Monday, March 06, 2006

شهادة الزور

عندما تضيع البوصلة#3:
شهادة الزور

عبدالجليل السنكيس
البحرين: 3 مارس 2006م

من خلال السيرة الذاتية للمجالس المفرزة من دستور الشيخ حمد (المنتخب، الشورى، البلديات، الإقتصادي، السياسي، المرأة، الشباب، وغيرها) من المفترض أن يكون موقف المقاطعة أكثر قوة وحنكة، بحيث لا يتحدث المقاطعون عن تنظير وقوانين، وإنما يؤكدون تلك القناعات بالتجربة العملية التي تؤكد التهميش وإلغاء الدور الشعبي المتحلي بحلية الديمقراطية البراقة، وبشعارات صنادق الإقتراع والإنفتاح السياسي والإقتصادي.

فماذا حدث؟ ولماذا يتم الحديث عن تغير القرار للمشاركة، دون أن يقدم برنامجاً ينضج هذا القرار، من خلال ما تم طرحه من آليات اتخاذ قرار المقاطعة؟

هل جد جديد، غير الأداء المتوقع للمشاركين والذي يؤكد موقف المقاطعين؟ هل تغيرت النصوص والخطوط؟ هل تم تقليص صلاحيات الحكم في التشريع، وزادت مساحات التأثير لمن سيعطونه أفراد الشعب اصواتهم؟ هل تم تغيير دستوري يبرز الأولوية للعنصر المنتخب في التشريع والرقابة؟ هل بامكان العنصر المنتخب أن يصيغ قانوناً-غير الإقترحات برغبة التي ملئت الرفوف- أو يمنع آخر، بدلا من السلطة؟ هل منع المستوردون (المجنسون سياسيا) من الدخول في لعبة الشيخ حمد السياسية؟ هل تم تعديل الدوائر الإنتخابية بحيث تعدل بين المواطنين؟

الكل يعلم بأن أي من ذلك لم يحدث. إذن ما هو الثمن الذي وعد به أو استلمه من هو مستعجل لفرض وتكريس شرعية ما حدث في 14 فبراير على الشعب. هل يوجد ثمن؟ أشك في ذلك!

أعتقد أن كل ما في الأمر أنه ضياع أولي للبوصلة، والآن ضاعت عند أولئك خارطة الطريق الحقيقية، وتم استبدالها بخارطة أخرى.

إنها خارطة التطبيع والرضا بالأمر الواقع، وتحقيق الممكن. إنها الخارطة المؤدية الى سلب الإرادة من أي معارضة حقيقية لممارسات السلطة المؤدية لإحلال هذا الشعب الرافض لكل معاني الغزو والأحتلال، الى شعب مخدر يرضى بفتات الذل والمسكنة والمكرمات. انها استبدال بالشعب الذي "يفوض أمره لله، وهذا ما كتبه الله عليه، من الفقر والحرمان، والعوز" في حين أن ثرواته مسلوبة بأيدي ثلة مجرمة تسلب الأرض والبحر وتبيع الشرف الوطني، لأنها بكل بساطة، لا تنتمي لهذا الوطن.

إنها الخارطة المؤدية الى تثبيت استيراد المجنسين وتغيير الهوية، وسيناريو ما قام به المجلس الحالي، سوف يتكرر حيث تم اسصدار شهادة زور بذلك. وسيأتي منا من سيقول، ماذا نصنع بمن جنس، هؤلاء كسبوا وضعاً قانونياً وإنسانياً، ولا يمكن ارجاعهم لبلدانهم، ودعنا ننظر للمستقبل. سوف يرضخ من يشارك للأمر الواقع، وسيعرف قدرته وحجمه في ظل القيود الدستورية والعقل الجمعي حوله، ولن يكون له حول ولا قوة.

إنها الخارطة التي يُعرف فيها السارق، وأين أخبأ سرقته، فيتم الستر عليه، بعنوان الحفاظ على المكتسبات. يُعرف الجاني ويتم تمكينه من سلب المجني عليه (الشعب) مرة أخرى، وفي وضح النهار. وهذا ما حدث في سيناريو التامينات، حيث بعد السرقة الأولى، وبدلاً من استعادة اموال الشعب من سارقيه، يتم تعويض الصندوق من أموال الشعب، وبهذا سرق الشعب مرتين.

إنها الخارطة التي ترفض أن يُجرم التمييز بكل أنواعه، وتحمي الجلادين، بعنوان غلق الملفات والسماح لفتح صفحة جديدة. إنها الخارطة التي بعنوان "دع الناس تعيش"، يموت الآلاف جوعاً، بينما تمتلئ كروش المفسدين والمتنفذين. الآلاف بغير مأوى أو سكن، بينما يتاجر المتنفذون بالأراضي البرية والبحرية.

فعن أي خارطة يتحدثون، عند ما يطلبون من الشعب أن يشارك ويعطي شهادة زور لما حدث في 14 فبراير؟ وكيف يتوقعون من الشعب الذي لم يذق من الأيام الموعودة غير الحرمان والفقر، أن يشارك في تكريس تلك الحالة لسنين قادمة ؟