Saturday, March 01, 2008

نريد الرأس.. لا يكفي قطع الذنب

نريد الرأس.. لا يكفي قطع الذنب
لا يكفي استجواب عطية الله أوتنحيته.. نطالب بمحاكمته ومن يقف وراءه

عبدالجليل السنكيس
27 فبراير 2008م

قد يتصور البعض ان ما جرى في مجلس نواب الشيخ حمد يوم أمس، جرى ضمن سياق طبيعي، وأنه جاء نتيجة أداء ضاغط لذلك المجلس الذي يدار مباشرة من ديوان البلاط، ولا يشك أحد في ذلك. لقد كان الحدث فاقعا بشدة، و"ممسرحاً" بطريقة توحي بأن المجلس صاحب إرادته ويملك قراره، وهو غير الواقع والحقيقة، مهما حاول البعض في ارسال تلك الرسائل. وهنا لا أريد أن احرف الموضوع أعلاه، فلي في ذلك كلام كثير وكبير قلناه من قبل أثناء الحديث عن المشاركة، ولن أعيده الآن، فكل ما كتبناه وقلناه موجود، والبركة في النت.
فيمكن أن نغالط أنفسنا لو أن الحدث الإحتجاجي(الذي لم يتبلور بعد في قناعتي في صورته الحقيقية والقوية) في أول جلسة، أول أسبوع حين لم يطر "الذنب" حينها كما شهر، نعم لو كان في أول شهر.. في أول انعقاد.. في أول طلب استجواب. أما وأن يحدث ما حدث في هذا الوقت وهذه الصورة، فنقول بأن الأمور ليست طبيعية كما يحاول البعض ان يخرجها أو يجعلها في ذلك الإطار.
فالمعلومات تدلل على توجه لإزاحة الوزير "الذنب" لعدة أسباب سوف نذكرها لاحقا. فلا يكفي الضجيج المؤقت والمزاجي في قطع رأس الحية المختبئة في جحرها. ولا يمكن السماح بمحاسبة الذنب الذي يلعب بإرادة الحية ورأسها المدبر، وهو لا يزال يدير الأمور في ذلك المجلس المسخ كما يعلم أعضاءه ويعلم ذلك الجميع.
وللتدليل على ذلك ولتتضح حقيقة الأمور أذكر بعض الحقائق الخافية
فمنذ أقل من شهر وأثناء زيارتي لواشنطن، علمت بلقاء أحد سفراء البحرين في أحدى الدول الغربية المهمة بأحدى الشخصيات المعروفة، حين ذكر السفير بشكل مباشر لا تلميح بأن العائلة الخليفية غير راضية وغير مسئولة عما يقوم به عطية الله وبقية أبناء السويدي. يدلل هذا الحديث عن توجه لابعاد الوزير عطية الله "الذنب" عن واجهة الإعلام والتناول المباشر، ليواصل لعبه في الكواليس الخلفية، وليكون بالقرب من الرأس المخطط والمدبر في البلاط. ولابد أن يخرج الأمر بشكل طبيعي، وسوف يكشف المستقبل عن بعض الخبايا، وما حيثيات وطريقة إيقاف محاكمة الأستاذ المشيمع والناشط الخواجة منذ أقل من سنة، ببعيدة عنا. فهذا المجلس، هو أداة تخليص ومكتب تسهيل وشرعنة لبرامج النظام وتخفيف الضغط الشعبي عليه، قبل البعض بذلك أم لا. وقد أثبتت هذه المقولة التجارب منذ العام 2002م ولحد الآن. وليس من ديدن هذا المجلس ولن يسمح له، حتى وإن عمل بـ22 عضو من أصل 40 منتخبين، تسليط الضوء على القضية الأساس: تغييب الإرادة الشعبية عن صناعة القرار والإستئثار بالثروة والسلطة، حتى وإن تطلب جلب المرتزقة وزرعهم في البلد لتشويه تاريخ وثقافة وأصالة هذا الشعب المناضل من أجل حقوقه.
الأمر الأخر الذي يدلل على توجه تغيير الأوجه، من جانب آخر، هو ما صار الحديث عنه في الأوساط الغربية وهو مشروع الشيخ حمد الإستيطاني والذي أصبح محل ازدراء ورفض في تلك الأوساط (الأوروبية والأمريكية) بعد أن تكشفت بعض معالمه الخطرة وبعد أن ظهرت إشارات الانذار جلية واضحة من خلال تورط بعض من تم منحه الجنسية البحرينية في خلايا "إرهابية" اكتشفت في البحرين وخارجها وشبكات ومجموعات وصمت وأخرى عرفت "بالتشدد". بل إن بعض من تم منحهم الجنسية شارك في العمليات الحربية في أفغانسان والعراق، وتنقلوا الى هناك والى مناطق أخرى باستعمال الجواز البحريني، فهل يوجد خطر أكثر من هذا في دوائر صنع القرار الدولي؟
وعليه، فإن التواصل الدبلوماسي الدولي في إزدياد على النظام للتوقف في مواصلة المشروع التخريبي والتحايل على المطالب الشعبية المنادية باحترام وصيانة حقوق الإنسان والديموقراطية. ولهذا يلاحظ الزيارات واللقاءات المكوكية من الدول الغربية والولايات المتحدة، ولا يستبعد أن يتم استدعاء الشيخ حمد للندن وواشنطن للحديث عن هذا الأمر وضرورة استحداث "تعديلات" اقتصادية وسياسية الغرض منها امتصاص النقمة المتنامية شعبياً والتي تعدت الدور الذي يلعبه النظام الى دور الدول الغربية والمنطقة في دعم مشروع الإستيطان وتغيير التركيية السكانية.
وقد بدأ الحديث عن الوضع الإقتصادي للشعب عبر تنشيط المشاريع الإسكانية بشكل أكثر، ودعم الرواتب، وتصحيح الوضع العمالي وغيرها من الأمور التي تراها الدوائر الغربية مهمة في عملية امتصاص النقمة المتنامية ضد النظام والحكومة. وسوف يتبع ذلك مشاريع سياسية من ضمنها وضع رئيس الوزراء، وعلاقته بولي العهد وبروزه للسطح بعناوين مختلفة، وابعاد شخصيات مثل عطية الله، ولهذا جاءت حركة الأمس لتسير الأمور بشكل سلس وطبيعي.
طبعاً نضيف لذلك البعد الحقوقي واهتمام النظام في ابرازه بأفضل طريقة، ولهذا انيطت مسئولية التلميع هذه لوزير شئون الخارجية نزار البحارنة، وليس مستبعداً أن يتواجد في أبريل القادم على منصة الأمم المتحدة، كما سبقه وزير العمل الذي صرح بعدم وجود تمييز في البحرين قبل سنتين، ليقول للعالم بأن البحرين دولة الحقوق والقانون. وأعتقد بان النظام يريد أن يمتص ردة الفعل الدولية بسبب التقارير العديدة التي صدرت من منظمات معروفة في هذا الجانب، وأنه يريد فقط أن يتفادى التنديد ووضعه في دائرة المحاسبة ضمن قائمة الدول التي يزورها المقررون الخاصون ضمن فرق العمل، خصوصا في مواضيع التمييز، والأعتقال التعسفي والتعذيب، والمدافعين عن الحقوق وحرية التعبير وغيرها. ولهذا نؤكد على حديثنا السابق بأن النظام سوف يضطر الى ان يفرج عن المعتقلين النشطاء برغم من مسرحيته التي حاول أن يقنع العالم بها ولم يفلح.
إذن..
هناك توجه للتخلص من الوزير "الذنب" ضمن مجموعة إجراءات بعد أن عطب و"خاس" واستهلك، ولا يصلح للمرحلة القادمة التي سوف تتميز بوضع اللمسات الأخيرة على مشروع التغيير الديموغرافي الذي شارف على نهاياته، ولازال البعض، للأسف، يلاعب الذنب!! إن النظام يحاول أن يكسب بعض الوقت، ويلعب لعبة الدفاكتو وسياسة الأمر الواقع ويناشد التعامل معه بواقعية و"عقلانية".
والسيناريو المتوقع لتحقيق ذلك بأن يحدث تغيير وزاري سريع، وسيطال كلا من الوزير الذنب وكذلك وزير البلديات- القريب من البلاط كما يعرف الجميع. وبهذا يتم الإلتفاف على "الإستجوابات" كما هو متوقع وقد حدث سابقا في وزارة الصحة والإعلام. وحيث أنه لا يمكن ان يتم سلب أي من أفراد العائلة أو الموالين لهم من مميزاتهم، فإنه من المتوقع أن يتم تعيين- عفواً ترقية- الوزير "الذنب" ليكون مستشاراً للبلاط لشئون "التقنية والمعلومات" ليواصل عمله التجسسي الذي يديره منذ أن بدأ العمل في مركز المعلومات. وبهذا يتم امتصاص "الصيحة" التي أثارها البعض ويعود العمل لسابقه، فيما تتواصل المشاريع التدميرية المدارة والممولة من البلاط.
ولهذا في ظل هذا الوضع المحلي والضغط الدولي، فالفرصة مناسبة أكثر للمطالبة بالرأس وليس بالذنب. إن الوقت للمطالب بتصحيح حقيقي للتجاوزات، والتوقف عن المجاملات التي لاتزيد البلاط إلا تجبراً وطغياناً. واعتقد بأنه حان الوقت لوضع النقاط على الحروف في الوقوف مع المطالب الشعبية، والتوقف عن اللعب بحزبية وإخضاع الأمر للتجاذبات السياسية الضيقة. إن المطالب لابد ان تكون واضحة ومباشرة وسوف اختزلها في المطالب الرئيسة في الأتي:
1) فيما يخص مخطط تغيير التركيبة السكانية وما جاء في تقرير البندر، المطالبة بقطع رأس المخطط الذي ينفذه السامري والطائفي البغيض خالد بن أحمد وأفراد عائلة السويدي- بحسب البندر- الذين يشاركونه المشروع. وعليه، لابد من المطالبة بتنحية ومحاكمة وزير الديوان والشبكة التآمرية التي معه. ويتضمن ذلك تحديد صلاحيات البلاط في تدبر شئونه ودون تدخل في شئون الدولة الأخرى (التشريعية التنفيذية والقضائية).
2) أن يتوقف مشروع الاستيطان وتسترجع الجنسية البحرينية من كل من وهبت له دون استحقاق وتنفيذا لمشروع البلاط تجاوزاً لمتطلبات القانون، وعبر استثناءات رأس الدولة. كما يتم تصحيح الوضع الذي نتج من تنفيذ مشاربع البلاط التدميرية التي كشفها البندر.
3) لابد من التأكيد على مطلب "دستور الشعب للشعب" ورفض دستور "الملك للملك" وأن يكون الشعب هو صاحب الصلاحيات وإرادته ممثلة بشكل حقيقي ومستقل عبر المجالس المختلفة. ويشمل ذلك إزالة كل ما من شأنه أن يعيق العملية والتمثيل والتنفيذ للديمقراطية السياسية في صناعة القرار والاستفادة من ثروات البلد.
العبرة في النهاية وليس في بداية الأمور، وعليه فإن الحكم على القضايا والتحركات والمطالبات بنهاياتها، ومن هنا فإن المطالب لابد أن تتواصل الى أن تتحقق، وما ذكر أعلاه هي ما سوف تواصل القوى الشعبية الحقيقية في المطالبة به، وما ضاع حق وراءه مطالب. وإذا الشعب يوما أراد الحياة، فلابد ان يستجيب القدر.