Wednesday, August 13, 2008

بعض قصص التعذيب في البحرين

بعض المفرج عنهم: المطالبة بحلحلة «الملفات العالقة» مسئولية الجميع


الوسط - محرر الشئون المحلية
الافراج عن عدد من المحكومين والمتهمين في قضايا أمنية بتاريخ 30 يوليو/ تموز 2008 صاحبه الكثير من التصريحات التي تحدثت عن انفلات مجموعات شبابية نحو المجهول، وكان عدد المفرج عنهم 225 شخصا، ولكن، وبحسب الذين تحدثت اليهم «الوسط» فإن المشمولين بالعفو ممن لهم علاقة بالاحداث الأمنية عددهم 72 شخصا فقط، والباقي (153 شخصا) كانوا من المحكومين في قضايا جرائم مثل السرقة أو القتل وما شابه. ويبقى في السجن 5 ممن أدينوا وحكمت عليهم المحكمة بالسجن لفترات تتراوح بين 5 و7 سنوات، كما يبقى في السجن المتهمون بحرق مزرعة الشيخ عبدالعزيز بن عطية الله آل خليفة وعددهم 9 أشخاص، كما يبقى المتهمون بحادث كرزكان وآخرون وربما يصل عددهم الى 19 شخصا.



تفتح «الوسط» عدة محاور مع عدد من الذين افرج عنهم حديثاً في محاولة للتعرف على جذور المشكلات الأمنية التي تمر بها البحرين. وفيما يأتي جانب من ذلك الحوار.

ح. ع. (22 عاماً)

ح. ع. (22 عاماً) من قرية كرزكان تم اعتقاله فجر أحد أيام ديسمبر/ كانون الأول الماضي على خلفية قضية حرق جيب الشرطة، والحديث معه ذو شجون، إذ قال: «كنت لا أتجاوز الـ15 عاماً حين توفي والدي، واضطررت بعدها للعمل، حتى أسهم في مصروفات البيت ولو كان من راتبي الضئيل الذي أتقاضاه من عملي، وما يؤسف له أن الحكومة تقوم بتوظيف الأجانب بينما أبناء الوطن يعانون من البطالة. ولو توافرت لي الظروف الجيدة لكنت أتممت دراستي (...) الظروف التي نعيشها في بلدنا، تجعلنا نشعر وكأننا في غربة، لا على أرض وطننا».

وتابع: «كانت ومازالت مطالبنا بالعيش كأي مواطن كريم وأن يتوافر لنا السكن المناسب والوظائف، ولو توافر هذان المطلبان للمواطنين لما كان هناك حرق للإطارات أو أية أعمال عنف أخرى».

وعن الاعتقال الاخير في ديسمبر الماضي، قال «لقد تعرضت للضرب المبرح من قبل رجال الأمن أمام عائلتي وأهالي منطقتي أثناء اعتقالي، ثم نقلوني وثلاثة آخرين لمعسكر الشرطة في مقابة، وقاموا بخلع ملابسنا عنا وضربونا وأوقفونا لمدة ساعتين في البر، بعدها تم نقلنا للتحقيقات حتى الساعة العاشرة من صباح اليوم التالي».

وقال: «أثناء التحقيق معي طلبوا مني الاعتراف بحرق الجيب، والاعتراف على ثلاثة آخرين بأنهم كانوا مشاركين معي بحرقه، وهددوني في حال عدم اعترافي بذلك أن يقوموا بضربي على رأسي إلى أن ينزف، ومن ثم أجبروني على التوقيع على الاعتراف، وبعدها نقلوني للنيابة العامة وطلبوا مني التوقيع مرة أخرى على اعترافاتي، وحتى بعد التوقيع استمروا بضربي، واستمر اعتقالي بعدها لمدة أسبوعين كنت خلالها مصمد العينين ومقيد اليدين».

وأضاف أنه فقد وظيفته في إحدى شركات المقاولات بعد أن تم اعتقاله، لافتاً إلى أن ظروفه المادية صعبة وأنه لم يتمكن من إتمام دراسته نتيجة اضطراره للعمل في وقت مبكر من عمره بسبب ظروف عائلته المعيشية السيئة.

ع. م. (29 عاماً)

المفرج عنه ع. م. (29 عاماً)، قال إن المطالبة بحلحلة «الملفات العالقة» من مسئولية الجميع، وإن الجمعيات السياسية تتحرك لحل هذه الملفات بطريقتها، بينما الشارع يتحرك هو الآخر على طريقته باتجاه هذه المطالب، مشيراً إلى أن بعض الأطراف ترفض حل هذه الملفات باعتبار أن ذلك ليس من مصلحتها.

وعن ظروف اعتقاله، قال: «لم يكن هذا الاعتقال الأول لي، وفي المرتين كان اعتقالي وعدد من زملائي كنتيجة لمطالبنا بالحصول على حقوقنا جميعها من دون استثناء، ومنذ المرة الأولى التي اعتقلت فيها في التسعينيات وقضيت فترة بلوغي في السجون، والأوضاع لم تتغير حتى الآن على رغم كل المبادرات التي حدثت في مرحلة ما بعد التسعينيات».

وأشار إلى أنه في ليلة اعتقاله، قام رجال الأمن بتكسير كل ما وجدوه أمامهم في بيته، ومن ثم تم نقله وزميله (ح. خ.) للتحقيقات الجنائية بتهمة حرق جيب الشرطة وسرقة السلاح.

وقال إن المحققين قاموا بتقييد يديه وتصميد عينه واستخدموا معه الصعق بالكهرباء وجهاز الصعقات في رقبته وأماكن حساسة من جسمه، ونتيجة لاستمرار تعرضه للضرب لفترة طويلة أغمي عليه ونقل إلى المستشفى وخصوصاً أنه مصاب بمرض فقر الدم المنجلي (السكلر).

وتابع: «أعادوني بعدها إلى مبنى التحقيقات الجنائية مرة أخرى، وتم إخراجنا أنا وموقوفين آخرين إلى الخارج وتعريضنا للبرد القارس بعد أن تم تجريدنا من ملابسنا وضربنا وتهديدنا في عرضنا وشرفنا، كما قاموا بشتمنا وشتم أمهاتنا. وبعدها طلب مني أحد المحققين أن أعترف على أي من الأشخاص بتهمة حرق جيب الشرطة، وعرضوا عليَّ صورة كنت أقف فيها بالقرب من الجيب المحترق. وحينها أكدت لهم أني كنت متواجداً هناك لأني كنت متوجهاً لتعزية أهالي الشاب علي جاسم الذي توفي في أحداث ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وفور انتهائي من العزاء عدت إلى منزلي».

وأكد أن أحد المحققين سأله بشأن علاقته بأحد أعضاء لجنة العاطلين عن العمل، وأنه سأل المحقق ما إذا كانت تهمته هو نشاطه مع لجنة العاطلين أو قضية حرق الجيب، والذي بدوره رفض الإجابة عليه.

وأضاف: «تم نقلي بعد ذلك إلى سجن الحوض الجاف، وكان يحرس غرف السجن أفراد من قوات الصاعقة، إضافة إلى وجود كاميرا مراقبة طوال تواجدنا في السجن، وكان رجال الأمن يقومون بضربنا حين يأخذوننا من دورة المياه وإليها، ويمنحوننا مدة خمس دقائق فقط لقضاء حاجتنا في دورة المياه، كما كانوا يجبروننا على عدم غلق باب دورة المياه».

وأشار إلى أنه بعد مدة من اعتقاله سمحوا لأهله بزيارته وتدهورت صحته كثيراً، بعد ذلك نقل على إثرها إلى المستشفى للعلاج.


وواصل : «بالنسبة لي، فإن تحركاتي واضحة وسأواصل سلمياً مطالباتي وزملائي بالحصول على حقوقنا، وكنا نتمنى لو منحت الأولوية في الإفراج عن المعتقلين الآخرين الذين حكم عليهم بالسجن لمدد خمس سنوات وسبع، وخصوصاً أننا لم يتبق على انتهاء أحكامنا سوى شهرين فقط».

ع. ع. (30 عاماً)

أحد المفرج عنهم ع. ع. (30 عاماً) أكد أنه لايزال مهدداً ومراقباً حتى بعد أن تم الإفراج عنه، وأشار إلى أنه تم اعتقاله قبل ستة أشهر وتم نقله للتحقيقات ومن ثم الإفراج عنه من دون توجيه تهمة معينة إليه.

وقال: «في أواخر شهر أبريل/ نيسان الماضي اعتقلوا أصغر اخوتي وعمره 19 عاما (...)، وحين توجهت إلى النيابة العامة للسؤال عن تهمته، اتهمني أحد رجال الشرطة أمام أحد المسئولين هناك بأني أهنت رجال الأمن وطلبوا مني الاعتذار ولكني رفضت».

وأضاف: «بعدها بفترة تفاجأت بوجود اثنين من رجال الأمن المدنيين في مكان عملي، وطلبا مني الذهاب لمبنى التحقيقات الجنائية، وفور وصولي قاموا بضربي ثم صمدوا عيني وقيدوني، وبعدها أتى أحد المحققين الذي كان يتحدث بلهجة غير بحرينية، وسألني إن كنت سأخضع لعملية جراحية في رجلي، وكان ذلك صحيحاً، إذ كنت قبلها بيوم في المستشفى لتحديد موعد لعمليتي، وطلبوا مني الاعتراف بشأن إحدى القضايا، ولكني رفضت ذلك، وبعدها قاموا بتعليقي وتهديدي بالضرب على رجلي التي أعاني منها، وحينها أبلغتهم بأني سأوقع على الإعتراف»، لافتاً إلى أنه تم بعد ذلك نقله إلى سجن أسري، الذي تم ايقافه فيه لمدة 52 يوماً، وطوال تلك المدة كان مصمد العينين ومقيد الأيدي حتى أثناء أدائه الصلاة.

ح. ش. (في الثلاثينات من العمر)

أما المفرج عنه ح. ش. (في الثلاثينات من العمر)، فقال إنه تم اعتقاله في الساعة الواحدة والنصف فجر أحد أيام شهر ديسمبر بتهمة حرق الجيب وسرقة السلاح، وإن رجال الأمن الذين اعتقلوه قاموا بانتهاك حرمة بيته وتكسير كل شيء فيه بحثا عن السلاح المسروق الذي لم يعثروا عليه لأنه لم يكن من سرق السلاح.

وقال: «تم أخذي إلى مبنى التحقيقات الجنائية وضربي بشدة إلى أن أغمي علي ونقلوني على اثر ذلك مرتين للمستشفى، واثناء التحقيق معي واجهوني بأحد الأشخاص الذي كان من الواضح أنه تم تعذيبه بشدة حتى يعترف بسرقتي للسلاح، ولكني رفضت التهمة رفضاً تاماً، وعليه استمروا بضربي وتعذيبي في كل مكان في جسدي، وتعرضت على اثر ذلك للنزف في أماكن حساسة من جسمي».

م. م. (في العشرينات من العمر)

في حديث منفصل لأحد المفرج عنهم م. م. (في العشرينات من العمر)، قال إنه يشعر بالندم على ما مر به من آلام واهانات وسجن، في حين أن الجميع سار نحو انواع اخرى من النشاطات، فالمجلس الإسلامي العلمائي متخصص في شئون الدين، وجمعية الوفاق الوطني الإسلامية دخلت البرلمان، وفعاليات وشخصيات كثيرة انتهجت اساليب اخرى مختلفة عن الماضي، ولم يبق سوى مجموعات شبابية تسمع بعض الشعارات من جهة أو جهتين، وإن الموضوع اصبح الآن اكثر تعقيداً لأن الاجندة غير متفق عليها، والاهداف المعيشية اختلطت بشعارات ترمي الى اكثر من المطالب العادية، وهذا يفسر ردة فعل الحكومة القاسية على الشباب.

حوار عن أهداف النشاطات

الحوار بشأن اهداف النشاطات يوضح تعقيدات الموضوع ويثير اسئلة كثيرة... فالشباب الذين تحدثت اليهم «الوسط» لم تنقصهم الوطنية، وبالتأكيد فإن حبهم لتراب وطنهم هو الذي وجههم الى القيام بنشاطات اعتقدوا بأنها تخدم بلادهم، ولاشك أن البيئة المحيطة بهم من ظروف معيشية صعبة، بينما يرون غيرهم ينعمون بالكثير، كما يشاهدون التوزيع غير العادل للثروة... وبالتالي تراهم ينجذبون للشعارات التي تدعوهم إلى الاصطدام مع أجهزة الأمن.

الوصلة:
http://www.alwasatnews.com/news/print_art.aspx?news_id=780390&print=true