Saturday, June 16, 2007

صبراً سامراء.. جرحك العميق أدمى قلوب المسلمين- سنة وشيعة

صبراً سامراء.. جرحك العميق أدمى قلوب المسلمين- سنة وشيعة

كما صمدت سامراء، ستصمد أوال
عبدالجليل السنكيس
15 يونيو 2007م

لقد ترددت كثيراً في الكتابة حول الموضوع، لكني لم أستطع لجم قلبي من البوح بخلجاته. كلما نظرت لتلك الروضة – روضة العسكريين المطهرة بسامراء- وأشلاءها متناثرة على اليمين والشمال، أدركت حجم التأمر الإستكباري على الأمة- سنتها قبل شيعتها. وأدركت حجم التضحية التي تقدمها سامراء- وروضتها الشريفة وما تمثله- لهذه الأمة، ويا له من صبر تذوب أمامه الجبال العالية. فجرح سامراء الأول لم يندمل بعد، وإذا بنفس القوى المتآمرة على الأمة والأيادي الآثمة الأثيمة تنكف الجرح لتدميه وتحدث الألم، وياله من ألم فظيع، لا تتحمله القلوب.

إن استهداف روضة العسكريين في مدينة سامراء العراقية- مرة أخرى- يدلل على ما يلي:
- فشل مخططات الاستثارة الطائفية والاستنهاض المؤدلج لخلق فتنة واسعة النطاق في العراق واقتتال بين السنة والشيعة يتعدى الحدود الجغرافية للعراق الجريح. فبرغم الاستنهاضات التي ينفخ في أوارها ثلة لم تؤمن بالله قط، ومن ورائهم قوم ضلوا السبيل، وتدعمهم قوى الضلال والتكفير من محطات وقنوات فضائية، وكتاب أشرار يحلمون بأجندة دمار وتدمير لهذه الأمة.
- لازال التوجه في خلق فتنة طائفية بين المسلمين حياً، بل وإن تمويله وتوجيهه يتعدى البعد الفردي أو الحزبي أو الفئوي، بل تقف وراءه دولاً تسعى لتنفيذ مخططات كبرى في المنطقة، متخذة من التناحر بين أبناء المنطقة- سنة وشيعة- سبيلاً
- أن سامراء مثال التآلف بين أبناء الأمة من سنة وشيعة، ولا زال عدوهما يأمل أن يستثير أحدهما على الآخر، بغية أن يتقاتلا ويتناحرا، لينقض هو بعد ذلك على من يبقى منهما، وهو متعب من قتال أخيه. لقد هال المتآمر على الأمة من التكفيريين والإرهابيين وأصحاب الأجندات الدولية من عدم توغل الفتنة بين أهالي سامراء، ولهذا لابد أن يقوم بفعلته لعله يحقق أهدافه الشيطانية، وإنه -إن شاء الله- خافق وغير فالح.

لقد مثلت منارات سامراء الشامخة، علامات ممانعة ومقاومة لخطط الشر ومآرب الشيطان الذي تلبس بلبوس بني البشر. أرادوا أن يشعلوا أوار الفتنة بين المسلمين، ولكنهم فشلوا. لقد استهدفوا تلك الروضة باسم الدين، وهو منهم براء، براءة الثعلب من دم يوسف عليه السلام. أرادوا أن يثيروا الشيعي على أخيه السنى، وبالعكس، لينشغل الإثنين بقتال بعض، ويبقى المتأمرون والحاقدون على الأمة يتفرجون على الأخوان يتقاتلون في ساحة معركة وهمية يخلقها العدو بتقنيته وأموال النفط العربية- للأسف.

في البحرين، لدينا سامراء أيضاًً ومن يكنف جرحها النظام:

لقد انشغل النظام الطائفي في البحرين لإثارة أبناء الوطن على بعضهم البعض، تحقيقاً لأجندة داخلية وخارجية. لقد جنون النظام عندما سرب الدكتور صلاح البندر تفصيلات مخطط النظام للعب على الوتر الطائفي، ولهذا استهدف كل من يعمل على كشف المخطط الإجرامي الطائفي له، كما عمل على إشغال المواطنين بقضايا أخرى- خصوصاً المعيشية- لصرف الاهتمام بمخططه التدميري الذي قاد تنفيذه أحمد عطية الله بتوجيه شيطان الديوان الأكبر خالد بن أحمد- ذلك الطائفي الحاقد على هذا الوطن وأبناءه- كما كشفت قصائده الشعرية.

لازال المخطط الطائفي يعمل من خلال مشاريع التمييز الطائفي والتفرقة العنصرية بناءاً على الهوية والمذهب. فشباب البحرين محرومون من الوظائف التي تضمن لهم العيش الكريم، كما هم محرومون من فرص الترقي والوصول لمراتب عليا سواء في المواقع الحكومية- أكثر من وزارة تطرد البحرينيين الشيعة من الحصول على وظائف فيها- للأسف على هذا التعبير، ولكنها الحقيقة- كونهم شيعة ليس إلا. وقد انتهجت بعض الشركات الكبرى الخاصة الصناعية والخدمية هذه المنهجية، بحيث تنتقي من يتقدم للعمل فيها ليكونوا من مذهب محدد، و تستبعد الآخرين، حتى وإن كانوا متميزين واصحاب درجات ومؤهلات أعلى من غيرهم.

وقد انتهج تلك المنهجية مؤخراً شركات التأمين والبنوك "الإسلامية". تدعي الإسلام، وهي منه براء. تعمل بروح طائفية سمجة، تقصي الشباب الشيعة وتمنعهم من الحصول على وظائف فيها، حتى وإن كانت متدنية. تعمل تلك المؤسسات البنكية "الإسلامية" بروح العصابات والمافيا، تجلب أنسباءها ومعارفها وتوظفهم، بحيث يبدو أن بعض تلك المؤسسات البنكية، هي مؤسسات "عائلية". لقد اتبعت هذه البنوك الإسلامية وشركات التأمين أسلوب بعض البنوك قديمة، وبعضها "وطنية" وهي أبعد ما تكون عن ذلك. فلازالت أطقم الإدارات في تلك البنوك القديمة، وكذلك المتأسلمة، تعمل حاجزاً منيعاً ومانعاً لوصول أبناء هذا الوطن من الشيعة، تحقيقاً لأجندة يقودها النظام عبر ديوانه الطائفي وحكومته الطائفية.
ونقول لأولئك، بأننا شعب نرفض الطائفية والطائفيين- أينما كانوا وحلوا ومن أي جهة جاءوا- وأننا سنقتدي بسامراء العراق التي تأبي أن تستثار، وهي مستعدة للتضحية، بقبتها ومناراتها وروضتها، من أجل أن لا تثار الفتنة. فالبشر فوق الحجر. أن العراق والعراقيون وبقية المسلمون، قادرون على إعادة بناء سامراء ورضتها الشريفة مرة أخرى، ولكنهم لن يستطيعوا أن يداوا القلوب بعد أن تدمى وتجرح.
إننا نرفض الإستنهاض الطائفي –سواء في العراق أو في البحرين أو في دول العالم الإسلامي- بكل أنواعه وتحت أي مبرر. وإن من يسعى للتفخ على جمر الطائفية سيحترق بها، وأننا- سنة وشيعة- سنقف ضده ونرده كيده لنحره- كائناً من كان.
ورسالة للنظام الطائفي في البحرين، أن يتوقف ويلجم نفسه عن مواصلة منهجية طأفنة الملفات المطلبية، واستثارة أبناء الوطن واستعداءهم لبعضهم البعض. فكما صمدت سامراء، فإن البحرين وشعبها صامدون في وجه المتأمرين البندريين الذين يرعاهم ويمولهم ويوجههم الديوان.
وبالنسبة للبنوك المتأسلمة والمؤسسات الصناعية ننصحها بأن تتوقف عن المنهج الطائفي وعدم مواصلة استرضاء الحكومة الطائفية، فإن هذا الطريق يحرق صاحبه في نهاية الأمر، ولن تنسى الشعوب من يخطط ضدها، وإن طال السرى.

سلامي لك يا سامراء، ومزيداً من الصمود في وجه المتأمرين، وإننا سوف نستلهم من صبرك وصمودك وعطائك الدروس والعبر. ومهما عمل المتأمرون الطائفيون، فإنهم لن يصلوا إليك، لأنك متربعة في قلوبنا، فأدامك الله وحفظك لنا وللأمة.