Thursday, April 20, 2006

عندما يفقد الشعب صوته


عندما يفقد الشعب صوته، فلا حياة لمن تنادي
لا ضمان لإحترام وصيانة الحقوق، إلا بدستور ديمقراطي تصوغه هيئة منتخبة من أفراد الشعب

عبدالجليل السنكيس
(مشاركة في مهرجان يوم الأرض العالمي، قرية المعامير-البحرين- 19 أبريل 2006م)

يصادف 22 أبريل من كل عام ذكرى يوم الأرض العالمي، حيث الاهتمام العالمي بالبيئة، في محاولة للحد من التلوّث وتدمير البيئة اللّذين يهددان مستقبل البشرية، ومن سوء الطالع أن يكون هذا اليوم من هذا العام ذكرى ما اطلق عليه "حادثة غاز المعامير" التي تصادف 22 أبريل 2005م حيث غص قسم الطوارئ بمستشفي السلمانية الطبي بالمصابين من آثار الغازات المنبثقة من المصانع المجاورة لقرية المعامير الأبية، مدللا على وجود خطر ينذر بفاجعة بشرية.

ومنذ تلك الحادثة، حيث أطلق جرس الإنذار، لم تتجاوز حد الإستهلاك السياسي والإعلامي، ولم تتناول الجوانب الإنسانية التي تفرض التنحي والإستقالة لرئاسة الوزراء والمسئولين عن حماية المواطنين- لو كنا في بلد يسوده القانون، وتحكمه معايير الديموقراطية الحقيقية وحقوق الإنسان.

نعم، تم تكوين لجان التحقيق والمتابعة، وتناولته الصحافة بالإسهاب، كما تعمق البيئيون المختصون في تحليل أصل المشكلة، وضرب على صدرهم نواب الشورى- أعضاء المجالس الصورية، وجعلت بعض جمعيات النفع العام القضية ضمن أجندتها السياسية. ولكن، ظلت القضية تراوح مكانها، وظل أهالي المعامير يعانون. ولكن ما هي أصل القضية، وما هو الحل؟

فهل القضية وجود خلل فني في إحدى وحدات تصفية المنتجات البترولية والكيماوية، ولا تعرف الأسباب الحقيقية وراءها، ومن ثم وضع الحلول المناسبة؟
وهل القضية عدم وجود الميزانية والتقنية المانعة دون حدوث هذه الفاجعة البشرية؟
وهل القضية عدم إمكانية استحصال الإرادة السياسية الممكنة لوضع حل لها؟

في اعتقادي أن المشكلة أكبر من المعامير- تلك القرية الصغيرة، ومن الغازات المؤذية للبشرية المنبقة من المصانع المحيطة بها. فكما أسلفت، لو أننا في وضع يفرض على الجميع احترام الإنسان وصيانة حقوقه، فلما تهاونت المؤسسات المسئولة عن تلك الغازات، ولا الدولة- بكل أطقمها الإدارية- في وضع نهاية لمأساة أهالي المعامير الأحبة.

المشكلة الأساس، ليست في أهالي المعامير، فلا يستطيع أحد التنكر لعدم انتماءهم لهذا البلد، وللبشرية. ولا يستطيع أحد ان يقول بأن ما جرى هو عقاب جماعي لهم على جرم فعلوه في حق البحرين والإنسانية.

المشكلة أيها الأحبة، هي في عدم وجود علاقة محددة ومعرفة بين أبناء هذا الشعب وبين العناصر المختلفة لما يطلق عليه دولة (قيادة سياسية، وزارة وأجهزة حكومية، ومؤسسات مجتمع أهلي)، بحيث تضمن عدم التجرؤ على انتهاك حقوق الشعب، لأن من يفعل ذلك- في عرف المؤسسات الديمقراطية- يتعرض للزوال والإبعاد عن صنع القرار وتنفيذه، لأنه بكل بساطل فشل في حمل أمانة رعاية الشعب الذي هو، وحده، مصدر السلطات جميعا.

أما وفي ظل المصادرة المقننة لإرادة الشعب وسلطاته، وتمركزها في يدٍ واحدة، وفي ظل تغييب تلك الإرادة وأدواتها من التشريع والرقابة الملزمة، وفي ظل وجود الحكم الشمولي والتفرد في القرار، فإن قضية المعامير، لا تمثل قضية مزعجة أو مؤثرة في صناع القرار. وهي لم تكن، ولن تكن المأساة الإنسانية الوحيدة في هذا البلد الذي يتقاسم أفراد محددون ثرواته البرية والبحرية في وضح النهار وبعناوين القانون ورعايته، دون ان يوقفهم أحد أو يمنع ما يحدث للبحرين- أرضا وشعباً- من تدهور ومسخ للوجود.

لم تعد البحرين وثرواتها ملك لنا-كبحرينيين. أنها ملك القطاع الخاص المتنفذ- حسب تصريح وزارة الإسكان. ولم يعد لنا حق في حتى الإستمتاع برؤية البحر، فـ"97%" من سواحل البحرين مملوكة لأفراد محددين. ولم يعد هناك اعتبار لمواطنتنا، فعشرات المرتزقة يستوردون ويجنسون لإمتصاص ثروات البحرين وتصديرها لبلدانهم، في ظل معاناة وحرمان افراد الشعب. وأصبحنا، نحن الأغراب، وهم أهل الوطن والموالين له.

ولهذا، فإن الحل كما نراه، فهو في دستور ديمقراطي جديد، يصوغه أفراد الشعب المنتخبون، بحيث يضمن هذا الشعب ان السيادة له وحده، وان لا شرعية لأي دستور أو تشريع أو قانون ينتهك الحقوق أو يحمي أصحاب الإنتهاكات على المصلحة الشعبية، وحينها فقط، يمكن ان نرى الأيام الجميلة الموعودة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،