"لنا كرامة، ونرفض أن نكون سجاداً"
عبدالجليل السنكيس
واشنطن: 24 يناير 2006م
في لقاء جمعني مع أحد الباحثين بمؤسسات البحث الدولية في أمريكا، حدثني فيه عن لقاء جمعه مع أحد شباب عائلة آل خليفة وبحضور السفير الأمريكي. كان الحديث عن الشعب البحريني، حيث تم سؤاله عن توقيت انتهاء معاناة ذلك الشعب. كان يتحدث الشاب الخليفي بكل تبجح ويقول: "إنهم كالسجاد ، كلما دست عليه، كلما زادت جودته". يواصل صاحبنا الباحث الأمريكي حديثه، "بأنه تعجب من موقف السفير، الذي لم يوبخ أو حتى يبدي أي شجب أو رفض لطريقة تفكير ذلك الشاب المتغطرس التي تتعامل مع مواطنين بشر بأنهم سجاد يداس عليه بالأرجل".
هذا الحديث بان الشعب "سجاد" هو مقولة طالما سمعها التجار والأجانب من رئيس الوزراء، كلما تم الحديث معه عن وضع الشعب ومعاناته. والآن، لم يعد هذا الحديث محصوراً لرئيس وزراء البحرين الأوحد منذ الإستقلال قبل 35 سنة، بل تعداه لبقية أفراد عائلته.
إن طريقة التفكير هذه هي أساس كل مشاكلنا وأزماتنا. إعتبار أن الشعب سجاد، لا يصلح له إلا المزيد من "الدوس"، فليس له الحق، حتى بالصياح أو إبداء الألم. فلا اعتبار لمشاعره واحاسيسه، فهو خالٍ منها. ولا قيمة لحقوقه، فلا وجود لها. ولا عليه إلا بقبول المزيد من الإهانة، كلما خطت عليه أرجل القوم الكرام!
نظرة الدونية هذه، هي أساس حالة اللاستقرار طوال السنوات الماضية، وقد أسست لحالة عدم الثقة. وإذا أريد لحالة من الإستقرار الدائم للبلاد، فلابد من تغيير هذه النظرة للشعب، التي تعتمد على الإحترام المتبادل بعيداً عن سيادة العبد والسيد. ولتغيير هذه النظرة، لابد للحاكم أن يقوم بالآتي، واعتقد أن حديثي هذا يصل لمن يعنيه الأمر:
1. أن يعتبر أن موقعه مستمد من الشعب، وليس منزل من السماء. إن هذه النظرة سوف تعطيه شعوراً حقيقياً بالقوة المستمدة من الشعب، وهي أكبرمكسب. بإمكانه أن يستمر في طريقة التفكير من التعالي و"السجادية"، ولكن هذا يعني ان لا يكون حاكماً لشعب، وانما حاكماً لنفسه وعائلته. ويتطلب هذا الأمر القيام بما يلي:
- إيقاف التجنيس الهادف لتغيير الهوية البحرين الأصيلة، والغاء الجنسية ممن تم وهبها بالإستثناء الممنوح لرأس النظام، وتقدير البحريني الأصيل والجنسية البحرينية بشكل عملي وتقديمهما على غيرهما في جميع المستويات
- تبني وفرض المساواة بين أفراد الشعب، وتجريم التمييز بانواعه.
- أن يصرف مدخول الدولة على الشعب ورفع مستوى دخله والعمل على رفاهيته، ومنحه السكن الملائم.
- ان يساوي بين المواطنين، ولا يتدخل في رسم الدوائر الإنتخابية التي يجب ان تكون مثال العدالة وتستند على المعايير الدولية.
- أن يحافظ عمليا على أراضي وجغرافية البحرين ويرجع ما تم الإستيلاء عليه أو وهبه؛ من أرض أو بحر او جزر، للملكية العامة
2. أن لا يميز عائلته على بقية أفراد الشعب، ويتأكد من تحقيق الآتي:
- يلغي ميزاتهم ومخصصاتهم المالية حال ولادة أحد منهم، أو أن يعمم ذلك على كل بحريني يولد على هذه الأرض، وبذلك يحقق المساواة بين أفراد الشعب الذين من ضمنهم عائلته، إلا انه لا يعتبر أفراد العائلة بحرينيين.
- يمنع حصولهم على ميزات في المواقع الرسمية والوزارية ويتم الإستناد في ذلك على القدرات والإمكانيات والمؤهلات.
- يمنع استحواذهم على موارد البحرين وثرواتها كونهم من العائلة، وفي مقدمتهم عمه الذي استولى على البر والبحر.
- يلغي محكمة العائلة ويتركهم للجوء للقضاء العام دون أن يتم توجيهه او التدخل فيه.
- يستعيد ما تم وهبه لأفراد العائلة دون وجه حق وإلحاقه بالملكية العامة.
3. أن تكون للشعب كلمته العليا في التشريع والرقابة من خلال سلطة تشريعية حقيقية كاملة الصلاحيات دون مشاركة من أحد.
4. الفصل بين السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) وعدم التدخل أو التداخل بينها أو تركيزها في يده أو يد عائلته. واكبر تدليل على ذلك أن تكون هذه السلطات بيد أفراد الشعب المؤهلين الذين يتم إنتخابهم بعدالة.
بهذه، سيرفع الشعب حاكمه ويحفر أسمه في القلب. أما عن سياسة "الدوس"، فإنها سياسة هدامة لا تبني، لأن الشعب سيقولها يوماً ما وبصوت عال: "كفى إذلالاً، نحن بشر لنا كرامة، ونصر على ان نعيش بعزة، وإن كان ثمن ذلك أرواحنا".