Thursday, July 17, 2008

أوقفوا هذا القرار



أوقفوا هذا القرار
قاسم حسين

حين سئل وزير هندي كبير قبل أيام، عن موقف بلاده من الحرب ضد إيران، قدّم عدة أسباب لمعارضتها هذه الحرب... ووضع على رأسها الحفاظ على مصالح خمسة ملايين مواطن هندي مقيم في دول الخليج.أما نصيب البحرين الصغيرة الحجم، والمحدودة الموارد، من هذه الكتلة البشرية الهائلة فهي 300 ألف نسمة، أي ثلث سكانها، ما يجعلها أكبر «طائفة» جديدة في البلاد! طبعاً هذا الكلام سيصبح قريباً جزءاً من الماضي، إذا صحّ خبر السماح للهنود والروس بدخول البلاد من خلال المنافذ، دون تأشيرة مسبقة أو وجود كفيل.
ولنا أن نتخيّل كيف سيكون التدفق القادم من البلدين إذا حصل مثل هذا التسهيل الذي يدل على انعدام الحذر والاحتياط.كتلة «الأصالة» تنبّهت مبكراً للخطر، فأطلقت صفارة الإنذار من البداية على لسان النائبين الشيخ عادل المعاودة وعبدالحليم مراد. ولكونها كتلةً دينيةً، ركّز البيان الذي نُشر أمس، على الخطر الأخلاقي الذي يحتل سلم أولوياتها، فجاء بعبارات صريحة ومباشرة: «السماح للروس الدخول دون تأشيرة هو تقنينٌ للدعارة»، مع التلويح بمحاسبة المسئولين في الدور المقبل
.البيان سيكون موضع ترحيب وقبول واسع لدى الشارع البحريني، فهناك توجسٌ كبيرٌ من تداعيات هذا القرار الغريب ليس على الناحية الاقتصادية والعمالة الوطنية والعمالة السائبة ومحاولات إصلاح سوق العمل فحسب، بل على الناحية الأخلاقية والصحية ومخاطر انتقال الأمراض السارية التي يعرفها الجميع.النائبان السلفيان كانا بلا شك يعبّران عن قناعة ذاتية، حين اعتبرا القرار يؤكد المخاوف المتداولة بشأن عدم وجود نية حكومية حقيقية للقضاء على تجارة الدعارة، ووضع حد للمهازل والأماكن التي أصبحت بؤراً لـ «تجمع المنفلتين وفاقدي الرجولة» حسب تعبيرهما. وهو ما يدل على أنهما لم يصدّقا حكاية أن القرار ستكون له نتائج إيجابية على قطاعي السياحة والأعمال.
والمتوقع ألاّ يمضي طويلُ وقتٍ حتى نشهد إجماعاً كاملاً في هذه القضية، بين جميع الكتل التي أضاعت عامين في التناحر والإثارات الطائفية والمشاحنات. على أن الجزء الذي لا يمكن أخذه على مجمل الجد إطلاقاً، هو التهديد بـ «عقوبات صارمة لمن يستغل هذه الإجراءات الجديدة»، الوارد في ذيل الخبر أمس الأول! فإذا دخلت أعدادٌ كبيرةٌ من الجنسيتين البحرين كما هو متوقع، فكيف يمكن ضبطها ووضعها تحت الرقابة و «الكونترول»؟
إذا كانت الأنظمة في البحرين عجزت في السنوات السابقة عن حلّ مشكلة مؤقتة أيام سباق الفورمولا لتوافد آلاف الزوار لفترة محدودة جداً، ونتجت عنها مشاكل وصلت للقضاء، فكيف سيتم التصرف مع فتح الباب على مصراعيه بهذه الإجراءات المتسيّبة؟ ومَنْ يضمن خروج هؤلاء «الزوّار» وعدم تحوّل الجزء الأكبر منهم إلى سوق «الفري فيزا» و «الاتجار بالبشر»؟ ومن يضمن الوقاية من أية موجة جديدة من الأمراض السارية التي تهدّد الصحة العامة؟يقولون رب ضارةٍ نافعة، ولعلَّ هذا القرار الخطير والمتسرع كما يبدو، يدعو لإعادة طرح ملف الـ 35 بلداً التي تحظى بشرف حصول مواطنيها على تأشيرة دخول لدى وصولهم البحرين. فبعيداً عن الأخلاق... ألم تختفِ أمراضٌ كثيرة طوال عقدين كاملين بفضل تقدّم برامج الصحة الوقائية، لكنها عادت للظهور في الأعوام الأخيرة؟ اسألوا عن الأجنحة المخصصة للسل والتهاب الكبد الوبائي.المواطن يراها قرارات فردية تُتخذ في الظلام، بعيداً عن شيء اسمه مصلحة الوطن والمواطن.

الوصلة:http://www.alwasatnews.com/news/print_art.aspx?news_id=775740&print=true