Monday, September 14, 2009

برامج صنع الولاءات-2: عضوية الحكومة





برامج صنع الولاءات- الحلقة الثانية:

عضوية الحكومة



عبدالجليل السنكيس
14 سبتمبر 2009م

في حلقة سابقة تحدثنا عن وجود برامج يفعلها رموز النظام مستغلين صلاحياتهم ومساحة نفوذهم وتحكمهم في ثروات البلاد، دون رقابة أو سلطة شعبية نافذة، لتوسيع رقعة الموالين لهم وضمان ولاءهم الشخصي. وأشرنا أيضاً الى أن هذه البرامج وهذه المنهجية إنما هي تعبير عن عقلية تعيش عقدة النقص في الشرعية الشعبية والولاء الطبيعي، ولهذا تستعمل الأموال والثروات العامة لتكوين تحزبات وتجمعات خاصة بتلك الشخصيات في النظام وموالين يدعمونها دون الرجوع لقناعات غير المنفعة الشخصية لأولئك الموالين.

وقد حددنا في تلك الحلقة عدداً من تلك البرامج نتطرق لها واحداً تلو الآخر، ونبدءها ببرنامج "عضوية الحكومة" التي ظل رئيس الوزراء- الشيخ خليفة- يستفرد بتشكيلها وتوزيعها بشكل مستقل طوال السنوات الماضية، حتى مجيء الحاكم الحالي في مارس 1999م، حيث بدء الأخير في مشاركة عمه في زيادة عدد المحسوبين عليه- أي على الشيخ حمد- في أي تشكيلة حكومة. وقد لوحظ إزدياد عدد الموالين للحاكم (وديوانه) في عدد الوزراء بسبب ما أصدره الشيخ حمد في دستوره غير الشرعي حينما أعطى لنفسه صلاحية تعيين الوزراء الأمر الذي نتج عنه تعيين عدة وزراء محسبون عليه من عائلته وبعضهم من الجهاز العسكري. من جانب آخر، ظل رئيس الوزراء- في ظل الصلاحيات الباقية لديه- مسيطراً فيما يخص إختيار المحسوبين عليه في المواقع الدنيا في مواقع المدير وحتى وكيل الوزارة.

عضوية الحكومة، والتي نقصد بها كل المواقع ذات الإمتيازات والمكاسب الإدارية والمالية بدءاً من موقع مدير إدارة وحتى موقع الوزير، تخضع لإستشارات وتواصل من قبل خبراء "علم الرجال" الخاصين بالنظام لفحص مدى ولاءها للنظام- وهنا لن نحدد أي من رموزه، فلا يوجد فرق عند أي منهم فيما يخص اعتماد خاصية الولاءات-أولاً وقبل كل شيء- على حساب الكفاءات والمؤهلات كما شرحنا في الحلقة السابقة.

ويزداد التدقيق ومدى الحرص الشديد لمعايير الولاء بحسب الموقع، من أشدها دقة وأبرزها كموقع الوزير حيث تواجده بشكل مباشر في التعاطي مع رئيس الوزراء، الى أقلها حساسية كموقع رئيس إدارة. ولكنها كلها تمر عبر آليات أشرنا لها سابقاً وتضمن عدم تدخل أي من السلطات الأخرى فيها، بما في ذلك ما يتم إدعاءه بأنه سلطة شعبية، والحال أنها ليست كذلك. وتنقسم آليات تنفيذ برامج صناعة الولاء أو "شراء الضمائر" للآتي:

- الأوامر الأميرية أو الملكية وهي خاصة برأس الدولة لتعيين رئيس الوزراء، والوزراء ومن في موقعهم، والمستشارين لرأس الدولة وولي عهده.
- المراسيم التي قد يشترك فيها رأس الدولة مع رئيس الوزراء، لتعيين الوكلاء والوكلاء المساعدين، ومن في موقعهم،وقد تصدر باسم رأس الدولة لوحده.
- قرارات يختص بها رئيس الوزراء لتعيين الموقع الدنيا من ذلك، كمدير إدارة، ومدير بالوكالة ومن في موقعه.

مواقع درجة وزير تأتي في ثلاث درجات:

- الوزير المعلن ضمن تشكيلة الحكومة ويمكن أن يكون له حقيبة ووزارة- جهاز وزاري كامل- أو أن يكون وزير دولة دون أن يكون له طاقم وزاري. بالنسبة للأخير، يكون موقعها شبه تشريفي وكانما هو موقع مرحلة مؤقتة لحين الإستفادة من قدرات خاصة عنده حتى وقت ترحيله لموقع آخر، شرفي كمستشار أو غير ذلك، أو حتى يمكن أن يتقاعد أو ينزوي. التعاطي مع الوزير يختلف مع من هو في "رتبة أو درجة وزير" كما سنشرح لاحقا حيث سنفرد حلقة خاصة بذلك البرنامج الولائي الخاص.

- ان يكون في موقع رسمي وله مسئوليات، إلا إن مزاياه "الشخصية" وما يحصل عليه من مدخول هو ما يحصل عليه الوزير، مثل موقع رئيس الحرس الوطني، رئيس جهاز الأمن الوطني، محافظ البنك المركزي- مؤسسة نقد البحرين سابقاً، وغيرها من المواقع.

- أن لا يكون لديه موقع مسئولية، ويكون موقعه تشريفي، ومنها عناوين المستشارين للدوواين الثلاثة الموجودة في البلاد: الديوان الملكي- ديوان ولي العهد- ديوان رئيس الوزراء، رؤساء بعض المجالس والهيئات ولنا وقفة مع الدوواين والمجالس في إحدى الحلقات القادمة إن شاء الله.

أما مواقع وكلاء الوزارة والوزراء المساعدون، فهم في درجتين:

- أن يكون متقمصا لموقعه في الوزارة المعنية بشكل مباشر ضمن اختصاصاته كوكيل وزارة أو وكيل وزارة مساعد، وله من المخصصات والميزات الخاصة بذلك الموقع.

- أن يتقمص موقعاً إدارياً آخر، كرئيس مؤسسة أو مدير مركز أو أمين عام مجلس أو محافظ ، ويتم احتساب مخصصاته المادية ومميزات موقعه إما بموقع وكيل الوزارة، كما هو موقع مدير عام مجلس العائلة
[1]، وموقع مدير مكتب رئيس الوزراء، وأمين عام مركز البحرين للدراسات والبحوث[2]، و مدير تنفيذي لمركز عيسى بن سلمان الثقافي[3]، ومدير عام في الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية[4]، رئيس لديوان الخدمة المدنية[5]، أمين عام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أمين عام مجلس الشورى وأمين عام مجلس النواب، رئيس دائرة الشئون القانونية غيرها من المواقع المشابهة. وكذلك بالنسبة لموقع وكيل الوزارة المساعد الذي يقوم بدور إداري ولكن خارج إدارة الوزارة، ولكنه تحتسب له المخصصات والمميزات المادية لذلك لوكيل الوزارة المساعد. ومثال على ذلك سكرتير الشيخ حمد رأس الدولة[6]، مدير عام مساعد بالهيئة العامة لصندوق التقاعد[7]، أمين عام مساعد للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية[8] نائب رئيس دائرة الشئون القانونية[9] وغيرها من المواقع والهيئات. ما يميز هذا التصنيف بأنه لا يرجع إدارياً إلى أي من الوزراء الموجودين في الحكومة أو أن يتبع أي من وزارات الدولة، بل يكون في هيئة مستقلة أو شبه مستقلة عن أي من الوزارات.

ومهما كانت قدرات وإمكانيات ومؤهلات أي من المواقع الإدارية المتقدمة في عضوية الحكومة من وزراء، ووكلاء ووكلاء مساعدين، فإنها لاتضيف للحكومة شيء غير الدعاية، لأن تلك المؤهلات ليست هي المعيار الذي على أساسه تم أختيارهم لنيل شرف عضوية الحكومة. بل إن الحكومة تسير أمورها بما يراه رئيسها، فهو الآمر الناهي، ولا يرى أولئك المسئولون في الدولة إلا ما يراه رئيس الوزارء المعمر. فهل يذكر أن أي من الوزراء طرح برنامجاً لوزارته، بل هل طرح رئيس الوزارء برنامجاً لحكومته – خطة خمسية أو عشرية- أو خطط لمواجهة الأزمات التي تسببت فيها سياسة النظام مثل الفقر بين البحرينيين، أزمة السكن المزعومة بسبب فساد الحكومة ورموز السلطة والإستحواذ وسرقة الأراضي في البر والبحر.
لا يوجد من برامج لأي وزارة إلا ما يسمح به رئيس الوزراء، لأنه هو الذي يفكر عنهم، وما عليهم إلا أن يهزوا رؤسهم و"يطنطنوا" و"يطامروا" كلما قال أو اقترح شي. وما وجود أي من الكوادر والمؤهلات والتي لا يراها رئيس الوزراء ذلك، أنما هي لتزيين مجلسه والدعاية له و"الدعوة" له بطول العمر واستمرار عطاياه ومننه عليهم.

ولا يعتقد أي من الوزارء أو الوكلاء أو المساعدين أنما تم اختيارهم لقدراتهم ومؤهلاتهم، بل ليكونوا واجهة لرئيس الوزراء والنظام ومن خلال دفاعهم عن الحكومة وبرامج النظام يظهروا ولائهم وامتنانهم لصاحب الفضل عليهم. هم جزء من النخبة الحاكمة أو المتحكمة وجزء من النظام، بلا شك يتحملوا إخفاقاته وسوء إدارته للسلطة والثروة في البلاد. لقد تم "شراءهم" لما يمثلون من امتدادات قبلية، عائلية، دينية، شعبية معارضة "سابقة"، بغية كسب ولاء وود تلك الإمتدادات، وأنهم سوف يسخّـرون أي قدرات بما يخدم برامج وأهداف الحكم والنظام من تلميع وترويج، وليس لتحقيق المصلحة الشعبية.

والنظام يراقب من خلال عيونه أداء أعضاء الحكومة ومتى ما اكتشف بأن تلك الأموال والميزات التي يمنحها لهم لا تضمن استمرار الولاء الذي يجب أن يظهره عضو الحكومة. ولا يوجد أسرع من قرار الفصل والإبعاد والإختفاء لتلك الشخصيات حينما يعرب أي منها- وراء الكواليس طبعا- عن امتعاض أو عن عدم رضا أو انتقاد. ولا يوجد أي من المسئولين من يقوم بذلك في العلن، لأنه يعرف النتيجة والعقاب وهو كمال الحرمان والمحاصرة في الرزق. وهناك شخصيات قد فشلت في الإستمرار في ديدن المدح والإطراء والتلميع، وما لبثت ان خرجت من الحكومة وسلبت شرف عضويتها، وليس المكان مناسباً لذكر أي من الأسماء، ولكن التاريخ يسجل عدم قدرة أولئك على الإستمرار في برنامج النفاق وإظهار الولاء الأعمي للنظام.

أعضاء الحكومة، من الذين تم شراءهم، من المقاتلين المستميتين للدفاع عن برامج النظام والحكومة ورئيسها الى آخر نفس وفي كل محفل. لماذا وكل تلك الإمتيازات والمكاسب التي يمنها ويتفضل بها النظام عليهم من إسقاط للديون، والعطاءات المالية السنوية وفي المناسبات، ناهيك عن القصور والآراضي التي تزيد من ثراءهم, ولن نتحدث عن عضوية المجالس لإضافات هنا وهناك للوزير تصل لـ"8000" دينار (الراتب الأساسي والعلاوات الأخرى).

فترى الوزير أو الوكيل أو المساعد قد طفر دخله بشكل قياسي لضمان استمرار ولاءه للنظام والدفاع عنه، ولايوجد ولن يقبل جميع أولئك – النظام ومن قد اشترى- بوجود نظام رقابة شعبية تدون دخل المسؤولين، قبل وبعد أن ينضموا لعضوية الحكومة. ولو تم ذلك، لعرفنا الأرقام الحقيقية التي تم تحويلها من ميزانية الدولة لحساب أولئك الأعضاء ونعرف قيمة شراء كل واحد منهم، وضخامة مشروع النظام لشراء الذمم.


حلقات سابقة في نفس الموضوع:
· برامج صنع الولاءات- الحلقة الأولى: http://www.bahraninet.net/showthread.php?t=39713
http://alsingace.blogspot.com/2009/09/blog-post_09.html

[1] http://www.legalaffairs.gov.bh/Portals/0/Dept_LegalLaw/O0682.htm
[2] http://www.legalaffairs.gov.bh/Portals/0/Dept_LegalLaw/D0199.htm
[3] http://www.legalaffairs.gov.bh/Portals/0/Dept_LegalLaw/O2308.htm
[4] http://www.legalaffairs.gov.bh/Portals/0/Dept_LegalLaw/D7708.htm
[5] http://www.legalaffairs.gov.bh/Portals/0/Dept_LegalLaw/D0508.htm
[6] http://www.legalaffairs.gov.bh/Portals/0/Dept_LegalLaw/D3100.htm
[7] http://www.legalaffairs.gov.bh/Portals/0/Dept_LegalLaw/D5707.htm
[8] http://www.legalaffairs.gov.bh/Portals/0/Dept_LegalLaw/O1907.htm
[9] http://www.legalaffairs.gov.bh/Portals/0/Dept_LegalLaw/O2006.htm