Wednesday, September 09, 2009

برامج صنع الولاءات- الحلقة الأولى

منشور على منتديات بحراني نت:
برامج صنع الولاءات- الحلقة الأولى

عبدالجليل السنكيس
9 سبتمبر 2009م

تطرقنا في موضوع سابق الى أن التعيينات للمواقع الرسمية مبني على الولاءات وليس الكفاءات[1]، وهذا ما حدى بنا للرغبة في البحث عن أوجه صنع وضمان الولاءات التي يعيش عقدتها النظام منذ أن تولى دفة الحكم في البلاد. ومن خلال البحث تبينت ملامح هذه السياسة ويمكن تفريع نظام صنع واستمرار الولاءات من خلال البرامج الآتية:
1) بدرجة وزير
2) الخلفنة
3) عضوية المجالس الرسمية ومجالس إدارات الشركات والمؤسسات الحكومية
4) الترقيات والتعيينات
5) السلك العسكري والأجهزة الأمنية
6) هبات وعطايا الدوواوين
7) الموطنين والمجنسين لأسباب سياسية
القاسم المشترك بين هذه المواقع هو العائد المادي الوفير والدائم بما يضمن كسر نفوس المنتفعين منها وملء عيونهم-كما يعبرون- وذلك لتكوين شعور الرغبة في الحفاظ عليها ودعم المعطي والمتكرم في نيل تلك العطايا، والوقوف الى جانبه، في جميع الظروف والمناسبات. ويتم اختيار المنتفعين للبرامج المختلفة استنادة لعدة اعتبارات، وسوف نحاول نستنطق ذلك من خلال تناول كل برنامج على حدة، ولكن يجمعها عنوان واحد وهو شراء الضمائر وضمان الولاء من أصحابها، وذلك يدلل على أزمة يعيشها النظام وفشله في استحصال الدعم الشعبي والنخبوي من غير طريق آخر غير غدق الأموال والعطايا من ثروات البلاد وميزانية الدولة. ولم يعرف عن النظام منذ قدوم العائلة الخليفية في العام 1873م وطوال وجودها في البلاد أنها أغدقت على أبناء الشعب من (مالها الخاص) وهذا ما أكدته الوثائق التاريخية، وليس آخرها تلك المترجمة من قبل مركز البحرين لحقوق الإنسان ليوميات جارلز بلغريف- المستشار البريطاني للعائلة الخليفية في العشرينات وحتى الخمسنيات من القرن الماضي. وسوف نتناول تحليل تلك اليوميات بشكل مفصل في عمل منفصل قريب إن شاء الله.

ويتم تنفيذ سياسة صنع وضمان الولاءات على آلية الأوامر الأميرية أو الملكية والمراسيم أو بقرارات من رئيس مجلس الوزراء – رئيس الحكومة، حتى تكون جميعها بعيداً عن أي مساحة رقابة أو مسائلة أو نقاش في أهلية ومعايير استحقاق الموهوبين أو المكرمين، كما أنها تعبير عن نفسية المعطي ونظرتها للعطايا والذين يعطيهم ويمنحهم. فهو المتكرم والمعطي من نفسه، ولا يمكن أن تكون تلك الهبات إلا صادرة بأوامر منه شخصياً، تكرماً منه وعطية. وهذا ما يشخصن الولاء لتلك الشخصيات المتكرمة، ليس للمؤسسة ، وأنما لصاحب الكرم والمكارم!! وهذا أبعد ما يكون عن المأسسة ومبادئ الحكم الصالح المنشود.

الأوامر الأميرية أو الملكية هي تلك التي يصدرها الحاكم بإرادته المنفردة و بتوقيعه وحده أما المراسيم الأميرية أو الملكية فهي تلك التي يصدرها "الأمير" أو "الملك" مع رئيس حكومته بالإضافة إلى أحد الوزراء أو بدونه.

قرارت رئيس الوزراء يصدرها رئيس الحكومة، نظرياً بالإستعانة بمجلس الوزراء، ولكن الواقع الحالي والعملي ينفي ذلك، ويقر بأن رئيس الوزراء يصدر قراراته بنفسه،وينسبها لمجلس الوزراء. ومن في المجلس من وزراء، وهم من تكرم عليهم رئيسه بمكرمة الوزارة، أو من المجالس الديكورية في البلاد التي لا حول لها ولا قوة أو من مؤسسات المجتمع الفاقدة للقدرة على الضغط والتأثير ان تستطيع ان تعترض أو تعارض قرار رئيس الوزراء-الشيخ خليفة بن سلمان.

وعليه تتوزع الأدوار بين رأس الدولة- أميراً أو ملكاً- وبين رئيس الوزراء لتنفيذ ومتابعة منهجية صنع ولاءات شخصية، كل حسب قدرتها وإمكانياته ومساحة صلاحياته، باستعمال موارد وإمكانيات الدولة. وقد جرى على هذا المنوال شخوص في مواقع أخرى، منها "الشيوخ"، والدوواوين والمسئولين فيها، والوزراء ومن في موقعهم ويندرج تحتهم من مواقع متسلسلة كل حسب طاقته وقدراته. ولن ندخل بلاشك في أصل هذا العقلية ومبدئيتها، ولكنها تنحدر من خلفية البداوة- مع الإحترام والتقدير- والعقلية القبلية المبنية على صنع التكتلات والولاءات والتحزبات الشخصية، وهو بلا شك أمر غير متأصل في المجتمع البحريني الحضري بشكل مبدئي.

ولايوجد شك في أن هذه المنهجية تستهلك وتعتاش على ميزانية وثروات البلد، وتخلق تحزبات شخصية وولاءات بعيدة عن الكفاءات والقدرات والأهلية المطلوبة لإدارة البلد وموارده المادية والبشرية بشكل متحضر وعصري، وهو أمر غير متحقق في البحرين منذ القدم وحتى وقتنا الحاضر.

هذه مقدمة وهي الحلقة الأولى في موضوع برامج صنع وضمان الولاءات. قد يكون هناك تفريعات أخرى لسياسة صنع الولاءات غير تلك المشار لها أعلاه وسنتطرق لها متى ما توافرت الظروف، ولكننا سوف نبدأ في تناول في الحلقة التالية ضمن هذه السلسلة وستتركز على برنامج "بدرجة وزير".

[1] http://alsingace.blogspot.com/2009/09/blog-post_8061.html