Monday, December 22, 2008

عيد الشهداء مخلد ما دام للشرفاء دم ينبض

عيد الشهداء مخلد ما دام للشرفاء دم ينبض

إستنهاض للجميع بأهمية تخليد ذلك اليوم وإحياء فعالياته في مناطق البحرين

عبدالجليل السنكيس

13 ديسمبر 2008م

"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدَلوا تبديلاَ"

صدق الله العظيم

هذا هو ديدن الذين من الله عليهم بوضوح الرؤية، والطريق الى رضوانه والجنان. أولئك الذين اختصروا المسافات، وعجلوا لقاء الله وقدموا من أجل ذلك أغلى ما يملكون، فكانت لهم جنات الفردوس نزلا. أولئك هم الشهداء الصديقون، وحسن أولئك مثلا.

السلام على الأحياء عند ربهم يرزقون. السلام على من استرخصوا الأنفس، فأنالهم الله ما أرادوا وأثابهم حسن الثواب. السلام على من حموا شجرة المطالب بأرواحهم ورووها بدمهم، السلام على من لازالت صوته يجلجل: هيهات منا الذلة. السلام عليكم يا أحباء الله وأعزاءه.

لم يكن استشهاد الشاب علي جاسم في 17 ديسمبر الماضي وفي نفس المنطقة التي استشهد فيها الهانيان (هاني خميس من السنابس وهاني الوسطي من جدحفص) ضرباً من ضروب المصادفة. ولم يكن أن يحدث ما حدث في ذلك اليوم، أمراً يمكن أن يفهم إلا من خلال الإيمان بأن شهادته كانت منعشة لما حدث في ذلك اليوم في العام 1994م. بل إن شهادته صادرت كل محاولات الالتفات وتهميش قضية الشهداء وضحايا التعذيب ومطالبهم التي لازالوا يطالبون بها.

كان انتقال الأب والد الشعب الكبير الشيخ عبدالأمير الجمري –رحمه الله- في اليوم التالي لعيد الشهداء الأغر قبل عام من شهادة على جاسم، مؤشراَ على رعاية هذا اليوم من خلال إحياء ذكرى وفاته- عليه الرحمة- حيث كان راعياً وأبوياً لعوائل الشهداء والضحايا. فكان يوم وفاته، تعزيزاً لحق أولئك على الأمة، وحفظاَ لذكرى الشهداء التي انحفرت في ذاكرة شعب البحرين. ولهذا جاء استشهاد الشاب علي جاسم ليؤكد مكانة تلك الذكرى وذلك العيد الوطني الذي لم تتوقف محاولات الإلتفاف عليه، وتهميشه وتغييبه ضمن أيام السنة.

إن عيد الشهداء، ليس مناسبة مناكفة أو مناوءة أو تحدي، إنما هي تذكير لقضية شعب لازال ضحاياه يأنون ويتألمون، ولا زال شهداءه منكرون من قبل النظام الذي اغتالتهم أيادي معذبيه وتلذذوا بإزهاق أرواحهم. ولهذا، لايمكن الحديث عن ذلك اليوم بمعزل عن كل ما يرتبط بقضية الشهداء- جميع شهداء الوطن- وضحايا التعذيب-جميع ضحايا التعذيب في الفترة السابقة ولحد الآن. ونشير هنا إلى ارتباط وثيق وضمني وليس تسلسلي، أي أن الحديث عن حل لقضية الشهداء والضحايا يتناول قضايا رد الإعتبار بكل معانيه وعناوينه، بما يشمل ذلك التعويضات، التأهيل، محاكمة الجلادين والإقتصاص منهم من خلال محاكم عامةعادلة بحسب الأعراف والتجارب الدولية السابقة.

لعيد الشهداء هذه السنة طعم آخر أمتزج بعطر شهيد لم تزل دماءه طرية، ولازالت ذكراه تراوح مكانها من خلال ابنه الذي ولد يتيماً، وسمي حسينأً- تيمنأ بسيد الشهداء الحسين بن علي (ع)، ومن خلال زوجته الشابة التي رملتها أيادي البغي والجلاوزة ولم يمض على زواجها إلا أشهر. ولهذا، لابد من أن يكون 17 ديسمبر القادم، يوماً خاصاً تتطلع الأنفس الأبية لإحياءه. ومن هنا، فإنها دعوة للجميع للتفاعل مع أنشطة هذا اليوم، مؤكدين على أهمية التشجيع والتناصح من أجل خلق جو متفاعل وخاص والحث على حضور الأنشطة المختلفة، على أكبر نطاق، كلا حسب موقعه وقدرته وإمكانياته، وعلى الله الأجر والثواب.

لقد حاولت أطراف بندرية للتحايل على هذه المناسبة الوطنية العزيزة على قلوب المجاهدين والمناضلين، في توجه منها لقتل ذلك اليوم وتسطيح معانيه، ولكن، بفضل الله، باءت كل محاولاتها بالفشل. ونقول لتلك المراسيل ومن أرسلها بأن الموضوع أكبر من كونه فعالية ليوم واحد، بل هو مخزون لقضية متكاملة تعبر عن معاناة هذا الشعب الذي يحاول النظام أن يتذاكى عليها ويعمل على أن ينسى الشعب ما اقترفت يدي النظام عبر الفترة الماضية. كل التجارب الدولية أكدت فشل أي مساعي للتغيير دون التعاطي مع موضوع ضحايا الحقبة السابقة بشكل يرضي جميع الأطراف ويطيب الخواطر. ولعمري، فإن الإعتقالات منذ ديسمبر الماضي، وما صاحبها من تذكير لممارسات أمن الدولةالسيء الصيت، يعزز الإصرار على مطالب الضحايا المتصلة، ليس فقط بالتعويضات المادية وما أسهلها على النظام، ولكن بشكل أساسي، إزالة كل العوائل الممكنة لمحاكمة الجلادين والمعذبين وتقديمهم للعدالة والإقتصاص منهم بما يرضي الضحايا. سيظل ذلك اليوم مخلداً ومعززاً ومحمياً ما دام في هذاالشعب مناضل ومجاهد شريف، ومضح لازال يعاني ويتألم، وعائلة شهيداً لازالت تعيش ذكرى ابنها عبر الزمن. فلا للنسيان والتناسي، ولا لسياسة التغافل والضحك على الذقون بمقولة "عفى الله عما سلف". إن جروحنا طرية ولم تبرأ، ولن تبرأ وجلادوا هذا الشعب يسرحون ويمرحون.

إننا نهيب بالجميع، بأن يسعى لإحياء ذلك اليوم، والمشاركة الفعالة في الأنشطة المصاحبة، قبل وبعد 17ديسمبر، والتي تعنى بالحديث عن الشهادة والشهيد.

ندعو الله العلي القدير أن يرحم شهداءنا الأبرار ويجعل لهم قدم صدق عنده، كما ندعوه بحق الشهداء أن يفك أسر جميع المعتقلين والمحكومين من المناضلين والمجاهدين الذين أصر النظام على تغييبهم وتعذيبهم، نكاية بهذا الشعب الأبي، وبمناضليه ومجاهديه النجباء الشرفاء الذين لا زالوا يحملون راية المطالب الشعبية وهم مستعدون لتقديم الأضاحي حتى تتحقق لأبناء الشعب، وما ضاع حق وراءه مطالب.