Saturday, October 10, 2009

برامج صنع الولاءات: بدرجة وزير







برامج صنع الولاءات:


بدرجة وزير


عبدالجليل السنكيس

10 أكتوبر 2009م

في الحلقة السابقة من سلسلة برامج صنع الولاءات[1] تحدثنا عن أقدمها لشراء الضمائر وأكثرها وضوحاً وجلاءً ألا وهو عضوية الحكومة و"ثلة" أو "شلة" الموالين لرئيس الوزراء، الذي تفرد بالإنتفاع من هذا البرنامج طوال سنوات حكم أخيه الأمير الراحل- عيسى بن سلمان- قبل دخول ابنه- حمد – على الخط ليزيد من "كوتا"الموالين له في الجهاز التنفيذي من خلال الصلاحيات التي منحها لنفسه في دستوره غير الشرعي الذي فرضه على الشعب في 2002م.

البرنامج الآخر لضمان الولاءات هو ما نطلق عليه برنامج "بدرجة وزير" وهو عبارة عن منح رتبة وزير (لما لها من ميزات مادية ومعنوية لصاحبها) لشخوص بغية تكريمهم على ولاءهم السابق ولضمان استمرار ذلك. وتعبر هذه المنحة أو المكرمة أعلى درجات ضمان الولاء، فالموقع أبدي حتى يتوفى الله أجل الممنوح (وهل الراتب والميزات المادية تستمر لورثته؟ الله أعلم). وقد يعتبر هذا البرنامج وسيلة لزيادة عدد المواقع الوزارية، خصوصا فيما يخص الأجهزة والهيئات، في قبال تلك المحسوبة على رئيس الوزراء. طبعاً لا نعتبر رئاسة الوزراء تكريماً أو موقع شراء ضمير بل تقع تحت طائلة تقسيم المراكز والغنائم لدى العائلة الخليفية في البحرين.

الأمر الآخر في هذا البرنامج بأنه مخصص لزيادة كوتا الموالين والمحسوبين لرأس الدولة بشكل أساسي فهي تصدر بمرسوم أو أمر منه، مع استفادات هنا وهناك لرئيس الوزراء ولولي العهد ولكنها قليلة. طبعاً هناك برنامج آخر تخصص أو تفرد به الحاكم الحالي وهو ما يطلق عليه ببرنامج "الخلفنة" وهو خاص بتكريم وضمان ولاء أفراد العائلة له تحديداً وسوف نتناوله بشكل منفرد في حلقة قادمة إن شاء الله.

وفي الوقت الذي بدأ العمل بنظام "بدرجة وزير" بشكل متقطع ونادر في حكم الأمير السابق، إلا إن الحاكم الحالي، ابتداءا من العام 1999م الذي تولى فيه العرش،لا يكاد تمر سنة حتى يصدر منه أمر أو مرسوم بتوزير برتبة أو درجة وزير خارج إطار الحكومة. ففي حكم الأمير السابق، وبحسب السجلات الموجودة لعلم الكاتب، صدرت المراسيم والأوامر الأميرية لتعيينات التالية"بدرجة وزير":

1- العام 1972م، تعيين الأستاذ أحمد العمران – وزير التربية والتعليم السابق- مستشارا للأمير
2- العام 1976م، تعيين السيد محمود السيد أحمد العلوي مستشارا لرئيس مجلس الوزراء في الشئون المالية
3- العام 1976م، تعيين عبدالله بن محمد بن ابراهيم الخليفة رئيسا للهيئة البلدية المركزية المؤقتة
4- العام 1983م، تعيين عيسى بن محمد بن عيسى الخليفة رئيسا للمؤسسة العامة للشباب والرياضة
5- العام 1987م، تعيين عيسى بن علي بن حمد الخليفة رئيسا لديوان الموظفين
6- العام 1989م، تعيين عبد الله حسن سيف محافظا لمؤسسة نقد البحرين.
7- العام 1997م، تعيين محمد بن عيسى بن سلمان الخليفة- أخ الحاكم الحالي، رئيساً للحرس الوطني

ومن أصل 7 مواقع بدرجة وزير، تقمص إثنان منهم موقع المستشار، فيما تقلد الباقي رئاسة أجهزة رسمية كبيرة، أربعة منهم من عائلة الخليفة أي بواقع 80% .

أما الحاكم الحالي فقد توغل في إستغلال هذا البرنامج، وسنذكر أسماء المواقع والمستفيدين منها، بحيث أن هناك أربعة من هم في رتبة وزير في ديوانه الشخصي فقط- ثلاثة منهم من عائلة الخليفة- وهم:

1) خالد بن أحمد الخليفة وزيرا للديوان في العام 2000م،
2) علي بن عيسى الخليفة (أخ الحاكم) وزيراً لشئون الديوان في نفس العام،
3) نبيل ابراهيم قمر- رئيساً للمراسم بالديوان في العام 2003م، والذي توفى الأسبوع الماضي بعد مرض عضال. ونتوقع أن يتم منح هذا الموقع لأحد أفراد العائلة كجزء من برنامج الخلفنة التي ذكرناه آنفاً.
4) محمد بن عطية الله الخليفة- رئيساً للديوان في العام 2004م (وهو المسئول عن متابعة ملف الإستيطان ومنح الجنسية حسب مخطط تغيير التركيبة السكانية).

ومع الأخذ في الأعتبار الميزات المالية لموقع درجة الوزير التي سوف نستعرض بعضها- ونتوقع أنه ما لا تذكره المراسيم والغائب عن السجلات أكثر بكثير- فإن برنامج "بدرجة وزير" من أكثر البرامج إغراءاً للضمائر وصانعاً للولاءات كما إنه من أكثرها استنزافا لموارد البلاد دون أن تكون هناك رقابة أو قدرة على المحاسبة على إساءة استعمال تلك الموارد في غير موردها وفي غير الصالح العام.

وحيث أن قرارات رأس الدولة من مراسيم أو أوامر لا يمكن الإعتراض عليها أو مناقشتها أو حتى الإشارة إليها، حيث إنها تعتبر مساءلة له ومس بشخصه، وهو "ذات لا تمس" مهما عمل أو حدّث أو أقرّ أو ....، وعليه "راحت فلوسك يا أيها المواطن على برنامج لا ناقة لك فيه ولا جمل". وما أكثر هذه البرامج الإستنزافية في الدولة منذ مجيئ الحاكم الحالي.

في معرض تناولنا لبرنامج عضوية الحكومة والتي تشمل الوزراء، أشرنا في الحلقة السابقة[2] لتقسيمات موقع درجة وزير والتي تأتي في ثلاث:

1) عضو السلطة التنفيذية أو الحكومة ويتبع رئاسة الوزراء مباشرة
تجدر الإشارة الى وجود وزيرين يعملان ضمن رئاسة الوزراء منهم خالد بن عبدالله الخليفة (وزير الإسكان سابقاً وإبن وزير العدل والشئون الإسلامية السابق عبدالله بن خالد) وزيراً لديوان رئيس الوزراء الوزراء وكذلك أحمد عطية الله الخليفة وزير شئون مجلس الوزراء (وهو المدير العام لمخطط البندر الذي كشفه د. صلاح البندر -مستشار الحكومة السابق- وأخو عبدالعزيز عطية الله مستشار رئيس الوزراء ورئيس جهاز الأمن الوطني السابق وكذلك أخو رئيس الديوان الملكي).

2) رئيس أحد الأجهزة الرسمية، غير الوزارات المعروفة

3) موقع تشريفي كالمستشارين ومن في مواقعهم ودرجاتهم.
تجدر الإشارة الى أن موقع المستشار هو من موقع "عبّارة أو جسر" يستعمله المسئولون وأصحاب النفوذ لتقريب من يريدون. ولم يقتصر استعماله على الدوواين، بل طال الحكومة بأجهزتها المختلفة، وكذلك المجالس والهيئات والمؤسسات.

وقد تناولنا في الحلقة الماضية النوع الأول من هم بدرجة وزير على اعتبار عضويتهم في الحكومة و دور رئيس الوزراء في ذلك. وسوف نتناول -في هذه الحلقة- النوعين الآخرين، وهما:

رئاسة الأجهزة والمؤسسات الرسمية والمكاتب

وفي الوقت الذي تعود مسئولية الأجهزة الرسمية الى الحكومة على اعتبار أنها الجهاز التنفيذي، إلا إن توزير المسئولين عنها من قبل رأس الدولة- دون أن يطلق عليهم وزراء ولكن يتم التعامل الرسمي معهم كذلك- يخرج المسئولية المباشرة، في واقع الأمر، من رئاسة الوزارء ويرجعها لرأس الدولة. وحيث انه لن يمكننا سرد جميع المواقع التي هي برتبة وزير، إلا إننا سوف نشير الى بعضها لتوضيح الفكرة وتدعيهما. من الأجهزة التي يرأسها برتبة وزير: (هذه بعض المواقع التي استطاع الكاتب الحصول على مصادر لها، ويتوقع هناك مواقع أخرى)

1- فواز بن محمد الخليفة رئيساً للمؤسسة العامة للشباب والرياضة في العام 2000م
2- عبدالله بن خليفة بن محمد آل خليفة رئيساً ديوان الخدمة المدنية في العام 2001م
3- لولوة العوضي أميناً عاماً للمجلس الأعلى للمرأة في الاعوام 2001م ، و2004 و2007م
4- عبدالعزيز عطية الله الخليفة رئيساً لجهاز الأمن الوطن في العام 2002م (ومنذ العام 2007، يرأس الجهاز خليفة بن عبدالله بن محمد الخليفة- سفير البحرين السابق في لندن وقد ترأس قسم الاعلام الخارجي بوزارة الإعلام- بعد أن حل محل خليفة بن علي بن راشد الخليفة الذي تولى رئاسة الجهاز منذ العام 2005م وحتى العام 2007م، وهو سفير البحرين الحالي في لندن)
5- أحمد بن عطية الله الخليفة رئيساً للجهاز المركزي للمعلومات في العام 2002م
6- سلمان بن عبد الله الخليفة رئيساً لجهاز السجل العقاري في العام 2002م
7- عبدالله بن حمد الخليفة (ابن الحاكم) رئيساً الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية في العام 2002م، إضافة إلى موقعه الآخر كمحافظ للمحافظة الجنوبية.
8- رشيد محمد المعراج محافظاً لمؤسسة نقد البحرين (البنك المركزي حالياً) في العام 2005م
9- عبدالله بن سلمان الخليفة رئيسا للمكتب العسكري للقائد الأعلى للقوات المسلحة وعضو مجلس الدفاع الأعلى في العام 2007م

من الملاحظ أنه من أصل 9 مواقع للأجهزةالرسمية بدرجة وزير، 7 منهم (78%) من عائلة الخليفة.

المستشارون ومن في مواقعهم

وقد بلغ عدد المستشارين برتبة وزير إربعة عشر يتوزعون كالتالي بحيث يحتفظ رأس الدولة بحصة الأسد بمقدار ثمانية مستشارين، يليه رئيس الوزراء بأربعة وولي العهد بإثنين من المستشارين:

أ‌- مستشارو الحاكم
1. صالح عيسى بن هندي مستشاراً لشئون الرياضة والشباب في العام 2000م
2. حسن فخرو مستشاراً للشئون اللإقتصادية في العام 2000م (عين لاحقا ولا يزال في الحكومة وزيراً للصناعة)
3. محمد جابر الإنصاري مستشاراً للشئون الثقافية والعلمية في العام 2000م
4. خالد بن محمد الخليفة مستشار في العام 2002م (دون تحديد المهام وهو ابن عم الحاكم، وقد عمل رئيساَ للأمن العام في وزارة الداخلية خلفاً لسيء الذكر المعذب البريطاني إيان هندرسون)
5. عبدالرحمن بن محمد بن راشد الخليفة للشئون القانونية في العام 2003م
6. نبيل يعقوب الحمر مستشاراً لشئون الإعلام في العام 2005م
7. محمد علي الشيخ منصور الستري مستشاراً لشئون السلطة التشريعية في العام 2006م
8. محمد عبد الغفار عبدالله مستشاراً للشئون الدبلوماسية في العام 2009م

ب‌- مستشارو ولي العهد
1- عيسى بن إبراهيم الخليفة مستشار بديوان ولي العهد في العام 2004م
2- أحمد بن خليفة بن سلمان الخليفة مستشارا لولي العهد في العام 2009م

ولم يتم تحديد طبيعة الإستشارة أو التخصص أو الدور الذي سيلعبه المستشار ليستحق هذا الموقع. ويتضح بكل جلاء أن هذا الموقع ما هو إلا تقريب لتلك الشخصيات من ولي العهد وضمان ولائهم له أو شكرهم على إظهار الولاء أو الخدمات التي يقدمونها له.

ت‌- مستشارو رئاسة الوزراء
1- ماجد بن جواد الجشي مستشاراً بديوان رئيس الوزراء في العام 2001م. ولم يم تحديد المهام أو التخصص أو الدور الذي سيلعبه الجشي، ويتضح أن الموقع ما هو إلا تكريم له لولاءه لرئيس الوزراء الذي أظهره عبر سنين خدمته في وزارته منذ تكوينها في بداية السبعينيات
2- عيسى بن علي آل خليفة مستشاراً للشئون الصناعية والنفطية في العام 2005م، وكان وزيراً للنفط والصناعة قبل ظهور فضيحة سرقات ألبا المسكوت عنها منذ ذلك الحين.
3- عبدالعزيز عطية الله الخليفة مستشاراً للشئون الأمنية في العام 2005م بعد أن ترأس ما يعرف بجهاز الأمن الوطني وكان رئيساً للجنة الأمنية في التسعينيات وهي المتهمة بالتعذيب والمسئولية عن إزهاق أرواح العشرات وتعذيب المئات من أبناء البحرين في تلك الفترة
4- سلمان بن خليفة بن سلمان الخليفة -وهو ابن رئيس الوزراء- وعين مستشاراً له في العام 2006م (دون تحديد المهام أو التخصص أو الدور)

ويأتي بعض مواقع المستشارين غير المحددة لنوعية الإستشارة أو طبيعتها بعد التغييرات التي تطال الوزارات في الحكومة وتهدف كما أسلفنا الى ضمان ولاء أولئك الأشخاص واستمرار ارتباطهم بشخوص النظام التي لازالت تمن عليهم بالعطية. كما يتضح أنها وسيلة لإبعاد تلك الشخصيات عن الضوء والمساءلة حينما يبرز أسماء أولئك كمتورطين في القضايا التي تستوجب حضوراً قضائيا كالتعذيب وسرقة المال العام وغيرها.
ولا يفوت ذكر تداخل برنامج الخلفنة في استعمال عناوين المستشارين لضمان ولاء بعض أفراد العائلة لرموز النظام، فمن أصل 14 مستشار، سبعة منهم من عائلة الخليفة أي بمقدار 50% من العدد الإجمالي.

الملخص:

وعليه، يكون اجمالي من يستفيد من رتبة وزير 34 (7 منهم أبان فترة الأمير السابق والتي استمرت حوالي 30 سنة و27 منهم لحد الان في فترة الحاكم الحالي- 10 سنوات فقط- أي حوالي أربع مرات أكثر من أبيه). شغل 18 منهم مواقع ورئاسة أجهزة رسمية (منهم 14 من عائلة الخليفة أي بواقع 78%) و16 منهم شغل أو يشغل موقع مستشار، منهم 7 من عائلة الخليفة أي بنسبة 44%. طبعاً بعض المواقع قد تغير اسمها واستبدلت، وبعض شخوصها قد فارقوا الحياة، ويتوقع أن بعضهم أو ورثتهم لا زالوا ينتفعون مادياً من ميزات موقع "بدرجة وزير" والتي يمكن تلخيصها بحسب قانون رقم (27) لسنة 2009 بتحديد مرتبات رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ومن يشغل وظيفة بدرجة وزير كالآتي:

يتقاضى من يشغل وظيفة بدرجة وزير عند أول تعيين راتبا أساسيا قدره 5400 دينار وبزيادة نسبة 3% سنويا بحسب المادتين الثالثة والرابعة من القانون أعلاه، كما يتقاضى علاوة اجتماعية قدرها 500 دينار شهريا، وتعتبر هذه العلاوة جزءا من الراتب الأساسي، كما جاء في المادة السادسة منه. ولم يحدد القانون استفادة من هم بدرجة وزير لسيارة أثناء أداء عملهم، ولكن الدلائل تشير الى انتفاعهم بسيارة- كما هم الوزراء- يتم استبدالها كل أربع سنوات (بي إم دبليو الفئة السابعة أو المرسيدس فئة إس والتي تقدر قيمتها بأكثر من 45 ألف دينار أي بواقع 1000 دينار شهريا شاملة السعر والصيانة والتأمين).

وعليه فإن تكلفة موقع "بدرجة وزير" تكلف ميزانية الدولة حوالي 7000 (سبعة آلاف) دينار شهرياً لكل فرد. أي أنها تكلف الميزانية الحالية أثناء فترة الحاكم الحالي ما لا يقل عن مليونين وربع المليون دينار سنوياً. هذا لا يشمل العطايا الأولية للاستقرار من سكن حيث يضمن للوزير ومن في درجته فيلا في مكان مرموق، وقضاء ديون وأي مستحقات عليه كما يمنح بشكل دوري بحسب المناسبات، ناهيك عن منح الأراضي وغيرها.

ولهذا السبب، لم يكن هذا البرنامج أكثر كلفة فقط بل من أكثر برامج صنع الولاءات جاذبية للميزات والمكتسبات المادية لصاحبه طول حياته وبعد مماته.
******************

للإطلاع على الحلقات السابقة، اضغط على الوصلات أدناه وهي موجودة في مدونة الكاتب "الفسيلة" المحظورة من قبل السلطات البحرينية منذ فبراير 2009م:

ü برامج صنع الولاءات: http://alsingace.blogspot.com/2009/09/blog-post_09.html
ü عضوية الحكومة: http://alsingace.blogspot.com/2009/09/2_14.html

ملحوظة:

كل الوصلات للمراسيم والأوامر لتعيين سالفي الذكر موجودة لدى الكاتب، وقد أزالها من هذه النسخة من المقال حتى لا يبدو طويلاً أو مملاً.

[1] http://alsingace.blogspot.com/2009/09/blog-post_09.html
[2] http://alsingace.blogspot.com/2009/09/2_14.html