Sunday, April 12, 2009

في ظل عدم تحقق المطالب، سنظل نحفر في الجدار

في ظل عدم تحقق المطالب، سنظل نحفر في الجدار
عبدالجليل السنكيس
12 أبريل 2009م

هذه مطالبنا: دســتـورنا بـيـدنـا نـكـتـبه..الغـربان المرتزقة عن بلدنا تهجره..
الـثــروات والآراضي المنهــوبة تـعــود.. والعــدالة والمـسـاواة تـسـود

لن ننسى الضحايا والمعذبين وسوف نقدم كل المسئولين عن التعذيب للمحاكمة الدولية

الحمد لله الذي لا يحمد على شيء سواه، وأقبل تلك القبضات والجباه التي اعتلت السماء، تطالب في العلن- بكل شجاعة ودون خوف أو تراجع- عن حقوقها وعن الإفراج عن أسرى الحرية ومعتقلي الرأي والمدافعين عن الحقوق.
لم يكن خبر الإفراج عن المعتقلين جديداً، فـلقد كـنا نتلمس ردة الفعل من الآخبار التي تردنا إثر الاحتجاجات الشعبية وأثر ذلك على التفاعل الإعلامي الدولي والدبلوماسي المتنامي معها. لقد علم النظام بأن قرب فعالية الفورميلا-1 وتوارد المؤسسات الإعلامية الدولية لتغطية الحدث في البحرين سوف لن تستطيع تجاهل الوضع الإحتجاجي الحالي وكذلك "المعـد". وعليه أقولها بالفم الملئان: أن النظام "مرغم أخوك لا بطل"، ولله المنة وحده.
ودون الدخول في التخريجة التي سعى لها النظام للخروج من المأزق، لم يأت هذا الموقف التنازلي من النظام وسلطاته من فراغ، بل لعبت عدة جهات دور كبير ومتميز في ولادته. أولها، القواعد الشعبية، وتحديداً الشباب المجاهد والمناضل الذي لم يهدأ له بال وأحرار البلد وراء القضبان.
نعم، إنه- أي الموقف- جاء نتيجة القبضات المرتفعة والأصوات المجلجلة التي صاحبت تلك الإحتجاجات التي تميز بعضها بالإبداع وعنصر المفاجأة والتجديد. إنه من معاناة النساء، من أمهات وزوجات وبنات وأخوات كل الأحرار المعتقلين والتي صاحبت الفترة السابقة ولا زالت.. من دعاءهن وتضرعهن وتمسكهن برهان المقاومة ورفض الإستكانة والقبول بالأمر الواقع. لقد برز الموقف من رحم الإصابات والجراحات- من الرصاص بأنواعه والغاز الكيماوي، التي لم تراعي لحرمة ولم تستثني الأطفال والنساء. إنه من آلام المعذبين في السجون الذين تعرضوا لصنوف التعذيب بالصقع الكهربائي على أيدي المرتزقة المصريين وغيرهم. إنه من ظلام الشوارع والطرق المعبر عن الاحتجاج والرفض للاستكانة والإستسلام.
وثانيها الشخصيات الدولية المرموقة- من الأناث والذكور- (صناع قرار، سياسيون، أعضاء مجالس منتخبة، مفكرون، أعضاء حكومات، مدافعون عن الحقوق ونشطاء، ومدافعون عن الحقوق) التي أعلنت مواقفها ودعمت الحركة المطلبية واستغلت علاقاتها وما يقع تحت يدها من تسهيلات للتعبير عن ذلك من فرنسا والمملكة المتحدة وسويسرا والسويد وباقي دول الإتحاد الأوروبي وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية (أجهزتها التشريعية بمجلسيها الشيوخ والنواب، وكذلك الأجهزة التنفيذية).
الشكر موصولاً للمؤسسات الدولية التي حضرت وتابعت وتواصلت وضغطت على السلطات من أجل ترشيدها وتعقيلها من خلال الإفراج عن المعتقلين وتبييض السجون. ونذكر منها: هيومان رايتس ووتش، منظمة العفو الدولية، منظمة الخط الأمامي، الهيئة الإسلامية لحقوق الإنسان، شبكة الأيفكس، منظمة المادة 19، لجنة حقوق الإنسان في جمعية المحامين البريطانية، منظمة مراسلون بلا حدود، لجنة حماية الصحفيين، ومكاتب مفوضية الأمم المتحدة لحقو ق الإنسان، وغيرها من المنظمات التي لم يسع المجال لذكرها. ولا ننسى بالخصوص دور وموقف اللورد إيفبوري الشجاع في دعمه وكشف تجاوزات السلطة وتوصيلها للمسئولين في بريطانيا وبقية دول الإتحاد الأوروبي.
وآن لي..
أولا..
أن الإفراج يجب أن يشمل جميع من تم اعتقاله أو تلفيق أي تهمة عليه والحكم عليه من النشطاء أثناء الإحتجاجات من ديسمبر 2007م، وحتى الآن، دون استثناء. القائمة لدينا وسوف نتابع مع جميع الأهالي لضمان أن الجميع قد أطلق سراحه، قبل فعالية الفورميلا-1 التي أعددنا لها العدة سلفاً، ولابد من تبييض السجون بشكل حقيقي.
وللعلم، فإن معتقلي كرزكان ممن اتهموا ظلماً في جيب ميليشيا السلطة وموت أحد أفراده"بخش"، وكذلك معتقلي ومحكومي المعامير جميعاً لم يتم الإتصال بأهاليهم لحد الان. وعليه، فإننا نعتبر ملف المعتقلين غير مغلق لحين تحقيق ذلك.
ثانياً..
إن الإعتقالات قد صاحبها التعذيب وتجاوزات كبيرة لحقوق الإنسان، وإننا نعد ملفات خاصة سوف نقدمها لمؤسسات دولية لتقديم مسئولين كبار في النظام للمحاكمة الدولية. لقد أشرت الى ذلك سابقاً وأؤكده الآن، بأننا قد بدأنا إعداد ملفات تحوي أسماء أولئك المسئولين المسئولين عن التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان وسجل موثق لدورهم في التعذيب وإقراره، وسوف تقدم للمحاكم الدولية، وقريباً سوف توزع أسماءهم على أجهزة القبض في أوروبا والولايات المتحدة لإعتقالهم وتقديمهم للعدالة بتهم جرائم ضد الإنسانية.
ثالثأ..
لقد ذكرنا سابقاً بأن الإفراج عن المعتقلين وتبييض السجون عبارة عن قيام النظام بتصحيح الوضع المتأزم الذي صنعته أجهزته بحماقتها وسوء تدبيرها للأمور. ولم نعتبر ذلك هو أحد مطالبنا، وإنما أكدنا بأنه المدخل لأي محاولة خلق أجواء يمكن أن تفضي لحلحلة القضايا العالقة الكبرى واصلاح حقيقي شامل على المستوى السياسي والإقتصادي والحقوقي.
ودون وجود التوجه الحقيقي والتعاطي الجاد لإزالة بؤر التوتر في البلاد، فإن الرجوع للوضع السابق، بل وأسوأ، سيكون على شفا حفرة، لسبب واحد فقط، وهو أن المطالب لم تتحقق بعد، وأننا لن نتنازل عن مطالبنا المشروعة، ولن تنحرف بوصلتنا الذي حاول النظام من خلال الضربة الأمنية أن يفرضها علينا.
فدستور بلادنا الذي يحكم شؤوننا حياتنا اليومية وينسق العلاقة بين السلطات المختلفة دون تداخل، لابد أن نكتبه بأيدينا. لابد أن يكون ديمقراطياً، عصرياً، تقدمياً، محافظاً على حقوق الجميع، وضامناً وصائناً للحريات العامة، على أن يكون الشعب وحده مصدر السلطات. ما حاول النظام فرضه من وثيقة غير شرعية في فبراير 2002م تسلب السلطات من ممثلي الشعب وتركزها بيد الحاكم هي أساس المشكلة ولابد من تصحيح الوضع والرجوع للشعب- شعب البحرين الأصيل بشيعته وسنته- للحصول على أي مشروعية لأي من السلطات، بما فيها شرعية النظام.
ونشير أيضا في هذه النقطة بأننا سوف لن نشارك في الإنتخابات الصورية القادمة، بل سندعو للمقاطعة الشعبية الشاملة لها، مالم يتم التعاطي مع هذا الملف الجوهري والأساسي قبل ذلك، وادخال تصحيحات جوهرية وعملية للمشاركة الشعبية وسلطات صناعة القرار في البلاد.
رابعاً..
هندسة وتغيير التركيبة السكانية جريمة بحق البحرين وشعبها الأصيل، ولابد من تصحيح الوضع الذي نتج عن ذلك المشروع السيء ويشمل ذلك استرجاع الجنسية ممن تم وهبه إياها ضمن هذا المخطط وإرجاع الغربان المتوحشة والمرتزقة الأجانب لأوطانها، ولتهاجر البحرين بلا عودة. ويشمل ذلك تقنين منح الجنسية عبر رقابة وسلطة شعبية حقيقية.
خامساً..
أما عن الآراضي المنهوبة والممنوحة في البر والبحر، هي ملكية للبحرين وشعبها، ولا يحق لأحد التصرف بها -كائنا من كان- والتعاطي معها كأنها ملك خاص وعضوض، ولابد أن ترد. فالحق لا يسقط بالتقادم، ومهما كانت مستويات الغسيل التي تمت من خلاله تلك السرقة، فلن ننساها ولن نتنازل عنها.
سادساً...
من كان من المتورطين والمخططين والممولين والمنفذين للجرائم المذكورة في تقارير البندر، لابد من تقديمهم للمحاكمة بعد تنحيتهم من مواقعهم مهما كبروا او صغروا، ولن نتنازل عمن شارك في التأمر ضد شعب البحرين.
التمييز الممنهج والمحمي من الدوواين والحكومة الطائفية الجاثمة على صدر شعب البحرين بقيادة رئيس الوزراء الأوحد في تاريخ البحرين منذ حوالي أربعين سنة، لابد من مواجهته، أولا بتنحية رأس الحكومة- الشيخ خليفة بن سلمان- وحكومته، وايجاد صيغ تشريعية وعملية لتجريم التمييز ومعالجة الوضع الحالي السيئ على هذاالمستوى. فالعدالة والمساواة مطلب أصيل ومشروع، على النظام أن يسعى بشكل سريع وواضح لمعالجته ومواجهته بشجاعة.
وأخيراً..
الإفراجات تعبر عن تدارك لخطاً كبير اقترفه صناع القرار في النظام نتج عنه التفات دولي كبير على جميع المستويات للوضع الحقوقي والمطلبي في البحرين.
الإنتهاكات مستمرة ولم يتغير شي بالنسبة لنا، وسوف نواصل درب المطالب والنضال من أجل تحقيقها حتى آخر رمق، فكما قال الشاعر اليمني الدكتور عبد العزيز المقالح:
"الصمت عار.. الخوف عار..
من نحن . . عشاق النهارنبكي ، نحب ، نخاصم الأشباح.. نحيا في انتظار
سنظل نحفر الجدار.. إمّا فتحنا ثغرة للنورإمّا متنا على وجه الجدار
لا بأس تدركه معاولنا.. ولا ملل انكسارإنّ أجدبت سحب الخريف.. وفات في الصيف القطارسُحب الربيع ربيعنا..حُبلى بأمطار كثارولنا مع الجدب العقيم..محاولات اختباروغدًا يكون الانتصار.

وغداً يكون الإنتصار بإذن الله تعالى.. وتحياتي وسلامي لأهالي المعتقلين الأحرار الصابرين المحتسبين، ونعدهم بأن معاناتاهم وآهاتهم لن ننساها وسوف نواصل درب المطالب حتى تتحقق بإذن الله تعالى
.