Monday, March 03, 2008

يوميات الانتفاضة العمّالية - مارس 1972


يوميات الانتفاضة العمّالية - مارس 1972
المنامة - عبدالله مطيويع
الأربعاء 8/3/1972
بدأ الإضراب في قسم صيانة الطائرات بمطار المحرق (شركة طيران الخليج) وذلك بعد أن تم جلب مجموعة من العمّال الباكستانيين تقارب من 45 عاملاً. وطلبت من العمّال البحرينيين تدريب العمّال الباكستانيين!. كانت تلك هي الشرارة الأولى. فقد سرت حالة من التذمر والتساؤلات وسط العمّال عن مصيرهم، ولم يعد من وسيلة للتفاهم مع الشركة سوى الإضراب، الذي برهنَ أنه السلاح الأمضى. فتوقف العمل في قسم الصيانة كاملاً، وتوقفت حركة الطيران في المطار جزئياً، واعتصم العمّال في أقسامهم وجددوا مطاليبهم الآتية:
1 - تشكيل نقابة عمّالية.
2 - زيادة الأجور بنسبة 25 في المئة.3
- توفير المواصلات.4
- إتاحة الفرصة للبحراينيين للعمل وتحقيق شعار (بحرنة الوظائف).
5 - رفض تدريب العمّال الباكستانيين.
وشكّلت لجنة من العمّال للتباحث مع الشركة. لكن مساعيها باءت بالفشل عندما جاء رد الشركة: عودوا إلى العمل أوّلاً ثم نفكر في مطالبكم غير أنّ العمّال رفضوا ذلك.
الخميس 9/3/ 1972
تضامناً مع عمّال قسم الصيانة، أضرب عمّال وموظفو دائرة التموين في الشركة نفسها حوالي الساعة العاشرة ليلة الخميس واعتصموا في مكان عملهم. وتبع إضراب باقي الأقسام في جميع مرافق شركة طيران الخليج (المحرق والمنامة) حيث طرحوا جميعاً المطالب الآتية:
1 - حرية العمل النقابي.
2 - زيادة الأجور لتتناسب وغلاء المعيشة.
3 - تدريب العمّال البحرينيين على الأعمال الفنية.
4 - إفساح المجال للعمّال البحرينيين للحصول على الترقيات والعلاوات.5
- إعطاء علاوة (الشفت) أي العمل ليلاً.
6 - إعطاء الفرصة للبحرينيين للتدرب على الطيران وقد سبب هذا الإضراب شل الحركة في المطار.
الجمعة 10/3/1972
واصل العمّال في مرافق الشركة في المطار إضرابهم، وأرسلت السلطة قسماً من فرقة الشغب لمراقبة الموقف وكانت لديهم تعليمات بالسماح للعمّال بمغادرة مكان الاعتصام، وعدم السماح لأي عامل بالعودة للعمل، وذلك في محاولة يائسة لإفشال الإضراب عن طريق تضييق الخناق على العمّال المضربين وعزلهم والاستعانة بعمالة أخرى.
السبت 11/3/1972
انتشرت أخبار إضراب عمال شركة طيران الخليج إلى سائر العمّال في الشركات والمرافق الحكومية الأخرى، وترددت إشاعات عن إضراب سيقوم به عمّال ومستخدمو مستشفى السليمانية التابع لوزارة الصحة. وذلك بعد أيام من المطالبة بحقوق العمّال في وزارة الصحة، حيث قام العمّال بتعليق لافتات كتبت عليها المطالب ولكن الوزارة لم تستجب لهذه المطالب، مما أجبر العمّال على إعلان الإضراب يوم السبت في جميع أقسام وزارة الصحة.وبعد ذلك قابل وزير الصحة علي فخرو المضربين وطلب منهم انتداب لجنة لمقابلته والبحث في مطالبهم، فرفضوا خوفاً من أنْ يعتقلوا من قبل (القسم الخاص) فردّ عليهم بأنني أضمن لكم حريتكم وإذا اعتقل أحد منكم سأستقيل. (هنا يتوجّب الإشارة إلى أنّ حملة اعتقالات واسعة قامت بها أجهزة المخابرات ليلة السبت بدأت ببعض أعضاء اللجنة التأسيسية حيث هوجمت منازلهم فاعتقل مَنْ كان في منزله منهم، وطلب من الباقين أنْ يسلموا أنفسهم، كذلك في الليلة نفسها تم اعتقال احد أعضاء اللجنة التأسيسية في المطار مباشرة بعد عودته من الكويت)، عائداً من المؤتمر التأسيسي للاتحاد الوطني لطلبة البحرين الذي انعقد في دمشق، وهو الأخ علي الشيراوي.
في نفس اليوم (السبت) بدأ إضراب عمّال المنطقة الصناعية التي تضم حوالي 12 شركة مقاولات، وخرجوا في مسيرة إلى وزارة العمل والشئون الاجتماعية.بقي العمّال أمام الوزارة حتى الواحدة والنصف من دون أن يتحرّك أحدٌ من المسئولين لمعرفة ما يريد هذا التجمّع، كانت المسيرة سلمية وكان العمّال يهتفون بمطالبهم العادلة، في الوقت الذي يقومون بتنظيم السير والمرور أثناء مسيرتهم. في ذلك اليوم قدمت اللجنة التأسيسية مذكرة لوزير العمل ونسخة منها إلى وزير العدل تشرح موقفها من الأحداث وتحمل مسئولية تطور الأحداث على عاتق الحكومة التي لم تبد اهتماماً بمطالب العمّال.
الأحد 12/3/1972
هذا اليوم تجددت فيه المسيرات العمّالية، كانت أكثر تنظيماً، الهتافات تتركز على العمل النقابي والأجور وغلاء المعيشة، كما أنّ لافتات قد رفعت تؤكد المطالب. انضم إلى الإضراب مجموعات عمالية جديدة. وكان العمّال يؤكدون أننا لا نريد أن نتوجّه للمدارس لكي لا يخرج الطلاب في المسيرة من أجل أن نعطي تحركنا طابعاً عمّالياً بحتاً ولكي لا يفلت ضبط المسيرة والإضراب من يدنا حيث اندفاع الطلاب وحماسهم. اتجه العمّال المتظاهرون إلى وزارة العمل بهدف مقابلة الوزير وتم تسليمه رسالة تطالبه بمعالجة الوضع بالحكمة وتنبهه إلى عدد مسئوليتها عن تطور الأحداث.خلال ذلك قرر العمّال الذهاب إلى مجلس الوزراء الذي كان منعقداً في مبنى الحكومة. (منذ أول يوم من أيام الإضراب (الأربعاء 8 مارس/ آذار) كانت فرقة الشغب في حالة استعداد في سياراتها ترافق التحرك العمّالي في المسيرة. بالإضافة إلى أنّ مجموعات منها رابطت في المناطق العمّالية... مصنع الألمنيوم وشركة طيران الخليج والمنطقة الصناعية (...).أثناء تجمع العمّال أمام بوابة مبنى الحكومة الشرقية، جاءت لجنة من مجلس الوزراء مكونة من الشيخ خالد بن محمّد الخليفة، وزير العدل، والشيخ عبدالله بن خالد الخليفة، وزير البلديات والزراعة، و جواد العريّض، وزير العمل والشئون الاجتماعية، وعدد من الوزراء من بينهم الوزير يوسف الشيراوي. ووقفوا بداخل المبنى، وكان يقف خلفهم هندرسون وشور وهيكنز، وفرقة الشغب.- ألقى وزير العدل كلمة باسم مجلس الوزراء وطلب من العمّال أن يكوّنوا لجنة تمثلهم، فأجمعوا على أنّ اللجنة التأسيسية (الذين لم تطلهم أيدي المخابرات بعد). وطلبوا في بادئ الأمر فتح باب السكرتارية وإبعاد الشرطة؛ لأنهم يشكلون عامل استفزاز للعمّال، لكنهم لم يفتحوا الباب، وكان الجو مشحوونا ومتوتراً.
بعدها طرحوا مطالب العمّال:
1 - طلب تشكيل نقابة، وقلنا اننا قدمنا هذا الطلب للسيد وزير العمل والشئون الاجتماعية منذ ستة أشهر، ولكن حتى الآن، لم يأت أيّ جواب لا سلباً ولا إيجاباً، رغم أنّ نصوص الباب الثالث من قانون العمل تشير إلى انه خلال 21 يوماً من تقديم الطلب، يتوجّب الحصول على جواب بالإيجاب أو الرفض، وعدم الرد من الوزارة يعني الموافقة على الطلب، بحسب ما يشير قانون العمل الصادر في نوفمبر/ تشرين الثاني 1957 في الباب الثاني.
2 - توفير العمل للعاطلين وتطبيق شعار (بحرنة الوظائف) الذي دعت إليه وزارة العمل منذ زمن.
3 - زيادة الأجور ومعالجة غلاء المعيشة بأساليب واقعية.
4 - إطلاق سراح المعتقلين من العمّال وخصوصاً أعضاء اللجنة التأسيسية ومنهم علي الشيراوي وحسن رضي الستراوي ووقف حملات الملاحقة والتفتيش، وقالوا إنهم مطاردون ولا يستطيعون الذهاب إلى بيوتهم، فكيف يستطيعون تهدئة العمّال والاتصال بهم، كما تطلب الحكومة ؟
وجاء جواب وزير العمل على النحو الآتي:
1 - حول المطلب الأوّل: أنكم تطلبون الجزء وهو النقابات، وأنا أقول لكم أنّ الحكومة ستعطيكم الكل؛ أي الدستور (؟) وهو ينظم حقوقكم وواجباتكم وستصدر مراسيم أميرية في خلال أسبوعين عن هذا الموضوع.
2 - أمّا عن المطلب الثاني فإننا قد شكّلنا لجنة تجتمع يومياً لإظهار شعار بحرنة الوظائف، وهذا يأخذ وقتاً كبيراً (؟) ونحن ساعون في هذه العملية.
3 - أمّا عن مطلب زيادة الأجور فإنّ هذا الخلاف بينكم وبين الشركات التي تعملون بها ونحن سنطالب بتكوين لجان لكلّ شركة ومؤسسة وستقابلها لجنة من الوزراء. وردّ عليه أعضاء اللجنة التأسيسية: اننا مخوّلون من قبل العمّال بشأن تطبيق الباب الثالث من قانون العمل 1957، وفي الإمكان الاجتماع بكم الآنَ لبحث هذه المسالة، فقال الوزير: إن الجو الآنَ متوتر (؟) وليس في الإمكان الاجتماع، وتعالوا غداً حاملينَ مطالبكم وسنقابلكم، فقلنا إن هذا الجو من أنسب الأجواء للمفاوضات.
4 - أمّا عن ارتفاع الأسعار فقال: إنّ وضع الحلول لهذه المشكلة واردٌ لدينا ولكنه يتطلب وقتا ليس بالقصير.5 - وحول مطلب إطلاق سراح المعتقلين فقد قال: إننا الآنَ في حالة طوارئ في البلاد وعلى هذا الأساس فيمكن أن يكون قد جرت بعض الاعتقالات. وربما قد اشتركوا في الفوضى وتخريب بعض الممتلكات العامّة، فلذلك قد ألقي القبض عليهم.فرد العمّال أنّ الاعتقالات تمت قبل حدوث الاضطرابات، ونحن لم نتمكّن من النوم في منازلنا بسبب ملاحقة الشرطة لنا فكيف يمكن الاتصال بالعمّال؟فقال وزير العدل: «إنني كوزير للعدل أقول لكم انه لن يُعتقل أيّ شخص مجدداً وهذا وعد منّي. والمجموعة التي ألقي القبض عليها سيحقق معها وإذا لم يوجد ضدها شيء سيطلق سراحها. (وجرّ يده على لحيته) وقال: مطالبكم سوف تتحقق. بس... ارجعوا للشغل.
بعد ذلك قال أعضاء اللجنة التأسيسية: أننا موافقون وسوف نعرض الموضوع على العمّال لنرى رأيهم.
الإثنين 13/3/1972
في صباح هذا اليوم بدأت الأحداث تأخذ مجرى آخر وهو القمع من جهة السلطة والمقاومة من قبل العمّال بالطبع أنّ المتتبع لتطورات الأحداث يعرف تماماً كيف كان العمّال يعملون بجد من أجل عدم إعطاء أيّ مجال للسلطة لتخريب التحرك. حيث لا أعمال شغب من قبل العمّال بل محاولة إعطاء التحرك الطابع السلمي القانوني من أجل وضع الحكومة في موقع عاجز عن إفشال توجه العمّال. وهذا الأمر أوقع السلطة في ارتباك شديد حيث أنّ استمرار الوضع بهذا الشكل سيعطي العمّال قوة جماهيرية كاسحة في الوقت الذي ستكون السلطة مجبرة على التعامل معهم بغير أسلوب العنف.البداية كانت حين وصلت مسيرة العمّال من المنطقة الصناعية التي تقاطع الطريق القريب من مبنى الحكومة حيث كان أعضاء اللجنة التأسيسية في وسط العمّال بهدف مقابلة اللجنة الوزارية كما وعدت يوم أمس.كانت فرقة الشغب مرابطة عند المفترق في حالة استنفار شديد وما أن توقف العمّال في هذا الموقع حتى أطلق الضابط قائد الفرقة قنبلة مسيلة للدموع تبعتها عدة قنابل. كان النوع الجديد من قنابل هذا العام يختلف كثيراً عن القنابل التي استخدمت في أحداث (1965)، حيث الأخيرة شديدة الفعالية خانقة جداً. ناهيك عن طريقة إطلاقها الجديدة من البندقية وفي صدور العمّال الذين كانوا في الصف الأوّل بشكل مباشر. بعد هذا التصرّف من الشرطة تفرقت المسيرة على صوت آخر غير القنابل، كان صوت إطلاق الرصاص.
وكان رد المتظاهرين العمّال، وقد جاء من الطلبة لمساندة العمّال. واختلط الحابل بالنابل، وشاهدت الطلبة وهم ينهالون بالحصى على فرقة الشغب. ولن أنسى ما حييت مشهداً تجسّدت فيه روح الجسارة والاقدام. وكان المناضل العمّالي جليل الحوري يفتح صدره لقوات الشغب هاتفاً بأعلى صوته: اضرب... اضرب... يامرتزق. ولم أعرف كيف تمكنت من سحبه وهو يشتم المرتزقة و»يتحلطم» على العمّال كيف يتراجعون؟!
انقسم العمّال وانتقلت مجاميع منهم إلى منطقة (الحورة) وهناك دارت مناوشات أخرى بالحجارة من قبل العمّال وبالقنابل الخانقة والرصاص والهراوات من قبل (فرقة الشغب). في أكثر من شارع أقيمت المتاريس في طريق سيارات الشرطة من قبل العمّال، وجاء المزيد من الشرطة. وكانت هذه الصورة تتكرر في مختلف المناطق من العاصمة كمنطقة النعيم وحول مدرسة علي بن أبي طالب الابتدائية ومنطقة العوضية.في الصباح أيضاً كان عدد من العمّال متجمهرين أمام دوّار (القفول) حيث موقف سيارات شركة بابكو، تدخلت (فرقة الشغب) بالهراوات لتضرب العمال من دون سابق إنذار، وحدثت أكثر من إصابة خطيرة.هناك حدث خطير ينبغي الاهتمام به حدث صباح اليوم الإثنين وهو خروج الطلاب من المدارس، موضوع أحدث الكثير من التبعات المؤثرة في تطور الحوادث.
من الواضح أن العمّال قد حددوا موقفهم من مسألة خروج الطلاب في التحرك. وهو الموقف الرافض، ومهما ادعت السلطة بأن العمال هم الذين أخرجوا الطلاب فإن ذلك لم يكن سوى تبرير ساذج لقمع التحرك العمالي/ الجماهيري. ولعلّ شهادة المعلمين والمعلمات بان العناصر التي دخلت المدارس من أجل إخراج الطلاب كانت عناصر غير عمالية، وكانت ترتدي الثياب، بينما من شاهد المسيرة العمالية يتذكر أن القبعات والبنطلونات الجينز والكاكي كانت هي السائدة.
والجانب المفضوح الذي يكشف مخطط الحكومة لإرباك وتخريب مسيرة العمال التي اتسمت بالسلمية والنظام هو البيان الذي عممته وزارة التربية والتعليم على جميع مديري ومديرات المدارس بالسماح لكل من يريد ترك المدرسة من الطلاب بالخروج، بل وترك أبواب المدرسة مفتوحة. وكان توقيت ذلك في اليوم الثالث من تطورات الأحداث، مما يدلل على التدبير المسبق من قبل الحكومة بعد أن وجدت أنّ المدخل الوحيد لضرب التحرك العمّالي هو دس عناصر المخابرات لأحداث أعمال تخريب كما حصل من عملية تكسير لأضواء الإنارة لفندق دلمون، وإحراق مكتب المحامي المرحوم حميد صنقور حيث كان مستشاراً للجنة التأسيسية.
اتسع الإضراب في الشركات والمؤسسات التالية:شركة (ألبا) مصنع الألمنيوم و زلاقة السفن ودائرة الكهرباء، وقسم من عمّال شركة نفط البحرين (بابكو) وكل شركات المنطقة الصناعية في ميناء سلمان.أخذت الاعتقالات منذ يوم (الأحد) في الاتساع، حيث أخذت الشرطة تعتقل من الشوارع بشكل تعسفي عشوائي، بالإضافة إلى الاعتقالات المركزة التي نشطت بها أجهزة (القسم الخاص) المباحث التي يديرها ضباط انكليز، أمثال هندرسون وشور وهيكنز. وكان أعضاء اللجنة التأسيسية قد أصبحوا ملاحقين، واعتقل أكثرهم فيما عدا خمسة أو ستة أعضاء لا يبيتون في منازلهم حيث أخذت اللجنة قراراً أنها في حالة انعقاد دائم ومتواصل مع العمال لأخذ الخطوات اللازمة لاستمرار الإضراب وكان أهم القرارات بعد الصدامات في الشوارع هو العودة إلى الإضراب في مواقع العمل من جديد.وهنا سيكتب فصل جديد عما حدث لعمال حاولوا العودة إلى مواقع العمل.حتى نهاية النهار (الاثنين 13) استطاعات قوات السلطة السيطرة على الشارع إلى حد ما، خاصة بعد صدور البيان الوزاري الذي أعطت عمليات القمع تبريرات مغلوطة. لكنها مبررات على كل حال. خاصة بعد الاعتماد على تشويه مجمل التحرك العمالي الواسع واختلاق افتراءات كانت مجال للتندر في الأوساط العمّالية والشعبية.
الثلثاء 14/3/1972
قامت مظاهرات عمّالية في المنامة (العاصمة)، وتصدت لها (فرقة الشغب) فأطلقت عليها القنابل المسيلة للدموع مما أدى إلى جرح عدد من المتظاهرين. كذلك هاجمت مجموعات من فرقة الشغب العمال المعتصمين في مناطق العمل في محاولة على إجبارهم على ترك مكان العمل وفك الاعتصام. كانت النتيجة عدد من الإصابات بالإضافة إلى مجموعة (البدو) التي أحضرت خصيصاً من السعودية للقمع حيث هاجمت عمال شركة (بابكو) في سياراتهم وعملت فيهم بالهراوات.اتسعت حملة الاعتقالات حيث شملت عدداً من الطلبة والمدرسين. وبدت البلاد في حالة من التوتر الشديد، حيث أن الإرهاب والقمع الذي مارسته قوات الشغب وأجهزة المخابرات أشعل نار التذمر لدى المواطنين، خصوصاً أنّ الوضع الشعبي في البلاد كان متوتراً إلى أبعد الحدود ضد السلطة. في هذا اليوم أنزلت قوات الدفاع (قوة دفاع البحرين) بجميع مفارزها وعدد من المصفحات، ونصبت خيامها في دوارات الشوارع الرئيسية، والمطار وعند مصنع الألمنيوم وفي مبنى الإذاعة وخزانات البترول في عراد وسترة.
الأربعاء 15/3/1972
هاجمت قوة (فرقة الشغب) عمال (ومبى ديلونج) المعتصمين في مكان عملهم واستخدمت الهراوات وقنابل الغاز الخانق. ولاحقتهم خارج العمل حيث كان العمّال يصرون على عدم العودة إلى العمل دون تحقيق أي من مطالبهم. كما أطلقت عيارات نارية من بنادق «أف. أن» في محاولة لإرهاب العمال. ويتوجب الانتباه إلى المفارقة المضحكة في أساليب الحكومة حيث أنها كانت تجبر العمال على ترك مواقع العمل في اليوم الأّول، في حين أنها اليوم تلاحقهم من أجل العودة إلى العمل.من جهة أخرى اتضح أن عمال شركة الألمنيوم قد احتجزوا من قبل (قوات الشغب) بعد دوام يوم الخميس 9 مارس ولم يسمح لهم بمغادرة المصنع بسبب إضراب العمال من الدوام الآخر وعدم حضورهم لاستلام النوبة. وأصدرت (فرقة الشغب) إنذاراً للعمال بالضرب إذا لم يعودوا إلى العمل. فهدد العمال من جانبهم بحرق المصنع إذا ما أطلق الرصاص أو القنابل. فتراجعت قوات الشغب بعد تدخل (مستر مليك) رئيس المجلس الإداري (والفرنسي الجنسية).
كان اتصال بعض عناصر من بقايا اللجنة التأسيسية مازال قائماً مع وزير العدل، بالإضافة إلى وزير الصحة علي فخرو الذي طلب هو نفسه مقابلة أعضاء اللجنة التأسيسية في بيته، حيث تعهد لهم - كما فعل وزير العدل - بأن أحداً من العمال لن يعتقل وأنه (وزير الصحة) سوف يستقيل إذا حدث ذلك وأعطى أعضاء للجنة ضمانة بحرية التحرك دون أن يعترضهم احد، وذلك من أجل الاتصال بالعمال وحثهم على العودة إلى العمل.كانت الحكومة تصر على أن تكون هناك لجان خاصة في مجالات العمل في الوقت الذي يرفض العمال ذلك قائلين بأن أحداً لا يضمن لنا عدم اعتقال أي لجنة ننتخبها مادام الحال هكذا بالنسبة لأعضاء اللجنة التأسيسية ويريدون ضمانات بذلك.
والدكتور علي فخرو هو الوزير الوحيد الذي بعد مفاوضات معه، أعطى الضمان، فتشكلت أول لجنة عمالية في الصحة وكان لها لاحقاً أروع الأدوار ولعلنا حين نطلع على نشاطها نرى أنّ نشاط هذه اللجنة قد فاق عمل الكثير من نقاباتنا اليوم.دارت مناوشات واشتباك بين قوات الشغب وعمال الألمنيوم حيث هاجم الشرطة المصنع لضرب العمال بمسيلات الدموع الخانقة والرصاص. ووصلت الحالة أن تجمع العمّال داخل وحدات المصنع في حالة تأهب بالرافعات «كرينات» وأواني غرف الألمنيوم المليئة بالألمنيوم المصهور.في شركة الألمنيوم (ألبا)، طلبت الشركة من العمال تكوين لجنة للتباحث مع إدارة الشركة. وفعلاً تكونت هذه اللجنة واجتمعت مع مسئولي شركة (ألبا) وطرحوا المطالب التي يصر عليها العمال وهي عادلة ومشروعة. فأوضح مسئولو الشركة لأعضاء اللجنة أنها (أي الشركة) مستعدة لتلبية المطالب ولكن الحكومة لا تقبل ذلك بحجة أنها ستبحث الأمر بشكل عام في جميع الشركات في البحرين، وأصدرت الشركة بياناً توضح فيه رأيها وتعلن عن حل اللجنة المنتخبة من قبل العمال، وتطالب بتشكيل لجنة عمالية أخرى للجلوس مع اللجنة الوزارية الرسمية لبحث المطالب نفسها.
من جهة أخرى عقد اجتماع بين مسئولي شركة طيران الخليج وبين الوزير يوسف الشيراوي وزير التنمية والخدمات الهندسية حيث أبدت الشركة استعدادها على لسان رئيسها لتحقيق مطالب العمال نزولاً عند هذه الظروف الخطيرة التي تتعرض لها الشركة. إلا أنّ الوزير الشيراوي رفض ذلك بحجة أن تحقيق مطالب عمّال هذه الشركة سيجعل عمال الشركات الأخرى يصرون على مطالبهم!! حسب زعمه. بالإضافة إلى ما تعنيه هذه المواقف من تبعات في المستقبل على تدفق الرساميل الأجنبية.
وقد حدث ذات الشيء مع شركة ألبا التي أوضحت في بيان أصدرته أن المسئولين الحكوميين يرفضون الاستجابة لمطالب العمال!!مارس «آذار» 1956 في ذاكرة البحرين2 مارس 1956وزير خارجية بريطانيا Selwyn LIYOD يصل مطار المحرق، وفيما هو في السيارة التي تقله من المطار إلى المنامة عن طريق جسر المحرق اعترض طريق سيارته عدد من أهالي المحرق عند قهوة عبدالقادر في سوق المحرق فرموا سيارته بالحجارة وطماطم سوق الخضرة التالف مرددين عبارات معاديه لسكرتير حكومة البحرين والقابض على مقاليد ومفاصل الحكم في البحرين آنذاك (بلغريف). (البحرين – مشكلة التغيير السياسي والاجتماعي ـ الطبعة الأولى 1976 – دار إبن خلدون).
11 مارس 1956
حصل شجار في سوق الخضرة في المنامة قرب مبنى البلدية القديم بين أحد موظفي البلدية وأحد الخضارين وتطور الشجار وتدخل عدد من الناس لنصرة الخضار فهرب موظف البلدية إلى البلدية ولحق به الناس فتدخلت الشرطة وأطلقت النار وسقط ثلاث قتلى وجرح آخرون وهي ما أطلق عليها حادثه البلدية.
( جريدة الأيكومست TEE ECONOMIST» «GROWING PAINS IN BAHRAIN» – Issue No 5874 – 24 MARCH 1956» عن كتاب د. محمد غانم الرميحي (البحرين مشكلات التغيير السياسي والاجتماعي ـ الطبعة الأولى 1976 دار إبن خلدون).
13 مارس 1956وساطة بريطانية برئاسة الوكيل السياسي جولت
(C.A.GAULT)، إذ اجتمع مع بعض أعضاء الهيئة التنفيذية العليا لمناقشة الوضع المتأزم في البحرين ومطالب هيئة الاتحاد الوطني، ولم يتوصلوا إلى نتائج إيجابية.16 مارس 1956الاجتماع الثاني بين مندوبي هيئة الاتحاد الوطني والوكيل السياسي جولت، وقد تقدمت الهيئة في هذا الاجتماع بالمطالب الآتية كشروط لأنهاء الإضراب:
1 - اعتراف الحكومة بالهيئة التنفيذية العليا.
2 - إجراء تحقيق بشأن الحادثة التي قتل فيها ثلاث بحرينيين في الحادي عشر من مارس 1956 (حادثة البلدية)، ومعاقبة المتسببين. كما يجب دفع تعويض لأقارب القتلى المغدورين.
3 - إعفاء تشارلز بلغريف من منصبه.
4 - دعوة الخبير القانوني والدستوري المصري عبدالرزاق السنهوري للقدوم إلى البحرين لدراسة القوانين المدنية والجنائية التي تم جمعها وتنسيقها، وذلك بمساعده لجنة تنتخب بطريقه ديمقراطية.
17 مارس 1956رفع الإضراب العام الذي استمر أسبوعاً بعد أن توصل المتفاوضون إلى حل وسط، وقد تضمن هذا الحل
:أ - تتخلى الهيئة التنفيذيه مؤقتاً عن مطلبيها أ- إنشاء مجلس تشريعى.
ب - فصل بلغريف من منصبه في مقابل موافقة حكومة البحرين على الاعتراف بالهيئة بشروط تغيير اسمها لكونه مرتبطاً بأعمال شغب سابقة.
ب ـ أن يقبل سكرتير عام هذه اللجنة (الهيئة) عبدالرحمن الباكر النفي الاختياري لمدة ستة أشهر.
وعلى إثر ذلك تم الاعتراف بالهيئة التي عرفت فيما بعد بهيئة الاتحاد الوطني.18 مارس 19566 - وقع حاكم البحرين الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة بحضور كل من عبدالرحمن الباكر وعبدالعزيز الشملان، وعبدعلي العليوات، ومحسن التاجر كممثلين عن الهيئة، على وثيقة الاعتراف بهيئة الاتحاد الوطني، مضيفاً بذلك صفه الشرعية على نشاطها السياسي. ووقع المستر جولت كشاهد على هذا الاتفاق، وصارت هيئة الاتحاد الوطني أول حزب سياسي معترف به في الخليج والجزيرة في 18 مارس 1956.
الوصلة:
http://www.alwasatnews.com/newspager_pages/print_art.aspx?news_id=115088&news_type=LOC