عندما تضيع البوصلة#1:
التهويش والتكسير
عبدالجليل السنكيس
البحرين:20 فبراير 2006م
عرفته مبدئياً وذكياً في أطروحاته. مثقفاً، واعياً مدركاً لخفايا كثير من الأمور. ولكنه صدمني هذه المرة تكراراً في نفس اللقاء. قالوا أن البعض تغيرت نظرته، ولكني لم أكن أصدق عقلي وأنا أسمع منه ما يقول. وحتى أضع القارئ في صورة ما أقول، دعوني أنقل لكم ما قاله لي (بمعية بعض الأخوة و"الرفقاء"). من بعض ما قاله- الصياغات مقربة:
تبريره للمشاركة في انتخابات 2006: "نعلم أن حمد بن عيسى يملك كل أدوات اللعبة، والكرة معه، ولا يمكننا التصويب أو تسجيل الأقوال، ولكننا سندخل لنوحّش، ونكسر أرجلهم ".
تبرير القسم على صيانة ما يسمى دستور "2002": "سنكون مضطرين لأن نقسم، كما يضطر ذلك المناضل للقسم أمام القاضي وفي اجواء التعذيب داخل السجن". "سنقسم، وبعدها سنتصدق على فقيرين".
"في سجل التاريخ القديم والحديث، التغييرات دائماً تأتي من الخارج وليس من الداخل. نحن نعلم أننا لن نستطيع التغيير من الداخل، ولكن خلنا نخرب عليهم".
وكان ردي عليه:" هذا ليس الرد المتوقع منك، أقول – تخفيفاً - واكررها، لقد خانك التعبير، ليس من اجل هذا شـُرّد من شـُرّد، وعـُـذب من عـُـذب، وقـُتل من قـُـتل، وعانى شعب البحرين".
لقد تيقنت حينها بأن بوصلة الأخ ضائعة، وبدأ مسلسل التهويش والتخبط، ، وليقبلها مني مع فائق الإحترام. كنت يمكن أن اتقبل أن يقول:قد عجزنا، وضعفنا، ويئسنا، ورضينا بالأمر الواقع الذي يحيط بنا . أما وأن يحاول إخفاء تلك الحالة النفسية الواضحة للعيان، ويفلسف تبرير المشاركة بتلك القناعات، فهذا أمر لن يقنع به أحداً. ومن سيقنع نفسه، فغالبا ما سيكون السبب نفسياً أو مسيّساً بعقلية الحزب والتحزب، وعقلية " العزة بالإثم".
ونفسية اليأس والإستسلام هذه، والتي تبرر تغيير الموقف بالإضطرار، أو التجربة، أو الشعور بالوحدة والتوحد، لن تحل الإشكالية الأساس. ولست في مجال المزايدة، فهذا أمر غير منصف. ولكن أن تجر موقف جمعية، أو نخبة، أو جماعة، بعنوان الولاء لك ولما تمثل، الى موقف ينهي حالة الصراع الحقيقي ويخدر الوعي الشعبي بمقولة الرضا بالامر الواقع، سيكون محرقة لك ولما تمثل ومن سيتبعك.
لازال في هذا الشعب ونضالاته وجهاده، المخزون الكافي لعودة الأمل بحتمية التغيير. والبوصلة موجودة في سجل العلاقة بين هذا الشعب ومناضليه وقياداته المضحية، وبين العائلة الخليفية. هذه العلاقة التي تتضح من خلال مصادرة الإرادة الشعبية وإلغاء هذه العائلة لأي دور شعبي في التشريع والرقابة. إن المشاركة في المشاريع التي أفرزها ما يسمى دستور 2002، ما هي إلا إلغاء لإرادة أصحابها ومعبرة عن تكريس تلك المنهجية تجاه الشعب. فهل هذا حقيقة ما يهدف له من يدعو للمشاركة في ظل قناعته باستحالة التغييرإلى إحداث أكبر قدر ممكن من الإزعاج؟ إلا يعد ذلك دونية في الأهداف وتحنيط لكل المبادئ والقيم التي ناضل وجاهد من اجلها الشعب!
وهل هذا المجلس أو البرلمان الذي ناضل من أجله الشعب، ليكون الغاية من كوادره القيادة تنادي بالدخول من أجل التهويش والتكسير؟ تلك مصيبة كبرى ما بعدها مصيبة، وأدعو أولئك الأخوة بان يتفرغوا لحياتهم الخاصة، قبل ان ينهوا حياتهم في محرقة النظام.
للموضوع صلة!
التهويش والتكسير
عبدالجليل السنكيس
البحرين:20 فبراير 2006م
عرفته مبدئياً وذكياً في أطروحاته. مثقفاً، واعياً مدركاً لخفايا كثير من الأمور. ولكنه صدمني هذه المرة تكراراً في نفس اللقاء. قالوا أن البعض تغيرت نظرته، ولكني لم أكن أصدق عقلي وأنا أسمع منه ما يقول. وحتى أضع القارئ في صورة ما أقول، دعوني أنقل لكم ما قاله لي (بمعية بعض الأخوة و"الرفقاء"). من بعض ما قاله- الصياغات مقربة:
تبريره للمشاركة في انتخابات 2006: "نعلم أن حمد بن عيسى يملك كل أدوات اللعبة، والكرة معه، ولا يمكننا التصويب أو تسجيل الأقوال، ولكننا سندخل لنوحّش، ونكسر أرجلهم ".
تبرير القسم على صيانة ما يسمى دستور "2002": "سنكون مضطرين لأن نقسم، كما يضطر ذلك المناضل للقسم أمام القاضي وفي اجواء التعذيب داخل السجن". "سنقسم، وبعدها سنتصدق على فقيرين".
"في سجل التاريخ القديم والحديث، التغييرات دائماً تأتي من الخارج وليس من الداخل. نحن نعلم أننا لن نستطيع التغيير من الداخل، ولكن خلنا نخرب عليهم".
وكان ردي عليه:" هذا ليس الرد المتوقع منك، أقول – تخفيفاً - واكررها، لقد خانك التعبير، ليس من اجل هذا شـُرّد من شـُرّد، وعـُـذب من عـُـذب، وقـُتل من قـُـتل، وعانى شعب البحرين".
لقد تيقنت حينها بأن بوصلة الأخ ضائعة، وبدأ مسلسل التهويش والتخبط، ، وليقبلها مني مع فائق الإحترام. كنت يمكن أن اتقبل أن يقول:قد عجزنا، وضعفنا، ويئسنا، ورضينا بالأمر الواقع الذي يحيط بنا . أما وأن يحاول إخفاء تلك الحالة النفسية الواضحة للعيان، ويفلسف تبرير المشاركة بتلك القناعات، فهذا أمر لن يقنع به أحداً. ومن سيقنع نفسه، فغالبا ما سيكون السبب نفسياً أو مسيّساً بعقلية الحزب والتحزب، وعقلية " العزة بالإثم".
ونفسية اليأس والإستسلام هذه، والتي تبرر تغيير الموقف بالإضطرار، أو التجربة، أو الشعور بالوحدة والتوحد، لن تحل الإشكالية الأساس. ولست في مجال المزايدة، فهذا أمر غير منصف. ولكن أن تجر موقف جمعية، أو نخبة، أو جماعة، بعنوان الولاء لك ولما تمثل، الى موقف ينهي حالة الصراع الحقيقي ويخدر الوعي الشعبي بمقولة الرضا بالامر الواقع، سيكون محرقة لك ولما تمثل ومن سيتبعك.
لازال في هذا الشعب ونضالاته وجهاده، المخزون الكافي لعودة الأمل بحتمية التغيير. والبوصلة موجودة في سجل العلاقة بين هذا الشعب ومناضليه وقياداته المضحية، وبين العائلة الخليفية. هذه العلاقة التي تتضح من خلال مصادرة الإرادة الشعبية وإلغاء هذه العائلة لأي دور شعبي في التشريع والرقابة. إن المشاركة في المشاريع التي أفرزها ما يسمى دستور 2002، ما هي إلا إلغاء لإرادة أصحابها ومعبرة عن تكريس تلك المنهجية تجاه الشعب. فهل هذا حقيقة ما يهدف له من يدعو للمشاركة في ظل قناعته باستحالة التغييرإلى إحداث أكبر قدر ممكن من الإزعاج؟ إلا يعد ذلك دونية في الأهداف وتحنيط لكل المبادئ والقيم التي ناضل وجاهد من اجلها الشعب!
وهل هذا المجلس أو البرلمان الذي ناضل من أجله الشعب، ليكون الغاية من كوادره القيادة تنادي بالدخول من أجل التهويش والتكسير؟ تلك مصيبة كبرى ما بعدها مصيبة، وأدعو أولئك الأخوة بان يتفرغوا لحياتهم الخاصة، قبل ان ينهوا حياتهم في محرقة النظام.
للموضوع صلة!