناء الشعب على إخوانهم في بيوتهم ليهنئوهم بالعيد حلوا عليهم في السجون والمعتقلات ليباركوا لهم القيام بهذه الثورة الجبارة (...).هذه صورة صادقة لما جرى ويجرى الآن في البحرين.
البحرين هذه الجزيرة النائية. هذه البقعة التي بحجم الدبوس على خرائط العام. هذه الدوحة التي أرادها المستعمر نعيماً لينهل منها خيراتها فأصبحت نقمة يتجرع بها كما يتجرع المريض كأس الدواء المرّ.لقد صدق هارولد ولسون عندما قال إن الموقف في الشرق الأوسط قد تغير، وإن تيار القومية قد اجتاح مناطقه كافة.أما الآن فاستودعك الله على أمل اللقاء في الرسائل القادمة.منا الجميع يهديك السلام ويتمنى لك العودة رغم أنف ما أراد الاستعمار وما أراد أتباعه (...) هذا ما لزم وتفضل بقبول فائق تقديري، وشكري.وأرجو أن تنبه (...) لئلا يذكر في رسائله ما يحدث الآن.
وإلى لقاء آخر قريب.
الوصلة:
http://www.alwasatnews.com/newspager_pages/print_art.aspx?news_id=114846&news_type=LOC