رضي الموسوي
يشيع اليوم إلى مثواه الأخير الضحية رقم 23 من ضحايا مرض السكلر الذي يتمركز في العديد من قرى البحرين. انه المرحوم عباس عبدالله يوسف من سكنة قرية شهركان. وكان قد سبقه ضحية أخرى هي سيدة وجنينها الذي كانت تحمله في أحشائها شهورا عدة.
وهكذا يتساقط ضحايا مرضى السكلر واحدا تلو الآخر في وقت لاتزال التصريحات الرسمية ترن في الآذان بأن تجهيزات وعيادات متخصصة قيد الإنجاز، ليأتي الواقع المرير ويصدم أهالي الضحايا الذين لا يعرفون متى يأتي الدور على الضحية الجديدة ليشيع بصمت وهدوء، الهدوء الذي يختزن في أحشائه قهراً على الحال التي آلت إليها الأوضاع الصحية للدرجة التي لا يجد فيها أبناء الفقراء مسكنا أو علاجا ناجعا لأمراضهم المزمنة.
ثمة 18 ألف مريض بالسكلر في البحرين، أغلبهم فقراء لا يستطيعون تجهيز منازلهم بالمعدات والأدوية اللازمة لمواجهة النوبات شديدة الألم التي تلاحقهم طوال حياتهم، وإذا لجأوا إلى المستشفيات الحكومية فإنهم يواجهون آلاما إضافية بسبب عدم وجود تجهيزات مناسبة للحالات الكثيرة، الأمر الذي أذى إلى وفاة العشرات منهم في السنوات القليلة الماضية، ما يثير تساؤلات جوهرية حول المستوى الذي وصلت إليه البلاد في مجال التطبيب بعيدا عن التقارير الوردية التي لا توقف نوبة ألم صغيرة لمريض السكلر. فالعدد الكبير من المصابين بهذا المرض، يقابله ثلاثة استشاريين في مجمع السلمانية الطبي الذي بدأت تتداعى مرتكزاته مع الضغط المتزايد على الخدمات الصحية نظرا للقفزة الكبيرة في عدد السكان وعدم إحداث تطويرات موازية لهذه القفزة غير المحسوبة إلا في دوائر ضيقة.
الخطورة في الأمر أن معدل وفيات المرضى المواطنين البحرينيين بسبب السكلر تصل إلى ضحيتين في الشهر على الأقل (في العام 2005 مات 43 مصاباً، حسب رئيس جمعية السكلر). وهذا رقم مرعب في بلد لا يزيد عدد سكانه المواطنين على نصف مليون نسمة، ويقع في منطقة حباها الله بنعمة النفط والحماية الأجنبية من كل مكروه.
هل كتب على هؤلاء حمل آلامهم التي تهز الجبال ليموتوا بهذه الطريقة المؤلمة؟
وألم يحن الوقت بعد لأن تغادر اللجان المختصة العقلية البائسة في التعاطي مع هذا المرض والتعاطي مع تداعياته بجدية والكشف عن مصير التحقيقات الكثيرة في أسباب الوفيات المتتالية لمرضى السكلر في البحرين؟
أم أن هؤلاء المرضى لا يستحقون كل هذا الجهد باعتبارهم فقراء؟!!