Monday, December 22, 2008

ارحلوا عن أرضنا يا غربان

ارحلوا عن أرضنا يا غربان


عبدالجليل السنكيس

14 ديسمبر 2008م


لم يكن شاب الرفاع اليافع المعتدى عليه، هو ضحية وحشية المستوطنين الأولى، كما لم لم يكن الإعتداء على شاب دوار 19 بمدينة حمد- الذي لايزال مسجى بين الحياة والموت بالمستشفى- هو الاول من نوعه. ولم تكن الأحياء هي وحدها التي "تعتنر" فيها المستوطنون، وصاروا يتعاملون بـ"بلطجة" مع المواطنين الأصليين- من الشيعة والسنة. فحي الكازينو بالمحرق الأبية يشهد بصولاتهم وجولاتهم في الإعتداء- بشكل المافيا والعصابات، كما تشهد عسكر من احتواش لكل من يعبر عن عدم رضا عن مسلكياتهم العصبوية والبلطجية. وكما شهدت قبلها مدارس الرفاع ومدينة حمد معارك ضارية بين الطلبة المستوطنين وبين الطلبة البحرينيين، لم تستطيع إدارات المدارس أو مدرسيها من التفوه بكلمة لأولئك الذين يجتمعون ويتآمرون وينفذون بشكل جماعي شبيه بقطيع الذئاب الضارية. ولو كنا في بلد يعيش القانون الذي يحمي الحقوق، وكنا تحت الرقابة التي لا تميز ولا تحمي أحداً إلا الحق، وكشف لنا الغطاء، لنطقت جدران مراكز الشرطة، والمدارس ومراكز الصحة والمستشفيات والأسواق، بما يقوم به أولئك "الغربان" من جرائم يندى لها الجبين، معبرة عما يجيش في نفوسهم وعما تم تشريبهم من نظرة عدائية استعدائية للبحرين وللبحرينيين تدلل على ذلك المنهجية والقواسم المشتركة لتعامل أولئك مع غيرهم من البحرينيين.


في الأحداث التي تم توثيقها بشكل مؤقت، وبعدها تتدخل الأيادي – البندرية والمبندرة- للتغطية على الموضوع ولملمته إعلامياً، يمكن إستقراء ما يبدو أنه اتفاق بين الموطنين على سياسة "اضرب أولاً، بقوة وشراسة ليرتدع الجميع". ولهذا، فهم من يبتدء ويباشر بالإعتداء، بشكل جماعي باستعمال الأسلحة البيضاء والأخشاب الكبير والقطع الحديدية المختلفة الشكل والحجم (يذكرك بأسلوب مافيا أحياء نيويورك بين العصابات المختلفة)، وإحداث أكبر قدر ممكن من الرعب والإرعاب في نفوس الآخرين. وكما ذكر في جريدة "البلاد" نقلاً عن أولئك المستوطنون الذين هجموا على "نساء وأطفال" البحريني في دوار19 بمدينة حمد بانهم "أباليس". وهي رسالة اطمئنان لما يقوموا به واشعار للجميع بأنهم أقوياء ولا يهابون شيئ، ولا يقف أمامهم شيء.


ما ذكر في الأيام الماضية فيض من غيظ، وإن الأيام القادمة ستثبت ما قلناه سابقاً بأن السحر، بلا شك، سوف ينقلب على الساحر، وإنه لا يصح إلا الصحيح. لنا وللآخرين القصص الواقعية الكثيرة الكثيرة في تعامل أولئك المستوطنين مع البحرين وشعبها ومكتسباته، ولو أردنا لملئنا الصحف منها، وليس هذا مجاله،ولكننا نقول بأن ما حدث هو بداية تدحرج لكرة الثلج التي بدأت مشوارها. طبعاً بالنسبة للنظام الذي لا زال يتعامل ببرود مع هذه القضايا مستعيناً بطبالته من الصحفيين والكتاب- الذين (واللاتي) جنس منهم من كان غير بحرينياً.


وللتدليل على عدم مبالاة النظام، أذكر بأن العائلة الخليفية لم تتفاعل في الثمانينات مع الأصوات المنادية بالتدخل لإيقاف موجة المخدرات وتجارها الذين كانوا يصولون ويجولون المدن والقرى دون أن يوقفهم أحد، إلا من بعد أن توفى أحد شبابها بسبب الجرعة المفرطة من المخدرات. أذكر حينها بالحملة القوية أمنياً وإعلامياً على المخدارت ومروجيها وتجارها، واتضح – وقتياً- أفول علائم "البلطجة" التي كان يتعامل بها أصحاب السوابق والمخدرات.


أذكر هذه القصة لأدلل على أمرين: أولهما بأن النظام وأفراد العائلة، ما داموا في السليم ولا ينالهم ما ينال الباقي من الأذية، فإنهم لن يتحركوا ولن يستعملوا نفوذهم لإيقاف ذلك. الأمر الثاني، بأن معاناة المواطنين- إضافة للسرقات والفساد الممنهج وتغييبهم عن الثروة وصناعة القرار- هي من مشروع الاستيطان الذي بدت علائمه تطفح للسطح. وإن الحل هو بيد المواطنين في التعاطي مع هذه الجريمة وعدم تركها لقرار الرفاع، فما ضاع حق وراءه مطالب.


وهنا لا أشير الى أسلوب معين أو طريقة تعاطي معينة في التعامل مع الاستيطان والمستوطنين، ولكن أقل ما يمكن عمله (وليسم من شاء أن يسمي هذا تحريضاً) هو المقاطعة الشاملة الكاملة مع أولئك الغربان الذين استوطنوا في البحرين (القادم من الصحاري والجبال والحارات) أو من تجنس وهو يعمل في أحد الدوائر الحكومية والخاصة. وأشير هنا الى المعاملات التجارية (في العقارات، والخدمات، والأثاث، والبرادات، والبناء وغيرها) والدخول معهم في علاقات اجتماعية أو تزاوج.


وفي نظري، بأن أولئك المستوطنين ليسوا بريئون من جريمة الاستهداف التي يرعاها ويمولها البلاط لكل ما هو بحريني أصيل، من هوية وثقافة وتاريخ وشعب. وأنا لا استثني أحداً من الجنسيات التي استنفعت وتنفعت، وصارت تقتات على لحم ودماء البحرينيين وعرقهم، كما تقتات على حاضرهم ومستقبلهم.


فهم يعلمون بإنتظار المواطنين في صف طويل للحصول على بيت أو قسيمة أو قرض أو شقة في الإسكان، ومع ذلك يتخذوا كل الوسائل ليأخذوا ما هو ليس حقهم. طبعاً، ألوم ابتداءاً النظام فهو صاحب المخطط الإجرامي ولا شك في ذلك، ولكن المستوطنين الإنتهازين هم أدواته لإنجاحه تلك الجريمة.


وهم يعرفون بان المواطنين يعانون الأمرين من ضيق العيش وسوء توزيع الثروة من قبل النظام، ومع ذلك يتقدموا للمشاريع التي تنافس المواطن في لقمة العيش.


وهم يعلمون بأن المواطن ينتظر قبلهم- بل هو أحق- في فرص الابتعاث، والترقية، وتحسين الوضع المالي والمادي، ولكنهم يغتنمون ويستغلون توجه النظام الإقصائي للحصول على الوظائف لهم ولإبناءهم وأنسبائهم في أرجاء المعمورة، وصاروا يتساعدون لجلب الأسراب خلف الأسراب من الغربان، لنيل الغنائم كيفما وأينما حلت.


وهكذا، هم يعلمون بأزمة الثقة والتوتر في علاقة النظام بأبناء الشعب، بسبب الموتورين وأصحاب الأجندة الموجودين في النظام، ولهذا فهم يتسلقون في الأجهزة الأمنية وأجهزة التعليم من مدارس وجامعات وغيرها، ليمارسوا أبشع الجرائم بحق هذا الشعب.


إنهم كالغربان التي تأتي للارض التي تتناثر فيه الجثث والخبث، لتبدأ بملء كورشها بما تناله وما تراه، وهي لن تغادر ما دامت لديها القناعة والإحساس بالأمن (اجتماعياً واقتصادياً) في استمرار تدفق المال في جيوبها. وإنها، بلا شك، سوف ترمي الجواز الأحمر في وجه الديوان وكل مسئول، عند ما تتهدد مصالحها أو اقتنعت بانها سوف تبدأ بالخسارة، وسوف تعود لوطنها الأصلي هناك.


لقد قلنا موقفنا للنظام الذي نحمله- بلا شك ودون تردد- المسئولية الكبرى عن هذه الجريمة وتبعاتها، ولكننا في هذه اللحظة نوجه دعوتنا ونقولها بالفم الملئان لكل الغربان بان يرحلوا عن أرضنا. وأشير الى نشيدة موجودة على النت بعنوان: "فلترحلوا عن أرضنا يا غرباء"، هذه أبياتها:


فلترحلوا عن أرضناً يا غرباء .. فلترحلوا.. فلترحلوا.. فلترحـلوا
لو انكم جئتم ضيوفا للبلاد تفضلوا.. لكنكم جئتم بأسلحة ونار تـشعل
جئتم لكي ما تذبحوا أو تضربوا أو تقتلوا

جئتم على دمنا الطهور لتشربوا ولتأكلوا
هذي البلاد بمثلكم لا تقبل.. فلترحلوا.. فلترحلوا


لتنزيل النشيدة: http://208.100.39.36/msg07/media1.mp3