بسم الله الرحمن الرحيم
حضرات السادة قضاة المحكمة الجنائية الكبرى والحضور الكرام،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
والسلام على الأحرار والضحايا القابعين في السجون..
أما بعد،
فأنا مواطن بحريني أربعيني من أبناء هذا الشعب الأصيل، أمتهن مهنة التعليم الجامعي والبحث الأكاديمي كأستاذ مشارك في جامعة البحرين، وأمارس الدفاع عن حقوق الشعب وحقوق الإنسان. لقد جئت من صلب والد إمتهن هو وآباءه الزراعة، ومضى لربه الأعلى- رحمة الله عليه- بإصابة في رجله إثناء مواجهة إحدى الإحتجاجات الشعبية أثناء الانتداب البريطاني في البحرين، ومن رحم والدة، رعاها الله وحفظها، جاءت من ظهر غوّاص امتهن وآباءه البحث عن اللؤلؤ حتى ضعف بصره وانتقل لربه الأعلى. من بين هذا وذا، تربينا على العزة والكرامة واحترام الآخرين، كباقي أحرار وشرفاء أبناء هذا البلد، نرفض أن يهان أي من أبناءه، أو يتم معاملتنا على أسس العبودية والمكرمات. نحترم الآخرين باحترامهم لحقوقنا الإنسانية، ونوقرهم فقط، ما داموا يتعاملون معنا على أساس النديّة البشرية والمساواة الإنسانية، وإن تميز الإنسان بما يقدمه لبني جنسه وما ينعكس على سلوكه الإنساني، لا على أساس حسبه أو نسبه أو عرقه أو طائفته أو مذهبه.
واستناداً لحق ضمنته الشرائع السماوية قبل شرائع الأرض، قمت بممارسة حق التعبير في جميع قضايا الشأن العام. وعبرت عن ضميري وقناعاتي بشكل متحضر ومشروع عما يحدث من تهميش للإرادة الشعبية، وانتهاكات حقوق الإنسان والحريات العامة، من فساد وسرقات ثروات البحرين والمال العام. وسعيت للكشف عن التجاوزات في الممارسات والتشريعات التي تحول بين الإنسان- لا سيما إنسان هذه الأرض- وممارسة جميع حقوقه بكل حرية واطمئنان. عملت على تعريف الآخرين، من داخل البحرين وخارجها، على انتهاكات حقوق الإنسان البحريني وفضح جريمة التلاعب بتركيبته السكانية (الهندسة الديموغرافية) وسرقة ثرواته الطبيعية. ودعمت كل الأنشطة الاحتجاجية- المشروعة والمتحضرة- المطالبة بالحقوق قولاً وفعلاً. وطالبت بصيانة حقوق- أصحابي وزملائي- النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان ومعتقلي الرأي، ودافعت عن حقوق ضحايا وشهداء هذا الوطن.
تعبيراً عن ضميري وقناعتي، هذا ما كنت ولا زلت مواصلاً القيام به، حتى يختار الله أمانته، شاء من شاء وأبى من أبى. أفكاري وقناعاتي كلها مكتوبة للعلن، ولتستمر أجهزة النظام في التنصت على هواتفي وهواتف عائلتي، والكشف عن بريدي الإلكتروني واتصالاتي، وحظر مدوناتي على الإنترنت والفيس بوك، فكل ذلك لن يغير شيء في قناعاتي ومنهجيتي في التعبير عنها.
وما هذه المحاكمة، إلا محاكمة ضمير وقناعات لشخوص يعرفها شعب وتاريخ البحرين. هي محاكمة كيدية وتصفية حسابات بين النظام وهذه الشخصيات المعروفة محلياً ودولياً، استخدم فيها أولئك الشباب الأبرياء ضحية ومعبراً للوصول لمراميه التي تهدف الى تغييبنا في السجون بعيداً عن الناس والعالم الخارجي.
لقد تعرض أولئك الشباب الأحرار لأنواع التعذيب وصنوف المعاملة المهينة والحاطة للكرامة كي يقروا بما يريده النظام وأجهزته الأمنية. ودون التقليل من احترام الشخوص الماثلة أمامي أو إهانة لأي منها، فالجميع - في البحرين وخارجها- يعلم بعدم وجود أي من الإستقلالية لأي من السلطات الموجودة- تشريعية كانت أو قضائية أو تنفيذية- فكل تأتيه الأوامر الفوقية ويوجه لرغبة النظام. بحكم هذه النظرة والقناعة، فإن الحكم في هذه القضية محسوم، وكذا جميع القضايا المرتبطة بالرأي والضمير.
ولذلك، أطالب بأن يتم الإفراج الفوري وغير المشروط- يسبقه الإعتذار- لأولئك الأحرار المعتقلين وأهاليهم وجبر الضرر الذي لحق بهم من تشهير وأذى نفسي وجسدي، ومحاكمة المعذبين وكل من وقف وارء ذلك من قبل محكمة نزيهة، مستقلة وعادلة، بحسب المواثيق الدولية.
كما أطالب بوقف هذه المسرحية الهزيلة وإصدار أوامر السجن والتغييب حالاً- إذا كانت الرغبة لازالت جامحة عند النظام- ونحن مستعدون لدفع تكلفة التعبيرعن قناعاتنا بدخول المعتقل دون تردد. فلسنا دعاة إرهاب أو ترهيب، فالإرهاب يتقمصه ويتبناه غيرنا وهم معروفون في هذا البلد- أصحاب الشبكات السرية المدعومة والمؤسسات المزيفة. ندعو بكل صراحة ووضوح لإصلاح حقيقي وشامل على جميع المستويات بما فيها إدارة البلاد وثرواتها وتحكيم الإرادة الشعبية الحقيقية وحماية مكتسبات البحرين من تاريخ وثقافة وأصالة شعبها.
إنني بريء من جميع التهم الجزاف التي فبركتها الإجهزة الأمنية موجهة من الديوان، وأطالب بالإفراج عن جميع المعتقلين وتبييض السجون وإغلاق الملف الأمني وفتح حوار حقيقي مع النظام لحلحلة جميع الملفات العالقة وفي مقدمتها الفراغ الدستوري القائم بسبب إلغاء الدستور العقدي الوحيد لعام 1973م، وجريمة الاستيطان وهندسة التركيبة الديموغرافية والتمييز الطائفي، وسرقة الأراضي العامة. وحتى يصدر قرار المحكمة المحسوم سلفا، أطالب بالرجوع للمعتقل مع أخوتي الكرام الأستاذ العزيز حسن مشيمع والشيخ العزيز محمد حبيب المقداد، أو الإفراج عنهم جميعا. فلا معنى لإبقائي خارج المعتقل بعيداً عنهم وأنا متهم مثلهم، وممنوع كذلك من السفر. وليقض ما النظام ما هو قاض، إنما يقضي هذه الحياة الدنيا.
الدكتور عبدالجليل عبدالله يوسـف أحمد السنكـيس
البحرين:24 مارس 2009م
حضرات السادة قضاة المحكمة الجنائية الكبرى والحضور الكرام،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
والسلام على الأحرار والضحايا القابعين في السجون..
أما بعد،
فأنا مواطن بحريني أربعيني من أبناء هذا الشعب الأصيل، أمتهن مهنة التعليم الجامعي والبحث الأكاديمي كأستاذ مشارك في جامعة البحرين، وأمارس الدفاع عن حقوق الشعب وحقوق الإنسان. لقد جئت من صلب والد إمتهن هو وآباءه الزراعة، ومضى لربه الأعلى- رحمة الله عليه- بإصابة في رجله إثناء مواجهة إحدى الإحتجاجات الشعبية أثناء الانتداب البريطاني في البحرين، ومن رحم والدة، رعاها الله وحفظها، جاءت من ظهر غوّاص امتهن وآباءه البحث عن اللؤلؤ حتى ضعف بصره وانتقل لربه الأعلى. من بين هذا وذا، تربينا على العزة والكرامة واحترام الآخرين، كباقي أحرار وشرفاء أبناء هذا البلد، نرفض أن يهان أي من أبناءه، أو يتم معاملتنا على أسس العبودية والمكرمات. نحترم الآخرين باحترامهم لحقوقنا الإنسانية، ونوقرهم فقط، ما داموا يتعاملون معنا على أساس النديّة البشرية والمساواة الإنسانية، وإن تميز الإنسان بما يقدمه لبني جنسه وما ينعكس على سلوكه الإنساني، لا على أساس حسبه أو نسبه أو عرقه أو طائفته أو مذهبه.
واستناداً لحق ضمنته الشرائع السماوية قبل شرائع الأرض، قمت بممارسة حق التعبير في جميع قضايا الشأن العام. وعبرت عن ضميري وقناعاتي بشكل متحضر ومشروع عما يحدث من تهميش للإرادة الشعبية، وانتهاكات حقوق الإنسان والحريات العامة، من فساد وسرقات ثروات البحرين والمال العام. وسعيت للكشف عن التجاوزات في الممارسات والتشريعات التي تحول بين الإنسان- لا سيما إنسان هذه الأرض- وممارسة جميع حقوقه بكل حرية واطمئنان. عملت على تعريف الآخرين، من داخل البحرين وخارجها، على انتهاكات حقوق الإنسان البحريني وفضح جريمة التلاعب بتركيبته السكانية (الهندسة الديموغرافية) وسرقة ثرواته الطبيعية. ودعمت كل الأنشطة الاحتجاجية- المشروعة والمتحضرة- المطالبة بالحقوق قولاً وفعلاً. وطالبت بصيانة حقوق- أصحابي وزملائي- النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان ومعتقلي الرأي، ودافعت عن حقوق ضحايا وشهداء هذا الوطن.
تعبيراً عن ضميري وقناعتي، هذا ما كنت ولا زلت مواصلاً القيام به، حتى يختار الله أمانته، شاء من شاء وأبى من أبى. أفكاري وقناعاتي كلها مكتوبة للعلن، ولتستمر أجهزة النظام في التنصت على هواتفي وهواتف عائلتي، والكشف عن بريدي الإلكتروني واتصالاتي، وحظر مدوناتي على الإنترنت والفيس بوك، فكل ذلك لن يغير شيء في قناعاتي ومنهجيتي في التعبير عنها.
وما هذه المحاكمة، إلا محاكمة ضمير وقناعات لشخوص يعرفها شعب وتاريخ البحرين. هي محاكمة كيدية وتصفية حسابات بين النظام وهذه الشخصيات المعروفة محلياً ودولياً، استخدم فيها أولئك الشباب الأبرياء ضحية ومعبراً للوصول لمراميه التي تهدف الى تغييبنا في السجون بعيداً عن الناس والعالم الخارجي.
لقد تعرض أولئك الشباب الأحرار لأنواع التعذيب وصنوف المعاملة المهينة والحاطة للكرامة كي يقروا بما يريده النظام وأجهزته الأمنية. ودون التقليل من احترام الشخوص الماثلة أمامي أو إهانة لأي منها، فالجميع - في البحرين وخارجها- يعلم بعدم وجود أي من الإستقلالية لأي من السلطات الموجودة- تشريعية كانت أو قضائية أو تنفيذية- فكل تأتيه الأوامر الفوقية ويوجه لرغبة النظام. بحكم هذه النظرة والقناعة، فإن الحكم في هذه القضية محسوم، وكذا جميع القضايا المرتبطة بالرأي والضمير.
ولذلك، أطالب بأن يتم الإفراج الفوري وغير المشروط- يسبقه الإعتذار- لأولئك الأحرار المعتقلين وأهاليهم وجبر الضرر الذي لحق بهم من تشهير وأذى نفسي وجسدي، ومحاكمة المعذبين وكل من وقف وارء ذلك من قبل محكمة نزيهة، مستقلة وعادلة، بحسب المواثيق الدولية.
كما أطالب بوقف هذه المسرحية الهزيلة وإصدار أوامر السجن والتغييب حالاً- إذا كانت الرغبة لازالت جامحة عند النظام- ونحن مستعدون لدفع تكلفة التعبيرعن قناعاتنا بدخول المعتقل دون تردد. فلسنا دعاة إرهاب أو ترهيب، فالإرهاب يتقمصه ويتبناه غيرنا وهم معروفون في هذا البلد- أصحاب الشبكات السرية المدعومة والمؤسسات المزيفة. ندعو بكل صراحة ووضوح لإصلاح حقيقي وشامل على جميع المستويات بما فيها إدارة البلاد وثرواتها وتحكيم الإرادة الشعبية الحقيقية وحماية مكتسبات البحرين من تاريخ وثقافة وأصالة شعبها.
إنني بريء من جميع التهم الجزاف التي فبركتها الإجهزة الأمنية موجهة من الديوان، وأطالب بالإفراج عن جميع المعتقلين وتبييض السجون وإغلاق الملف الأمني وفتح حوار حقيقي مع النظام لحلحلة جميع الملفات العالقة وفي مقدمتها الفراغ الدستوري القائم بسبب إلغاء الدستور العقدي الوحيد لعام 1973م، وجريمة الاستيطان وهندسة التركيبة الديموغرافية والتمييز الطائفي، وسرقة الأراضي العامة. وحتى يصدر قرار المحكمة المحسوم سلفا، أطالب بالرجوع للمعتقل مع أخوتي الكرام الأستاذ العزيز حسن مشيمع والشيخ العزيز محمد حبيب المقداد، أو الإفراج عنهم جميعا. فلا معنى لإبقائي خارج المعتقل بعيداً عنهم وأنا متهم مثلهم، وممنوع كذلك من السفر. وليقض ما النظام ما هو قاض، إنما يقضي هذه الحياة الدنيا.
الدكتور عبدالجليل عبدالله يوسـف أحمد السنكـيس
البحرين:24 مارس 2009م