Thursday, March 04, 2010

السباق للبس الكوفية

هل البحرين المحطة التالية وبوابة الخليج للتطبيع مع الكيان الصهيوني؟

السباق للبس الكوفية

عبدالجليل السنكيس
4 مارس 2010م




أين كوفيتك يا مسيو كالد؟!


(ملحوظة: المقصود بالكوفية في هذا المقال هي القلنسوة اليهودية التي يضعها على رؤوسهم المتطرفون اليهود، والمتدينون منهم ومن يريد أن يعرف بأنه يهودي ويدين باليهودية [1] . الإشارة للكوفية ليس من باب الإهانة أو السخرية أو الإستسخاف، وإنما للدلالة على ما تعنيه الكوفية لإصحابها من الإنتماء لليهودية بل والتطرف اليهودي أحياناً أخرى. من الأهمية التفريق هنا بين اليهودية كدين سماوي، وبين الصهيونية كمنهج وأيديولوجية متطرفة يهدفون رموزها وقياداتها للتحكم في العالم بأسره).

لم تكن المرة الأولى، ولا اعتقدها الأخيرة حينما يلتقي رموز من العائلة الخليفية بمستويات متقدمة من اليهود المتزمتين والمتطرفين والمنتسبين للصهيونية العالمية. بل إن من أهداف تعيين هدى نونو- اليهودية البحرينية من أصل عراقي- سفيرة للبحرين في واشنطن هو لكسب ود الصهاينة ولتعبيد الطريق وتسهيل عملية التواصل معهم كما هو حاصل الان. فمن ضمن مهمات اليهودية نونو هو فتح قنوات التواصل وتجسير العلاقات مع المؤسسات اليهودية المعروفة بتطرفها وارتباطها بالصهيونية، ولا أخال بأن ترتيب العشاء الذي أشار له خالد أحمد الخليفة- وزير الخارجية- في تويتره (موقع الكتروني للرسائل القصيرة: https://twitter.com/khalidalkhalifa/status/8574908454) جاء صدفة أو من جهوده الخاصة، بل ثمرة لجهود نونو التي تسعى لتسهيل وتطبيع العلاقة بين البحرين والكيان الصهيوني الغاصب للقدس من خلال موقعها في واشنطن. فبحسب خالد فإنه "دعي من قبل صديقه الحاخام شموتوف للعشاء مع زعماء الجالية اليهودية في أمريكا للحديث عن السلام في الشرق الأوسط".

الزيارة التي كشفت عنها تقارير صحفية عبرية اتصفت بالسرية ابتداءاً، ولكن بسبب التسريبات التي كثرت من بعض الحاضرين، كشفت النقاب عنها وبعض ملامحها.



فقد قام وزير خارجية البحرين خالد أحمد الخليفة [2] بزيارة لمقر حركة "حباد" الدينية اليهودية المتطرفة في واشنطن وبحضور سفيرة البحرين اليهودية هدي عزرا نونو، وشارك في اللقاء مجموعة من كبار ممثلي اللوبي اليهودي وأعضاء بارزين من منظمة "إيباك" المتطرفة واللجنة اليهودية الأمريكية ومنظمة "بني بريت" بالإضافة إلى مندوب عن اللجنة الأمريكية اليهودية لمكافحة التشهير وشخصيات يهودية نافذة في واشنطن. فإذن هذه ليست زيارة اجتماعية أو تعارف، بل لقاء تجسير وتبادل المواقف وترتيبها، ويتوقع أن تتمخض عنها مشاريع ومواقف مستقبلية، من ضمنها الإعلان عن مواقف تطبيعية مع الكيان الصهيوني.



فقد صدرت بعض التصريحات للوزير خالد تم تسريب بعضها عن طريق تقارير عبرية منها قوله خلال اللقاء: "على الجميع أن يدرك أن إسرائيل لها وجود تاريخي في منطقة الشرق الأوسط وأنها موجودة هناك في تلك المنطقة وللأبد". وكذلك قوله: "حينما يدرك الآخرون تلك الحقائق فإنه سيكون من السهل التوصل للسلام بين دول المنطقة وإسرائيل".



الأمر المثير للدهشة، هو ردة الفعل الشعبية الباهتة والبلهاء على مستوى الرموز والقيادات في البلاد، والمؤسسات المجتمعية باختلاف توجهاتها وخلفياتها المذهبية والفكرية. وهنا لا أتحدث عن الأمتين العربية والإسلامية، فلقد أهان خالد أمة فيها أكثر من 1400 مليون مسلم، حينما قام بذلك اللقاء، بل وصرح بتلك التصريحات التي تعبر عن خيانة للأمة ولا يمكن وصفها بأقل من ذلك. وأعتقد بأن هذه التصريحات تعبر عن الإستعداد النفسي للإعلان عن التطبيع الرسمي والعلني مع الكيان الصهيوني مع إن العلاقات والزيارات مع رموز وممثلي ووفود ذلك الكيان مع رموز العائلة وشخصيات رسمية لم تتوقف، ولكنها كانت وراء الستار.

أنه لأمر محزن حقاً، بل ومؤسف أن تصل الأمور لهذا الحد. فلو كانت ردة الفعل الشعبية بالمستوى الرادع والمطلوب لم يكن يجرء الحاكم الحالي- حمد بن عيسى- على الإلتقاء مع وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق- شمعون بيريز ، لأكثر من مرة، بعضها علني كما هو واضح في الصورة المرفقة، وبعضها سري في نهاية 2008م كما أشارت له السي إن إن العربية نقلاً عن القدس العربي التي كشفت النقاب عنه صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية .




ولو تم التعبير الشعبي الغاضب من لقاءات الحاكم- العلنية والسرية- مع الكيان الصهيوني، لما تبعه ولي عهده لاحقاً في يناير عام 2000 بالمنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد بدافوس بسويسرا حيث التقى سلمان بن حمد مع شيمون بيريز أيضا وكان وزير التعاون الإقليمي في إسرائيل حينها[3].

وفي 2003م في الشونة بالاردن، التقى سلمان مرة أخرى مع سلفان شالوم- وزير الخارجية الاسرائيلي- على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في البحر الميت. وقد صرح شالوم بعد اللقاء مع ولي عهد البحرين بانه يشعر «بسعادة كبيرة بهذا الاجتماع»، وعبر عن أمله في «عقد المزيد من اللقاءات بين (الرسميين) الاسرائيليين والبحرينيين» [4].

ولو كان هناك خوف من ردة الفعل الشعبية، لم يكن يدعو سلمان بن حمد في جريدة الواشنطن بوست في 17 يوليو من العام الماضي للتطبيع مع ذلك الكيان من خلال تصريحه حينما دعى القادة العرب إلى التوجه إلى الإسرائيليين من خلال وسائل الإعلام الإسرائيلية لتسهيل جهود السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وقال: "نحن العرب، لم نفعل ما فيه الكفاية للتواصل مباشرة مع الشعب الإسرائيلي". حينها إعتبر سلمان أن وسائل الإعلام الإسرائيلية هي "النافذة الأولى" التي يمكن أن يتحدث الحكام العرب إلى الشعب الإسرائيلي من خلالها عبر الإدلاء بأحاديث لصحفييها، وشرح المنافع التي ستعود على الإسرائيليين إذا ما حل السلام، وعلى رأسها الإغتراف من خيرات السوق الخليجية المشتركة، والتي وصفها بأنها "الجائزة الكبرى والمتلألئة" للقبول بالسلام. وفي رأي ولي العهد البحريني فإن العرب "لم يفعلوا ما يكفي لتوضيح وجهة نظرهم للشعب الإسرائيلي.. وغلطتنا الكبرى أننا افترضنا أن السلام كالمصباح يمكن إضاءته بكبسة (ضغطة) زر، ولكن الحقيقة أن السلام عملية تحتاج إلى التواصل الدائم مع كل أطراف المشكلة بصبر؛ ونحن كعرب لم نفعل ما فيه الكفاية للتواصل بشكل مباشر مع الشعب الإسرائيلي (أحد أهم الأطراف)".

التقارير تشير الى أن العديد من الشخصيات الإسرائيلة (استخباراتية وإن كانت بظاهرها تجارية وسياحية وثقافية) تقوم بزيارات مكوكية بين المنامة وتل أبيب، بل أن هناك استعدادات ومعاملة خاصة للوفود الإسرائيلية فيما يخص التأشيرات حينما يصلوا مطار البحرين. وقد أشارت الوثائق أيضا لنزول احدى طائرات طيران الخليج في الشهر الماضي (فبراير) مطار بن جوريون في تل أبيب وعلى متنها وفد أمني عال المستوى. وقد شوهدت مضيفتان بالزي الرسمي لطيران الخليج وأخرى بالزي الشعبي البحريني في المطار الاسرائيلي [5].



فأين المدافعون عن فلسطين والقدس؟ أين أصحاب السماحة والمتشرعة الذين لديهم موقف جاهزة من الكثير من القضايا، ولا ينبسوا ببنت شفة حينما يلتقي هذا الوزير مع كبار القياديين في الحركة الصهيونية العالمية التي تخطط للمسلمين وللقدس ويصدر منه ذلك التصريح المشين والمذل؟ أين الجمعيات ومؤسسات المجتمع التي تدافع عن مواقفها ورؤاها حينما ينال منها شخص خالد بن أحمد الخليفة؟ أين القواعد الشعبية التي تم تخديرها وشغلها بالرغيف والوظيفة لتفقد عيش الإنسان العزيز الكريم وتكون كالدابة همها علفها؟ أين الكتاب الأحرار، وأصحاب القلم الحر، وملاك الكلمة المعبرة عن حرية وكرامة؟ أين وأين؟

فهل سننتظر حتى نرى علم الكيان الصهيوني مرتفعاً في المنامة؟ ونرى مكاتب سفريات في البحرين تعمل مع شركة"العال"- شركة الطيران المدني الإسرائيلي؟؟

هل مات الضمير، بحيث تتم العربدة بهذه الصورة، بالعلن وباسم البحرين وشعبها المعروف بمواقفه المشرفة من القضية الفلسطينية؟ هل يرضى البحرين وشعبها الأصيل (الشيعة والسنة) بأن تكون البحرين بوابة الخليج للتطبيع مع الكيان الصهيوني على أوسع أبوابها؟ أين المناضلون؟ أين الشرفاء؟ أين أصحاب القضية ورافضي التطبيع، بأي صورة كانت وعلى أي مستوى أو تمثيل كان؟

أتمنى أن يصل النداء وترتفع الرايات مرة أخرى لتحي القدس وشعب فلسطين الأبية وتصرخ بأعلى الصوت: "لا للتطبيع مع الكيان الصهيوني ولا لتعبيد الطريق للصهاينة لدخول الخليج عبر البحرين أو أي دولة أخرى".


----------------------------------------------------------------------
[1] http:/www.collive.com/pics/s_nf_6251_76672.jpg
[2] http://mail.watan.com/plugins/conten...b8e6a6a25.jpeg
[3]http://arabic.cnn.com/2008/middle_east/12/17/arabic.newsadd/index.html
[4]http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&article=177958&issueno=8973
[5]http://bit.ly/gulfair