Sunday, October 04, 2009

من تجربة الاعتقال والمحاكمة..جرائم الفسيلة

منشور على منتدى الصرح الوطني:

http://wattaninet.net/forum/showthread.php?t=123120


من تجربة الاعتقال والمحاكمة:

جرائم الفسيلة

عبدالجليل السنكيس
3 أكتوبر 2009م


في هذا المقال أسلط الضوء على بعض معالم تجربة الاعتقال والمحاكمة في قضية ما عرف بـ"الحجيرة" ومواجهة تهم "الإنضمام لجماعة محظورة على خلاف القانون تعارض الدستور وتستعين بالإرهاب لتحقيق أحد أهدافها، والسعي لقلب نظام الحكم والتحريض على كراهية النظام والإزدراء به". هذه هي التهم الأساسية الثلاث التي وجهتها لي النيابة العامة والقضاء البحريني وتستند على مواد من قانوني الإرهاب للعام 2006م والعقوبات للعام 1976م، يصل الحكم فيها للسجن المؤبد (25 سنة) للتهمة الإولى، و10 سنوات للثانية وحوالي 5 سنوات للثالثة.
سوف نعمل على كشف العديد من المواقف المرتبطة بالقضية وتبعاتها، ابتداءاً من إستدعاء النيابة، الهجوم والإعتقال في الفجر، الحبس الإنفرادي، التحقيق في النيابة، المنع من السفر، جلسة المحاكمة، حظر المدونة والوصول للإعلام وغيرها من المحطات التي ارتأيت أهمية توثيقها ولو بشكل موجز.
وفي هذه المحطة، نستذكر الأمور المرتبطة بالتحريض على كراهية النظام والدعوة للإنقلاب عليه، والتي مثلت جزءأ أساسياً من التحقيق في النيابة الذي طال حوالي ثلاث ساعات تقريباً (من حوالي السادسة حتى التاسعة مساء الإثنين الموافق 26 يناير 2009م). لقد طال الإعتقال والحبس الإنفرادي والتحقيق في النيابة قرابة الأربع وعشرون ساعة (تم إرجاعي للبيت في حوالي ذات الوقت الذي تم أعتقالي فيه أي حوالي الثالثة فجراً). أصدرت النيابة، وفي وقت متأخر من يوم الأعتقال والتحقيق، أمراً باستمرار حبس الإستاذ حسن مشيمع، والشيخ محمد حبيب المقداد، بينما أفرج عني مع منع رسمي من السفر استمر حتى 1 مايو 2009م، ولنا مع تلك التجربة وقفة خاصة. بعد أسبوعين من إطلاق سراحي المشروط بالمنع من السفر، قامت السلطات البحرينية في 10 فبراير بحظر الولوج- من داخل البحرين- لمدونتي "الفسيلة" على الغوغل (alsingace.blogspot.com) وعلى برنامج كاتب التابع للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (alsingace.katib.org)، كما تم منع الوصول لبعض المواضيع التي ينشرها الكاتب على برنامج الفيس بوك، وتحديداً تلك التي تعني بالوضع الحقوقي والسياسي في البحرين.
تجربة أخرى أوثقها أيضا، ولأول مرة، الحظر للوصول للإعلام في الصحف المحلية، وهو أمر لاحظته مؤخراً ولم أكن منتبهاً له. ودون ما نشر بخصوص رفض المثول للنيابة في دعوتها الأولى والتي لم تشر للتهم، وبعض الفقرات من الخطاب الذي واجهت به قاضي المحكمة الكبرى، والتعليق على قرار الإفراج في 11 أبريل الماضي، فإن هناك تفادياً مكشوفاً من بعض الصحف والصحفيين لكل ما يشير للكاتب. فلقد تفادت الصحف تجربة المنع من السفر التي تكررت لخمس مرات من 12 أبريل وحتى 1 مايو والذي كنت في تواصل آني مع الصحفيين وبعض رؤساء الأخبار المحلية، ولكن دون جدوى. بعض الصحف التي اعتادت التواصل لإستقاء الأخبار والتصريحات، واصل بعض مراسليها وصحفييها الإتصال وأخذ التصريحات، دون أن ينشر أي منها، مع علم الكاتب بالتعابير المانعة للنشر والتزامه بالتصريح القابل للنشر، كالسابق. ولكن، وكما سرب بعض الصحفيين، تم وضع الكاتب في القائمة السوداء والممنوعين من النشر، وقد انتشر ذلك في الوسط الصحفي لتلك الجرائد، حتى إن بعض رؤساء التحرير يتدخل لمنع أي إشارة لصاحب المقال، بأي طريقة كانت، حتى وإن ظهر في صدر الصور التي تنشرها جريدته، ولا داعي لأي أمثلة يتحسس البعض منها. ولكنه بدى واضحاَ حرب الحظر والمنع الصحفي على الكاتب من تلك المحاكمة تحديداً، وسوف أذكر-إذا شاء الله تعالى- تجربة السفينة التي رست البحرين وعلى سطحها ثلة من الأكاديميين من أعرق جامعة في العالم "ستانفورد" وتدخل السلطات لمنعي من الإلتقاء بهم والحديث معهم لسويعات.
في النيابة العامة، قام بالتحقيق معي رئيس النيابة أسامة العوفي (وهو ضابط سابق بوزارة الداخلية – انظر التقرير الوثائقي المفصل لمركز البحرين لحقوق الإنسان بخصوص النيابة العامة والمنشور في شهر سبتمبر الماضي [1]). تم تقسيم التحقيق الى قسمين أو مرحلتين، الأسئلة العامة ثم أسئلة المواجهة. في الجزء الأول، وبعنوان "الدردشة" كما أطلق عليها العوفي، تم تناول الحديث عن الأنشطة التي أقوم بها، في المجتمع البحريني وتلك التي تحدث خارج حدود البحرين، وبإذن الله تعالى، سوف أعود لها في وقت لاحق. كما شمل هذا القسم من الأسئلة المقالات التي أكتبها وتنتشر "مثل الزيبق" كما عبر العوفي وهو يواجه المحامي الحاضر معي الأستاذ محمد أحمد. فقد سألني عن آلية نشر مقالاتي، المواقع الإلكترونية التي تقوم بنشر تلك المقالات، وأين مصدرها (أي أين تقع تلك المواقع)، عدد القراء وكيفية استحصال هذا الرقم، كيفية انتشار المقالات في المواقع الأخرى التي لا تقوم بتثبيت المقالات في صدر الموقع. لقد كان يسأل، وبانبهار، بالأسئلة التي كان جوابي لها جميعاً، بأنني لا أعلم.
كان واضحاً توجه النيابة لإعتمادها في صياغة التهم على جزء من نشاط الكاتب وهو كتابة المقالات التي تنشر على المواقع الإلكترونية، ويرمي الى أثر تلك المقالات في قارئها وهو ما عبر عنه بالدعوة لقلب نظام الحكم والتحريض على كراهية النظام والإزدراء بها. وقد تم ربط ذلك ببعض إعترافات الشباب "المستلة قسراً تحت وطأة التعذيب الشديد واللسع بالكهرباء من قبل خبراء التعذيب المصريين" على أنهم يقرأون المقالات "التحريضية المنشورة في المنتديات" ويستلهمون منها القوة والدعوة "للتخريب والإرهاب". ولست هنا في مقام لوم أولئك الشباب المظلوم المستهدف، فأنا على علم ببعض ما وقع عليهم ولقوا من تعذيب شديد وسوء معاملة ترغمهم على قول أي شيء يطلب منهم من قبل معذبي جهاز أمن الدولة السيء الصيت أو النيابة التي تستلم أوامرها من جهات معلومة.
لقد أخبرت أسامة العوفي من أنني لا أعتقد باستقلالية النيابة وأن الأسئلة المصاغة مراد منها تجريمي ولهذا سوف أمتنع عن الإجابة عن أي سؤال بهذاالمعنى، وهذا ما حدث.
في استعادة للذاكرة في الجزء الذي أسماه العوفي- أيضا- بأسئلة المواجهة، والتي رفضت التجاوب معه وامتنعت عن الإجابة على الأسئلة لأنها تهدف الى استحصال إقرار مني لأمور صاغها جهاز أمن الدولة، وعمل جهاز النيابة- الملحق سابقاً بوزارة الداخلية- على وضع المحددات القانونية المعتمدة على القوانين التي سنها النظام لإسكات أي صوت حر ومعارض لبرامجه (قوانين الارهاب 2006، التجمعات 2005، الجمعيات 2005، الطباعة والنشر 2002، الجمعيات الأهلية 1989، العقوبات 1976وتعديلاته، وغيرها).
سنركز في هذه الحلقة على مجموعة المقالات وعددها حوالي عشرة تم طبعها ووضع كل واحد منها في ظرف مستقل، وتم التعليم على بعض الفقرات من تلك المقالات بشكل مميز. أراني العوفي نسخاً من تلك المقالات والتي لم أستطع الإطلاع على تفصيلها، ولكن من العناوين وطريقة كتابتها استوحيت أنها لي، إلا واحداً لم يكن من ضمن النسق والسياق، وقد أخبرته بذلك. الإستاذ محمد أحمد تدخل ليشير للمحقق العوفي بأنني لم اضطلع على محتوى تلك المقالات حين عرضها، وقد طلب تدوين ذلك في المحضر.
وكما أشرت، حاول العوفي أن يتناول تلك المقالات وفقرات محددة فيها بالتحديد إلا إنني رفضت الحديث عنها جملة وتفصيلا، وأخبرته بأنني لست مسئولاً عن تفسير الآخرين- بما فيها جهاز أمن الدولة والنيابة وأي شخص- لأي جزء مما أكتب.
طبعاً، حصلت على قائمة المقالات من ملف القضية التي اطلعت عليه لاحقاً بشكل مفصل، ومنه أشير الى المقالات "المحرمة" والتي اعتبرها النظام "محرضة" واستند عليها أمن الدولة ومن ثم نيابته في محاولة لإدانتي. تناولت المقالات، التي نشرت في الفترة مواضيع:
الإستحواذ على الثروات السلطة، عدم مشروعية دستور الشيخ حمد، والمطالبة بدستور ديمقراطي يكتبه الشعب ويعبر عن إرادته، اساليب النظام في استهداف النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، المعتقلون في سجون النظام ووضعهم جراء التعذيب وسوء المعاملة، التمييز الطائفي للسلطة، الإستيطان ومساوءه وآثاره، وغيرها.
وتوثيقاً للتاريخ وإحياءاً للمفاهيم التي تم طرحها في المقالات "المحرمة"، أسردها ويمكن الإطلاع عليها إما من خلال آلة بحث القوقل، أو في مدونتي الفسيلة "المحظورة" على الموقعين المشار لهما آنفاً. يمكن الضغط على الوصلات المقابلة لعناوين هذه المقالات كالتالي:
1. بيدك لا بيد عمرو#2: يا ملكاً ولست بملك.. العبها صح، يمكن تربح، شعبنا تململ من تسلطكم وسوء إدارتكم لثروات البلد-نشر بتاريخ 12 سبتمبر 2007م- http://alsingace.blogspot.com/2007/09/2.html

2. أوقفوا القمع والتعذيب.. أطلقوا سراح الأبطال- نشر في 14 يناير 2008م- http://alsingace.blogspot.com/2008/01/blog-post_18.html

3. يوم نكث العهود .. يوم فقدان الشرعية الشعبية- نعم لدستور الشعب للشعب..لا لدستور الملك للملك- نشر في 10 فبراير 2008م- http://alsingace.katib.org/node/307 , http://alsingace.blogspot.com/2008/02/blog-post_09.html

4. الشهادة منتهى الصدق مع الله (مشاركة في احتفال تأبين إحتفال الشهيدين فاضل عباس ونضال النشابة بقرية كرزكان) نشر في 2 مايو 2008م- http://alsingace.blogspot.com/2008/05/blog-post_02.html

5. سلاح التحريض..أداة النظام لاستهداف النشطاء- نشر في 19 مايو 2008م- http://bahrain4u.com/showthread.php?t=205191

6. هل آن الدور الحسيني؟- نشر في 12 يوليو 2008م- http://alsingace.blogspot.com/2008/07/blog-post.html


7. صبراً آل ياسر.. الى الأقمار التي أراد الظلام حجبها- نشر في 14 يوليو 2008م- http://alsingace.katib.org/node/388

8. هل يتخلى النظام عن بعض طائفيته ويطلق سراح جامع العالي؟- نشر في 17 أغسطس 2008م- http://www.shaheednew.org/showthread.php?t=18176

9. مشروع الإستيطان وعبرة "أكلت يوم أكل الثورالأبيض" (مشاركة في فعالية رمضانية بقرية الهملة- نشر في 26 سبتمبر 2008م- http://alsingace.blogspot.com/2008/09/blog-post_7984.html

ما أشير إليه من مقالات تم اختياره بعناية محققي النيابة- كما تم ملاحظة ذلك من حديث أسامة العوفي، ونتوقع أن تلك التجربة لن تكون الأولى ما دام النظام يعيش عقدة وجود الآخر واختلافه معه، ووجود من يقول بصراحة ودون مجاملة "لا" للرضى بغير الوجود والتمثيل الشعبي في الإنتفاع بثروات البلد وصناعة القرار. هذه بعض جرائم الكلمة لدى النظام، جرائم الفسيلة التي لا يستطيع النظام تقبلها أو تحملها لأنها تهدف لبقاء ضمير الآخر حياً، منتبهاَ، رافضاَ لكل عناوين الموت والإلغاء والتغييب.
[1] http://www.bchr.net/ar/node/2960