Monday, September 28, 2009

النيابة العامة وانتهاكاتها لحقوق الانسان في البحرين


تقرير عن دورها في مضايقة واستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسين -


النيابة العامة وانتهاكاتها لحقوق الانسان في البحرين



مركز البحرين لحقوق الإنسان

سبتمبر 2009م


" ينبغي لأعضاء النيابة، بوصفهم أطرافا أساسيين في مجال إقامة العدل، الحفاظ دوما على شرف مهنتهم وكرامتها"المبادئ التوجيهية بشأن دور أعضاء النيابة العامةاعتمدها مؤتمر الأمم لمتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين


يساور مركز البحرين لحقوق الإنسان القلق البالغ للدور الخطير الذي تلعبه النيابة العامة في القضايا المرتبطة بالأنشطة والاحتجاجات الشعبية المطالبة بالحقوق. فلم تأخذ النيابة دور الخصم النزيه في الكثير من القضايا كما هو منوط بها، بل إنها سايرت وتماشت مع نتائج التحقيقات المشكوك في أمرها، والتي قامت بها أجهزة المخابرات أو الأجهزة الأمنية، بل عملت أحيانا على الضغط على المتهمين لتكرار الإعترافات التي يعتقد بأنها انتزعت من المتهمين تحت وطأة التعذيب.


وقد وثق مركز البحرين لحقوق الانسان الكثير من الشهادات التي تؤكد تعرض بعض المعتقلين للتعذيب في بعض أروقة مبنى النيابة العامة، وقيام رؤساء النيابة بإجبار وتهديد المتهمين على التوقيع على اعترافات معدة سلفاً، أو تهديدهم بإرجاعهم لمراكز التحقيق والتعذيب مرة أخرى ما لم يقوموا بإطاعة تلك الأوامر. وما يخشاه المركز أيضا هو مشاركة النيابة في انتهاكات حقوق المتهمين من خلال رفض مزاعمهم بالتعرض للتعذيب وتجاهل آثار المعاملة اللانسانية التي تعرضوا لها أثناء الإعتقال في أماكن الاحتجاز التابعة للأجهزة الأمنية، وهي عادة ما تكون واضحة على أجساهم.
كما قامت النيابة العامة بمخالفة القانون لأكثر من مرة، وهي الجهة المفترض ان تسهم في تطبيقه والحفاظ عليه، وأمثلة على ذلك هو موافقتها على عرض اعترافات المعتقلين فيما يسمى بقضية الحجيرة على التلفزيون، وكان قد تم انتزاع تلك الاعترافات في فترة التحقيق وقبل توجيه الاتهامات والمحاكمة، والتي تبين فيما بعد بأنه قد تم التلاعب بها بتواطؤ مع النيابة العامة وان الاعترافات قد انتزعت تحت التعذيب.وفي حين تتسامح النيابة العامة في إجراءات التوقيف و جدية التهم والعقوبات الموجهة في قضايا جنائية كبيرة تتعلق بحيازة أسلحة أو جرائم تهريب المخدرات والاعتداءات الجنسية على الاطفال، فانها تتشدد بشكل مبالغ فيه في الاجراءات والاتهامات حين يتعلق الامر بالمعتقلين من المتهمين بالمشاركة في النشاطات أو الاحتجاجات الشعبية والحقوقية من أبناء الطائفة الشيعية.
ويوعز المركز انتهاكات النيابة العامة السالفة الذكر لتداخل عملها الفعلي مع الأجهزة الأمنية وخصوصا جهاز الامن الوطني، ولخلفية أغلب أفراد طاقم هذا الجهاز الذي أتى من مؤسسات عسكرية وأمنية ومخابراتية، تعاطت مع مثل هؤلاء المعتقلين أثناء الاحتجاجات الشعبية في السابق وكانت هي نفسها متورطة في انتهاكات حقوق الانسان . ولا يتوقع مركز البحرين لحقوق الانسان أن تلعب النيابة في ظل هذه التركيبة، الدور النزيه المناط بها لتحقيق العدالة، خصوصاً في القضايا السياسية والحقوقية أو تلك التي تطلق عليها السلطات بالقضايا "المزعزعة للأمن" لإرتباطها بالإحتجاجات المطلبية الشعبية

تكوين وصلاحيات النيابة العامة
حتى العام 2002م، كان يطلق على النيابة العامة –دائرة الإدعاء العام- وهي جزء من وزارة الداخلية وتحت اشراف مباشر من وزير الداخلية نفسه، إستناداً إلى خطة إعادة التنظيم التابعة لوزارة الداخلية، كما جاءت في المرسوم رقم 29 لسنة 1996م بإعادة تنظيم وزارة الداخلية[1].وقد جاءت المادة (6) من مرسوم بقانون رقم 46 لسنة 2002م بإصدار قانون الإجراءات الجنائية في 23 أكتوبر 2002م بأنه "تستبدل عبارة "قانون الإجراءات الجنائية" بعبارة "قانون أصول المحاكمات الجزائية"، وعبارة "النيابة العامة" بعبارة "الإدعاء العام"، وعبارة "النائب العام" بعبارة "المدعي العام" .. أينما وردت في القوانين والأنظمة المعمول بها"[2].وكما يتضح من صياغة المادة، فإن مسمى "الإدعاء العام" قد تغير ولايوجد ما يشير الى تكوين جهاز مستقل بديل عنه، مما يعزز الإعتقاد بأن ما حصل هو تغيير في تبعية نفس الجهاز – الذي أعيد تسميته باسم النيابة العامة- ويلحق بوزارة العدل بدلاً من تبعيته لوزارة الداخلية. علما بان كلا الوزارتين يرأسهما فرد من الأسرة الحاكمة، وكلاهما عضو في مجلسي الدفاع الاعلى وهو المجلس الذي يضع السياسات الامنية الداخلية والخارجية، ويتكون من 14 فرد من القيادات السياسية والوزراء جميعهم من أفراد الأسرة الحاكمة.
وقد كان وجود الإدعاء العام تحت إشراف وتوجيه وإدارة وزارة الداخلية يضمن ولاء أفرادها للأجهزة الأمنية والسلطة التنفيذية. فلم يكن يتوقع أن يقف الإدعاء العام خصماً لأي دعوى ضد أي من أجهزة السلطة التنفيذية والأمنية، مثل دعاوى التعذيب وسوء المعاملة ضد أفراد الأجهزة الأمنية والقتل خارج القضاء لأي من منتسبي الداخلية.وفي تعديلات السلطة القضائية في المرسوم بقانون رقم 42 للعام 2002م أفردت السلطة باباً خاصاً للنيابة العامة في الباب الرابع من القانون باعتبارها "شعبة أصيلة من شعب السلطة القضائية، وتمارس الاختصاصات المقررة لها قانونا، ولها دون غيرها تحريك الدعوى الجنائية ومباشرتها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك". كما " يتولى وزير العدل الإشراف والرقابة على النيابة العامة وأعضائها . ويتبـع أعضاء النيابة العامة رؤساءهم بترتيب درجاتهم، وينـوبون عن النائب العام في ممارسـة وظائفـهم، ويتبعون جميعاً وزير العدل".
وكون أغلب أفراد النيابة العامة هم في الأصل من منتسبي وزارة الداخلية (انظر أدناه)، باستثناء الملتحقين بالنيابة بعد تكوينها، فقد بدى ذلك جلياً على أداءهم وطريقة تفكيرهم وميولهم في التعاطي بعقلية أمنية وعسكرية، كما أثبتته شهادات الذين اعتقلوا ضمن القضايا المطلبية والإحتجاجات الشعبية. وقد أدت تلك الخلفية للنيابة العامة وتركيبتها في مواقعها الكبرى- إبتداءا من النائب العام وحتى وكلاء ورؤساء النيابة- إلى الدفع بشكل مباشر إلى تلبيس التهم- بشكل قسري- على أي معتقل من قبل الأجهزة الأمنية.
ويتمحور دور النيابة في إعداد الاعترافات المسبقة، والعمل على تفصيلها لتلك التي قدمتها الأجهزة الأمنية والمخابراتية في مراكز التحقيق والتعذيب، ومن ثم البحث عن المواد القانونية المطابقة والمؤدية لتجريم المعتقلين بناء على تلك التهم والدفع بها في أروقة المحاكم.وتعتمد النيابة العامة بشكل أساسي على الأدلة والشهادات التي تعدها الأجهزة الأمنية، والعمل على مسايرة تلك الإجهزة حتى في توقيت التحقيق مع المتهمين الذي عادة ما يكون في منتصف الليل أو عند طلوع الفجر، وكذلك العمل على تفنيد كل مزاعم الانتهاكات التي تقوم بها تلك الأجهزة من سوء المعاملة والتعذيب التي عادة ما تكون آثارها بارزة على أجسادهم. وهذا يتناقض تماما مع المبادئ التوجيهية بشأن دور أعضاء النيابة العامة والتي اعتمدها مؤتمر الأمم لمتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين والتي نصت المادة الثالثة منه على انه " ينبغي لأعضاء النيابة، بوصفهم أطرافا أساسيين في مجال إقامة العدل، الحفاظ دوما على شرف مهنتهم وكرامتها" وكذلك المادة 16 منه والتي تنص على أنه " إذا أصبحت في حوزة أعضاء النيابة العامة أدلة ضد أشخاص مشتبه فيهم وعلموا أو اعتقدوا، استنادا إلى أسباب وجيهة، أن الحصول عليها جرى بأساليب غير مشروعة تشكل انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان بالنسبة للمشتبه فيه، وخصوصا باستخدام التعذيب أو المعاملة أو المعاقبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية، أو بواسطة انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان، وجب عليهم رفض استخدام هذه الأدلة ضد أي شخص غير الذين استخدموا الأساليب المذكورة أو إخطار المحكمة بذلك، واتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان تقديم المسئولين عن استخدام هذه الأساليب إلى العدالة."
ومن اللافت للنظر أن جميع القضايا المتعلقة بالاحتجاجات الشعبية التي عادة ما تربطها السلطات بالشأن الأمني وتسميها بالقضايا الأمنية، والتي تضمنت محاكمة العديد من النشطاء ومدافعي حقوق الإنسان، قد تولى التحقيق فيها رؤساء ووكلاء نيابة كانوا يتبوءون في السابق موقعاً عسكرياً أو أمنياً تابعاً للأجهزة الأمنية، وهو ما عكس طبيعة تعاطيهم مع تلك القضايا والمتهمين فيها، وتجاوزاتهم ومخالفاتهم لمعايير وقيم النيابة العامة المتعارف عليها دولياً، كما يتضح لاحقاً.ولا شك في أن التكريم الذي حظى به أفراد النيابة العامة من خلال تبوئهم لمواقعهم المتقدمة في السلطة القضائية، والتي تصدر بأوامر أو مراسيم ملكية، سوف يضمن ولائهم الدائم للسلطة، وهذا ما يبرر ميل النيابة (او الإدعاء العام سابقاً) الى تثبيت تجريم المعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان أمام محاكم الدولة، حيث يتوافق الادعاء العام وهيئة المحكمة- التي هي الأخرى تفتقد إلى الاستقلالية - على حساب المتهم الذي هو الضحية دائماً.
نماذج من أعضاء النيابة وخلفياتهم الوظيفية

1.
على فضل البوعينين- النائب العام برتبة وزير - كان يعمل ضابطا في إدارة الإدعاء العام بوزارة الداخلية، ثم عُين نائباً لرئيس اللجنة الأمنية التي شُكلت إبان أحداث التسعينيات والمتهمة بتعريض النشطاء والمعتقلين للتعذيب الذي أفضى في بعض حالاته للعاهات المستديمة الجسدية والنفسية وللقتل في العديد من الحالات الموثقة.شغل البوعينين وبرتبة عقيد منصب مدير إدارة الشئون القانونية والتي تتبع وزير الداخلية حسب تنظيم وزارة الداخلية كما جاء في مرسوم رقم 29 للعام 2003م ، ومثل وزارة الداخلية في العديد من اللجان الرسمية على المستوى المحلي والإقليمي، آخرها كان في اللجنة الأمنية التي كانت بقرار لرئيس الوزراء في 19 أكتوبر 2004م لدارسة أسباب الجرائم في الفترة الأخيرة[3].بعد ذلك القرار بخمسة أيام، تم تعيينه بأمر ملكي مؤرخ في 24 أكتوبر 2004م في النيابة العامة برتبة محامي عام أول في درجة وكيل محكمة التمييز[4]. وفي سبتمبر 2005م، صدر أمر ملكي آخر بتعيين البوعينيين نائباً عاماً بدرجة وزير[5].
2.
حميد حبيب- محامي عام في النيابة العامة- عمل باحثاً في الإدعاء العام بوزارة الداخلية، ثم رئيساً للشئون القانونية بالمحافظة الشمالية،وهي تتبع إدارياً وزارة الداخلية. عين حبيب في 2005م بدرجة رئيس نيابة من الفئة (أ) برتبة رئيس محكمة كبرى.
3.
أحمد الدوسري- محامي عام في النيابة العامة- كان يعمل برتبة ضابط في قسم التحقيقات الجنائية التابع لوزارة الداخلية.
4
. نواف عبدالله حمزة - محامي عام في النيابة العامة- عمل برتبة ضابط في وزارة الداخلية قبل التحاقه بالنيابة العامة. عين حمزة في العام 2003م بمرتبة وكيل للنائب العام[6]، ثم في 2005م[7] وكذلك في العام 2007م[8] على التوالي، في درجة رئيس نيابة من الفئة (ب) بدرجة قاض ثم وكيلاً بالمحكمة الكبرى.

5.
أسامة علي جاسم العوفي - رئيس نيابة- عمل برتبة ضابط بوزارة الداخلية قبل انضمامه للنيابة العامة، كما عين في العام 2003م بمرتبة وكيل للنائب العام.تم ترقية العوفي في العام 2005م وكلك في العام 2007م على التوالي، الى درجة رئيس نيابة من الفئة
(ب) بدرجة قاض ثم وكيلاً بالمحكمة الكبرى.
6
. نواف محمد حمد المعاودة- رئيس نيابة- عمل برتبة ضابط بوزارة الداخلية قبل انتقاله للنيابة العامة وعين في العام 2003م بمرتبة وكيل للنائب العام
تجدر الإشارة الى إنه في فترة لا تتجاوز الخمس سنوات تم تعيين أكثر من 20 وكيلا للنائب العام ومن ثم ترقية بعضهم لدرجة قاضي أو رئيس نيابة، وتعيين أكثر من 25 مساعد للنيابة العامة. وتعتمد معايير تعييناتهم على معارفهم وقربهم ببعض المسئولين في النيابة العامة أو في وزارتي الداخلية والعدل.
ومن الملاحظ أيضا من تعيينات النيابة العامة هي السرعة الفائقة في الترقيات الوظيفية لتبوأ مناصب عليا. تنص الفقرة أ من المادة الثانية من المبادئ التوجيهية بشأن دور أعضاء النيابة العامة التي اعتمدها مؤتمر الأمم لمتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين على انه يجب على الدول " تضمين معايير اختيار أعضاء النيابة العامة ضمانات تحول دون تعيينهم على أساس التحيز أو المحاباة، بحيث تستبعد أي تمييز ضد الأشخاص يستند إلى العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي وغيره من الآراء، أو المنشأ الوطني والاجتماعي أو الأصل العرقي أو الملكية أو المولد أو الحالة الاقتصادية أو أي وضع آخر، ولا يستثنى من ذلك سوى أن اقتضاء كون المرشح لتولى منصب عضو النيابة العامة من رعايا البلد المعنى لا يعتبر تمييزا"
وتم الاعتماد بشكل متزايد على موظفين غير بحرينيين بعقود مؤقته، على حساب الكفاءات المحلية التي لا يضمن ولائها السياسي للسلطة، فمنذ العام 2003م ولحين نقل أفراد جهاز الإدعاء العام السابق التابع لوزارة الداخلية لموقعهم الجديد التابع لوزارة العدل، شغل مواقع النيابة العامة المختلفة مجموعة من المستشارين القانونيين من جنسيات عربية مختلفة على رئسها جمهورية مصر العربية. ومن تلك الاسماء:

محمد رأفت مصطفى برغش وقد شغل منصب محامي عام أول• أحمد رأفت عبدالمنعم شنيشن وشغل منصب محامي عام أول• شريف حسن عبدالله شادي وشغل منصب محامي عام.• مختار أحمد إبراهيم محمود كرئيس نيابة من الفئة (أ).• محمود مصطفى مرسي الدقاق كرئيس نيابة من الفئة (أ)• أشرف كمال عبدالحليم عبدالله كرئيس نيابة من الفئة (ب).• هاني أحمد فهمي درويش كرئيس نيابة من الفئة (ب).• وجيه كمال حسن أباظة كرئيس نيابة من الفئة (ب).
انتهاكات النيابة

تلقى مركز البحرين لحقوق الإنسان العديد من الشكاوى والتقارير بشأن قيام النيابة العامة بانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، سوف
نورد أهمها بشكل موجز آخذين في الاعتبار نية المركز التحفظ على نشر أسماء المعتقلين والمحامين الذين ساهموا في توثيق هذه الانتهاكات حفاظاً على سلامتهم. إلا ان المركز على استعداد للإعلان عن كل تلك الأسماء والتفاصيل في أي عملية للحقيق تقوم بها أي جهة مستقلة بعيدة عن تأثير أي من أجهزة السلطة.
وتجدر الإشارة إلى أن النيابة قد اتهمت مؤخراً بالتلاعب في شهادات بعض شهود الإثبات في بعض القضايا، وهو ما يدلل على تغلغل الفساد لتلك المؤسسة المتهمة أصلاً بعدم الحيادية.
التحقيق في أوقات متأخرة من الليل
اشتكى الكثير من الضحايا من قيام النيابة العامة بالتحقيق معهم في أوقات متأخرة جداً من الليل أو عند طلوع الفجر، وعادة ما تكون بعد أن قام أفراد الأجهزة الأمنية بالتحقيق مع أولئك المعتقلين لساعات طويلة يتخللها تعريضهم إلى التعذيب والمعاملة اللاإنسانية. وكان آخر ما قام به ممثلوا النيابة هو التحقيق في مستشفى السلمانية مع الأطفال الذين أطلق عليهم أفراد القوات الخاصة النار في السنابس. وقد أشار الأطفال وأهاليهم للصحافة المحلية في أن التحقيق معهم في غرفهم في المستشفى، ودون حضور أي محامي، قد بدأ من الساعة الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل ولم ينته حتى طلوع الفجر. وكذلك الحال مع معتقلي أحداث ديسمبر 2007م، وأحداث ديسمبر 2008م، ومعتقلي أحداث قرية كرزكان وقرية المعامير الذين تم التحقيق معهم في أوقات متأخرة من الليل.
التحقيق دون وجود محامين
وقد ازدادت القضايا التي يجلب فيها المعتقلين للنيابة في وقت متأخر جداً من الليل، دون علم أهاليهم أو محاميهم، وذلك للتأكد من عدم وجودهم مع موكليهم. بل تؤكد الشهادات على إلحاح المعتقلين على استدعاء محاميهم قبل التحقيق معهم في النيابة العامة، إلا إن ممثل النيابة عادة ما يرفض الطلب بحجة أن الوقت متأخر للإتصال بالمحامين، ويصر على الإستمرار في التحقيق دون وجود أي نوع من التمثيل القانوني للمعتقل أثناء التحقيق. وهكذا كان الحال مع معتقلي ديسمبر 2007 و معتقلي ديسمبر 2008 وكذلك معتقلي كرزكان. تنص المادة 12 من المبادئ التوجيهية بشأن دور أعضاء النيابة العامة أن " على أعضاء النيابة العامة أن يؤدوا واجباتهم وفقا للقانون، بإنصاف واتساق وسرعة، وأن يحترموا كرامة الإنسان ويحموها ويساندوا حقوق الإنسان، بحيث يسهمون في تأمين سلامة الإجراءات وسلامة سير أعمال نظام العدالة الجنائية."
التهديد وإرغام المتهمين على التوقيع على الاعترافات الجاهزة والتعذيب في مبنى النيابة
أكدت شهادات ضحايا التعذيب من المعتقلين عن قيام رؤساء النيابة بتهديدهم أو الصراخ عليهم، وإرغامهم على الإقرار أو التوقيع على اعترافات جاهزة ومتوافقة مع تلك التي تم انتزاعها تحت وطأة التعذيب. وفي حال رفض المتهم التوقيع، يعمد رئيس النيابة على تهديد المعتقل بإرجاعه لنفس الجهة التي كانت تحقق معه، لنيل مزيد من التعذيب. بل إن بعض المعتقلين أكد على أن رئيس النيابة يعمد لترك باب مكتبه مفتوحاً ويسمح لضابط المخابرات المسئول عن التعذيب والذي عادة ما يصاحب المعتقل في رحلته للنيابة بالوقوف بجانب الباب، لتخويفه ومن ثم إرغامه على التوقيع على الإفادات الجاهزة والتي أخذت تحت التعذيب.
أشارت شهادات بعض المعتقلين بأن بعض من رفض التوقيع على الإفادات الجاهزة التي قدمها لهم رئيس النيابة، تم إرجاعهم لمراكز التحقيق والتعذيب لينالوا قسطاً من التعذيب قبل أن يتم إرجاعهم وإرغامهم على التوقيع على أوراق النيابة دون أن يسمح له أو أن يحظى بفرصة قراءتها أو العلم بما فيها من اعترافات على نفسه.وتتوافر شهادات أخرى لمعتقلين رفضوا توقيع إفادات جاهزة أعدتها النيابة، وأولئك لم يتم إرجاعهم لمراكز التوقيف مرة أخرى، بل أخذوا لغرفة مجاورة لممثل النيابة، حيث تم تعريضهم للضرب والركل بمسمع ومرأى منه.
وقد أثر ذلك على العديد من المعتقلين، وأيضاً بسبب حالة الرعب التي يعيشها المعتقل منذ وهلة دخوله النيابة وحتى خروجه منها من سوء معاملة وتهديد بالتعذيب، مما عجل في قيامهم بالتوقيع على تلك الإعترافات المعدة سلفاً دون أن يطلع على ما فيها.وتتناقض هذه الأفعال المشينة لجهاز النيابة العامة مع كل المعايير الدولية التي يجب أن يتقيد بها أعضاءه مع المادتين 12 و16 من المبادئ التوجيهية بشأن دور أعضاء النيابة العامة المشار لهما سابقاً.
انتهاك ومخالفة القوانين
وقد قامت النيابة بانتهاك القانون لأكثر من مرة، مستخدمة بذلك صلاحيات هي ليست مما تتمتع به. ففي نهاية العام 2008م، فيما عرف بـ"مخطط الحجيرة"، فقد وافقت النيابة على طلب جهاز الأمن الوطني بنشر اعترافات وهويات أولئك المعتقلين وهم في فترة الإعتقال والتحقيق، ولم يكونوا قد تم إحالتهم للمحكمة.وقد قامت وزارة الإعلام وبعض الصحف المحلية ، بناءا على موافقة رئيس النيابة المسئول المباشر عن القضية، بنشر تلك الإعترافات التي تم تسجيلها وبثها على قناة البحرين الفضائية وفي الصحف دون علم أو موافقة المعتقلين أنفسهم أو محاميهم. وبهذا قد تواطئت النيابة مع جهاز الأمن الوطني في تجريم أولئك المعتقلين عند الرأي العام قبل البت بقضيتهم عند القضاء، وهو ما يتنافى مع مواد المرسوم بقانون الإجراءات الجنائية رقم 46 لعام 2002م ومواد المرسوم بقانون العقوبات رقم 15 للعام 1976م في كشف هوية المتهمين والتعريض بهم وتشويه سمعتهم، ناهيك عن التأثير على مجرى القضاء باستخدام وسائل الإعلام. وقد أشارت المبادئ التوجيهية بشأن دور أعضاء النيابة العامة في الإجراءات الجنائية، وفي المادة 13 منه على ضرورة " المحافظة على سرية المسائل التي يعهد إليهم بها، ما لم يتطلب أداء واجبهم أو دواعي العدالة خلاف ذلك، دراسة آراء وشواغل الضحايا في حالة تأثر مصالحهم الشخصية، وضمان إبلاغ الضحايا بحقوقهم عملا بإعلان مبادئ العدل الأساسية المتعلقة بضحايا الإجرام والتعسف في استعمال السلطة".
التغافل عن حالات التعذيب ومعارضة التقارير الطبية المستقلة
تكررت شهادات المعتقلين وكذلك بعض محاميهم عن تغافل ممثلي النيابة عن توثيق حالات التعذيب التي عادة ما تكون ماثلة أمامهم، أو حينما يعرب المعتقل، بالقول وبعرض جسمه ويكون آثار التعذيب بادية عليه، عن تعرضه في مراكز التوقيف - سواء كان في مكتب التحقيقات الجنائية أو في القلعة (مقر جهاز الأمن الوطني)- لسوء المعاملة وانتزاع الاعترافات منه قسرا.بل إن النيابة قد أخذت موقفاً سلبياً من التعاطي مع تقارير اللجان الطبية واتخذت موقعاً دفاعياً عن الأجهزة الأمنية وما يحدث فيها من انتهاكات سوء المعاملة والتعذيب التي جاءت على لسان أكثر من معتقل وفي أكثر من قضية، إلا إن النيابة كان لها موقف الطعن والتشكيك في تلك الشهادات والتقارير، في وقت كان يفترض أن تفتح تحقيقا عاجلا في تلك المزاعم وتقديم من تثبت ممارسته للتعذيب إلى المحكمة. وتنص المادة 15 من المبادئ التوجيهية بشأن دور أعضاء النيابة العامة على أن "يولى أعضاء النيابة العامة الاهتمام الواجب للملاحقات القضائية المتصلة بالجرائم التي يرتكبها موظفون عموميون، ولاسيما ما يتعلق منها بالفساد، وإساءة استعمال السلطة، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وغير ذلك من الجرائم التي ينص عليها القانون الدولي، وللتحقيق في هذه الجرائم إذا كان القانون يسمح به أو إذا كان يتمشى مع الممارسة المحلية."

دور النيابة العامة

في الوقت الذي يتوقع من جهاز النيابة أن يكون خصماً شريفاً إلا إن مسلكية أفراد هذ الجهاز، وخلفيتهم الأمنية والعسكرية التي تتصف بإشهار الولاء لمرؤوسيهم وعدم حياديتهم، قد كشف عن توجه متكرر للنيابة العامة، وهو البحث عن المواد القانونية التي تجرم النشطاء ومدافعي حقوق الإنسان، بعد أن عمل نشاطهم على الضغط على السلطات وفضح انتهاكاتهم الممنهجة.
وقد أظهرت قضية الشاب حسن علي المتهم بنشر معلومات عن جهاز الأمن الوطني- والذي حكم بتاريخ 16 سبتمبر 2009م بالسجن لمدة ثلاث سنوات- عن استهداف النيابة العامة لمدافعي حقوق الإنسان ومحاولة توريطهم بغية تجريمهم.يبرز هذا الدور والمسلكية للنيابة في الوقت الذي تجاهلت فيه جميع الشكاوى التي قدمها العديد من النشطاء عن استهدافهم وتشويه سمعتهم والمضايقات التي يقوم بها من هم محسوبون على الأجهزة الأمنية (ومن الشكاوى التي تجاهلتها النيابة: حملة تشويه السمعة باستخدام المسجات القصيرة من أرقام هواتف محمولة في ديسمبر 2005م ضد الشيخ علي سلمان- أمين عام جمعية الوفاق، وكذلك ضد الأستاذ حسن مشيمع –أمين عام حركة حق في فبراير 2006م، إضافة للمضايقات والتهديدات المختلفة للسيد نبيل رجب- رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان- وزوجته منذ العام 2005م).
وقد سعت النيابة إلى تجريم النشطاء، بالاستعانة بالقوانين المنتهكة للحقوق والمدانة محليا ودوليا لتعارضها مع ابسط المعايير لحقوق الانسان،( قانون التجمعات- قانون العقوبات- قانون الإرهاب- قانون الجمعيات الأهلية وغيرها) ومساندة القضاء البحريني المعروف بعدم استقلاليته أو حياديته.

مطالب مركز البحرين
بناءا على ما سلف وحتى يمكن تحقيق العدالة ولضمان حسن سيرها ونزاهتها فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان يطالب بالآتي:

1- الالتزام في عمل النيابة العامة بالمعايير الدولية المرتبطة بعمل تلك الأجهزة وعلى رأسها المبادئ التوجيهية بشأن دور أعضاء النيابة العامة التي اعتمدها مؤتمر الأمم لمتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين في سبتمبر 1990.

-2- تغيير جميع طاقم أفراد النيابة العامة، ابتداءا من النائب العام وحتى رؤساء ووكلاء النيابة، وتوظيف طاقم مدني متخصص، وذي خبرة وسمعة حسنة ويخلو سجله من أي ارتباط بالإجهزة الأمنية والعسكرية أو انتهاكات سابقة لحقوق الانسان.
- 3-إعادة فتح التحقيق في جميع القضايا المشار لها سابقاً والتي ساهمت النيابة بدور فعال في إدانة النشطاء وتعريضهم للتعذيب أو سوء المعاملة أو لإجراءات غير قانونية أو تتعارض مع المعايير الدولية التي التزمت بها البحرين.

4- رفع الحصانة عن طاقم النيابة الحالي وتقديم المتورطين منهم للمحاكمة بتهمة التواطؤ مع الأجهزة المخابراتية والأمنية والتستر على انتهاكاتها لحقوق الإنسان والمعتقلين والتجاوزات التي تصل إلى حد الجريمة في الحق العام والإنسانية وحق المتهمين.


للتواصل مع مركز البحرين لحقوق الإنسان:
البريد الإلكتروني: info@bahrainrights.org
الفاكس: 17795170 - 973+
المواقع الإلكترونية:• www.bahrainrights.org• www.facebook.com/group.php?gid=50727622539• www.twitter.com/bahrainrighs• bahrainrights.blogspot.com
________________________________________[1] http://www.legalaffairs.gov.bh/Portals/0/Dept_LegalLaw/D2996.htm[2] http://www.legalaffairs.gov.bh/Portals/0/Dept_LegalLaw/L4602.htm[3] قرار مجلس الوزراء رقم 44 لسنة 2004م بتشكيل لجنة أمنية وتحديد اختصاصتها بتاريخ 19 أكتوبر 2004م[4] أمر ملكي رقم 34 لسنة 2004م بتعيين محام عام أول بالنيابة العامة بتاريخ 24 أكتوبر 2004م[5] أمر ملكي رقم 30 لسنة 2005م بتعيين النائب العام بتاريخ 24 ديسمبر 2005م.[6] أمر ملكي رقم 5 لسنة 2003م بتعيين أعضاء النيابة العامة بتاريخ 28 يناير 2003م[7] أمر ملكي رقم 16 لسنة 2005م بتعيين رؤساء نيابة من الفئة (أ) والفئة (ب) بتاريخ 9 يوليو 2005م[8] أمر ملكي رقم 27 لسنة 2007م بتعيين رؤساء نيابة من الفئة (ب) بتاريخ 4 أكتوبر 2007م