Monday, May 14, 2007

في قفص الاتهام: لماذا يمد آل الصباح نظام الحكم بالمال والرجال؟

سري للغاية#5:

في قفص الاتهام: لماذا يمد آل الصباح نظام الحكم بالمال والرجال؟

عبدالجليل السنكيس

البحرين: 11 مايو 2007م

نشرت جريدة الرأي العام الكويتية في عدد يوم أمس الخميس الموافق 10 مايو 2007م استطلاعا للرأي في قسم محليات تناول موضوع المحرومين من الجنسية أو ما أطلق عليهم "البدون"، وكان محور الاستطلاع هو تساءل عن هذه القضية الإنسانية المؤرقة لدول الخليج بشكل عام والكويت بشكل خاص. وكان عنوان الاستطلاع "البدون... هل نعطيهم لدولة أخرى ولو كانت شقيقة؟"[1]، وجاء التقديم له كالآتي:

"قضية البدون التي شبهها البعض بالقنبلة الموقوتة. وهي القضية التي تسبب انقساما في الرؤى اتجاه الحلول المطروحة فهناك من يرى أحقية هذه الفئة بالتجنيس وفق أسس وقواعد تضعها الدولة ويرى آخرون ضرورة النظر للبعد الإنساني للقضية من باب تطبيق الاتفاقيات الدولية الخاصة لمعاملة غير محددي الجنسية لجهة تأمين حقوقهم التعليمية والصحية وفي مجالات الرعاية التي توفرها الدول لرعاياها، وهناك من يقدم حلولا متباينة تصطدم كلها بكيان الدولة الذي يخشى أن يتعرض لتغير جوهري في مكونه البشري. «الرأي» تفتح ملف القضية بطرح سؤال افتراضي حول قيام إحدى الدول الخليجية أو العربية في طلب هذه الفئة فهل ستقوم الدولة بالتنازل عن هذه الفئة وكيف تكون ردة فعلها؟!«الرأي العام الكويتي» استطلعت الآراء فكان هذا التحقيق:

أشار خليفة الخرافي (عضو المجلس البلدي) انه حتى إذا وجد هناك «وأتمنى ذلك؟» أن إحدى الدول تبدي استعدادها بإعطاء جوازات لهؤلاء البدون، أو من خلال تحرك من قبل دولة الكويت من بعض الدول الشقيقة للتعاون على إعطاء هؤلاء جوازات مقابل مساعدة الكويت لهذه الدولة التي تستقبل "البدون".

مساعد الشمري: هناك من دول الخليج من طلبت "البدون" الكويتيين لتجنيسهم، ومنهم دولة الإمارات ومملكة البحرين وأخيرا وليس آخير المملكة العربية السعودية والتي دعت كل من يحمل البطاقة السوداء من قبائل شمر وعنزة وخوالد والأسعدي في دولة الكويت للمسارعة بتجديد هذه البطاقات ومن ثم يتم تجنيسهم، والطلبات بسيطة جداً وغير معقدة..

ومن هذا الاستطلاع نشير إلى أن المعلومات التي ذكرت على لسان الشخصيات السياسية والبلدية لم تكن افتراضية بل هي مؤسسة على أرض الواقع وتعبر عن توجه، وإن بدى فيه رغبة القيادة الكويتية من آل الصباح في التخلص من "عوار الرأس المزمن" المتمثل في البدون والمحرومين من الجنسية، إلا إن في حقيقة الأمر، لا يمكن فهمه خارج إطار التآمر على شعب البحرين بالذات، تحت عنوان التوطين وتغيير التركيبة السكانية. فالبحرين- الوحيدة من بين دول الخليج- التي تحتاج "مساعدة من الكويت لاستقبال "البدون" منها، فلا الأمارات أو السعودية تحتاج للمساعدة. والبحرين –الوحيدة- التي لا يمكن أن تبرر التوطين، فلا مساحتها الجغرافية ولا مواردها الطبيعية، ولا تركيبتها المجتمعية الحضرية تسمح باستيراد هؤلاء-الآلاف- من البشر لها. البحرين من أفقر دول الخليج، وأقلها موارداً وإمكانيات، ومن أكبرها نسبةً في الكثافة السكانية مقارنة بالمساحة. فيمكن تفهم رغبة وقدرة الإمارات العربية المتحدة والسعودية، وحتى الكويت، إن هي رغبت في توطين البدون على أراضيها واعتبرتهم من مواطنيها، ولكن لا يمكن لأحد أن يفهم أن تقوم البحرين، بتوطين "بدون" وغيرهم من الكويت أو السعودية أو قطر أو أي دولة أخرى. البحرين نفسها، تعاني من مشكلة "البدون"، فكيف تساهم في حل مشكلة "بدون" الكويت، إلا إن تكون هناك أجندة سياسية وتوطئ ومؤامرة. الأولى أن تقوم بحل أزمة المحرومين من الجنسية من مواطني البحرين.، يؤكد على ذلك التوجه التآمري، شروع البحرين الأحادي الذي فتح- وبتسهيل ملفت - منح الجنسية لمواطني الخليج. فالخليجي الذي "يسكن" البحرين لمدة ثلاث سنوات يستطيع التقدم للحصول على "الجواز الأحمر"، في حين أن بحرينيين سكنوا وتوالدوا سنين في بلدان الخليج، ولا زالوا فيها، لا يعاملوا بنفس المعاملة.

مؤشرات التواطؤ:

لقد ذكرنا سابقاً تواتر أخبار عن توطين عراقيين من أصول قريبة من النظام الصدامي السابق استطاعوا أن يدخلوا الكويت كبحرينيين باستعمال جوازهم البحريني "الجديد"، مما أثار خوف وهلع الكويتيين، حيث أعاد لهم ذكرى محو الكويت من الخارطة السياسية على أيدي الجيش العراقي الصدامي. وهذا الأمر يؤكده تلويح السلطات الكويتية، في تلك الفترة، بحظر دخول البحرينيين إلى الكويت إلا بـ’’فيزا’’[2]. وقد لاحظنا الزيارات التطمينية (التآمرية) المتبادلة بين القيادة البحرينية والكويتية في تلك الآونة وعلى مدى الشهور الثلاثة الأولى في بداية العام، شملت:

زيارة ولى عهد الكويت الشيخ نواف الاحمد الجابر الصباح ورئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح للبحرين في نهاية يناير الماضي، تلك الزيارة التي عبرت عن قلق الكويتيين من أخبار توطين العراقيين التي انتشرت أخبارها وتواترت في تلك الفترة. وقد بادل النظام في البحرين تلك الزيارة بمجموعة زيارات بدأت بزيارة الشيخ حمد بن عيسى ال خليفة للكويت في فبراير الماضي، تبعتها ثلاث زيارات، الأولى الشيخة هيا بنت راشد ال خليفة-رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في مارس، الثانية زيارة الشيخ حمود بن عبد الله ال خليفة- محافظ العاصمة- في نفس الشهر، وآخرها زيارة الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزارء في أبريل الماضي على رأس وفد رفيع المستوى.

لم تأت تلك الزيارات المكوكية عن فراغ، وإنما أكدت على وجود توجه للعائلة الخليفية أعربت عنه بقلق عائلة آل الصباح واستدعى إظهار التطمينات اللازمة للأشقاء وبني العمومة في الكويت. ويبدو أن الحل كان بمساعدة آل خليفة في مشروع التوطين، ومده بالمال والرجال، دون ان يؤثر على أنظمة المنطقة وتوجهاتها. ومن هنا جاءت الإشارة الى وجود الرغبة من النظام في البحرين، لإستقبال "البدون" الكويتيين بدعم مال ولوجستي من آل الصباح، ويبدو أن هذا التوجه جاء في قبال توطين العراقيين.

وثائق سرية:

تجدر الإشارة الى أن الوثائق التي جاء بها د. صلاح البندر- المستشار الإستراتيجي السابق لوزارة شئون مجلس الوزراء- في تقريره الثاني لمركز الخليج لتنمية الديمقراطية "البحرين: 2005-2010، الجزء الأول لخطة العمل السرية"، في الجزء القسم الثالث منه بعنوان "تحدي التجنيس تقديرات ومؤشرات":

"حتى تحقق البحرين التوازن المطلوب لا بد من أن تضع في الاعتبار أن تجنيس 10 ألف سنياً في العام لن يؤثر إطلاقاً في المعادلة السائدة حالياً (انظر الرسم البياني). إذا رفعت العدد تدريجيا إلى 20 ألف سنوياً فقد تنجح في تعديل التركيبة بعد نهاية العام 2016. إذا رفعت العدد تدريجياً إلى 50 ألف سنوياً فإن قدرتها على تغيير التركيبة تدريجياً قد تتحقق بعد العام 2010. و في تقديرنا هذا هو الخيار الإستراتيجي الأوحد".

وجاءت التوصيات للتركيز "على 3 مصادر رئيسية لدفع عملية التجنيس: سُنة العراق والآسيويين بالتركيز على البلوش والبنغال واليمنيين.غالبية هذه الجنسيات يحلمون بظروف اقتصادية أفضل في البحرين". وأيضا "التركيز على الذين ولدوا في الكويت والسعودية (فئة البدون) لسهولة اندماجهم في البحرين واكتسابهم للعادات الخليجية بسهولة".

انتهى الاقتباس من التقرير


الخطاب لقيادة الكويت وشعبه:

لا نريد أن ندخل في مهاترات أو نشعل خطابات سياسية فارغة، ولكن ما يحدث بين الكويت والبحرين، تحديداً بين آل الصباح وآل خليفة، أمر مريب، ويستدعي التوقف. وهنا لا نريد استعداء آل الصباح، أو الأشقاء الكويتيين، فالوشائج بين البحرينيين والكويتيين قديمة وقد أثبتت متانتها وقوتها عند الأزمات. وبدون منّة، وقف الشعب البحريني مع شقيقه الشعب الكويتي في محنته أبان الغزو الصدامي الغاشم للكويت في 1991م، بكل ما يستطيع، كما أن أيادي الكويت على البحرين بيضاء في دعم البنية التحتية والخدماتية، دون مقابل. ولكن ما يجري الحديث عنه من توطين "بدون" الكويت في البحرين أمر لا يمكن السكوت عنه، ويستدعي الوقوف بحزم.

لقد خاطبنا آل الصباح سابقاً وطلبنا منهم[3]، بكل أدب واحترام، أن لا يكونوا من ضمن المشروع التآمري الذي تقوم به العائلة الخليفية في البحرين. جاء ذلك في مقامين مختلفين، آخرهما بمناسبة زيارة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح -أمير دولة الكويت- للبحرين في مارس 2006، وطالبناهم بأن يردوا الأراضي البحرينية التي وهبها لهم أفراد العائلة الخليفية بدون وجه حق. ومع تقديرنا لآل الصباح، فالبحرين: شعبها، مواردها وأراضيها ليست غنيمة حرب يتصرف بها آل خليفة كما يشاءون.

وبمناسبة توطين البدون، هناك أسئلة تفرض نفسها:

-هل يقبل الكويتيون أن يتم التآمر على شعبهم؟ فلو كان آل خليفة يتأمرون مع آل الصباح على الكويتيين، فهل يقبل أولئك الأمر؟

لقد رفض الكويتيون محاولات الطاغية العراقي المقبور صدام حسين في التآمر على الكويت وشعبها، فلماذا يمد آل الصباح نظام الحكم في البحرين، بالمال والرجال ليعينوه على محو خريطة الشعب البحريني الأصيل من الوجود؟ لماذا يقبلوا على الشعب البحريني ما لا يقبلوه على أنفسهم؟

- هل هناك صفقة بين آل الصباح وآل خليفة على أن يتم توطين "البدون" من الكويت مقابل توطين "العراقيين" المرتبطين بالنظام السابق؟ هل يهدف آل الصباح لإعانة أبناء عمومتهم على الشعب البحريني، والتخلص من أزمة "البدون" الكويتيين في ذات الوقت؟

- أين دور ممثلي الشعب ومجلس الأمة الكويتي مما يحاك ضد شعب البحرين، وكيف يسمحوا للعائلة الحاكمة في الكويت أن تتواطئ مع العائلة الخليفية، وأن عنى ذلك استعداء الكويت لشعب البحرين؟

إن هذا التآمر على شعب البحرين هو بلا شك ضد القيم والسنن الاجتماعية، ولن يحظى بموافقة شعوب المنطقة، ولا أعتقد بأن شعب الكويت العزيز يرضى بما يحدث لشعب البحرين، فما بالك وأن المتآمر هي العائلة الحاكمة والحكومة الكويتية.

المطلوب:

أن ما يحدث من تآمر على الشعب البحريني، ومد العائلة الحاكمة في الكويت للنظام البحريني، بالمال والرجال، لمساعدته في تنفيذ مخطط إذابة الهوية البحرينية وتغيير التركيبة السكانية أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، ليس لأننا لا نريد حلاً مقبولاً لمعاناة المحرومين من الجنسية و"البدون"- في الكويت وباقي دول المنطقة، وإنما لأن ما يقوم به النظام في البحرين هو جريمة بحق الشعب، وتعبيراً عن عدم انتماء العائلة لهذا الشعب الذي وقف معها في أوقات الشدة والمحنة.

القيادة الكويتية، والحكومة الكويتية، ومجلس الأمة الكويتي، مطالبون بنفي تورطهم واشتراكها في مشروع التآمر على شعب البحرين، بأي صورة كانت. هم مطالبون بإثبات حسن النوايا، طالما وضعوا أيديهم في يد النظام الذي لا يريد للبحرين وأهلها خيراً.

كما نطالب بأن يتم التوقف عن استغلاق الوضع الإنساني والحقوقي لملف المحرومين من الجنسية، كورقة سياسية والبدء في التعاطي مع شعوب المنطقة على أساس المواطنة، لا على أساس الرعاية. هناك خيارات كثيرة للكويت يمكن البدء فيها لحلحلة هذا الملف، ولكننا نرفض أن يكون على حساب وجود وهوية وتاريخ الشعب البحريني.

تعليق أخير:

إن هذا المخطط – إن ثبت- يؤكد تواطئ و تورط أنظمة أخرى في المنطقة مع النظام البحريني ضد الشعب البحريني، كي تعزز من بقاء العائلة في الحكم. لا يهم النظام الخليفي أن تتحول البحرين لغابة من البشر يأكل بعضه بعضا، أو تشتعل الفتنة والاقتتال بين أفراده على المال والكلأ، والأمن الاجتماعي. يراد لهذا الشعب ان يكون بلا مستقبل، بلاهوية ولا تاريخ ولا وجود اسمه شعب البحرين، فهل سنتصدى لهذا المخطط الإجرامي أم سنكون سلبيين، ونعيش مصالحنا الخاصة.

إن تعامل هذا النظام مع الأرض وشعبها، كالتعامل مع الأرض المحروقة، فمنهم من ابتاع جزراً وهيأ لنفسه بيت المستقبل، ومنهم من كوّن لنفسه إمبراطورية مالية في جنيف ولندن ونيويورك، ومنهم من يعد العدة لقصر "طائر" ينقله الى ما يريد إذا ما اشتد الوطيس، وخربت الديار، وقيل لعنة الله على القوم الظالمين، و"علي وعلى أعدائي". حينها لن يكون هناك شعب الأمس ووطن الأمس، ولن يفيد الندم أو عض الأنامل.

حلقات سري للغاية السابقة:

Ø الحلقة الأولى: عين تكعيب (ع3) http://alsingace.blogspot.com/2007/01/blog-post_10.html

Ø الحلقة الثانية: استخدامات "الســمــن" في خطة التآمر http://alsingace.blogspot.com/2007/01/2.html

Ø الحلقة الثالثة: مشروع بقانون"العرضة" http://alsingace.blogspot.com/2007/03/blog-post_15.html

Ø الحلقة الرابعة: تأميم الصناديق الخيريةhttp://alsingace.blogspot.com/2007/04/blog-post.html


[1] http://www.alraialaam.com/10-05-2007/ie5/local.htm#04

[2] http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=3002

[3] يا أمير الكويت.. نريد حقنا، لا مكرمة، سواحل دمستان والمالكية البحرينية هدية لأمراء الكويت، هل أقر شعب البحرين تلك الهدية؟

http://alsingace.blogspot.com/2006/03/blog-post_18.html